قسد تشن حملة بربرية على بلدتين سوريتين.. وناشطون: تدق آخر مسمار بنعشها

"فرص استمرار قسد في دير الزور باتت معدومة"
بعد أشهر من تبرير "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) توسيع خريطة تحركاتها العسكرية في ريف دير الزور الشرقي واستنفارها الواسع على الأرض ووجودها العسكري في القرى القريبة من نهر الفرات بتصاعد التهديدات الأمنية، شن عناصرها حملة دهم واعتقالات في بلدتي غرانيج والكشكية.
وتقع البلدتان في محافظة دير الزور السورية، وشهدتا حصارا من قبل عناصر قسد، وجاء مصحوبا بقطع الإنترنت عن مناطق واسعة، وحملات دهم واعتقالات في البلدتين وانتهاكات حقوقية تنال المدنيين في البلدتين -بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية وناشطون على منصات التواصل-.
وأكدت الإخبارية السورية، في 16 أغسطس/آب 2025، أن قسد اقتحمت البلدتين بعد فرض حصار عليهما في وقت سابق، ونفّذت عمليات دهم عشوائية واعتقالات نالت عددا من الشبان، كما أقدم عناصرها على إحراق عدد من المنازل، ما تسبب بحالة ذعر واسعة بين المدنيين.
وانتقل عناصر قسد لشن عمليات دهم واعتقال في حيي المعدان والغناش في دير الزور، بعدما انتهوا من مداهمة أحياء أخرى في البلدين، بحسب ما أفاد به مراسل الإخبارية السورية.
فيما أكدت وسائل إعلام محلية عن مصادر أن عناصر قسد أغلقوا جميع مداخل ومخارج البلدة، بما فيها المعابر النهرية على ضفة الفرات.
وغداة ذلك، انسحبت المليشيا من غرانيج -بحسب إفادة ناشطين أكدوا أنها استهدفت بعمليتها الهمجية والبربرية، استفزاز الحكومة برئاسة أحمد الشرع وإبراز القوة وإرهاب المدنيين ومعاقبة أهالي غرانيج لذهابهم إلى السويداء وموالاة السلطة، ومحاولة إقناع أميركا بوجود تنظيم الدولة.
وتأتي انتهاكات قسد التي تعد واجهة تنظيم "واي بي جي" الإرهابي، بحق المواطنين في مناطق شمال شرقي سوريا الغنية بالثروات، ضمن خرق بنود الاتفاقية التي توصل إليها الرئيس الشرع خلال لقائه قائد قسد مظلوم عبدي في 10 مارس/آذار 2025.
وأتاح الاتفاق تنسيقا مشتركا محدودا بين قسد والحكومة لتثبيت الاستقرار في مناطق التماس، ونص على دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا ورفض التقسيم، إلا أن قسد تماطل في التنفيذ.
واستنكر ناشطون على منصات التواصل فرض مليشيا قسد حصارا على بلدات في دير الزور وقطع خدمات الإنترنت وما رافقها من اعتقالات وحرق منازل وترويع للمدنيين، وحولوا حساباتهم الشخصية على المنصات لوسائل إعلامية تسلط الضوء على الأحداث وتنقل التطورات وترصد انتهاكات قسد.
ونقلوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #قسد #غرانيج #دير_الزور #حرروا_الجزيرة_السورية وغيرها، روايات من شهود عيان وأهالي بالبلدات التي تعرضت لاستهدافات قسد، ودعوا إلى توثيق ما يجري ونقل معاناة الأهالي للعالم، وسرعة فك الحصار عن دير الزور.
وتباينت ردود فعل الناشطين حول دعوات النفير العام لقوات العشائر لنصرة دير الزور بين من حثها على الاستجابة والمناصرة والردع، وبين من تحفظ على هذه الدعوات وحذر من خطورة التحرك دون إذن وتنسيق مع السلطة، ووجهوا دعوة للحكومة بالتدخل وحماية حاضنتها الشعبية.
