الاحتلال يتجاوز الخط الأصفر ويتوغل بجباليا ويقر 19 مستوطنة.. وناشطون: الوسطاء نائمون

آليات الاحتلال وجرافاته توغلت عشرات الأمتار في منطقة بمخيم جباليا
في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يُحدد "الخط الأصفر" الممتد من شمال قطاع غزة إلى أطراف مدينة رفح جنوبًا، توغلت آليات الاحتلال الإسرائيلي العسكرية باتجاه معسكر جباليا للاجئين شمالي القطاع، تزامنا مع إطلاق نار وقصف مدفعي كثيف.
وشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليلة 21 ديسمبر/كانون الأول 2025، غارات جوية وقصفًا مدفعيًا على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ثم توغل عشرات الأمتار في مخيم جباليا شمالي القطاع في منطقة كان قد انسحب منها بموجب الاتفاق، قبل أن يعاود التراجع.
ويأتي هذا الخرق الجديد لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وبموجب الاتفاق انسحب جيش الاحتلال جزئيًا إلى مواقع تمركز جديدة داخل قطاع غزة تُعرف بالخط الأصفر، إلا أنه يستمر في استهداف الفلسطينيين في محيط هذا الخط عبر خروقات قتلت أكثر من 400 فلسطيني، وفق مصادر رسمية في القطاع.
وأفادت مصادر محلية بأن مقاتلات إسرائيلية شنت غارات جوية على مناطق متفرقة من رفح، بالتزامن مع قصف مدفعي وإطلاق نار من آليات الجيش شمال المدينة. حسب وكالة الأناضول.
أما في شمال القطاع، فأكدت المصادر أن آليات الجيش وجرافاته توغلت عشرات الأمتار في منطقة بمخيم جباليا كانت قد انسحبت منها وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأضافت أن الجيش، تحت غطاء ناري كثيف من مسيرات "كواد كابتر"، نفذ أعمال تجريف لبعض المباني وسط المخيم قبل أن ينسحب مرة أخرى.
وفي مدينة غزة، أطلقت آليات الجيش المتمركزة في المناطق التي تسيطر عليها بموجب الاتفاق نيرانها تجاه الأحياء الشرقية.
في تصعيد إضافي للتوتر في الأراضي الفلسطينية، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على خطة قدمها وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش لشرعنة إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة. حسبما أفادت قناة 14 العبرية.
وتشمل الخطة توسيع نطاق الاستيطان وتعزيز الوجود الإسرائيلي في مناطق متعددة بالضفة الغربية.
وبموافقة الكابينت الأخيرة، يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 69 مستوطنة.
وقال بيان صادر عن مكتب سموتريتش: إن "مواقع هذه المستوطنات ذات أهمية إستراتيجية عالية، ومن أبرزها إعادة إقامة مستوطنتي جانيم وكاديم، اللتين سبق أن أُزيلتا في شمال الضفة الغربية".
ويأتي هذا في ظل انتقادات دولية متزايدة لسياسات التوسع الاستيطاني التي تعدّ مخالفة صريحة للقانون الدولي، وسط تحذيرات من تأثيرها السلبي على فرص الحل السياسي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ووفق حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، يقيم نحو نصف مليون مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، بينما يقيم نحو 250 ألف مستوطن في مستوطنات على أراضي القدس الشرقية.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن بناء أكثر من 140 بؤرة استيطانية منذ تولي حكومة بنيامين نتنياهو الحكم قبل ثلاث سنوات.
وتزيد وتيرة الاستيطان المستمر في الضفة الغربية من صعوبة تنفيذ مبدأ حل الدولتين الذي نصت عليه قرارات الأمم المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وخصوصًا اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.
وقد أدانت الأمم المتحدة مرارًا التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وترى أنه يقوض فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق السلام العادل والشامل.
