كاتب تركي: إسرائيل "تراقص" الأحزاب الكردية في سوريا والعراق

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكملت الحرب الأهلية السورية عامها العاشر، لكن حكومة نظام الأسد ما زالت قائمة مع أن البلاد انهارت اقتصاديا واجتماعيا. 

مع ذلك، لا يزال وضع سوريا السياسي غير واضح على المدى القريب، حيث إن الخلاف مستمر حول نظام الدولة السياسي الذي سيتم اعتماده، حتى لو تم الحفاظ على وحدة أراضي البلاد.

لذلك فإن موجة المناورات الدبلوماسية التي يمكن أن تتسبب بها الانتخابات التي أجريت قبل أيام والمعروفة نتائجها منذ البداية، قد تخلق بيئة من شأنها أن تمهد لقبول بشار الأسد رسميا مرة أخرى، على الأقل في العالم العربي، يقول الكاتب والباحث في أكاديمية الدرك وخفر السواحل التركية، سرحات أركمن. 

ويتابع: كانت إسرائيل واحدة من أكثر الدول التي أثرت عميقا ولكن بهدوء في سوريا منذ بداية الحرب فيها. 

لذلك، فإن تقييم الوجود الإسرائيلي في سوريا، خاصة في شمال شرق البلاد، من خلال سياستها تجاه المنطقة الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د)/ حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، مهم للقيام بتحليل سليم ومتكامل.

كانت العلاقات بين إسرائيل وسوريا تستمر في جو من الصراع منذ عام 1948، فلطالما شاركت دمشق في الحروب العربية الإسرائيلية. 

لكن الصراع بين الدولتين خرج عن كونه صراعا إقليميا على مرتفعات الجولان وقضية فلسطين بعد احتلال إسرائيل لجنوب لبنان. 

وتحول إلى "صراع غير مباشر" يتضمن جميع عناصر الحروب بالوكالة، بحسب موقع فيكير تورو التركي.

أما في الثمانينيات والتسعينيات، فلم تعد سوريا مجرد تهديد تقليدي لإسرائيل، إذ أن الإمكانات التي وفرتها دمشق لإيران وحزب الله في لبنان والفرص التي أتاحتها لحركة المقاومة الإسلامية حماس، كانت تشكل تهديدا على تل أبيب أكبر من الجيش السوري.

وحاول رئيس النظام السوري الراحل حافظ الأسد أن يبقي جيش بلاده تحت السيطرة من خلال الانقلابات الداخلية والرقابة الدقيقة.

لكن توقعات إسرائيل بأن يقوم بشار الأسد بإصلاحات وخروجها من جنوب لبنان، وانسحاب دمشق من بيروت بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وانفتاح بشار على الغرب بتخفيفه الثقل الإيراني في دمشق، خفف من حدة التوتر بين البلدين في بدايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

خطوط إسرائيل الحمراء

وعلى الرغم من أن قصف إسرائيل لمفاعل نووي زعمت وجوده في سوريا، في عام 2007 زاد من التوتر لفترة من الوقت، فإن الخوف من التمزق الإقليمي الناجم عن غزو العراق تسبب في "لين جانب" البلدين تجاه بعضهما البعض بعد منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وإن لم يكونا على وفاق.

لكن، وبحلول نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت تتشكل بيئة من الهدوء. 

حتى أنه كان هناك حديث حول عقد اتفاق بين إسرائيل وسوريا في عملية استخدمت فيها الدبلوماسية السرية ولعبت فيها تركيا دورا نشطا.

 إلا أن هذه المحاولة ألغيت بسبب هجوم إسرائيل على غزة آنذاك.

ويرى الباحث التركي أن الربيع العربي الذي أشعل فتيل "الحرب الأهلية" في سوريا لم يثر قلق إسرائيل كما فعل في مصر والأردن. 

حتى أن إسقاط النظام في سوريا أحدث تأثيرا مماثلا لما فعله الإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين من إزالة لتهديد عسكري تقليدي لإسرائيل من شرق البلاد.

