هجوم إسرائيلي مكثف على مدينة غزة.. مقدمة لاحتلالها أم دفع حماس للتنازل؟

شدوى الصلاح | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ضمن خطته لاحتلال قطاع غزة، يواصل الجيش الإسرائيلي العمل على تدمير المدن والأحياء الفلسطينية عبر اتباع سياسة “الأرض المحروقة” والتي تتلخص في تطهير كل ما يقابله أثناء التقدم العسكري.

وبدأ الاحتلال هذه السياسة منذ أيام في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة عبر تنفيذ هجمات جوية مكثفة يهدف من خلالها إلى دفع السكان للنزوح نحو جنوب القطاع ضمن خطته المعلنة للتهجير.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن قوات الاحتلال تعمل منذ أيام على تسوية حي الزيتون بالأرض مدمرة نحو 400 منزل، مشيرا إلى أن الهجوم يأتي ضمن هجوم أوسع لتدمير محافظة غزة على غرار ما جرى في محافظات رفح والشمال وخان يونس.

كما ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة في ساحة مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، فجر 17 أغسطس/آب 2025، حيث استهدفت طائرة مسيرة مجموعة من المدنيين، ما أدى لاستشهاد سبعة منهم وإصابة آخرين. 

ولا يقتصر الأمر على مدينة غزة، حيث يواصل الاحتلال عدوانه ليشمل أنحاء القطاع كافة. وارتفعت حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا إلى أكثر من 61 ألف شهيد وما يزيد على 155 ألف مصاب، بحسب وزارة الصحة.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لن يوافق على اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، إلا بشروط تل أبيب التي تشمل إطلاق سراح الأسرى “دفعة واحدة” وتسليم الحركة لأسلحتها وحكم تل أبيب للقطاع أمنيا.

وأطلق نتنياهو تصريحاته في ظل تصاعد حالة غضب داخل الكيان، برزت في خروج مظاهرات واسعة لعائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتوجيه انتقادات له بعد إقرار حكومته خطة لاحتلال كامل القطاع، وتحذيرات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من خطر ذلك على أسراهم وجنودهم.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرًا إسرائيليًا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبًا وتجويعًا وإهمالًا طبيًا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية.

ومن المقرر أن يصادق جيش الاحتلال في 17 أغسطس 2025 على خطة لاقتحام مدينة غزة ومن ضمنها حي الزيتون، ثم عرضها على وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

وكان الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، قد أعلن أن الجيش سيزود سكان القطاع بخيام ومعدات إيواء ابتداء من اليوم استعدادا لتهجيرهم من مناطق القتال إلى الجنوب.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إن ما يروج له الجيش هو محاولة لـ"تجميل جريمة التهجير القسري الجماعي" والتي يواصل الاحتلال ارتكابها منذ 22 شهرا.

وبدورها، أدانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الخطط الإسرائيلية للهجوم على حي الزيتون وسعي الاحتلال لتهجير سكانه، قائلة: إن الجيش الإسرائيلي يشن هجوما وحشيا منذ أسبوع على أحياء غزة الشرقية والجنوبية ضمن مخطط إبادة وتدمير شامل للحياة.

وأشارت في بيان إلى أن الطائرات الحربية والمدفعية والروبوتات المتفجرة تعمل على تدمير ممنهج لحي الزيتون "ضمن حرب الإبادة الوحشية والمخطط الإجرامي الساعي لتدمير قطاع غزة وكل صور ووسائل الحياة فيه".

واستنكرت حماس حديث نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب، المتكرر عن هجوم درسدن، الذي تترجمه جرائم جيشه الإرهابي على الأرض من خلال القصف المتواصل والمجازر وقتل وتشريد السكان جنوب غزة.

وقال نتنياهو قبل أيام: إن الجيش الإسرائيلي يمكنه قصف غزة كما قصف الحلفاء مدينة درسدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وفق ما نقلته قناة "نيوز ماكس" الأميركية.

وأكدت حماس أن حديث نتنياهو يؤكّد أننا أمام فصل جديد ووحشي من الانتهاكات بحق المدنيين الأبرياء والبنية التحية.

ومن جانبها، قالت حركة الجهاد الإسلامي: إن إعلان الجيش عن إدخال خيام إلى جنوب القطاع في إطار "هجومه الوحشي لاحتلال مدينة غزة هو استهزاء فجّ ووقح بالمواثيق الدولية وامتهان صارخ لما تسمى بالمؤسسات الأممية".

