بذريعة الدعم العسكري لليبيا.. هل تعود إيطاليا إلى مستعمرتها القديمة؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

من جديد، تبحث إيطاليا، المستعمر القديم لليبيا، عن موطئ قدم لها في بلد تمزقه الحروب والنزاعات منذ سنوات، وسط توتر مستمر بين حكومتين تتقاتلان على السلطة.

وفي 20 سبتمبر/أيلول 2022، التقى رئيس أركان الجيش في غرب ليبيا محمد الحداد، وفدا إيطاليا مكونا من القائد العام للعمليات المشتركة لهيئة أركان الدفاع فرانشيسكو باولو فيليولو، والسفير الإيطالي في ليبيا جوزيبي بوتشينو والوفد المرافق لهما.

حضر اللقاء، الذي عقد في العاصمة طرابلس، كل من رئيس لجنة التعاون العسكري الليبي الإيطالي، ورئيس مجلس العمليات العسكرية، ومدير قسم الهندسة العسكرية.

وخلال اللقاء، أشاد اللواء الحداد، بدور روما في دعم الدولة الليبية في المحافل الدولية، كما بحث مع الوفد الإيطالي، آليات التعاون العسكري بين البلدين في المجال العسكري خاصة في مجال التدريب.

وأفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء أن الجنرال فيليولو توجه أيضا إلى مصراتة، 200 كيلو متر شرق طرابلس، لإجراء محادثات بشأن "إعادة تشكيل" الوجود الإيطالي في ثالث أهم مدينة في ليبيا، "في انسجام تام" مع السلطات المحلية. 

وتتنازع السلطة في ليبيا حكومتان، الأولى يقودها رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة عبدالحميد الدبيبة ومجلس الرئاسة من جهة، مقابل أخرى يقودها رئيس الوزراء المكلف من برلمان طبرق، شرق البلاد، وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا.

مرحلة جديدة

وفي نفس الصدد، نقلت الوكالة الإيطالية عن مصادرها بأنه في الأسابيع المقبلة من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة من التعاون الفني، بتقليص عدد الجنود الموجودين في البلاد.

وأيضا إعادة تشكيل الوجود الإيطالي خاصة في القطاعات التي يطالب بها الجانب الليبي، ولا سيما في "التدريب" في مختلف المجالات، بما في ذلك الصحة. 

كما أكدت نفس المصادر أن "لقاء فيليولو كان مهما للغاية أيضا لأنه شكل إشارة واضحة تؤكد أن إيطاليا تحافظ على وجودها على أثر اشتباكات 27 أغسطس/آب، ولا تغير برامجها كما أنها منفتحة على السلطات الموجودة في طرابلس".

في ذلك التاريخ، ذكر موقع إنسايد أوفر الإيطالي أن العاصمة الليبية كانت مسرحا لاشتباكات مسلحة عنيفة بين الفصائل المتنافسة على السلطة، بعضها يوالي الدبيبة ومجلس الرئاسة من جهة، ضد مليشيات متحالفة أخرى تدعم باشاغا.

واندلعت الاشتباكات في وسط المدينة وفي ضواحي العاصمة، ووصلت إلى طريق مصراتة شرقا، واشتركت فيها أيضا قوات اللواء أسامة الجويلي. 

ولفت الموقع إلى أنه على الأرجح تدخلت أيضا طائرات تركية بدون طيار، كما يتضح من بقايا الذخيرة التي عثر عليها في مواقع الاشتباكات. 

وانتهت الاشتباكات حينها بهزيمة المهاجمين ولم ينجح رئيس الوزراء المكلف باشاغا من دخول العاصمة طرابلس واستلام المقرات الحكومية رغم المحاولات المتكررة.  

وبحسب الموقع الإيطالي، الوضع العام أبعد ما يكون عن الحالة الطبيعية خصوصا أن سلطات طرابلس لا تزال تشكو ضعفا في فرض سيطرتها على "الواقع القبلي الليبي". 

