لماذا فشل الرهان على إضعاف حماس في غزة؟.. موقع صيني يجيب

"إسرائيل تعرضت مجددا لضربة محرجة"
تحت عنوان "حماس تستعيد قوتها وتبسط نفوذها على قطاع غزة"، تناول موقع صيني الوضع على الأرض في غزة قائلا: "في تطور لافت، نجحت حركة حماس في استعادة السيطرة الكاملة على القطاع بهدوء".
وأوضح موقع “سوهو” أن "الحركة أعادت بناء جهازها الأمني والإداري من جديد، بل وشرعت للمرة الأولى في تاريخها بتجنيد شرطيات نساء، في خطوة تعكس اتساع نطاق نفوذها داخل المجتمع".
ولفت إلى أنه "رغم بقاء نحو مئتي عنصر من حماس محاصرين داخل الأنفاق الواقعة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ومعاناتهم من نقص المياه والغذاء، فإن هذه الظروف القاسية لم تعق جهود حماس لإعادة بناء نفسها وسط أنقاض غزة".
الأكثر قوة
وقد مثلت هذه الخطوات من جانب حركة حماس معضلة بالنسبة للاحتلال؛ إذ قال الموقع: إن "إسرائيل والمجتمع الدولي كانوا يأملون أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إضعاف نفوذ الحركة".
واستدرك: "إلا أن الواقع أثبت أن غياب أي قوة بديلة قادرة على التدخل السريع يجعل حماس القوة الأكثر تنظيما والأقدر على إعادة فرض النظام".
وأرجع ذلك إلى "شبكاتها الشعبية، ومؤسساتها الدينية التي ما زالت تعمل بشكل طبيعي، وهو ما يمنحها قاعدة اجتماعية صلبة".
ويضاف إلى ذلك، "الروابط العائلية الوثيقة التي تربطها بعدد كبير من عائلات القطاع، وهو ما يعزز حضورها ويمنحها دعما مجتمعيا راسخا".
وفي المجال الإعلامي، أشاد الموقع الصيني بحركة المقاومة الإسلامية قائلا: "أظهرت حماس قدرة لافتة على التكيف".
وتابع موضحا: "فعقب قيام منصة (ميتا) بحذف الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية التابعة لها، سارعت الحركة إلى إنشاء حسابات جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي لمواصلة نشر بيانات أمنية وتعليمات اجتماعية، مُحافِظة بذلك على صورتها كجهة حاكمة".
وبحسب الموقع، فإن "هذه الخطوة تؤكد أن محاولات تقييد مساحتها الإعلامية من الخارج لا تكبح قدرتها على تعزيز نفوذها وتوسيعه عبر الفضاء الإلكتروني".
ويرى التقرير أن "سرعة استعادة حماس لزمام الأمور تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسة: الأول أن بنيتها القاعدية لم تُدمر بالكامل، والثاني أن غزة تفتقر إلى قوة انتقالية فعالة، محلية أو دولية، تتولى إدارة المرحلة، والثالث أن سكان القطاع، وسط الدمار الهائل، بحاجة ماسة إلى الحد الأدنى من النظام، وهو ما تبدو حماس الجهة الوحيدة القادرة على توفيره".
ورغم أن إسرائيل تؤكد أن عملياتها العسكرية ستستمر طالما بقيت حماس قائمة، إلا أن التقرير أشار إلى أن الحركة "تواصل توسيع نطاق تجنيدها لأفراد جدد وتعزز سيطرتها الإدارية، ما يضع المزيد من السكان تحت مظلة حكمها".
في المحصلة، يرى التقرير أنه "رغم عامين من الصراع لم تتغير البنية الحاكمة في غزة بشكل جوهري، ولم يحقق وقف إطلاق النار مرحلة انتقالية حقيقية؛ حيث عادت السلطة مجددا إلى يد حماس".