إفادات وروايات
وتحت عنوان "حقيقة ما يجري بدير الزور الآن"، أوضح الصحفي عهد الصليبي، أن قسد بدأت منذ يومين في بلدة غرانيج بلعبة جديدة، بدأتها بعمل أهوج لمجهولين (قد يكونون من أبناء العشائر وقد يكونون من قسد نفسها) أسروا 4 عناصر من قسد، أثناء توجههم إلى صيدلية.
وأشار إلى أن قسد استقدمت على إثر ذلك تعزيزات عسكرية من كامل الريف الشرقي لدير الزور وريف الحسكة الجنوبي، وبدأت في تطويق أحياء بالبلدة، وتنفيذ مداهمات وتخريب للمنازل وحرق بعضها، واستمرت بشكل متقطع.
ولفت الصليبي إلى وقوع مناوشات بسيطة على ضفتي نهر الفرات مع الجيش، لم ينتج عنها أي أضرار بشرية أو مادية.
وعرض الإعلامي عارف صورة قال إنها متداولة توثق مدنيا أعزل اقتادوه من بيته بعد كسر الباب واقتحام المنزل والاعتداء على المدنيين فيه بالضرب والإهانات، مؤكدا أن عصابات قسد تنكل بمدنيين عزل في غرانيج.
وقال الصحفي قتيبة ياسين، إن قسد شنت حملة عسكرية واسعة في بلدة غرانيج في دير الزور وبدأتها بحرق منزل القيادي السابق في صفوف "قسد" أبو الحارث إبراهيم الجاسم بسبب انشقاقه عنها، بعدها بدأت عمليات نهب واعتداء على عدد من الأهالي وكبار السن واعتقالهم.
ونقل الحقوقي أحمد رمضان، عن أحد الأشخاص في بلدة غرانيج إفادته بأن قوات قسد استقدمت أرتالا كثيرة إلى المنطقة وطوقت البلدة من جميع الجهات ومشطت المنازل منزلا منزلا، مع تكسير وتعفيش وحرق بعض المنازل.
وأشار إلى قول مصدره إن الاعتقالات بالعشرات، وعناصر قسد يمشطون الأحياء مشيا على الأقدام مع طيران مسير يكشف لهم المنطقة وقناصين ومدرعات، الأهالي في منازلهم وينتظرون دورهم للتفتيش.
وعرض رسام الكاريكاتير عمار آغا القعلة، رسالة وصلته على الخاص يروي صاحبها أن أهالي غرانيج الواقعة بمنطقة الشعيطات التي ارتكب تنظيم الدولة بها مجزرة راح ضحيتها 1000 مدني، تمردوا على قسد وطردوهم من المنطقة، إلا أن قسد قطعت عنهم الإنترنت وطوقت المنطقة ومنعت الدخول والخروج إليها.
وأكد صاحب الرسالة أن قسد دخلت المنطقة وقطعت الإنترنت ولا يعرفون ما يحدث بالساحات العامة في المدن الديرية (مدينة دير الزور، الميادين، البوكمال، موحسن، العشارة) والتي تشهد تجمعات لقوات العشائر واستنفار للأهالي.
وأكد الصحفي عمر الحريري، أن الاقتحام مستمر بعشرات الآليات العسكرية مع طيران مسير للمليشيا وقامت خلال ذلك مليشيات قسد باعتقال العشرات من أبناء بلدة غرانيج مع عمليات نهب وتخريب للعديد من المنازل.
انخراط الفلول
وفي توجيه لأصابع الاتهام إلى أطراف أخرى متورطة مع قسد في انتهاكاتها وجرائمها، أفاد الإعلامي عامر هويدي، برصد فلول من عناصر وضباط النظام البائد، من الفرقة الرابعة ومليشيا الدفاع الوطني، ضمن صفوف مرتزقة قسد التي تحاصر بلدة غرانيج، حيث تميّزت لهجاتهم العلوية بين القوات المشاركة في الحصار.
وأكد نواف العكيدي، أن عصابات قسد الإرهابية تقوم بحرق المنازل وأرزاق الناس في غرانيج والكشكية وترويع المدنيين بمشاركة فلول النظام والشبيحة الهاربين من المحاسبة والخارجين عن القانون.
