ذكرى انفجار مرفأ بيروت.. إلباييس: لبنان يتجاوز حافة الهاوية ويصل إلى القاع

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور سنتين على انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، أكدت صحيفة إلباييس الإسبانية، أن لبنان لا يزال يتأرجح بين الأزمة الاقتصادية وشلل الدولة، بينما يقبع 80 بالمئة من السكان في فقر مدقع.

وادعت الصحيفة أن لبنان اليوم ليس على حافة الهاوية بل في القاع، مشيرة إلى أن البلاد وقعت في عملية احتيال واسعة دبرتها النخب على مدار سنوات، ويدفع ثمنها الشعب اليوم.

ضباب قاتم

وقالت الصحيفة الإسبانية إن ضبابا قاتما يخيّم في سماء مار مخائيل، الحي الأقرب إلى نقطة الصفر بسبب الانفجار الذي ضرب العاصمة اللبنانية قبل عامين. 

هذا الضباب، الذي يمكن رؤيته بوضوح في الجزء الأقرب إلى البحر، جاء من الحبوب المحترقة المخزنة في صوامع الحبوب في الميناء. 

وتسبب الاحتراق في انهيار جزئي للهيكل خلال الأسابيع الأخيرة. واليوم، أصبح الدخان الأسود أكثر كثافة ويملأ مار مخائيل كله، وكأنه تذكير رهيب بالكارثة التي حلّت ببيروت. 

والحي بأكمله أصبح عبارة عن بصمة أحفورية تركها الانفجار وراءه. وفي الوقت الذي أصبحت فيه بعض المباني قيد إعادة البناء والتعمير، أصبح البعض الآخر في طي النسيان بكل بساطة. 

في الأثناء، تظل محطة الوقود الرئيسة مفتوحة في القناة مثل خطأ مروع. وعلى بعد أمتار قليلة، يوجد المقر الرئيس لشركة كهرباء لبنان، الذي أصبح هيكله على حافة الانهيار.

ولم يتبق سوى كلمة واحدة مثبتة على ما كان علامة المدخل: "... لبنان". عموما، الصورة هي استعارة مثالية لبلد ينجرف بلا هدف فوق بحر من الأنقاض.

وذكرت الصحيفة أن لبنان يعيش في جحيم منذ ثلاث سنوات. تركت الأزمة الاقتصادية في عام 2019 البلاد على حافة الهاوية. 

وبعد ذلك، بعد الضربة الأولى لجائحة كوفيد، كان انفجار الميناء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وعاصفة مثالية قضت بشكل نهائي على آمال جيل كامل من اللبنانيين.

ويقول فراس، صاحب مطعم مزدحم في المنطقة حتى وقت قريب، والذي أغلق اليوم: "لسنا على حافة الهاوية، بل في القاع".

ووفقا للأمم المتحدة، يعيش حوالي 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر. أما أولئك الذين كانوا فقراء قبل الأزمة، فأصبحوا يعيشون في فقر مدقع.

من ناحية أخرى، تزوّد المنازل بساعتين فقط من الكهرباء في اليوم من الشبكة العامة. ويجب الحصول على الكهرباء خلال الساعات المتبقية من المولدات الخاصة التي أصبح وقودها أكثر تكلفة منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

زيادة على ذلك، أصبحت إمدادات المياه غير كافية وتوفير خدمة جمع القمامة بانتظام أمرا مستحيلا.

عملية احتيال 

وأوردت الصحيفة الإسبانية أن البنك الدولي روى، في تقريره الأخير، كيف وقع لبنان ضحية لعملية احتيال واسعة النطاق.

وأكد أن البلاد تعيش أزمة "دبرتها النخب التي استولت على الدولة منذ زمن بعيد" لتسخيرها في خدمتها. 

يروي التقرير كيف قامت الحكومة بتضخيم الاقتصاد والعملة المحلية من خلال القروض، "بهدف وحيد يتمثل في جعل الشركات الخاصة أكثر ثراء".