وفي حين تستعد القوات الإسرائيلية لتسريع عملياتها العسكرية الهادفة لاحتلال مدينة غزة وفق توجيهات قيادتها السياسية، كثفت المقاومة عملياتها، وأعلنت عن سلسلة عمليات وهجمات نوعية في الأيام الأخيرة.

وندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي باستهداف الاحتلال حي الزيتون تمهيدا لتنفيذ مخطط تهجير قسري بقناع طوعي بدعوى نقل السكان للجنوب، مشيدين بتنفيذ المقاومة عمليات تستهدف المدرعات والدبابات بالصواريخ وتفجير عدد من العبوات الناسفة فيهم.

واستنكروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مستشفى_المعمداني، #حي_الزيتون، #غزة_تباد، وغيرها استهداف المستشفى وسط صمت عربي وغربي غير مسبوق.

وذكّروا بالاستهداف الأول للمستشفى مع بداية العدوان على غزة وما صاحبه من رد فعل قوية دفعت الاحتلال لتبني الأكاذيب وسوق المبررات.

صمت مستنكر

وتنديدا باستهداف الاحتلال لمستشفى المعمداني واستنكارا للصمت والخذلان العربي والغربي، قال عبيد صيام، إن ما يحدث وصمة عار.

ووصف المشهد قائلا: "احنا نتحاصر في المختبر والرصاص علينا من فوق ومن تحت وقنابل تترمى علينا ومبنى ينحرق وممنوع حد يطفيه وتهجر مرضى واتسكر الاستقبال يا هلسات اخرنا نموت على أيديكوا يا بقر.. واشتباكات لا قامت ولا قعدت".

واستنكر أحد المغردين الخذلان تجاه القطاع، قائلا: "لك الله يا غزة.. حسبي الله ونعم الوكيل.. قصفو مستشفى المعمداني.. محدش عايز يتحرك.. يارب ما لنا غيرك يا الله.. لعنه الله على الهوان".

وتساءل المغرد فتحي: "استهداف المستشفى المعمداني للمرة كم؟!"، قائلا: "بتذكر أول مرة هبت الكرة الأرضية من مشارقها لمغاربها بكل السوشيال ميديا مقهورين من دماء وأشلاء الناس المظلومة". 

وأشار إلى أن غزة وأهلها وصغارها نبح صوتهم اليوم وهم يناشدوا ويصرخوا وما في أحد يسمعهم، قائلا: "يا رب ما لهم غيرك".

وأكدت المدونة تقى، أن هذه ليست أول مرة تقصف فيها مستشفى المعمداني ولكنها تختلف، مذكرة بأن في المرة الأولى اهتز العالم من هول الحدث.

ووصفت القصف هذه المرة بأنه "مرعب"، ولا يعلم أحد ولا يتحرك لها ساكن، قائلة: "في مثل هذه الأوقات نحمد الله علي أنه علام لا يخفي عنه شيء، وهو حسبهم".

وأكد علاء عبد الحفيظ، أن هذه الليلة لا تختلف عن ليلة المعمداني الأولى شيء بل أصعب وأشد، قائلا: "لله الامر من قبل ومن بعد".

الزيتون يحترق

وعما وصل له حي الزيتون بعدما أعلن الاحتلال بدء عملية عسكرية به، أوضح مراسل التلفزيون العربي في قطاع غزة إسلام بدر، أن الحي يحترق ويتعرض لإبادة جماعية وتهجير قسري في أوسع هجوم إسرائيلي على المدينة.

وأكد الصحفي محمد هنية، أن الاجتياح بدأ فعليًا.. وليس مجرد تهديد، وأن ما يجري في أحياء الزيتون والصبرة هو تمهيد واضح للتقدّم نحو غرب مدينة غزة، مشيرا إلى أن مئات المنازل سُوِّيت بالأرض، وتوسّع رقعة الدمار لا يترك شكًا أن الهدف أكبر من مجرد قصف موضعي.

وذكر بأن الاحتلال فشل جزئياً في الاجتياح السابق؛ لأن الناس نزحوا شرقاً، أما الآن، فالشرق محروق ومحاصر بالنار، وأي تقدّم بري جديد، يعني دفع الناس قسراً نحو الجنوب في عملية تهجير متدرّجة وخطيرة، قائلا: "هذا ما تبقى لنا في شمال غزة وإذا سقط… فسنخسر ما تبقى من مدينتنا".

