خطة نتنياهو لاحتلال غزة.. بداية تنفيذ دولة إسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات"؟

"إسرائيل انتهزت الفرصة كاللص الذي يسرق في التوقيت المثالي"
إعلان إسرائيل نيتها احتلال قطاع غزة عبر خطة أُطلق عليها "عربات جدعون"، أثار الاستنكار والتنديد، لا سيما أن "سكان غزة يعانون من المجاعة" جراء الإبادة المستمرة.
وطرح موقع "تيليبوليس" الألماني تساؤلات حول "الأهداف الحقيقية التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها وفق عقيدتها الجيوسياسية، ووفق خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التوسعية".
عملية ضخمة
وأشار الموقع إلى أن "نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة، تثبت أن حياة الرهائن على المحك، حيث لا يشكلون عاملا ذا أهمية سياسية في قرارات الحكومة".
وتابع: "لو كانت الحكومة الإسرائيلية جادة بشأن مصير مواطنيها المختطفين، لكانت اتخذت قراراتها الإستراتيجية، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بطريقة أكثر جدية، واستجابت لصنع الصفقات من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف".
وفي تأكيد هذه المخاوف، ذكر الموقع أن "الجيش الإسرائيلي حذر بالفعل من أن الرهائن قد يموتون في العملية الجديدة المقبلة".
وشدد على أنه "وفقا لعقيدة الجيش وأعماله السابقة في غزة، يبدو أنه لا يولي أي اهتمام للمدنيين الغزيين أو الإسرائيليين، أثناء تنفيذ العمليات العسكرية".
وفي سياق متصل، تستعد إسرائيل لهذه العملية الضخمة "عبر عملية استدعاء كبيرة، لكنها ستكون أقل بكثير من التعبئة الأولى التي تلت مباشرة 7 أكتوبر 2023"، كما ورد في الموقع.
وتوقع أن "يبلغ معدل حضور جنود الاحتياط ما بين 60 إلى 70 بالمئة، وتشير التقديرات إلى أن ما بين 50 ألفا و100 ألف شخص قد يحملون السلاح".
على الجانب الآخر، أوضح الموقع أن هناك "مقاومة مستمرة لهذه العملية، ولنهج حكومة نتنياهو في إدارة المشهد السياسي والعسكري برُمّته".
وأردف بأن "هذه المقاومة تتجلى في المظاهرات كل يوم سبت، التي تضمّ أحيانا عشرات الآلاف من المشاركين، التي يمكن تصنيفها على أنها يمينية متطرفة؛ حيث يطالب الناس بالإفراج عن الرهائن، وإنهاء حكومة نتنياهو".
ورأى الموقع أن "هذه المقاومة جيدة من الناحية الموضوعية، فهي تبطئ وتيرة الموت في غزة، لكن لا يزال هناك ما يكفي من (الوقود البشري) للحرب".
ومع ذلك، يرى أن "الاحتجاجات محدودة؛ لأنها لا تتناول الوضع في غزة ولا في الضفة الغربية، ونادرا ما تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا تذكر كلمة عن التمييز الذي يعاني منه الفلسطينيون في إسرائيل، والذين أصبحوا على أقل تقدير منذ قانون الدولة القومية، مواطنين من الدرجة الثانية".
إعادة البعث
ووصف الموقع الألماني قرار الذهاب لهذه العملية، بـ"إعادة بعث الأحلام الجيوسياسية لإسرائيل الكبرى".
وفي هذا السياق، زعم أن "خريطة الشرق الأوسط والأدنى تغيرت بشكل دائم لصالح الدولة الصهيونية، وهو أمر كان من المستحيل تصوره قبل 20 شهرا".
وأضاف أن "التهديد الخارجي الذي كان سائدا لسنوات من الدول العربية والجهات شبه الحكومية قد انهار عمليا، ومع تقدير أن الغزو البري أصبح مستبعدا -إذا أخذنا في الحسبان أن هذا التهديد كان حقيقيا- فإن هذا الوضع يمثّل سابقة في تاريخ إسرائيل".
في المقابل، أشار الموقع إلى أنه "مع اختفاء الأعداء، تزداد قوة الأصدقاء، ورغم كل الخلافات، تظل الولايات المتحدة، حتى في عهد دونالد ترامب، (القوة الحامية المخلصة)".
