خطة "عربات جدعون" لاحتلال غزة.. صحيفة عبرية تكشف النقاب عن التفاصيل

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

كشف المراسل العسكري البارز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية رون بن يشاي، عن مراحل العملية العسكرية المخطط لها في غزة، ووسائل الضغط، و"محطات الخروج" لحركة حماس.

وبحسبه "تهدف هذه العملية العسكرية-المدنية-الدبلوماسية المشتركة إلى تحقيق غرضين رئيسين: الضغط على حماس لإطلاق سراح المختطفين، وإلحاق ضرر كبير بقدراتها العسكرية والإدارية إلى درجة الحسم، وذلك عبر ثلاث مراحل، بدأت الأولى منها بالفعل".

في الوقت ذاته، استعرض التقرير آراء العديد من المحللين السياسيين والخبراء العسكريين، الذين وجهوا انتقادات عديدة حول أهداف وتفاصيل خطة "عربات جدعون" محذرين من "عواقب وخيمة" على إسرائيل، إذا صممت على تنفيذها.

منطقة معقمة

استهلت الصحيفة تقريرها بشرح الخطة قائلة: "لمن يريد فهم التفاصيل العميقة لما يخطط له الجيش الإسرائيلي في غزة خلال الأشهر القادمة، فيجب عليه أن يتجاهل التصريحات السياسية الصاخبة الصادرة عن مجلس الوزراء والنظام السياسي، والتركيز على تفاصيل عملية (عربات جدعون)".

وأضافت: "هذه العملية العسكرية، إذا نُفذت بالكامل، فقد تعرض حياة المختطفين الذين ما زالوا على قيد الحياة للخطر، لكن الخطة صيغت بطريقة تقلل هذا الخطر إلى الحد الأدنى الممكن".

وأوضحت أن العملية "تهدف إلى تحقيق هدفين في آن واحد: الأول، دفع حماس والجهاد الإسلامي إلى تخفيف مواقفهما والموافقة على صفقة كبيرة لإطلاق سراح المختطفين بشروط مقبولة للحكومة الإسرائيلية".

وأردفت: "أما العامل الثاني، إلحاق ضرر كبير جدا بالقوة القتالية والبنية التحتية العسكرية والإدارية لحماس، بما يتيح إقامة ترتيب جديد في القطاع في (اليوم التالي)".

ووفقا للصحيفة، فإنه "في إطار هذا الترتيب المحتمل، ستُجرد حماس عمليا من أسلحتها، ولن تتمكن قيادتها العسكرية والمدنية في القطاع من إدارة أو السيطرة على المجموعات الصغيرة من المقاتلين المنتشرين في أنحاء القطاع، والتي قد تحاول خوض حرب عصابات محلية ضد قوات الجيش الإسرائيلي".

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أنه "من المقرر أن تُنفذ عملية (عربات جدعون) في ثلاث مراحل رئيسة".

واستطردت: "المرحلة الأولى، هي التحضيرات التي بدأت بالفعل، أما المرحلة الثانية، فهي تتضمن النيران التمهيدية من الجو والبر ونقل معظم السكان المدنيين في القطاع إلى ملاجئ آمنة في منطقة رفح، والمرحلة الثالثة عبارة عن مناورة برية مكثفة لاحتلال تدريجي لأجزاء من القطاع والاستعداد للبقاء العسكري الطويل فيها".

وذكرت أن "مرحلة التحضيرات التي بدأت بالفعل، ستستمر لمدة عشرة أيام على الأقل، حتى انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في 16 مايو/ أيار 2025، وربما بعد ذلك".

"في هذه المرحلة، تُحضر منطقة رفح لاستيعاب ما يقرب من مليوني فلسطيني سيصلون إلى هناك خلال المرحلة الثانية، وهي مرحلة (نقل السكان)"، وفق الصحيفة.

مشيرة إلى أن "المنطقة التي سينتقل إليها الفلسطينيون، والتي تُجرى فيها الآن أعمال تهيئة الأرض والتحضيرات الأخرى لاستيعاب أعداد كبيرة من الأشخاص؛ تقع في جنوب غرب القطاع، في المنطقة الواقعة بين ممر المواصي ومحور فيلادلفيا، وهي مناطق ليست متصلة ببعضها البعض".

وأفادت بأن "تحويل منطقة رفح إلى (منطقة معقمة) هدف حُقق في عملية انتهت قبل أيام قليلة؛ حيث قُطعت الصلة بين منطقة خانيونس ومخيمات الوسط (دير البلح والمواصي) ومنطقة رفح". 