وحث الباحث المتخصص في النزاعات محمود العيلة، على إدراك منطقة الزيتون آخر قلاع غزة، مشيرا إلى أن ما حدث من إبادة في رفح وخان يونس وجباليا يتكرر اليوم في منطقة الزيتون.

وناشد محذرا: “يا ناس.. لو سقطت الزيتون فستسقط مدينة غزة كلها وسيمهّد لاحتلالها من شمالها لجنوبها.. صراخنا وتغريداتنا وحدها لن توقف الإبادة، فإن لم تتحركوا الآن، فمتى؟”

وتحدثت الإعلامية هدى نعيم، عن طفولتها في حي الزيتون، متسائلة: "كيف تمسح اليوم عن بكرة أبيها!".

وذكرت أن الاحتلال ينفذ سياسة الأرض المحروقة في هذا الحي المكتظ بالسكان والبنى السكنية.

مخطط تهجير

وعن مخطط التهجير، أشار المحلل السياسي ياسين عزالدين، إلى أن المكان الذي أعلن جيش الاحتلال إدخال كميات من الخيام إليه جنوب القطاع ليس واضحا إلى الآن.

وأكد أن إعلان الاحتلال جزء من الحرب النفسية كأن التهجير أصبح أمرًا واقعًا، ويراهنون على دفع الناس للهرب من مناطقهم كما فعلوا في بداية الحرب.

وشدد عزالدين، على وجوب التصدي لإقامة مخيمات التهجير وإفشالها قبل بدء عملها، وذلك بكل قوة وبكافة السبل الممكنة، حتى لا تتكرر مأساة "مراكز المساعدة الأميركية" التي تقتل الناس أكثر مما توزع المساعدات.

وأوضح حسين أبو طالب، أن إعلان الكيان بداية نصب الخيام في الجنوب لاستقبال النازحين من مدينة غزة يعني أن المخطط مستمر لاقتحام واحتلال عاصمة القطاع وقد بدأت بالفعل بعد دخول حي الزيتون بالأمس وتدمير البنايات وتهجير الأهالي.

وقالت سندس النجار: إن الاحتلال يحاول تجميل عملية تهجير سكان غزة على أنها نقل إنساني، ويجهز خيم وأماكن إنسانية للنزوح.

وأضافت ساخرة: "طبعا اللي جرب النزوح بيعرف قديش أنه إنساني فعلا، وأصلا ما في مكان آمن وإنساني والاحتلال بيقصف كل مكان".

وأشار أحمد عابدين إلى أن جيش الاحتلال نسف خلال 6 أيام فقط أكثر من 400 منزل في حي الزيتون بمدينة غزة، شمال القطاع، ثم أعلن فجأة عن استئناف إدخال خيام ومعدات إيواء.

وأوضح أن هذه الخيام هي لتسهيل عملية التهجير القسري ونقل السكان جنوبًا، حيث المعتقل الذي تعمل اسرائيل على إنشاءه في رفح باسم مدينة الخيام.

ولفت عابدين إلى أن الأونروا (الأمم المتحدة) أعلنت أنها لن تشارك في أي مشروع يهدف إلى إجبار سكان غزة على النزوح، في إشارة إلى هذا المعسكر الذي تساعد مصر في انشائه بإمداده بخط مياه من سيناء بتمويل من دولة الإمارات.

تمسك بالأرض

وتمسكا بالأرض ورفضا للتهجير، قال المحلل السياسي ذو الفقار سويرجوو: "أنا شخصيا أشعر بالطمأنينة ولست خائفا من أي نزوح"، مؤكدا أن ما يجرى الآن من قبل إسرائيل هو قمة الضغط للوصول للهدف دون قتال، وأن نشر الهلع والخوف هو الهدف.

وأضاف: “لا تكن ضحية لذلك، النزوح يعني الهروب من الموت نحو الموت، فلنأخذ قرارا جماعيا بأننا باقون هنا وعلينا ان نواجه الموت بشجاعة”.

وأردف: "أعرف أنه كلام صعب وساعة الموت ترهب القلوب قبل العقول، ولكننا أصحاب تجربة مريرة امتدت لأشهر طويلة تذوقنا فيها كل ألوان الذل والعذاب، فلتكن تجربتنا هي بوصلتنا".