ورأى أنه "بالنسبة للولايات المتحدة، تتولى إسرائيل تنفيذ (الأعمال القذرة) في الشرق الأوسط، مما يتيح لواشنطن تنفيذ (التوجه نحو المحيط الهادئ) دون قلق، في وقت لا تزال الحواجز السياسية الخارجية للجنوب العالمي والهند والصين ضعيفة للغاية لوقف هذا السلوك".
من جهتها، أثارت رابطة جنود الاحتياط في الجيش الألماني بعض الافتراضات المثيرة للاهتمام حول "الدفاع" الإسرائيلي.
ووفقا لهم، فإن إسرائيل "دولة تفتقر إلى (العمق الإستراتيجي)، ويمكن هزيمتها في حرب متعددة الجبهات، ولا تملك هذا العمق بسبب حجمها المماثل لولاية هسن الألمانية، وامتدادها من الشمال إلى الجنوب بطول 470 كيلومترا؛ ولذلك يعد التوسع هو أفضل وسيلة للدفاع".
وأكمل الموقع: "حلم (إسرائيل الكبرى) يرتبط جغرافيا وسياسيا وعسكريا بالإطار الأيديولوجي الذي وضعه زعيم الصهيونية الأول ثيودور هرتزل".
وأوضح: "حيث كتب هرتزل، في يومياته عام 1960، عن حلم (إسرائيل الكبرى): يجب أن تمتد إسرائيل (من نهر النيل بمصر إلى نهر الفرات)".
وفي السياق ذاته، "دعا الحاخام ج. إسحاق، الذي كان قريبا من أفكار هرتزل، في كتابه الصادر عام 1917 بعنوان: (الحدود الحقيقية للدولة اليهودية)، إلى أن تمتد الدولة الصهيونية من جبال طوروس التركية إلى سيناء المصرية".
وذكر الموقع الألماني أن "القيادة الإسرائيلية الحالية تستند إلى هذه المنطلقات في توجهاتها"، مستدلة بتصريح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش في مارس/ آذار 2023، الذي قال فيه: "لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيون؛ لأنه لا يوجد شعب فلسطيني".
إشارة مقلقة
وحسب وجهة نظر الموقع، يشير الواقع الجديد على الأرض إلى أن لبنان (من سهل البقاع إلى جنوب بيروت)، وسوريا (من مرتفعات الجولان إلى منطقة الدروز)، والعراق، وأجزاء تصل إلى السعودية؛ لم يعودوا يشكلون عقبات أمام تنفيذ الحلم الإسرائيلي.
والخطير في الأمر -بحسبه- أن "إسرائيل ليس لديها دستور، وبالتالي لم تُحدد حدودها الإقليمية، وهذا في الواقع إشارة مقلقة لجيرانها، فهم إما مرتبطون بقوة بمحور إسرائيل-الولايات المتحدة، أو مقيدون بالضربات العسكرية والعقوبات".
ووفقا للموقع، "تعتمد الإستراتيجية الإسرائيلية اليوم على مسارات متعددة، فإلى جانب الجيش المتقدم، هناك الحركة الاستيطانية القومية-الدينية التي تؤيد التوسعية بسمات فاشية".
ويرى أنه "مع الاستيطان المتناثر في الضفة الغربية، لم يعد من المرجح إقامة دولة فلسطينية، بل يمكن عدها اليوم، بسبب غياب القدرة على فرضها، مجرد وهم يمكن أرشفته".
وانطلاقا من الظروف المناسبة في الولايات المتحدة التي تمر بنقطة تحول، أكد الموقع أن "إسرائيل انتهزت الفرصة كاللص الذي يسرق في التوقيت المثالي، فالوضع الجيوسياسي الحالي لا يمكن أن يكون أكثر ملاءمة".
ورجّح أنه "إذا نجح المخطط في غزة، فلا يمكن تجنب الحرب التالية، وقد تجد إسرائيل نفسها مدفوعة -في مواجهة مع الصين والهند وتركيا، وبدرجة أقل مع إيران- لتصبح مركز النقل والتجارة الجديد في منطقة يعاد ترتيبها".
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.