هدنة على الورق.. أشلاء أطفال غزة تتناثر بحفل زفاف وتصعيد دموي في الضفة

شدوى الصلاح | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

“مش عارفين من وين نلقّاها، من البرد والشتاء ولّا من قصف وموت ما ينتهي”… عبارة تجسّد الحال الذي بات عليه الفلسطينيون في قطاع غزة بعدما تقطعت بهم السبل كافة في التمتع بهدنة إنسانية، في وقت تشهد فيه مدن الضفة الغربية أيضا تصعيدا إسرائيليا ومواجهات واعتقالات.

وأدى قصف مدفعي عنيف نال حي التفاح شرق مدينة غزة، مساء 19 ديسمبر/ كانون الأول 2025، إلى استشهاد وجرح عدد من المدنيين الفلسطينيين النازحين في المنطقة، فيما تعمَّدت قوات الاحتلال منع طواقم الإنقاذ والإسعاف من الوصول إلى المكان المستهدف في حينه.

واستهدف القصف الإسرائيلي مبنى التدريب التابع لمديرية التربية والتعليم في حي التفاح، خلال حفل زفاف أقيم في المكان الذي يؤوي نازحين من منطقة جباليا البلد، شمال القطاع.

ويقع المبنى المستهدف مقابل مستشفى الدرة للأطفال، وجرى استهدافه من قِبل مدفعية الاحتلال بوابل من القذائف، ما تسبب في سقوط عدد من الشهداء والجرحى، بعضهم تحول إلى أشلاء بفعل شدة القصف.

وبينما تحدثت مصادر صحفية عن ارتقاء 7 شهداء على الأقل جراء القصف الدموي، لم تقدم بعد وزارة الصحة أو أي جهة رسمية أخرى حصيلة نهائية.

وأوضح الدفاع المدني أن معظم الشهداء من الأطفال، وأن طواقمه تمكنت من انتشالهم من داخل مدرسة شهداء غزة، بعد التنسيق مع مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.

والمنطقة المستهدفة هي من ضمن المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال، تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة منذ 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

ومنذ ذلك التاريخ، تواصل قوات الاحتلال خروقاتها للاتفاق الذي أنهى حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع، وارتكبت نحو 738 خرقا، وقتلت أكثر من 400 فلسطيني.

جريمة وحشية

ووصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القصف الإسرائيلي الذي استهدف المدرسة بـ"الجريمة الوحشية"، وعدته "خرقا فاضحا" لاتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت: إن "حكومة الاحتلال الإرهابي تواصل انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر استهدافها المتعمّد والمستمر للمواطنين في قطاع غزة، حتى ارتقى أكثر من 400 شهيد منذ الإعلان عن الاتفاق قبل أكثر من شهرين".

وضمن خروقات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة للاتفاق، واصل غداة استهدف حي التفاح، هجماته على مناطق لا يزال يحتلها بأنحاء قطاع غزة، بما شمل قصفا بالمدفعية، وإطلاق نار من مروحيات وآليات، وعمليات نسف لمبانٍ.

ونفذ شمال القطاع أعمال نسف لمبان في مناطق لا يزال يحتلها شرقي مدينة غزة، وشمل ذلك دوي انفجار ضخم في المنطقة، كما قصف شرقي مدينة غزة بالمدفعية أنحاء متفرقة في مناطق لا يزال يحتلها شرقي حيي التفاح والشجاعية، كما أطلقت مروحية إسرائيلية النار من رشاشاتها تجاه تلك المناطق.

ووسط القطاع، أطلق جيش الاحتلال عددا من قذائف المدفعية داخل مناطق لا يزال يحتلها شرقي مخيم البريج للاجئين، كما قصف بالمدفعية أنحاء متفرقة من بلدة بني سهيلا ومنطقة جورة اللوت شرقي مدينة خان يونس، وهي ضمن المناطق التي لا يزال يحتلها جنوب القطاع.

وفي الضفة الغربية، أصيب فلسطينيون برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في عدة مدن؛ حيث تواصلت اقتحامات الاحتلال وتخللتها مواجهات مع الفلسطينيين واعتقالات في صفوفهم.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني: إن طواقمه تعاملت مع إصابتين بالرصاص، إحداها في البطن والأخرى في القدم خلال اقتحام قوات الاحتلال لمخيم الجلزون شمالي رام الله.