وقال مؤمن أبو زعيتر: “لن نغادر غزة إلا إلى الجنة، فهذه الأرض عقدنا معها عهد الدم، وهنا تُكسر قيود الطغاة على صدور الرجال، وهنا يُكتب التاريخ بدماء الشهداء”.

وأردف: "إما أن نعيش في غزة أعزة فوق ترابها، أو نصعد مرفوعي الرأس إلى الفردوس الأعلى ولقاء الأحبة، حيث لا احتلال ولا قيد ولا خذلان.. إما نصر أو استشهاد، ولا خيار ثالث لنا".

وبشر تامر مازن، بأن المعركة الحالية ستنتهي ببقاء غزّة وانسحاب جيش الاحتلال .. مهما كانت قوتهم، ومهما علت طاقتهم، وفي كل حال، سيتراجعون كما حدثَ سابقاً، لكنّ الأمر لن يكون سهلاً أبداً .. واللهُ وليُّ الصابرين !

وأكد أن الموضوع لا يتعلّق بحماس، أو المفاوضات، أو غير ذلك، إنما بشعبٍ كريم، وربٍ عظيم، وعدالة لن تضيعنا ! 

غضب إسرائيلي

وتسليطا للضوء على أزمات الاحتلال الداخلية وحالة الرفض الإسرائيلي لاستمرار الحرب، أشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن إضرابا عاما في الكيان اليوم؛ بدعوة من عائلات الأسرى، وفعاليات في 400 موقع، والرئيسة 8 مساء في تل أبيب.

وأكد أن نتنياهو في مربّع آخر تفرضه مصالحه الشخصية، وأنه اشتبك مع "الدولة العميقة" وغالبية المجتمع والعالم، ولم يبقَ له غير ترامب "المتقلّب"، قائلا إنه "لعنة عليهم، وبشاعة القتل والتدمير ستفاقم اللعنة".

ولفت علي الزنم إلى أن الدعوات تتعالى في داخل الكيان الصهيوني لإضراب عام وشامل اليوم احتجاجا على خطة حكومة نتنياهو لاحتلال غزة  كون ذلك يعني القضاء المؤكد على باقي الأسرى الإسرائيليين.

وعرض الناشط تامر قديح، مقاطع فيديو وصورا توثق إغلاقا واسعا للطرقات ومظاهرات أمام منازل الوزراء الإسرائيليين، وإضرابا شاملا في جميع مناطق فلسطين المحتلة.

وأشار إلى أن الإسرائيليين بدأوا إضرابًا ومظاهرات ومسيرات يُتوقع أن تكون الأكبر والأوسع منذ بداية الحرب، للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.

المقاومة تصفع

وحفاوة بكمائن المقاومة وتصعيد عملياتها، قالت الإعلامية مايا رحال، إنه في وقت توثق وتنشر فيه عملياتها النوعية البطولية والكمائن المركبة والعقد القتالية تبعث برسائل لنتنياهو بأن احتلال غزة بالكامل لن يكون نزهة عابرة.

وبينت أن المقاومة ترسل رسالة بأنها جاهزة لكل السيناريوهات وأن لعنة جغرافية غزة ستلاحق جيش الإحلال الذي لا يقهر لكنه قهر بوحلها.

وقال عمر فتحي: "كتائب القسام ماسكة قوات الاحتلال في حي الزيتون وهاتك يا دعك"، وفق وصفه.

وأثنى أحد المدونين، على كمائن المجاهدين الأخيرة، ووصفها بأنها "رهيبة جدا أكثر من أي كمائن سابقة وحدثت أثناء عملية الاستطلاع بالنار التي حاولت قوات العدو   الصهيوني تنفيذها جنوب غزة (حي الزيتون والشجاعية)".

وأشار إلى أن هذه الكمائن كانت بكثافة وإبداع وإدارة تكتيكية وإستراتيجية تفوق الخيال وغير مسبوقة، والأكثر هو الأريحية والثقة والشجاعة التي نفذت بها، ومع ذلك لا حس ولا خبر لدي الكيان اللقيط.

وقال المدون: “لولا التوثيق والفيديوهات التي صدرت عن القسام وسرايا القدس أمس واليوم لشككنا فيها”. لافتا إلى أن رد الفعل الوحيد لدى هذا الكيان هو أنه خرس تماما عن الحديث عما يحدث في منطقة جنوب مدينة غزة حي الزيتون والشجاعية.