وذكر المراسل العسكري للصحيفة أن إسرائيل، في هذه المرحلة ستعمل بالتعاون مع شركة أميركية، على إنشاء مراكز لوجستية توزع من خلالها هذه الشركة المساعدات الغذائية والدوائية التي ستصل من معبر كرم أبو سالم".

وتابع: "سيقوم جيش الدفاع الإسرائيلي، بالتعاون مع جهاز الأمن العام (الشاباك)، بإنشاء نقاط تفتيش على الطرق الرئيسة المؤدية إلى المناطق التي سيُؤوى فيها المدنيون في منطقة رفح".

وشددت الصحيفة على أهمية تلك "النقاط الحرجة"، وقالت: "تمنع هذه النقاط مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي من الهروب من مناطق القتال المستقبلية التي سيدخلها الجيش الإسرائيلي".

وكشفت أنه "في مرحلة التحضيرات، سيتم أيضا استدعاء محدود لقوات الاحتياط، ومن المرجح ألا تدخل وحدات الاحتياط إلى غزة، بل ستحل محل الوحدات النظامية المنتشرة على الحدود السورية واللبنانية، والتي ستنتقل إلى منطقة القطاع استعدادا لبدء مرحلة المناورة التدريجية لاحتلال القطاع".

وأشارت إلى أن "إسرائيل، خلال الأسبوعين اللذين تُجرى فيهما التحضيرات، ستعطي قادة حماس في القطاع، خاصة محمد السنوار، بعض الوقت لإعادة النظر في مواقفهم بشأن المختطفين، وربما الموافقة على (صيغة ويتكوف)، مما يجنب إسرائيل الحاجة إلى تنفيذ المراحل التالية من عملية (عربات جدعون)".

تهجير قسري

وانتقل المراسل العسكري لعرض تفاصيل المرحلة الثانية؛ حيث "سيبدأ الجيش الإسرائيلي بإطلاق نيران تمهيدية مكثفة، وفي الوقت نفسه سيدعو السكان الفلسطينيين في جميع أنحاء القطاع، بما في ذلك الأماكن التي لم ينفذ فيها الجيش مناورات بعد، إلى التوجه إلى المناطق الآمنة التي أُعدت لهم".

ووفقا له، "ستُفعل في هذه المرحلة (النقاط الحرجة)، التي من المفترض أن يجرى فيها فحص دقيق للمتجهين جنوبا إلى منطقة رفح، لمنع انتقال المقاتلين، خاصة إذا كانوا مسلحين، إلى مناطق الملاجئ الآمنة".

من جانب آخر، يرى رون بن يشاي أن "هناك أهدافا إستراتيجية من نقل السكان، مثل خلق ضغط على حماس لوقف القتال، وتقريب الفلسطينيين من المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل ومن ساحل البحر، بما يشجعهم على المغادرة طواعية".

بالتزامن مع ذلك، أشار يشاي إلى أن الجيش "سيبدأ توزيع المساعدات الإنسانية، وستكون المساعدات أقل بكثير مما كانت عليه قبل توقفها التام".

علاوة على ذلك، "في هذه المرحلة، سيتم أيضا إجلاء المرضى والجرحى خارج القطاع، كما كان الحال سابقا".

"وفي المرحلة الثالثة من العملية، سيدخل الجيش الإسرائيلي في مناورات في المناطق التي أخليت، والتي يبقى فيها بشكل رئيس مقاتلو التنظيمات الإرهابية المختلفة في القطاع"، كما أوردت الصحيفة.

وتابعت: "ستُنفذ مهمات تحت الأرض، وفقا للنموذج الذي جُرب في رفح وأطراف خانيونس في إطار عملية قيادة المنطقة الجنوبية التي انتهت".

موضحة أن الهدف من تلك المهمات "قطع الارتباط فوق وتحت الأرض بين الوحدات والكتائب القتالية لحماس والجهاد الإسلامي، أو ما تبقى منها، والتعامل مع كل منها على حدة بواسطة قوة ستبقى في الميدان لفترة طويلة، تعرف التضاريس جيدا، وبالتالي ستكون قادرة على تجنب الفخاخ والعبوات الناسفة".

"تهدف هذه المرحلة إلى منع قادة حماس من نقل قواتهم من مكان إلى آخر أو إرسالهم إلى الملاجئ الآمنة حتى تنتهي العملية، كما أنها لن تتيح لحماس السيطرة على المقاتلين وتجنيد مقاتلين إضافيين"، على حد قول الصحيفة.

وأضافت: "ستستمر مرحلة السيطرة التدريجية على أجزاء من القطاع مع فصلها فوق وتحت الأرض عن المناطق الأخرى لعدة أشهر، وبعد ذلك ستمنع القوات المتبقية في الميدان حماس من الظهور فوق الأرض، وستعمل على القضاء بشكل منهجي على المقاتلين الذين مازالوا يقاتلون في الأنفاق".