ونقلت “القناة 14” العبرية عن مصادر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أطلقت النار، وأصابت عددا من الفلسطينيين الذين رجموا الجنود بالحجارة في مخيم الجلزون.

وفي بلدة الرام شمال القدس المحتلة، أطلقت قوات الاحتلال النار على شاب فلسطيني، واندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدة سلواد.

كما أصيب عدد من أهالي قرية "قبيا" غرب رام الله بالاختناق، إثر إطلاق جنود الاحتلال قنابل الغاز في ساحات مسجد الشهداء، تزامنًا مع أداء أهالي القرية لصلاة الجمعة بحسب وسائل إعلام فلسطينية.

وأصيب شاب فلسطيني بكسور في قدميه جرّاء دهسه من قِبل مستوطن إسرائيلي في نابلس، بينما اقتحم مستوطنون  المنطقة الشرقية من المدينة بمركباتهم، وأقدم أحدهم على دهس الشاب أثناء مروره في شارع عمان، ما أدى إلى إصابته بكسور في قدميه، نقل على إثرها إلى المستشفى.

وفي جنين، اقتحمت قوات الاحتلال بلدتي عرابة وسيلة الظهر فيما اعتقلت شرطة الاحتلال في الخليل الأسير المحرر منصور الشحاتيت.

وأعرب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن غضبهم من إطلاق الاحتلال قذيفة مدفعية على مدرسة تأوي نازحين في حي التفاح واستهداف عرس مقام وتحويله إلى مأتم، منددين بأن عددا من الأطفال أصبحوا أشلاء في المكان.

وتداولوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حي_التفاح، #غزة_تباد_وتستغيث، #الضفة_الغربية، وغيرها، مقاطع فيديو وصورا توثق ما أسفرت عنه مجزرة الاحتلال، وأخرى لوداع مؤلم للشهداء الذين ارتقوا جراء القصف الإسرائيلي.

كما تداولوا صورا ومقاطع فيديو توثق التصعيد الإسرائيلي على الضفة الغربية، صابين جام غضبهم على الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب لا حصر لها بحق الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم أجمع، صابين جام غضبهم على الأنظمة العربية والإسلامية الصامتة.

مجزرة مروعة

وتنديدا بقصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في حي التفاح ومقام فيها حفل زفاف، وصف عيد مناع، الحدث بأنه "مجزرة مروعة ومذبحة بمعنى الكلمة". قائلا: "حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل العرب والمسلمين".

وقالت الإعلامية فاطمة عادل: "حتى الفرح لم يُمنَح هدنة تحت سقف مدرسة احتمى بها نازحون، وفي لحظة كان يفترض أن تُعلن بداية حياة، انهمر القصف ليكسر الوعد ويطفئ الضوء، تحولت القاعة إلى شاهد دامغ على اختراق وقف إطلاق النار بغزة، وعلى قسوة تُطارد الناس حتى في أعراسهم". 

وأضافت: "قرب مستشفى الدرة، بقي الجرح مفتوحا: شهداء ارتقوا وهم يحلمون بالغد، ومصابون ما زالوا ينتظرون النجاة بين الخوف والأنقاض، هناك، في حي التفاح، لم يُقصف مكان فقط، بل انهار ما تبقى من معنى الأمان".

وعلق الإعلامي نصر البوسعيدي، على قذف الاحتلال مدرسة بحي التفاح، قائلا: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. انتقم يا الله للشهداء من كل صهيوني مجرم حقير.. لا حول ولا قوة إلا بالله".

ونددت أنيسة محمد الهتار، باستمرار الاحتلال في ارتكاب المجازر بغزة، قائلة: "لا عهد ولا ذمة لقتلة الأطفال والنساء".

استنكار الصمت

واستنكارا لصمت الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة على تصعيد الاحتلال لجرائمه، قال إبراهيم حذيفة: إن "ازدياد وتيرة القصف والإجرام تصاعديا في هذه الحرب كانت دليلا على أن العدو لم يتوقع أن يكون حجم الصمت إلى هذا الحد".

وأضاف: "حتى العدو لم يتوقع خذلانكم إلى هذا الحد.. أتكلم عن الشعوب والحكام وعلماء الأمة.. لقد دخلتم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية في الخذلان".

وأكد أستاذ العلوم السياسية عصام عبدالشافي، أن "صهاينة العرب هم الذين يطيلون في عمر صهاينة اليهود في فلسطين المحتلة". مشيرا إلى أن "صفقات الغاز وصفقات السلاح والتنسيق الأمني والعسكري والاستخباراتي والتبادل التجاري أدوات قذرة لعصابات فاسدة.