وفي وقت لاحق، جرت تغطية الفجوة في القطاع المصرفي من خلال مخطط بونزي، وهو نوع من المخططات الهرمية حيث يأخذ المستثمرون الأقدم الأموال من المستثمرين الجدد.

والآن، أصبحت البلاد بلا دولة ولا بنوك، لكنها مليئة بالفساد وأصحاب الملايين.  

وأشارت الصحيفة إلى أن بيروت تغرق في الظلام بمجرد أن يحل الليل، ولا يوجد أثر لأضوائها البرتقالية القديمة.

وبينما يستمر الدخان في التصاعد من صوامع الميناء، تظل شوارع المدينة مظلمة في مشهد جنائزي. من جانب آخر، أصبحت إشارات المرور القليلة متوقفة عن العمل وتتراكم القمامة في زوايا العاصمة.

وأوردت الصحيفة أن اللبنانيين يتأرجحون بين المقاومة والرفض. وقد يتطلب العيش في لبنان كلا الأمرين، لكن الكثيرين سئموا ببساطة من البقاء على قيد الحياة.

وبالنسبة لهم، فإن قدرة اللبنانيين، التي يضرب بها المثل، على النهوض من الأنقاض والبدء من جديد قد دُفنت بشكل يائس تحت الخراب الذي يعاني منه الميناء.

في هذا السياق، تتساءل الصحفية والعاملة في المجال الإنساني باتريشيا خضر: "ماذا تسمي أولئك الذين لم يعد لديهم مدينة؟". 

ووفقا لمنظمات دولية مختلفة، غادر أكثر من 80 ألف مواطن البلاد.

بلد يحتضر

عموما، هاجر من القوة الصحية السابقة في الشرق الأوسط حوالي 40 بالمئة من أطبائها ويحدث الشيء نفسه في قطاع التعليم.

وفي الحقيقة، لا يعدّ الأمر غريبا، مع الأخذ في الحسبان الوضع المدمر للموظفين العموميين، نظرا لأنهم يتلقون رواتبهم بالعملة المحلية. 

فالدولة غير موجودة ولا يمكنها حتى، كما كان من قبل، أن تحافظ على الوهم بأنها ما زالت على قيد الحياة.

وحتى جهاز الأمن العام الذي كان يتمتع بقوة كبيرة في يوم من الأيام، لم يعد بمنأى عن الانهيار.

نتيجة لذلك، أصبح تجديد جواز السفر عبارة عن رحلة ملحمية تتطلب ما لا يقل عن عام ونصف العام من الإجراءات.  

وفي مطار بيروت، في أكثر الأيام ازدحاما، تتطلب طوابير الدخول لعبور المراقبة الأمنية عدة ساعات من الانتظار لأن هناك ثلاثة موظفين فقط لاستقبال مئات الركاب.

والغالبية العظمى منهم من المغتربين الذين جلبوا وسيلة الفرح الوحيدة هذا الصيف إلى الاقتصاد اللبناني المحتضر. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الاختلاس الواسع من قبل المصارف والسياسيين اللبنانيين هو الموضوع الرئيس للمعرض الذي نظمه مركز بيروت للفنون.

وهي منظمة غير ربحية تركز على الترويج للفنانين المعاصرين من الشرق الأوسط ومقرها في مستودع صناعي بعيد عن مركز المدينة.

هناك، توقّع الفنانة بترا شرحل عملا فنيا، حيث يخطو الزوار على أرضية مليئة بأوراق نقدية من فئة 1000 ليرة.

في السابق، كانت كل ورقة نقدية تساوي، تقريبا، دولارا. الآن، هي بالكاد تساوي خمسة سنتات. 

وترفق الفنانة عملها بالتعليق التالي: "الليرة اللبنانية المستقرة، مثل الاستقلال السياسي للبلاد، كان وهما مستداما بفضل الدعاية".


المصادر