محطات خروج

وكشفت "يديعوت أحرونوت" أن هناك "محطة خروج" لحماس في نهاية كل مرحلة أو خلالها.

وقدّرت أنه "في مرحلة التحضيرات، يُعتقد في إسرائيل أن حماس قد توافق على إطلاق سراح المختطفين على دفعات وفقا لـ (صيغة ويتكوف)؛ لمنع إسرائيل من تنفيذ مرحلة نقل السكان".

أما محطة الخروج الثانية -وفق الصحيفة- فهي قبل أو خلال بدء مرحلة المناورة البرية للجيش الإسرائيلي لاحتلال غزة والبقاء الطويل في مناطق مختلفة من القطاع.

"وتكون الفرصة الأخيرة لحماس في وقت ما قرب نهاية (عربات جدعون)، وقبل أن تقرر إسرائيل إجراء استدعاء احتياطي كامل واحتلال القطاع"، كما أوضحت الصحيفة.

وأشاد المراسل العسكري بهذه الخطة قائلا: "استُثمرت في الخطة جهود وتفكير وموارد كبيرة، وتُستخدم وسائل ضغط على حماس، والتي، وفقا للخبرة المكتسبة، تؤثر بفعالية على قادتها".

مع ذلك، أشار إلى أن "بعض هذه الوسائل لم تُجرب حتى الآن، على الرغم من أهميتها؛ لأن الجيش الإسرائيلي لم يكن مدركا من قبل فاعليتها بالنسبة لقيادة حماس".

من ضمن هذه الوسائل التي كشفتها الصحيفة، هي "احتلال المناطق والاحتفاظ بها، مع فصل بقايا كتائب ووحدات حماس عن بعضها البعض وتدمير منهجي لبنيتها التحتية القتالية".

وأردفت: "تشمل هذه الوسيلة أيضا توسيع المناطق العازلة على حدود القطاع وتقسيم القطاع كوسيلة لتعزيز أمن مستوطنات غلاف غزة، وإنشاء حاجز فعال بينها وبين ما يحدث في القطاع".

وأوضحت أن هناك "وسيلة أخرى تثير قلق حماس كثيرا، وهي نقل السكان عبر (النقاط الحرجة) إلى مناطق لا توجد فيها صلة مباشرة بين السكان وبين حماس، وبهذا، لا تستطيع حماس تجنيد مقاتلين في صفوفها فحسب، بل لا تستطيع أيضا السيطرة مدنيا على السكان".

وفي إطار الحرب النفسية الإسرائيلية، تأتي ما أطلقت عليها الصحيفة اسم "الوسيلة الإدراكية"، حيث "تريد إسرائيل أن تعرف حماس وتفهم ما سيحدث لها وللسكان الفلسطينيين خلال المراحل الثلاث لـ (عربات جدعون)".

وذلك بهدف "أن تعيد النظر فيما إذا كان من الأفضل لها الموافقة على إطلاق سراح المختطفين، والموافقة على ترتيب يكون مقبولا لإسرائيل (في اليوم التالي)".

عواقب وخيمة

في المقابل، ذكرت "يديعوت أحرونوت" أن "العملية المخطط لها تواجه معارضة كبيرة، بدءا من عائلات المختطفين، مرورا بعائلات جنود الاحتياط، وصولا إلى منظمات الإغاثة وأمين عام الأمم المتحدة، لكن يبدو أن الحكومة والجيش الإسرائيلي مصممان هذه المرة على تنفيذ العملية".

وعزت ذلك إلى أن "هذه الخطة تحقق مميزات عديدة، من وجهة النظر الإسرائيلية، فهي متدرجة، وتوفر فرصة في كل مرحلة لحماس للتراجع، وهي في الوقت ذاته حذرة جدا بشأن مصير المختطفين، كما أنها اقتصادية في استخدام موارد الاحتياط التي باتت شحيحة".

من جانبه، انتقد المراسل العسكري في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية آفي أشكنازي الخطة قائلا: "ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الخطة ستنجح، إن الأمور معقدة للغاية، فلا توجد إستراتيجية سياسية لليوم التالي".

ورأى أنه "ليس هناك في واقع الأمر أي إجماع على المستوى السياسي بشأن النتائج المرجوة؛ حيث لا توجد خطة واضحة للقوات بشأن ما هو مطلوب منها فعليا".

ورأى أن "ما يوجد فعلا شعارات فارغة مصحوبة برؤية صهيونية يعتنقها وزراء متطرفون داخل الحكومة، يحاولون فرض عقيدتهم المتعلقة بـ (إسرائيل الكبرى) على الدولة".