في عام 2016، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2334 الذي نص بوضوح على أن المستوطنات الإسرائيلية "لا شرعية قانونيًا"، وطالب إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية فورًا، إلا أن الحكومات الإسرائيلية تتجاهل ذلك وتواصل التوسع في الاستيطان بتحد سافر للإجماع الدولي.
من جانبها، عدت حركة "حماس" قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشأن بناء 19 مستوطنة جديدة في الضفة "خطوة استعمارية جديدة تُكرّس سياسة الضم الزاحف وتستهدف نهب الأرض الفلسطينية وفرض وقائع قسرية على حساب الحقوق التاريخية والقانونية لشعبنا".
وشدد عضو المكتب السياسي ومسؤول مكتب شؤون القدس بحماس، هارون ناصر الدين، على أن القرار الإسرائيلي وممارسات الاحتلال ومستوطنيه الإجرامية تكشف عن إصرار حكومة الاحتلال على توسيع الاستيطان بوصفه أداة مركزية للتهجير.
وحذر من خطورة الاقتحامات المتصاعدة للمسجد الأقصى المبارك، وما يرافقها من تدنيس متعمد لحرمة المقدسات واستفزاز لمشاعر المسلمين، في إطار سياسة ممنهجة لتهويد القدس وتغيير طابعها الديني والتاريخي.
وأكد أن الاستيطان واقتحامات الأقصى وجهان لعملة واحدة تقوم على العدوان والتهويد، مطالبًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عملية وفورية لوقف الاستيطان وحماية المقدسات، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة.
وفي ردود فعل دولية، أدانت بريطانيا بشدة المصادقة الإسرائيلية على بناء المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية، وعدت الخطوة "غير شرعية" وتشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي.
وأعربت وزارة الخارجية البريطانية عن قلقها العميق إزاء هذه الخطوة التي تقوض جهود تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
بدوره، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان: إن إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية يشكل "حرب إبادة" على الجغرافيا الفلسطينية لصالح المشروع الاستيطاني الاستعماري، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لوقف هذا التمدد "الخطير".
وأضاف أن القرار يمثل "تصعيدًا خطيرًا ويكشف عن النوايا الحقيقية لحكومة الاحتلال في تكريس نظام الضم والفصل العنصري والتهويد الكامل للأرض الفلسطينية".
وأكد شعبان أن الخطوة تأتي ضمن سياسة ممنهجة تقودها حكومة الاحتلال بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية سموتريتش، الرامية إلى شرعنة البؤر الاستعمارية وتحويلها إلى مستعمرات رسمية، بما يكرس السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الأراضي الفلسطينية.
وقال: إن القرار "يشكل تحديًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ويدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل الضفة الغربية التي تتعرض لعملية استعمار ممنهجة تستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني وتحويل المدن والقرى إلى جيوب معزولة ومحاصرة".
وأوضح أن حكومة الاحتلال الحالية تعمل وفق رؤية إستراتيجية تهدف إلى إنهاء إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا عبر توسيع المستعمرات وربطها بشبكات طرق استعمارية وأمنية تخدم فقط المستوطنين.
وشدد شعبان على أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بالتعاون مع الجهات الرسمية والشعبية كافة، ستواصل العمل القانوني والدبلوماسي والميداني لفضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي.
ودعا إلى تحرك عاجل من الأمم المتحدة والدول الأطراف السامية في اتفاقيات جنيف لوقف هذا التمدد الخطير.
على منصات التواصل الاجتماعي، استنكر ناشطون توسع جيش الاحتلال داخل الخط الأصفر، وتقليص مساحة غزة الغربية، وتقدمه شرقي معسكر جباليا، وتنفيذ أعمال تجريف وسط نار كثيف وقذائف مدفعية استهدفت مناطق عدة، وفرض الاحتلال سيطرته النارية على مناطق تتجاوز الاتفاق.
