نتنياهو يصعد مجازره في ظل زيارة ترامب للمنطقة.. وناشطون: غزة منسية

منذ ٩ ساعات

12

طباعة

مشاركة

على عكس ما كان متوقعا خلال جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازره وعدوانه على قطاع غزة وأمر بتوسيع دائرة الإخلاءات وتشريد النازحين.

واستبقت المقاومة الفلسطينية زيارة ترامب لمنطقة الخليج (13 -16 مايو/أيار 2025)، بالإفراج عن الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، في بادرة حسن نية لإعطاء دفعة لإنهاء العدوان.

ورغم أن الخطوة لاقت استحسان ترامب وإدارته، فقد واجهتها حكومة الاحتلال بتصعيد العدوان العسكري، في خِضَمّ عودة فرق التفاوض الأميركية والإسرائيلية إلى الدوحة.

وأفادت مصادر طبية فلسطينية باستشهاد أكثر من 82 فلسطينيا وجرح العشرات منذ فجر 15 مايو/أيار 2025، معظمهم في خانيونس جنوبا، وذلك إثر غارات إسرائيلية متواصلة على القطاع.

ومنذ بدء جولة ترامب بالمنطقة في 13 مايو، صعد جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات استهداف المدنيين وقصف مستشفيين بشكل مباشر، إلى جانب 6 مدارس و3 مراكز تؤوي نازحين، في تصعيد وُصف بالأعنف منذ أسابيع.

كما أصدر جيش الاحتلال تعليمات في 14 مايو بإخلاء العديد من الأماكن التي تَعُجّ بالنازحين في مدينة غزة تمهيدا لقصفها، ما أدخل الأهالي في موجة نزوح جديدة.

وبدورها، اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتصعيد الحرب على القطاع "خدمة لأجندته السياسية"، محذرة من أن هذا التصعيد يقوض جهود الوسطاء الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع.

وقالت في بيان، إن الجيش الإسرائيلي يشن غارات مكثفة، منذ فجر 14 مايو، لا سيما في شمال قطاع غزة استهدف فيها منازل سكنية، ما أودى بحياة أكثر من 70 فلسطينيا، وترى أن ذلك يمثل "إمعانا في حرب الإبادة ضد المدنيين العزل".

ودعت حماس المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية إلى "التحرك الفوري والضغط بكل الوسائل للجم حكومة إسرائيل ووقف الحرب المستمرة على غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023".

ورأى مراقبون أن تكثيف إسرائيل غاراتها على غزة أثناء زيارة ترامب لمنطقة الخليج قد يكون رسالة سياسية موجهة إلى عدة أطراف منها حماس والدول الخليجية والولايات المتحدة.

وأشاروا إلى أن إسرائيل تكثف غاراتها على غزة في أعقاب زيارة ترامب للمنطقة، بهدف التأثير على أي مفاوضات محتملة قد تجرى خلال الزيارة، أو الضغط على حماس لتقديم تنازلات.

واستبق نتنياهو الإفراج عن عيدان ألكسندر بالتهديد بأن المفاوضات مع حماس "ستستمر تحت النار وبالتوازي مع الاستعدادات لتكثيف القتال".

وحقق ترامب مآربه من جولته إلى الشرق الأوسط التي بدأها بالسعودية وأتبعها بقطر، بتعزيز العلاقات مع دول الخليج وإبرام صفقات تجارية وتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع شركائه الخليجيين.

ووقع ترامب مع الرياض ضمن سلسلة اتفاقيات، صفقة أسلحة ضخمة وصفها البيت الأبيض بأنها "الأكبر في التاريخ"، كما وعده ولي العهد محمد بن سلمان باستثمار 600 مليار دولار.

وفي محطته الثانية ضمن جولته الخليجية، وقع ترامب مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم، أبرزها اتفاقية لشراء الدوحة 120 طائرة بوينغ مقابل 96 مليار دولار، وصفها الرئيس الأميركي بأنها "أكبر طلب في تاريخ الشراكة".

وكان لافتا غياب غزة عن الاجتماعات العربية مع ترامب، فلم تصدر تصريحات تشير إلى مناقشة الأوضاع فيها بجدية أو العمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي.

واستنكر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة وتعرضه لواحدة من أعنف موجات التصعيد منذ عودة الحرب بالتزامن مع زيارة ترامب، واصفين الوضع بالمأساوي وغير الإنساني.

وهاجموا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ترامب، #غزة_تباد، #نتنياهو، وغيرها، الأنظمة الخليجية لتركيزها على إبرام الصفقات التجارية والعسكرية مع الرئيس الأميركي، وتجاهل التصعيد الإسرائيلي على القطاع.

تصعيد إسرائيلي

ورصدا لمشاهد تصعيد العدوان الإسرائيلي في أعقاب زيارة ترامب لدول الخليج، أشار الباحث محمد حامد العيلة، إلى تصاعد كبير في الضربات الإسرائيلية في قطاع غزة، وضرب لمراكز استقرار الناس، وتجديد الأحزمة النارية في جنوب القطاع.