مع ذلك، أشار إلى جانب إيجابي وقال: "النقطة المضيئة الوحيدة حتى الآن تتمثل في أنهم يعلمون أن التحدي العسكري والسياسي الأكبر لا يزال أمامهم، واسمه: البرنامج النووي الإيراني".

ورأى أنه لذلك "اخترعوا خطة من عدة مراحل، تتضمن آلية تأجيل لمدة أسبوعين وربما حتى ثلاثة، وكان الهدف من إقرار الخطة أخيرا هو الضغط على مسؤولي البيت الأبيض والرئيس الأميركي دونالد ترامب".

آراء العسكريين

من الناحية العسكرية، تناول موقع "القناة الـ 12" العبرية آراء القادة العسكريين بشأن خطة احتلال غزة، وقال اللواء (احتياط) غيرشون هكوهين: "إن رئيس الأركان إيال زامير اقترح حلا وسطا، حيث سيُتخذ إجراء عسكري مع عدم التخلي عن المختطفين".

من جهة أخرى، هناك أصوات تحذر من عواقب وخيمة، فقد حذّر الدكتور مايكل ميلستين من أن "الاحتلال الكامل لغزة هو أسوأ ما يمكن أن يحدث".

مضيفا: "هذه ليست عملية صغيرة، بل خطوة ستغير حياتنا وصورة إسرائيل لفترة طويلة جدا، بتكلفة اقتصادية وأمنية وسياسية باهظة، قد تتضرر حماس، لكنها ستواصل العمل كمنظمة إرهابية".

ونبّه إلى أن "حماس في حرب بقاء، وتبحث عن أهداف، وكل خطوة نحو الاحتلال ستزيد من الخسائر في صفوف قواتنا".

ورأى أن الجيش يدرك هذا الأمر، وصرّح: "الآن، يدرك الجيش الإسرائيلي أنه إذا اتُّخذ قرار بالحسم، فلا بد أن تكون العملية قصيرة وقوية، وذات هدف واضح، وإلا فإننا قد نخسر ثقة الجنود".

وأضاف الجنرال الإسرائيلي السابق غرشون هكوهين: "إنهم لا يعتزمون القيام بعملية شاملة لاحتلال غزة بأكملها، هناك قلق كبير، ندعو الله أن تنجح هذه العملية".

وأشار الموقع إلى أن هناك "شكوكا بين أوساط القادة والجنود بشأن فاعلية الخطة، فقد أكد كبار الضباط في قيادة المنطقة الجنوبية أن هناك نقاطا صحيحة في الخطة، لكن الجيش لا ينوي فعليا الحسم".

ووجه اللواء السابق حديثه إلى الحكومة قائلا: "على نتنياهو أن يدرك أن هذه فرصته الأخيرة، إنها الرصاصة الأخيرة في جعبته، ويجب استخدامها بحكمة".

بدوره، حذر اللواء المتقاعد إسرائيل زيف من محدودية الموارد قائلا: "قوة الاحتياط مورد آخذ في النفاد، ولا يمكن الاستمرار في التعبئة بهذا المعدل، كل استدعاء يأتي على حساب جبهة أخرى، سواء في الشمال أو في الضفة الغربية، الأمر يتطلب قرارات صعبة وتنازلات".

وأكد أنه "لن تكون هناك إبادة كاملة لحماس، فهناك في غزة نحو مليوني شخص يمكن عدهم متعاطفين أو مرتبطين بها بشكل أو بآخر".

ورأى أن "المطلوب هو التوصل إلى اتفاق يُفضي إلى استبدال حماس بجهة أخرى"، حيث شدد على أن  "القوة وحدها لا تجدي، كما رأينا ذلك في لبنان وغزة".

أما د. ميلشتاين، فلم يُخفِ انتقاده الحاد للخطة قائلا: "لا يوجد خطة محددة، ولا إستراتيجية واضحة، لقد واصلنا طوال عام وسبعة أشهر ارتكاب الأخطاء نفسها".

ودعا إلى استقالة نتنياهو قائلا: "ربما حان الوقت لتغيير الطاقم، فهؤلاء الذين صنعوا السياسات الخاطئة التي أدت إلى كارثة 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ما زالوا يديرون الأمور".

وبحسب الموقع، فقد اتفقت القيادات الأمنية العليا مع هذه الانتقادات، إذ "حذرت من أن غياب تحرك سياسي شامل ومنسق مع الولايات المتحدة ودول الخليج والأردن ومصر؛ قد يدفع إسرائيل نحو إدارة عسكرية طويلة الأمد في غزة، بلا هدف واضح ولا نهاية منظورة لإنهاء الحرب".