مع ذلك، لا تقتصر التهديدات على تلك التي تأتي من القوة العسكرية التقليدية في عالم اليوم. 

إذ إن التهديدات غير التقليدية على إسرائيل من مثل منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله وحماس، ليست مما يستهان بها. لذلك، يمكن القول إن تل أبيب تقود نهجا تفاعليا فيما يتعلق بسوريا، وفق تقدير الكاتب.

وعلى الرغم من أن نظام الأسد لم يخدم مصالح تل أبيب، إلا أنه كان "الشيطان الذي كانت إسرائيل على معرفة به".

 فقبل الحرب كان بإمكان إسرائيل أن تتنبأ بردود فعل وإستراتيجيات نظام البعث إلى حد كبير. 

لكن لم يكن بإمكانها أن تتنبأ بما قد يتسبب به الهيكل الجديد حال الإطاحة بالنظام الحالي. لذلك، راقبت إسرائيل ما يجري بصمت، حتى عام 2016، وفقا للموقع.

ويلفت الباحث: هذا الصمت لم يكن يعني أنها تتجاهل ما يحدث في سوريا، فقد حددت إسرائيل ثلاثة خطوط حمراء يمكنها أن تخرجها عن صمتها.

وهذه هي: "إمداد إيران حزب الله بأسلحة متطورة، وتموضع الأخيرة على الحدود الإسرائيلية السورية بشكل دائم، وانتقال الصراع في سوريا إلى إسرائيل وسيطرة الجماعات المتطرفة على الحدود".

ويتابع موضحا: فمثلا، شنت إسرائيل غارات جوية في سوريا بعد عام 2012.

 وعلى الرغم من اعتبارها في البداية دعما للمعارضة للإطاحة بالأسد، إلا أن طبيعة الأهداف سرعان ما كشفت عن النية الحقيقية. 

إذ قصفت إسرائيل أهدافا إيرانية كالقوافل والخطوط اللوجستية إلخ، في سوريا، مع بعض الاستثناءات الصغيرة. 

ولم يقتصر الأمر على هذا، فبعد أن جاء ثلة من المعارضين إلى الحدود الفلسطينية المحتلة بعد إصابتهم في الاشتباكات، ثم تجمعوا لتأثرهم بالنزاعات الأهلية، استغلت إسرائيل هذه الفرصة وأنشأت وحدة عسكرية تسمى الفرقة 210 في شمال البلاد، وفقا لمعد البحث.

وأردف: بدأت هذه الوحدة بتنفيذ أنشطة مساعدة إنسانية في المنطقة كانت ـ ظاهريا ـ لمساعدة الأشخاص الذين فروا من منازلهم ووصلوا إلى الحدود السورية مع فلسطين المحتلة.

وفي عام 2015، شوهدت القوات الإسرائيلية أو اليهود من دول أخرى يقاتلون نيابة عن وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني في سوريا. 

كانت أعدادهم قليلة، لكن ليس بما يكفي لمنعهم من التقاط الصور أمام العلم الإسرائيلي والظهور على مواقع التواصل الاجتماعي.  

التحول في 2016

ويعتبر الموقع التركي أن عام 2015 كان ما غير مسار الحرب الأهلية في سوريا، وذلك لأن هزيمة تنظيم الدولة على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، والتدخل العسكري الروسي المباشر والمفتوح لصالح النظام، وبدء الهزائم المتتالية للمعارضين بينما كانوا على وشك إسقاط حلب، حدثت كلها في هذا العام.

والتوازنات في سوريا بدأت تتغير، فقد أطلقت أحداث عام 2016 التحول الحقيقي، بعد عملية درع الفرات التركية، وكسر نفوذ المعارضة في دمشق، وانتقال حلب لسيطرة النظام بالكامل، وإرسال إيران للمليشيات في العراق إلى الميادين، ومشروع الولايات المتحدة لتحويل وحدات حماية الشعب الكردية إلى قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

ومن المثير للاهتمام أن إعلان إسرائيل عن وجودها في سوريا مع المنظمات غير الحكومية بقيادة الوحدة العسكرية المذكورة أعلاه، من خلال إطلاق تسمية عملية "حسن الجوار" على أنشطة المساعدات الإنسانية الذي بدأ عام 2013 للمدنيين في جنوب سوريا، كان في هذه الفترة أيضا.