وعد عبدالشافي "كل من يتعامل مع الكيان الصهيوني بأي شكل وتحت أي مسمى شريكا في جرائمه شركاء الخيانة خونة مهما كانت مسمياتهم".

وعرضت إسراء أحمد تفاصيل خبر استهداف مركز الإيواء، ساخرة بالقول: "كملوا نوم يا عرب مفيش حاجه بتحصل مجرد ناس بتموت".

ووصفت كتيوش بنت ناصر، صور أشلاء الأطفال الذين ارتقوا ضحية مجزرة الاحتلال بحي التفاح بـ"المروعة"، مستنكرة أن "ما من أحد يحاسب المجرم".

وقال الصحفي يوسف الدموكي: "تعود غزة تنحر دون حراك من أحد، ودولنا العربية منشغلة بترينداتها الداخلية".

واستنكر أن “مدرسة إيواء قرر النازحون فيها عقد عُرس بائس مسكين، لم تمهلهم قوات الاحتلال لمحاولة التظاهر أنهم أحياء، فقصفت المدرسة ومنعت الإسعاف ومنذ مغرب الجمعة والعشرات بين شهداء وجرحى!”. متسائلا: “أين الحماة الكبار في بلدان العار؟”

الحرب مستمرة

ورفضا للمبررات التي ساقها الاحتلال لقصف مركز الإيواء واستنكارا للترويج الإعلامي بأن الحرب انتهت بغزة، تساءل معين الكحلوت: “من قال إن الحرب انتهت؟”

واستطرد: "أشلاء الأطفال متناثرة الآن في مدرسة بحي التفاح شرق غزة، بعد استهداف عرس في الطابق الثاني من المدرسة.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

وقالت المغردة تسنيم: "عاد القصف من جديد بل لم يتوقف ليعود.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة شرق مدينة غزة.. هناك العديد من الشهداء ومعظمهم أطفال أشلاء".

وعلق الصحفي محمد هنية، على قصف الاحتلال للنازحين بمركز الإيواء خلال إقامة عرس، قائلا: "فرح بين الركام تحول لمقبرة.. حال غزة الليلة".

واستنكر الباحث معاذ حمزة المبررات التي ساقها الكيان الصهيوني لجريمة العرس الذي راح ضحيته مدنيين أبرياء، عبر قناة الجيش الإسرائيلي الذي سعى نتنياهو لإغلاقها، بقوله: "نأسف لأي مساس بغير المتورطين في غزة ونعمل قدر الإمكان على تقليص الأذى الذي قد يلحق بهم".

أدخلوا الكرفانات

وبينما يصعد الاحتلال جرائمه على القطاع تتواصل الحملات المطالبة بإدخال الكرفانات إلى غزة؛ إذ أوضح المغرد ناصر، أن غدا ستبدأ مربعانية الشتاء وتعرف بالبرد القارس، متسائلا: “كم طفل يستشهد حتى تدخلوا الكرفانات ؟!”

وأشار أحمد وائل حمدان إلى أن “أصعب ثلاثة أشياء يمكن أن تعيشها هي الجوع والخوف والبرد”. 

وأضاف: "إحنا بغزة عانينا منهم كلهم ولكن اليوم نعاني من البرد بشكل كبير، الناس تجمدت بالخيام ما في شيء يحميها من البرد، والخيمة لا تحمي من البرد، الأطفال بتموت وبتتجمد من البرد والعالم في ثبات عميق!".

وحث عبدالله نتعي أمة الإسلام أمة الـ2 مليار مسلم على تفعيل هاشتاج #ادخلوا_الكرفانات المتنقلة اليوم وليس غدا، لتخفيف المعاناة عن أهل غزة.

وقال فارس علي: "الفكرة هي أن العالم لا يعجز عن إدخال الكرفانات بل (يتعاجز) ويل للظالمين عند حلول غضب رب العباد".

الضفة تغلي

واستنكر ناشطون التصعيد الإسرائيلي على عدة مدن بالضفة الغربية سواء من قبل جيش الاحتلال وتنفيذه حملة اعتقالات أو اقتحام المستوطنين للمدن وتعمدهم دهس الفلسطينيين، معربين عن غضبهم من المواجهات التي أدت لعدة إصابات بين الشبان وبعضها خطيرة.