وعبر ناشطون في تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك"، وبمشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #معسكر_جباليا، #جباليا، #شمال_قطاع_غزة، #الضفة_الغربية، انتقدوا الوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار لعدم اتخاذ إجراءات حازمة لوقف تقدم الاحتلال الإسرائيلي في غزة واحترام الاتفاق.
ونددوا أيضًا بتصديق "الكابينت" الإسرائيلي على إنشاء مستوطنات جديدة في مناطق إستراتيجية بالضفة الغربية المحتلة، معبرين عن استيائهم من توسيع الاستيطان وتعزيز الوجود الإسرائيلي، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، بالإضافة إلى ضعف موقف السلطة الفلسطينية.
ساحة حرب
وإعرابا عن الغضب من التوغل المفاجئ للاحتلال الإسرائيلي في معسكر جباليا، أشار الصحفي عبود إلى أن التوغل يترافق مع إطلاق نار عشوائي كثيف، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين العزّل، قائلا: "حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله".
وأكد تامر هاني، أن الوضع في معسكر جباليا صعب جدا.
وأشار محمد عزمي إلى أن جباليا الآن ساحة حرب من طرف واحد، وجيش الاحتلال يأكلها. موضحا أن التوغل وصل عمق مخيم جباليا من ثلاثة محاور.
وأفاد بأن أولى المحاور منطقة الترنس نقل المكعبات قرب محطة تمراز، ومن شارع الهوجا حتى صالون الشعراوي نقل المكعبات الصفراء، ومن دوار نصار، وفي محور آخر من دوار زايد ينقلها إلى شارع حبوب. لافتا إلى أن التوغل مصحوب بتغطية نارية جنونية والعملية العسكرية مستمرة.
وقال محمد شحاتة: "صباح الخير داي لو لسه في الدنيا خير أصلا.. من كام ساعه في نصف الليل جيش الاحتلال يطلق النار على مخيم جباليا ويوضع المكعبات الصفراء في وسط المخيم والناس خرجت من بيوتها والخيمة والآن يقعد في العراء".
ونقل عبد الحميد عبد العاطي، عن شهود من المنطقة إفادتهم بأن جيش الاحتلال ينقل المكعبات الصفراء من منطقة الترنس الي محطة تمراز في جباليا مع إطلاق النار مستمر شرق مخيم جباليا.
ورجا حمزة حمزة المصري الجميع وخاصة أهل الشمال عدم التحرك في محيط شمال القطاع بين جباليا المعسكر والبلد، متمنيا السلامة للجميع.
صمت الوسطاء
واستنكارا لصمت الوسطاء، قالت دلال: إن توغّل العدو الليلة في مخيّم جباليا يؤكد أن واحدا من الأهداف الرئيسة للاحتلال قد تحقق وهو (اعتياد المشهد)، قائلة: "لم يعد لأهل غزّة سبب للمناشدة أو التصوير أو حتّى النشر عمّا يحدث معهم من حرب على قدر ضوضائها عندهم إلّا أنها صامتة عند العالم العربي حصرا".
واستنكرت أن "الوسطاء يتهامسون بينهم إن كان سيّدهم سيناقش المرحلة الثانية في حين أنّ المرحلة الأولى لم تكن سوى استمرارا للإبادة مع تفعيل (وضع الطيران) كي لا تختلط صرخات أهل غزّة بهتافات مدرجات الوسيط".
وتساءل صهيب بن فضل: "وين الوسطاء؟ وين الضامنين؟ وين الشعوب؟ وين الأمة مما يحصل في مخيم جباليا الآن؟!!!".
وقال محمد السكاني: "العدو يقوم بتوسيع الخط الأصفر إلى عمق معسكر جباليا.. الوسطاء ولجنة المراقبة نايمين".
واستنكرت مريم النقاتي، أن "الخط الأصفر اللعين الذي يبتلع في كل مرة مساحة جديدة"، قائلة: "لا يهم مقابل كم من روح بشرية و مقابل كم من ذعر و خوف المهم أن الوسطاء أسيادهم راضون عنهم.. اللهم كل من خذل غزة أذقه الويل في الدنيا والآخرة".