وبالنظر إلى فرقة العمل المشاركة في العملية، فقد كانت مهمتها بسيطة: حماية شمال الحدود الفلسطينية المحتلة من خلال الاستعداد لأي مشكلة أمنية.

 لكن الهدف الحقيقي للمشروع، كان إنشاء مجموعة مسلحة محلية من شعوب المنطقة من أجل منع الأنشطة الإيرانية في المنطقة ووجود النظام وسيطرة المجموعات مثل تنظيم الدولة.

لكن تغير المعادلة في سوريا لم يؤثر على سياسة إسرائيل تجاه سوريا من حيث دعمها مجموعة معينة في جنوب البلاد فحسب. 

فالحق أن الكثير من الأشياء بدأت تتغير في سوريا منذ عام 2017. لكن أهم التغييرات كانت تقسيم الدولة إلى ثلاث مناطق نفوذ، وحدوث تطورات في هذه المناطق من شأنها أن تؤثر على إسرائيل، بحسب الباحث.

واستطرد: فقبل كل شيء، استعاد النظام المناطق التي تحت سيطرة المعارضة وتنظيم الدولة واحدة تلو الأخرى، وأثناء ذلك، ظهر صراع قوى آخر.

 كان ذلك بين إيران، التي كانت إلى جانب دمشق بقوتها العسكرية الخاصة، وروسيا، التي حاولت إظهار أنها الزعيم الحقيقي مذ نزلت إلى الميدان، وفقا للكاتب.

وتابع: ومع توسع المناطق التي سيطرت عليها حكومة الأسد، اشتد التنافس بين إيران وروسيا على إدارة البلاد. 

جدير بالذكر أن الضربات الجوية الإسرائيلية تزايدت ضد إيران ووكلائها بالتزامن مع هذا التنافس. 

ألم تستهدف إسرائيل جيش النظام السوري؟ بالطبع. لكن معظم الهجمات لم تستهدف الجماعات التي تدعمها روسيا، بل استهدفت الموالين لإيران.

أما الظاهرة الثانية فقد كان تحول مجال نفوذ إيران إلى الشمال. لكن إخلاء تركيا لوحدات حماية الشعب الكردية من عفرين في إطار عملية غصن الزيتون لم يؤثر بشكل مباشر على إسرائيل. 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن إسرائيل لم تنتقد عملية عفرين بشكل كبير، وذلك لأن المليشيات الموالية لإيران توجهت إلى عفرين لمساعدة وحدات حماية الشعب. 

وهذا الأمر كان يصب في صالح إسرائيل بما أنها تسببت في تحرك الجماعات الموالية لإيران شمالا وتكبدت الأخيرة خسائر في الأرواح، ليتحول الاهتمام الإسرائيلي إلى الجزء الشمالي الشرقي من سوريا.

كانت علاقة الولايات المتحدة الأميركية مع حزب الاتحاد الديمقراطي تعود إلى المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية، وإن كان دعمها المفتوح بدأ في عام 2014. 

وبحلول عام 2017، تحول الدعم العسكري المقدم لمحاربة تنظيم الدولة إلى دعم لبناء "منطقة آمنة". وقد أثر هذا الوضع بشكل جذري على سياسات إسرائيل.

وشرح الباحث ذلك بالقول: هذا فتح بابا جديدا لسياسة "التحالف البيئي" الإسرائيلية المستمرة منذ عقود. 

تعتبر هذه السياسة نوعا من سياسة التوازن التي تتبعها إسرائيل، المحاطة ـ بالدول العربية ـ لإقامة علاقات جيدة مع دول الشرق الأوسط غير العربية. 

في هذا السياق، تملك إسرائيل تقليدا قديما من التعاون، ليس مع الدول فحسب وإنما مع الجماعات المسلحة من غير الدول أيضا.

علاقات الأكراد بإسرائيل

ومن أبرز الأمثلة على ذلك العلاقة التي تطورت بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق منذ منتصف الخمسينيات. 