وحذر أبو فهد من خطورة مشاركة فلول النظام البائد وعناصر من مليشيات طائفية تابعة لإيران إلى جانب حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في حصار بلدة غرانيج، ووصول أعمالهم إلى حرق منازل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم.
ونقل أحد المغردين تحذيرا عاجلا من السويداء يقول: إن خرقا كبيرا للهدنة من قبل الصهاينة والدروز بعد هجوم الانفصاليين الأكراد على أبناء قرية غرانيج، حيث تشن مليشيات الهجري الإرهابية هجوما واسعا على تجمعات قوى الأمن العام في الريف الغربي للسويداء، في تنسيق عال بينهم.
وأشار التحذير إلى وجود خطة ثلاثية واضحة، حيث تفتعل الفلول النيران بالساحل دون مراعاة المواطنين أو الأطفال، لتقوم مليشيات قسد بالاستهداف المباشر لقرى العرب وتهجير الأهالي واعتقال الشباب، بينما الصهاينة والدروز يوسعون جبهاتهم في الريف الغربي للسويداء، مهددين استقرار الهدنة.
وقال: "إذا لم تنته هذه المهزلة الآن، ومحاسبة كل من تسول له نفسه التطاول على السوريين، فلن يُسمح لأي مجرم بالفرار من الحساب".
تحقيق ومحاسبة
ومطالبة بفتح تحقيق فيما ترتكبه قسد من انتهاكات وجرائم بحق المدنيين في دير الزور، تساءل الناشط الإعلامي صهيب اليعربي: “أليس ما يجري يستحق لجنة تحقيق دولية؟ أم أن كون الضحايا من العرب السنة يجعل هذه الانتهاكات خارج الحسابات؟”
وطالب محمد فاضل المحمد بدخول لجنة تحقيق دولية وإدانة، متسائلا: “أم أن كون الضحايا من العرب السنة يجعل هذه الانتهاكات عادية؟”
وأشار المغرد نوح إلى أن جرائم ضد الإنسانية حدثت في غرانيج في دير الزور، متسائلا: “أين الأمم المتحدة وفرق التحقيق الدولية؟”
مناشدة للعشائر
ونقل محمد عواد مناشدة عاجلة من داخل غرانيج، لإيصال صوت الأهالي إلى كل العشائر العربية، تقول: "لا يجوز أن تُقتحم منازل المدنيين العزل بهذه الطريقة، ولا أن يُرهب الأبرياء".
وناشد أهالي غرانيج شيوخ عشائر العكيدات والجبور وبقية العشائر العربية أن يتدخلوا فورًا لإنقاذ أهلهم وحمايتهم من هذا الخطر المحدق.
وتساءل الكاتب محمد خير كنغو: “أين الفزعات والنفير العام من السادة العشائر العربية!؟ ما هو وزن قسد الحقيقي بلا العنصر العربي خاصة القبائل والعشائر، هل فعلا تنظيم قسد لا يمثل تلك العشائر أو جزء ليس بالقليل منهم !؟”
وكتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة ناشطون لأجل الحرية أحمد عبدالقادر: "لنكن صوت أهلنا في الجزيرة العربية السورية.. مليشيات قسد تتجهز لاقتحام قرية غرانيج.. نطالب الحكومة السورية بالتدخل العاجل نناشد العشائر العربية بمساندة أهالي غرانيج.. ساندوا أهلنا ساندوا أهالي دير الزور".
وأشار عزالدين إلى أن مليشيات قسد تقتحم غرانيج والكشكية باعتقالات عشوائية اعتداء على النساء ترهيب للأطفال وإطلاق نار داخل البيوت.
وتساءل: "أين صوت العشائر؟ أين الفزعات والبيانات؟"، مؤكدا أن السكوت "خيانة".
وأكد جعفر البرغش أن قسد تصعّد احتكاكها بالعشائر، وتحاول معاقبتهم فقط لأنهم وقفوا دائما إلى جانب الدولة ودافعوا عن وحدتها.
