"سوريا ستكون بخير".. تفاؤل بلقاءات الشرع مع وزير خارجية تركيا وجنبلاط ووفد سعودي

"أحمد الشرع سياسي محنك شغال على انتزاع الشرعية الدولية بتكتيك جديد"
لقاءات متتالية صاحبها أصداء إيجابية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، أجراها قائد الإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع، مع وفود دبلوماسية من دول عدة، أبرزها تركيا والسعودية ولبنان والأردن وقطر، وأعقبها إشادة واسعة بظهوره وخطابه.
التقى الشرع بدمشق في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووفدا سعوديا يضم مبعوثا من الديوان الملكي، كما استقبل وفدا لبنانيا برئاسة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
وفي اليوم التالي، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي.
وقدم كتاب وصحفيون وباحثون وناشطون قراءات عدة للقاءات أحمد الشرع، التي تؤصل لشرعيته، مشيرين إلى أن الدول تتسابق لتقديم يد العون للشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة، التي يسعى خلالها السوريون إلى بناء نظام سياسي جديد.
وأثنوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، على خطاب القائد السوري، وتحدثوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أحمد الشرع، #سوريا_الجديدة، #وليد_جنبلاط، #هاقان_فيدان، عن قدرة الشرع على تقديم نفسه كقائد سياسي شرعي مقبول دوليا.
تسابق عربي
وتفاعلا مع الأحداث، كتب الصحفي صهيب جوهر، أنه مع دخول وليد جنبلاط قصر الشعب في دمشق يفتتح أحمد الشرع مرحلة لبنانية جديدة.
وأضاف أن الرجل شدد في خطابه على أن سوريا الجديدة لن تعاود الدخول للبنان من بوابة الوصاية وفرض الوقائع.
وعن بقية اللقاءات، قال إن دمشق التي استقبلت هاكان فيدان ووفد الاستخبارات ووزارة الدفاع السعودية ستستقبل وفدا مصريا خلال أيام.
وأوضح أن هذا الحراك التركي - القطري يندرج أيضا في إطار تأمين مظلة إقليمية لدمشق في ظل التربص الايراني - الإماراتي للإدارة الجديدة.
من جانبه، أكد الصحفي حسام جمال، أن التقارب العربي ودول الجوار مهم لسوريا.
ورأى الصحفي أحمد موفق زيدان، أن تأثير لقاءات الشرع مع فيدان والوفد السعودي الرفيع وحنبلاط، على الطاغية بشار وحزب الله وخامنئي، مؤكدا أنه يستاهل مائة جلطة.
وأشار عادل حنيف داود، إلى أن لقاءات الشرع بجنبلاط وفيدان ببدلة ورباط العنق ونقلها على الهواء مباشرة قد تصيب البعض بجلطة.
إشادة وثناء
بدوره، وصف الكاتب إسماعيل عرفة، الشرع، بأنه داهية من دواهي الزمن، مشيرا إلى أنه استخف في لقائه مع جنبلاط، بالإيرانيين واستهزأ بسردياتهم التي دافعوا بها عن نظام المجرم بشار حتى صارت إيران التي كانت تتجبر على السوريين مثار سخرية و "ميمز" على السوشيال ميديا.
ولفت إلى أن الشرع عانق فيدان في بداية اللقاء (وهذا العناق صار حديث بعض وسائل الإعلام التركية) ثم اصطحبه بعده لجبل قاسيون وشربوا الشاي على طلة مدينة دمشق في صورة رمزية للحكم الجديد للبلد.
وكتب مراد علي أن الشرع، نجح حتى الآن في تحقيق التوازن في حواراته وفي تقديم نفسه كشخصيّة معتدلة مثقفة، مضيفا: "لديه مستوى من الثقافة أحزن عندما أقارنه مع حوارات بعض مسؤولينا".
ورصد الكاتب حاتم الرحيلي، دلالات لباس وربطة العنق لأحمد الشرع، منها التوجه نحو الرسمية، وهذا يشير إلى أنه يريد إبراز المظهر الرسمي الذي يتماشى مع الدبلوماسية، والسعي لتغيير الانطباعات السابقة عنه.
وأوضح أن في لقاءات السياسة، البذلة وربطة العنق يكون ضروريا من أجل إظهار مكانتك عند السياسيين، بأنك صاحب سلطة، لافتا إلى أن لباس وربطة عنق الشرع تستهدف تحويل نظرة الناس له، من قائد شعبي وثوري إلى قائد رسمي.
ووصف المحامي محمد السيد، الشرع بأنه "سياسي محنك شغال على انتزاع الشرعية الدولية بتكتيك جديد".
لقاء جنبلاط
وعن زيارة جنبلاط لدمشق، ذكر الكاتب سمير مسعود، بأن شخصيته وصفت سابقا بأنه "متقلب الرؤى" ولكنه بالحقيقة "سياسي محنّك" من الطائفة الدرزية ومعارضا للنظام السوري المخلوع الذي قتل والده المعلم الكبير “كمال جنبلاط”.
وعدد الكاتب أحمد الهواس، 3 أسباب لزيارة جنبلاط لدمشق، وهي كرهه لحافظ الأسد ولنظام العمالة الذي اغتال والده، وعشقه لدمشق، وإرثه المشرّف بوصفه ابن كمال جنبلاط، وحفيد أمير البيان شكيب أرسلان، الذي عاش لأمته ومات لأمته، ووصف من قبل علماء الأمة أنه ناصر السنة.
وأشارت الصحفية يمان الموري، أن القارئ لتاريخ العلاقة بين آل جنبلاط وآل الأسد، يعرف تماما كيف يقرأ وليد جنبلاط لحظة زيارته إلى دمشق بعد التحرير، مؤكدة أنها لحظة انتصار تاريخي لدماء كمال جنبلاط ورِفاقه على من قال له يوما بعد أن قتل أباه: "كم تشبه كمال جنبلاط!".