ضربة محرجة
على الصعيد العسكري، قال الموقع: "تعرضت إسرائيل مجددا لضربة محرجة".
وأردف: "ففي الثالث من ديسمبر/ كانون الأول 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي أن وحدة استطلاع تابعة له وقعت في كمين نفذته عناصر مسلحة من حركة حماس (كتائب القسام) في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية".
ووفق البيان، خرج عدد من عناصر حماس بشكل مفاجئ من أحد الأنفاق، وأطلقوا صاروخا على ناقلة جنود مدرعة إسرائيلية، ما أسفر عن إصابة خمسة جنود، بينهم واحد بجروح خطيرة.
وأشار الموقع إلى أنه "عقب الحادث، شن الجيش الإسرائيلي هجوما مضادا أسفر عن مقتل أحد عناصر حماس، بينما تمكن مطلق الصاروخ من العودة إلى النفق بعد إصابته".
وبعد وقت قصير، نفذت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية الانتقامية، متهمة حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، واستهدفت الغارات مواقع في جنوب غزة، بينها أحد عناصر الحركة ومخيم للنازحين في خان يونس.
المفارقة -بحسب الموقع- أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن في وقت سابق أنه "قضى تماما على ما تبقى من مقاتلي حماس في أنفاق رفح"، لكن الأحداث الأخيرة أظهرت أن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية ربما كانت خاطئة، وأن وجود حماس في المنطقة يتجاوز مجرد كتيبة رفح.
ولفت الموقع إلى أنه "وفقا لرواية الجيش الإسرائيلي، فإن تلك الكتيبة كانت قد دُمرت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، خلال عملية تمشيط أخيرة في شرق رفح؛ حيث قُتل أربعة من مقاتلي حماس خرجوا من الأنفاق، بينهم قائد الكتيبة ونائبه، إضافة إلى نجل القيادي البارز في الحركة، غازي حمد".

ذئاب منفردة
وبحسب الموقع، "تكشف هذه الأحداث عن مدى الصعوبة البالغة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في تحديد أعداد ومواقع مقاتلي حماس المتبقين داخل المناطق التي يسيطر عليها ظاهريا".
ووفق تقديره، "يعود ذلك إلى سببين رئيسين، الأول، أن عناصر الحركة لا يختلفون شكليا عن المدنيين العاديين؛ إذ يكفي أن يخلعوا أقنعتهم ويضعوا أسلحتهم ليبدوا كأي شخص آخر، ما يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي التمييز بينهم وبين السكان".
هذا الأمر بحسب التقرير، "يدفع إسرائيل إلى تنفيذ ضربات جوية واسعة النطاق ضد أهداف غير محددة، وهو ما يؤدي غالبا إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين".
أما السبب الثاني، فإنه "يتعلق بتشديد إسرائيل قيودها على حجم المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى القطاع، وهو ما يزيد بطبيعة الحال من حدة الغضب الفلسطيني".
فوفق بيان فلسطيني صدر في 3 ديسمبر 2025، ما تزال المساعدات التي تدخل غزة غير كافية على الإطلاق، في ظل رقابة إسرائيلية صارمة على نوعية المواد المسموح بدخولها.
وأشار البيان إلى أن معظم ما تسمح إسرائيل بإدخاله هو سلع تجارية كمالية، وليس مواد غذائية أو أدوية أو مستلزمات إغاثية ملحة.
ويعتقد الموقع أن ذلك التعنت الإسرائيلي في دخول المساعدات "يدفع أهالي القطاع إلى الانضمام لصفوف المقاومة".
وقال: "وكما يقول الفلسطينيون: (حيثما يوجد ظلم، توجد مقاومة)؛ فالشعب الذي يعيش يوميا تحت وطأة الفقر المدقع وشح مقومات الحياة قد تتجه مشاعره بسهولة نحو العداء للإسرائيليين".
واستطرد: "وربما يكفي أن يمتلك أي شاب فلسطيني سلاحا واحدا حتى يصبح مستعدا للانضمام إلى صفوف حماس".
وبناء على هذا الواقع، وفي ظل ما وصفه التقرير بـ"السياسات الإسرائيلية القمعية"، استبعد الموقع "أن يشهد الوضع الأمني في غزة تحسنا قريبا".
وذهب إلى القول: إن "الجيش الإسرائيلي قد يواجه المزيد من الهجمات الفردية المفاجئة على طريقة (الذئاب المنفردة)، وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار في المستقبل المنظور".
