مناشدة الحكومة
وتحفظا على دعوة العشائر للتحرك حرصا على سلامتهم ومطالبة للحكومة بالتحرك العاجل، قال المغرد عبود: "القسدية الأوباش مبسوطين كثير على الهجوم والحصار يلي صاير على قرى غرانيج والكشكية وأبو حمام.. نحن بحاجة لتحرك سريع من الحكومة لإيقاف هي الانتهاكات".
وجدد أحد المغردين تحذيره من تحركات العشائر دون إذن من المستوى السياسي في دمشق ودون مشاركة الحكومة وربما حتى تركيا، وعده إلقاء بالنفس إلى التهلكة.
ورأى أن العشائر يجب أن تتحرك فقط عندما يكون هناك فعلا قرار ببدء الحرب من قبل سوريا وتركيا ضد مليشيا قسد، موضحا أن هذه أبجديات في السياسة.
ووجه الناشط السياسي منهل النصر نداء عاجل إلى الحكومة قائلا: "كونوا سندا وعونا لأبنائنا في مواجهة هذه الانتهاكات".
قسد إرهابية
وهجوما على قسد وتفسيرا لتصرفاتها، أوضح الباحث السياسي محمود علوش، أن قسد تستشعر خطر تمرد العشائر على سلطتها، فتستبق ذلك بحملات دهم واعتقالات.
وأكد أن البيئة العشائرية في المنطقة تغلي فعليا، وتنتظر إشارة للتحرك ضد حكم "قسد" الذي فُرض عليها بالقوة على مدار سنوات، بذريعة الحرب ضد "تنظيم الدولة"، قائلا: إن "مؤشرات التصعيد الكبير تتزايد".
وأكد المغرد مضر، أن المليشيا تعيش حالة من الخوف، وهذا الخوف يدفعها لارتكاب حماقات قد تعجل بنهايتها.
واستنكر المغرد علي، تفاخر قسد الإرهابية وداعميها بحصارهم لغرانيج وشنها حملة مداهمة واعتقال ضد المدنيين الأبرياء وترويعها للنساء والأطفال.
وقال: "هذه هي ديمقراطية أكراد قنديل الهمج التي يتغنّون بها والتي تقوم على قتل الأبرياء وسرقة منازلهم وحرقها واعتقالهم وتصفيتهم ميدانيا بدون ذنب".
وأكد الصحفي أحمد الساري، أن "مليشيا قسد تحاول التهرب من تطبيق اتفاق العاشر من آذار بشتى الطرق، وتقوم منذ فترة بمحاولة استفزاز عشائر دير الزور لدفعها نحو التصعيد وفتح معركة ضدها لاتخاذها ذريعة من أجل تبرير موقفها بحجة استمرارها بمحاربة تنظيم الدولة، وذلك لكسب المزيد من الوقت والمماطلة في تطبيق الاتفاق".
ورأى أن "قسد" دقت آخر مسمار في نعشها، وفرص استمرارها في دير الزور باتت معدومة، فممارستها الأخيرة ضد أبناء المنطقة والانتهاكات المستمرة زادت الاحتقان الشعبي وعزّزت رغبة الأهالي بالتحرر من سطوتها.
وأضاف الساري: "بحسب متابعتي فإن أهالي المنطقة يريدون أن تخرج قسد بشكل سلمي دون إراقة للدماء ولا أحد يشجع على فتح معركة جديدة، لكن من الواضح أن قسد تدفع المنطقة للمزيد من التصعيد عبر رفضها تطبيق الاتفاق، وافتعال الحوادث لتوظيفها في دعم روايتها المتعلقة بمحاربة التنظيم".
وأعرب عن أسفه من عدم رؤية أية تصريحات رسمية تدين الانتهاكات التي ترتكبها قسد بشكل يومي بحق أهالي المحافظات الثلاث.
وأكد الساري أن “استمرار المفاوضات مع قسد بهذا الشكل لم يعد مقبولا بالنسبة للأهالي الذين ينتظرون موقفا حاسما من الحكومة تجاه ما يحدث في مناطقهم من انتهاكات، فالأهالي اليوم ضحية لممارسات مليشيا ما زالت تقتل وتعتقل وترتكب أفظع الانتهاكات بحقهم”.