ولفت عزالدين دويدار إلى أن توغل الجيش الإسرائيلي في معسكر جباليا جاء بشكل مفاجئ وترافق مع قذائف بالمدفعية، متسائلا: "فين وسطاء الغبرة".
وكتب علاء شعث: "الجيش حرّك الخط الأصفر في جباليا في أكثر من نقطة وأكل مساحة جديدة من المتفق عليها، في بعض المناطق الخط الأصفر انزاح أكثر من نص كيلو، وبعضها وصل لـ 800 - 1000 متر إزاحة، وبكرة راح نلاقي الخط الأصفر وصل على بعد شارعين من البحر ويصيروا يقتلوا الناس عليها مع صمت مطبق وعمى وتآمر من الوسيط والضامن بشكل فاضح".
تسريع الاستيطان
وتنديدا بموافقة الكابينت الإسرائيلي على إنشاء 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية المحتلة، تهكم أحمد حسين المهدي قائلا: "كلهن 19 مستوطنة اللي بدهم يبنوهن، مش عارف ليش بتكبروا في الموضوع".
واحتج الكاتب أحمد سليمان على تصريحات سموتريتش قائلا غن هذا اعتراف سياسي كامل الأركان بأن ما يُدفع إليه الواقع في #الضفة_الغربية هو حصر الوجود الفلسطيني في جيوب معزولة لا تتجاوز فعليا نحو 10% من مساحتها، بعد أن التهمت المستوطنات والبؤر الاستيطانية والطرق الالتفافية ومعسكرات الجيش ما تبقّى من الجغرافيا.
وأكد أن الاستيطان بات مشروعا معلنا لتغيير البنية الديموغرافية ومنع قيام دولة فلسطينية، لا عبر التوسّع العمراني فقط، بل من خلال سياسة منهجية من الهدم والتهجير القسري؛ حيث تُصادر الأراضي وتُهدم المنازل، وفي بعض الحالات تُطرَد العائلات وتُسلَّم بيوتها للمستوطنين في انتهاك صارخ لجميع الأعراف والقوانين الدولية.
واستنكر سليمان، أن رغم ذلك، لا يواجه هذا المسار سوى صمت دولي وعربي موجع يكتفي بنقل الخبر، فيما تُفرَّغ الأرض من أصحابها ويُستفرد بالفلسطينيين دون أي ردع أو موقف فعلي.
وندد أحد المغردين بتسريع الاحتلال الإسرائيلي الاستيطان في الضفة، مذكرا بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن سابقا بوضوح أن لا ضمّ للضفة الغربية، وهدّد بقطع المساعدات إذا حدث ذلك.
وتساءل: هل يلتزم ترامب فعليًا بشعار أميركا أولًا ويكبح حلفاءه؟ أم يتغاضى تحت ضغط اللوبيات والداعمين".
واستهجن سمير حسن، إضفاء الكيان اليهودي الإرهابي المحتل الشرعية على أكثر من 60 مستوطنة ليقول: إنه يمنع قيام دولة فلسطينية (أي لا يقبل بحل الدولتين) من جهة ومن جهة أخرى أن الذين يتكلمون عن حل الدولتين كاذبون ومنافقون وعملاء.
وقال: إن الاحتلال قوم فرض الأمر الواقع عن طريق التهجير الناعم وبالقوة بغية تغيير الديموغرافيا على الأرض. متسائلا: “هل يمكن القول: إن السلطة لا تعي ما يقوم به هذا الكيان وهي التي تحارب من يقاومه؟”
وأشار نائل عبد الهادي إلى أن الأميركيين طلبوا من "إسرائيل" التأني في الإعلان عن المصادقة على بناء المستوطنات الجديدة بالضفة الغربية، لكن سموتريتش كشف عن قرار الكابينت.
