ووصف الناشط بلال نزار ريان، الساعات التي تمر على غزة بأنها "ثقيلة"، مشيرا إلى ارتقاء أكثر من 100 شهيد خلال 24 ساعة.

وأكد الباحث في الشأن السياسي سعيد زياد أن الـ24 ساعة الأخيرة هي الأعنف على قطاع غزة منذ عودة الحرب في 18 مارس/آذار 2025، لافتا إلى وقوع قصف غير مسبوق وأوامر إخلاء ونزوح في كل مكان في القطاع، وتهديد بقصف أحياء كاملة. 

وقال الكاتب أسعد طه: "ولا تزال القنابل الأميركية تنهال على أهلنا في غزة".

وأكد الصحفي يوسف الدموكي، أن غزة تعيش -أو تموت- أقسى لحظات الإبادة عليها، إذ يتعكر مزاج نتنياهو من تحركات ترامب، فيخرج غله على مقهوريها، كأنه مالك الأرض وما عليها، وكأنهم كرة مطاطية يسدد إليها لكماته حين يريد تفريغ شحناته.

وأشار بلال أسعد إلى أن الجيش الإسرائيلي يوسّع عملياته بغزة بصمت، وتصريحات نتنياهو بـ"التفاوض تحت النار" تترجم ميدانيًا بإخلاء مستشفيات ومراكز إيواء، في مشهد يُنذر بكارثة كبرى.

ورأى أن التصعيد المتسارع يعكس ملامح صفقة وشيكة تُمهَّد بمجازر وتدمير ممنهج لما تبقّى من بقايا الحياة في القطاع، قائلا: "غزة تنزف.. والعالم يراقب".

وندَّد مصعب الحراسيس، بالسعار الصهيوني على القطاع تزامنا مع زيارة ترامب، وتهديد الاحتلال بقصف أكبر المنشآت المدنية وإخلاء المستشفيات، قائلا: "تبا لكل قادة العرب الذين لم يستطيعوا إيقاف الحرب على غزة، والله لن تنفعكم ملياراتكم وقرابينكم ولن ننسى جبنكم وخيانتكم".

غزة منسية

وهجوما على دول الخليج وإغداقها أموالا هائلة على الزائر الأميركي بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي إبادة وحصار وتجويع القطاع، قال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: "كل هذه التريليونات ولم يدخل لغزة رغيف خبز أو زجاجة مياه!".

وأشارت مراسلة الجزيرة نت يسرى العكلوك، إلى أن ترامب وصف يومه الأول في السعودية بأنه "رائع" وأجمل ما فيه هو توقيعه مع "قِبلة المسلمين" اتفاقيات بمليارات الدولارات "لمبيعات دفاعية"!.

وقالت: بينما هم كذلك يسجلون سوابق عالمية، كنا نحن في هذا الركن المنسي من العالم نُذبحُ؛ حيث سفكت "إسرائيل" بصواريخ "أميركية" دماء أكثر من 100 مسلم منا في أقل من 24 ساعة!.

وأضافت العكلوك: "لا نبدو في خضم هذا الحدث المهم أكثر من كوننا هوامش رخيصة لا ترقى لأن تكون حتى في محل نقاش!"، متسائلة: "أليس هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم امرئٍ مسلم! "يا عابد الحرمين" !!".

ولفت السياسي فايز أبو شمالة، إلى أن تكلفة وجبة العشاء على شرف ترامب في مدينة الرياض العربية المسلمة بلغت مليون دولار، مذكرا بأنه في الوقت نفسه 2.5  مليون مسلم عربي في قطاع غزة باتوا بلا عشاء.

واستنكر الأكاديمي العماني حمود النوفلي، الصفقات التريليونية التي وقعها ترامب مع دول الخليج، مذكرا بأن أهل غزة يأكلون أوراق الشجر ويموتون من الجوع لتجويعهم حتى يهاجروا فينفذ الرئيس الأميركي خطته في بناء الأبراج والمنتجعات.

واستهزأ محمد خفاجي، بكلمة ترامب في السعودية، قائلا: "‏خمسون دقيقة من خطاب لم يأت على ذكر المحرقة في غزة، ولو بكلمة.. خمسون دقيقة، وسط تصفيق المسلمين العرب لشخص إرهابي يطالبهم بشجب إدانة واستنكار يوم السابع من أكتوبر".

وأضاف: "خمسون دقيقة من الكذب الأميركي، والتدليس الصهيوني، في بلاد الحرمين، لا يأتي ترامب خلالها على ذكر الحصار والتجويع والترويع الذي يقصم ظهر المسلمين العرب الفلسطينيين في قطاع غزة؟".

بلا تعهدات

واستنكر محمد حسن أن ترامب جمع في زيارته لدول الخليج 3 تريليونات دولار وطائرة رئاسية هي الأفخم في العالم يبلغ سعرها 500 مليون دولار، بدون تعهد أميركي بإنهاء الحرب في غزة وإلغاء فكرة تهجير أهلها. 

وأكد أن المستفيد الأول والأخير هو الاقتصاد الأميركي وليس الخليجي.