لذلك، أكد أن المساعدة الإيطالية لا تزال مهمة بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية، على الرغم من أن "إعادة تشكيلها" التي ستتم "بانسجام تام" مع السلطات المحلية.

وبين أن ذلك قد يعني رغبة طرابلس في تقليص الوجود المادي الإيطالي إلى الحد الأدنى الضروري في ليبيا.

وأضاف الموقع "إذا اتجهنا نحو تقليص الكتيبة الإيطالية في مصراتة المعروفة باسم ايبوقراط، فمن المحتمل أن يقتصر التعاون العسكري الإيطالي الليبي بشكل أساسي، على المدى المتوسط  ​​والطويل، في تدريب العناصر وفي بيع وتسليم معدات لصالح القوات المسلحة والأمنية في طرابلس.

أهمية كبيرة

وأوضح إنسايد أوفر أن زيارة الجنرال الإيطالي، الثانية في غضون أشهر قليلة بعد زيارة كان قد أداها في يونيو/حزيران، تعد إشارة إلى الأهمية التي توليها إيطاليا لليبيا.

 وشدد في مقاله على ضرورة أن "يعد حلف شمال الأطلسي (الناتو) تلك الجبهة الجنوبية نقطة ارتكاز لتحركات الحلف لأنها تثير قلق الدفاع الإيطالي أكثر من غيرها".

خلال الأشهر القليلة الماضية، وجهت وزارة الدفاع الإيطالية نداءات عديدة من أجل لفت مزيد من الاهتمام إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

خاصة أنها تحتوي على جميع التناقضات الدولية التي أشعلت، وإن كان ذلك بشكل مختلف، الصراع في أوكرانيا، على حد تعبير كاتب المقال. 

وتابع في نفس النقطة بالقول إن "روسيا، في الواقع، حاضرة ونشطة للغاية في جميع أنحاء شمال إفريقيا والساحل والمشرق".

وأضاف أن أهمية الجبهة الجنوبية تتأكد أيضا من خلال التوغل الصيني المتزايد في البحر الأبيض المتوسط ​​على غرار ما حدث، أو يجرى بالفعل، في الأرباع الإفريقية والشرق أوسطية.

وفقا للإرشادات الإستراتيجية الوطنية الجديدة، التي تضمنتها "وثيقة الدفاع الإيطالية 2022-2024، فهي تنص على زيادة فاعلية الجهود الرامية إلى متابعة مسار المصلحة الوطنية، في البحر الأبيض المتوسط.

ويجرى تنفيذ ذلك من خلال الحضور العسكري في الحوض الأوسط والشرقي وعلى وجه الخصوص في ليبيا (وشمال إفريقيا) لتوطيد التعاون المنظم لدعم ليبيا التي تعد دولة رئيسة للمصالح الوطنية.

في الأثناء، يبدو أن "هناك اتجاها نحو وجود عسكري فعلي أصغر، بعد أن اخترنا نهج القوة الناعمة، ولكن يجب علينا أيضا النظر إلى المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، والتي بسببها يجب على حكومة الوحدة الوطنية أن تظهر للفصائل المكونة للنسيج السياسي/الاجتماعي المحلي أنها قوية على الصعيد الدولي"، وفق الموقع. 

بمعنى آخر، يجب أن تثبت حكومة الوحدة أنها لا تعتمد على القوى الغربية، لذا تقلل من وجود القوات الأجنبية على أراضيها إذا كان لديها أي أمل في جذب المزيد من الدعم، يشرح الموقع.

وأكد أن إيطاليا مع ذلك "لا يمكن أن تظل على هامش الدعم العسكري لحكومة الوحدة خصوصا أن هناك مخاطرة بأن تنتهز الجهات الفاعلة الأخرى، التي تتنافس في رقعة الشطرنج تلك، الفرصة لزيادة وجودها".

 وفي هذا الإطار، خلص الموقع إلى القول إنه "يمكن أن تكون أنشطة التدريب غير كافية، مع الأخذ في الحسبان أن أي التزام من هذا النوع يجرى دائما من خلال الاتفاقات الثنائية، وبالتالي بناء على طلب صريح من طرابلس".