وأشاد الأكاديمي عبدالقادر نعناع، بزيارة جنبلاط لدمشق، مؤكدا أنه يجيد قراءة التغيرات في الشرق الأوسط ويسارع دائماً لاتخاذ مواقف جريئة، وزيارته لدمشق اليوم مؤشر على هذه الفطنة، فيما لا تزال أطراف لبنانية أخرى تتردد في كتابة تغريدة من عدة كلمات.
وأكد المغرد تامر، أن الحكومة السورية الجديدة تتعامل بذكاء وحنكة واضحة لاحتواء الطائفة الدرزية وطمأنتها، في ظل حرب تدور في الخفاء، إذ يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مخططاته في محيط الجولان، حيث تسود هذه الطائفة، بهدف تقسيم سوريا.
وأثنى على إجراء الحكومة السورية الجديدة اجتماعات وزيارات مكوكية خلال الأيام الأخيرة مع أبناء وقادة الطائفة داخل سوريا وخارجها، كان آخرها اللقاء مع وليد جنبلاط.
وأكد الباحث مهنا الحبيل، أن موقف جنبلاط في توجهه بهذا الوفد من مشيخات ووجهاء الأخوة الطائفة الدرزية للقاء القائد العام في سوريا الجديدة، كقرار توحد وطني مع الدولة الشرعية، "عمل تاريخي مقدر متحد وطنيا بين لبنان وسوريا".
الشرع وفيدان
من جهته، عرض رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، صورة لاستقبال الشرع لفيدان بالأحضان، قائلا إنها تغني عن أي شرح، وإن سوريا ستكون بخير، طالما أصدقاؤها هم هؤلاء الشرفاء المحنكون.
وأكد أن تركيا برهنت طوال السنوات العشر الماضية للجميع، في ليبيا وقطر وأذربيجان والصومال وغيرهم، أنها نعم الصديق عند الضيق.
وأوضح الباحث محمود علوش، أن أول مسؤول استخباراتي خارجي كبير زار دمشق بعد خلع الأسد كان مدير المخابرات التركي إبراهيم قالن، وأول وزير خارجية يزورها هاكان فيدان، مرجحا أن أول رئيس سيزورها رجب طيب أردوغان.
وأكد أن السياسة التركية في سوريا تميزت بالنفس الطويل وإعادة التموضع المتكرر للتكيف مع الظروف، وها هي تحصد اليوم ثمار هذه الميزة.
وعد صورة الشرع وفيدان على قمة جبل قاسيون حيث دمشق ليلا "تعني الكثير".
ميكافيلية السعودية
وعن زيارة الوفد السعودي إلى دمشق، رأى صاحب حساب رجل دولة، أن المملكة تحاول أن تضع لها قدما في سوريا الجديدة.
وأعرب عن أسفه أن السعودية جاءت متأخرة، خصوصا أنها قبل 3 أشهر فقط أعادت افتتاح سفارتها لدى الرئيس السابق بشار الأسد، مذكرا بأن العيبان كان حاضرا في اللقاء الذي جمع محمد بن سلمان مع بشار الأسد في الرياض.
وقال الإعلامي حافظ المرازي، إن الخطوة الإيجابية التي اتخذتها السعودية تجاه النظام الجديد في سوريا، كانت واضحة من تغطية قنواتها الإخبارية ومراسليها إلى دمشق لعملية التغيير على أيدي إسلاميين مسلحين.
مشيرا إلى أنها تبدو مناقضة لتغطية إعلام الإمارات المعادي منطقيا للتغيير في سوريا، لدرجة تغطية أبو ظبي لما حدث بإرسال معلقها عماد أديب إلى تل أبيب لتحليل أحداث دمشق.
وأضاف أن السعودية لم تستفد من وساطة الإمارات بإعادة الأسد إلى النظام الرسمي العربي بقمة استضافتها، وها هي تحاول هذه المرة الاستفادة من الوساطة القطرية مع نظام الشرع، رغم أنه إسلامي، لكن قد يشفع له أنه من مواليد الرياض، وأن من الحكمة رغم محاربة الإسلاميين في الداخل، الاستفادة من بعضهم في الخارج، لتقديرات تاريخية أو إستراتيجية، سواء في اليمن أو سوريا!.
وتابع المرازي: "المكيافيللية تقول بالعامية: (إللي تغلب به إلعب به)"!
وأوضحت الناشطة الحقوقية حنان العتيبي، أن مساعد العيبان، هو المسؤول السعودي الذي زار سوريا والتقى بأحمد الشرع، ركّز خلال الاجتماع على الحصول على تطمينات بأن إيران لن تكون لها دور محوري في سوريا الجديدة.
وقالت إن هذه التحركات تأتي ضمن محاولات السعودية لتعزيز حضورها في الساحة السورية، رغم أنها تبدو متأخرة نسبيا، خاصة بعد إعادة افتتاح سفارتها في دمشق قبل ثلاثة أشهر فقط، مذكرة بأن العيبان حضر اللقاء الذي جمع محمد بن سلمان وبشار الأسد في الرياض.
وأضافت العتيبي، أن بالنظر إلى التاريخ الطويل لتدخل القوى الأخرى في سوريا، فإن دخول السعودية المتأخر قد يجعلها تواجه صعوبة في تحقيق مكاسب ملموسة.
مؤكدة أن التحركات الحالية تبدو أشبه بمحاولة رد فعل على التحولات الميدانية، بدلا من أن تكون جزءا من إستراتيجية شاملة لإعادة تشكيل ميزان القوى في سوريا.