وقال محمد أبو أروى: "أسقطت الحرب والإبادة في غزة من برنامج زيارة ترامب لدول الخليج، وبالرغم من المليارات التي جمعها لم يضغط عليه لإيقاف الإبادة، مما يؤكد اشتراك تلك الدول في الإبادة بالدعم والتأييد".

وتساءل الكاتب أحمد سليمان العمري: "كم حجم هذه التريليونات التي ستعود إلى واشنطن؟ وكم منها سيُضخّ في آلة الحرب؟ التي تموّل وتسلّح إسرائيل لتمضي في ذبح غزّة وفلسطين عامّة تحت شراكة أميركية لا تعرف الخجل".

ورأى أن من المعيب أن يُفرغ الخليج خزائنه ترحيبا بزائر يحمل في يمينه الصفقات، وفي يساره الموت، ثم يدّعي "التضامن" مع شعب يُباد، قائلا: "لا نريد شجبا، لا نريد استنكارا؛ لقد أصبح التنديد مدعاة للتقزّز".

ووصفت الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات فاطمة الصمادي، الأمة التي تسقط فلسطين من سلم أولوياتها بأنها "مريضة ومرضها عضال"، مؤكدة أن تجاهل غزة وجوعها ودم أطفالها لن ينجيها، بل يدخلها في المسلخ الإمبريالي إفقارا وإذلالا. 

وأضافت: "الجريمة لم تتوقف في غزة لكن نحن من تعفنت قلوبنا".

وقال الصحفي خير الدين الجبري: "مجددا.. المنطقة حسمت أمرها بموالاة المشروع الصهيوني واستئصال كل من يعادي الاحتلال.. ولا غالب إلا الله".

ودعا الكاتب أحمد أبو ارتيمة، من كان في شك من اليوم الآخر، لينظر إلى العبث الحادث في هذه الدنيا، مستنكرا إنفاق مليارات بسفاهة بينما شعوب تحرم من كسرة خبز وحبة تمر وعلبة دواء. 

ورأى أن هذا العبث دليل على الحاجة إلى يوم يعاد فيه ضبط الميزان وأن توفَّى كل نفس ما عملت، قائلا: "تماما كما أن الظمأ مشعر بوجود الماء في الطبيعة، فإن تفشي الفساد واختلال ميزان العدل مؤشر على ضرورة وجود اليوم الآخر.

مستقبل المفاوضات

وعن مستقبل مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في الدوحة، قال المحلل السياسي أحمد الحيلة: إن الساعات القادمة حاسمة بشأن غزة.

وأشار إلى أن كل الأطراف المعنية موجودة في الدوحة، والاحتمالات مفتوحة من الفشل إلى النجاح، مؤكدا أن البيئة ضاغطة للتوصّل لاتفاق بوجود الرئيس ترامب في ضيافة أمير دولة قطر الشيخ تميم. 

وأعرب عن أمله أن تنجح الجهود في تجاوز تعنّت نتنياهو ومراوغته المعهودة هذه المرّة، بعدما أُطلق سراح الأسير عيدان ألكسنر كبادرة حسن نيّة تجاه الرئيس الأميركي الذي أعرب عن رغبته في وقف الحرب على غزة.

وقالت ميساء أبو شمالة، إن الدوحة في صدارة المشهد من جديد مع تسارع المفاوضات المكوكية، مشيرة إلى أن الاتصالات الأميركية الإسرائيلية مستمرة.

وأضافت أن زيارة ترامب للدوحة تُعد مفترق طرق في مسار وقف إطلاق النار، و"نحن أمام ساعات حاسمة تسبق إعلانا مرتقبا".

وأشار السياسي طارق الهاشمي، إلى أنه خلاف البروتوكول تم تمديد اللقاء بين أمير قطر والرئيس الأميركي من نصف ساعة إلى ساعتين، معربا عن يقينه بأن معظم الوقت كرس لبحث  تفاصيل وقف العدوان على غزة.

ولفت إلى أن الأمر استغرق كل هذا الوقت نظرا لموقف نتنياهو الشوفيني الذي يسعى لتحرير الأسرى دون أن يربط ذلك بوقف دائم لإطلاق النار.

وقال الهاشمي: "رغم أن الرئيس الأميركي لم يشر في حديثه كثيرا إلى العدوان ولم يتعهد بشيء خلاف التوقعات!! فإن الجهود تبذل خلف الكواليس في الدوحة للتعجيل باتفاق دائم لوقف إطلاق النار، والإعلان خلال الزيارة".

وأضاف أن نتنياهو الغاضب على زيارة الرئيس الأميركي فإنه يصعد من عدوانه لإحراج الرئيس وإفشال الزيارة، متسائلا عن الداعي لقتل 80 مدنيا هذا اليوم فقط وقصف المستشفى الأوروبي في هذا الوقت بالذات؟

وأكد الهاشمي أن الرئيس الأميركي يدرك أن قضية فلسطين هي القضية المركزية الأولى للعرب ومن دون إعلان بوقف لإطلاق النار في غزة والضفة والأقصى فإن  الزيارة ستعد في نظر الجميع زيارة فاشلة، لن تعوض عنها صفقات بالمليارات.