ويعتقد أن إسرائيل لا تقيم شمال شرق سوريا وشمال العراق بمعزل عن بعضهما البعض. 

وهنا يجب أن نتذكر أن إسرائيل كانت واحدة من أكثر الدول التي دعمت استفتاء الاستقلال الذي أجري في شمال العراق في عام 2017.

 إذ كان ظهور تشكيل يمكن أن يتعاون مع إسرائيل في سوريا بعد العراق فرصة لا يمكن تفويتها.

كما وأن احتمال أن يؤجج الاستفتاء في الشمال الذي سيؤدي إلى زعزعة استقرار العراق، الصراعات الداخلية في دول أخرى كان احتمالا قويا. 

لذلك، كان يعتقد بأن سوريا التي أضعفتها الحرب الأهلية ستكون الأكثر تأثرا من مشروع الاستقلال في شمال العراق.

ومن المثير للدهشة ما قاله سياسي إسرائيلي (لم يذكر اسمه) في عام 2017، من أنه "يجب تحديد منطقة حظر طيران في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا".

 لقد كان حظر الطيران الذي فرض عام 1991 على المنطقة التي أصبحت فيما بعد تابعة لحكومة إقليم كردستان العراق أولى خطوات إقامة الإقليم، يلفت معد البحث.

ويردف: وبعبارة أخرى، تم طرح السياسة التي تم اتباعها في العراق قبل سنوات، لتطبيقها الآن في سوريا.

 فبعد فترة وجيزة من الاستفتاء في حكومة إقليم كردستان، اضطر الأكراد العراقيون إلى التراجع في بغداد بسبب المليشيات المدعومة من إيران.

 وقد وجه فقدان معظم مكاسبهم الإقليمية بعد عام 2003، إسرائيل إلى الاهتمام بشمال شرق سوريا.

وبينما كانت حكومة إقليم كردستان في العراق تتراجع تاركة المناطق التي تسيطر عليها لنفوذ إيران، كانت وحدات حماية الشعب التي تدعمها الولايات المتحدة تتقدم نحو المناطق التي خسرها تنظيم الدولة.

 وكان يرى في هذا التقدم الفرصة الوحيدة لتقليص نفوذ طهران في سوريا في الوقت الذي كانت فيه إيران تزيد من نفوذها في العراق. 

ومع سيطرتها على منطقة أوسع على الحدود السورية العراقية، أصبحت إسرائيل ترى في وحدات حماية الشعب الكردية الجهة الفاعلة المحلية التي بحثت عنها لحد النفوذ الإيراني. كما وفر التموضع الأميركي في المنطقة ساحة عمليات آمنة لتل أبيب في شمال شرق سوريا.

كما أصبح العنوان الذي سيتم تحويل موارد عملية "حسن الجوار" إليه واضحا.

وفي ظل هذه الظروف، أطلقت تركيا عملية نبع السلام ضد وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني في سوريا.

وأكدت تل أبيب في أوقات سابقة أن إقامة دولة كردية تصب في مصلحة إسرائيل، وأبدت استعدادها لتقديم المساعدة الإنسانية للأكراد في سوريا، كما تم إرسال المساعدات إلى الإدارة التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي التي استلمتها، وفق الكاتب.

ويقول إن "حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تفاوض كثيرا مع دمشق وترك بعض المناطق للنظام لمنع التقدم التركي، بل وادعى أنه يمكن أن يكون جزءا من النظام في سوريا على المدى الطويل، قد نفى بأنه تسلم أي مساعدات".

 ماذا بعد؟

إن ما دفع إسرائيل إلى التحرك في شمال شرق سوريا كان في الأصل إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأنه سيسحب قوات بلاده من سوريا. 

ومعتقدة بأن الانسحاب الأميركي سيقرب حزب الاتحاد الديمقراطي من روسيا أو سيوسع نفوذ إيران في المنطقة، رغبت إسرائيل في تطوير علاقاتها مع الحزب وزيادة قدراته العملياتية، بحسب ما يراه الباحث التركي.

وتابع الكاتب: "انعكس ذلك على المصادر المفتوحة بأن بعض المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية قدمت مساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي".

 كما نشرت صور هذه المساعدات على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن من الجدير بالذكر أن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي إيزنكوت ذكر بأن المساعدات لم تكن مجرد مواد مساعدات إنسانية، بل تضمنت أيضا أسلحة.

كما تم تأسيس شركة نفطية غير معروفة سابقا في عام 2019 لبيع النفط في المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي. 

وحصل عنصر سابق في القوات الخاصة الأميركية ورجل أعمال وآخرون بطريقة ما على حصانة من العقوبات من إدارة ترامب للعمل في بيع النفط في المنطقة.

لم يقتصر الأمر على هذا. ففي نهاية العام نفسه، طرح مشروع لإرسال النفط الذي يستخرجه حزب الاتحاد الديمقراطي من سوريا إلى إسرائيل. 

باختصار، لا يبدو أن اهتمام إسرائيل بشمال شرق سوريا يقتصر على تصورات التهديد والأهداف الإستراتيجية.

يقول الكاتب: حاولنا توسيع إطار النظر في سياسة إسرائيل في سوريا وخاصة في شمال شرقها.

 وخلاصة القول، إن زيادة النفوذ الإيراني في سوريا يشكل مصدر القلق الأكبر لإسرائيل. 

ولمنع ذلك، يبدو أن تصورات التهديد يمكن أن يدفعها إلى تطوير تعاونات مختلفة مع المعارضة وحزب الاتحاد الديمقراطي وحتى النظام.

 أما السؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن: هل من الممكن أن تقوم إسرائيل بتمهيد الطريق أمام النظام بما أنه من المتوقع أن يدخل في مرحلة يصلح فيها علاقته بالعالم العربي؟ 

فقبل عام 2011، كانت دمشق تعتبر إسرائيل أحد مفاتيح التقارب مع الغرب، لكنها طرقت باب إيران خلال الحرب الأهلية، لمحاربة المعارضة وتنظيم الدولة والجماعات الأخرى.

أما الآن فلا يوجد تنظيم الدولة فيما تقف روسيا للمعارضة والجماعات الأخرى بالمرصاد. وبعبارة أخرى، لا يحتاج النظام إلى إيران كما كان في السابق. 

بل إن ما تحتاجه دمشق فعلا هو العودة إلى المجتمع الدولي وتوفير سيولة مالية لإنعاش اقتصاد البلاد. 

ويردف الكاتب: وهما ليسا ممكنين مع إيران. لذلك، فإن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية والعمل مع إسرائيل من تحت الطاولة قد يقربه خطوة واحدة من تحقيق هدفيه. وبالطبع، هذا ليس بالسهل على الإطلاق، إذ سيستغرق وقتا طويلا، لكنه خيار ستدرسه تل أبيب. 

لا يخلو الأمر من احتمال آخر أيضا، فهناك هيكل ينمو في شمال شرق سوريا، لم تتراجع الولايات المتحدة عن دعمه أبدا، لكن موارده محدودة للغاية ويفتقر إلى الشرعية الدولية. 

لذلك فالتهديدات تحيط به من كل جانب، وهو يبحث عن حلفاء، تماما مثل إسرائيل.  إضافة إلى أنه يوفر قاعدة أمامية مفيدة للأنشطة التي يمكن القيام بها داخل سوريا، خاصة على الحدود السورية العراقية.

ولذلك قد تختار إسرائيل أسهل الخيارين بدلا من عقد اتفاق مع دمشق والقضاء على التهديد الإيراني. أي تحويل هذه المنطقة إلى منطقة عمليات من أجل سد طريق إيران اللوجستي ومنعها من نقل مجال نفوذها من العراق إلى سوريا. 

ويختم الكاتب: "حاولت إسرائيل ذلك من قبل في شمال العراق، ولم تفشل في ذلك تماما، لكن ما سيحدد مسارها هي الأجواء الإستراتيجية الجديدة التي ستظهر بعد الانتخابات في إيران وبغداد".