"حزب الله" يرسل إشارات إيجابية لأميركا.. هل تلتقي مصالح الطرفين بعيدا عن إسرائيل؟

"استقرار لبنان يخدم المصالح الأميركية"
يرى إعلام غربي أن هناك “تحولا لافتا” في خطاب "حزب الله" اللبناني تجاه الولايات المتحدة، في ظل القيادة الجديدة لنعيم قاسم.
ورأى موقع "تيليبوليس" الألماني أن “الخطاب يشير إلى استعداد الحزب للتعاون من أجل استقرار لبنان؛ لأن ذلك يخدم المصالح الأميركية".
وركز الموقع على أهمية هذا التحول في ظل التوترات المتصاعدة مع إسرائيل، والخسائر التي تكبدها الحزب في الحرب الأخيرة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كما حذر من مخاطر التصعيد الإسرائيلي على المصالح الأميركية في لبنان، داعيا إلى دعم النهج التوافقي للرئيس جوزيف عون في التعامل مع ترسانة حزب الله.
المكانة المهمة
واستهل الموقع بتصريح نسبه للأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بأن "استمرار عدم الاستقرار في لبنان لا يخدم مصالح الولايات المتحدة"، وذلك عقب غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 28 أبريل/ نيسان 2025.
ووفقا للموقع، قال قاسم: "لن يتمكن لبنان من التعافي إلا إذا توقف العدوان الإسرائيلي"، معتبرا أن "استقرار لبنان يخدم المصالح الأميركية".
وفي رأي "تيليبوليس" فإن: "هذه التصريحات تُعد تحولا عن الخطاب التقليدي المعادي لأميركا الذي كان يستخدمه حزب الله، كما تعكس اعترافا نادرا من الحزب بالمصلحة الأميركية في استقرار لبنان".
إضافة إلى ذلك، يرى أن "هذه الفرصة يجب أن تستغلها إدارة ترامب للضغط على إسرائيل لوقف الهجمات على لبنان".
ومن جانب آخر، نوه الموقع إلى أنه "على عكس الغارات السابقة، لم تزعم إسرائيل هذه المرة أن هجومها الأخير جاء ردا على هجوم من حزب الله".
وشدد على أن “حزب الله يظل لاعبا رئيسا في لبنان، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها في الحرب مع إسرائيل، وذلك بفضل شعبيته الواسعة داخل الطائفة الشيعية، أكبر طائفة في البلاد”.
وظهر هذا الدعم جليا خلال جنازة زعيمه السابق، حسن نصر الله، حيث شارك مئات الآلاف في التشييع في 23 فبراير 2025.
ومن المرجح -وفقا للموقع- أن "يؤدي اعتراف حزب الله بالمصالح الأميركية في لبنان إلى قبول أوسع لهذا الموقف داخل البلاد".
وأشار إلى أن "العداء التاريخي بين الولايات المتحدة وحزب الله مرتبط أساسا بدعم واشنطن لإسرائيل، وليس بنزاع أيديولوجي مع أميركا نفسها".
وفي هذا الإطار، نقل الموقع عن بول بيلار، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “CIA”، قوله: إن "الحركة الشيعية اللبنانية لم تسع يوما لبدء قتال مع واشنطن على أساس أيديولوجيا عابرة للحدود كما تفعل القاعدة".
وأضاف بيلار: "الهجوم على مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983، الذي أسفر عن مقتل 241 جنديا أميركيا ونُسب إلى حزب الله، كان نتيجة لما عد دعما أميركيا لهجوم إسرائيلي ضد لبنان واحتلال جنوبه".
مسألة أمنية
وبهذا الشأن، أشار "تيليبوليس" إلى أن "مسؤولي حزب الله صرحوا أخيرا بشكل علني أن مشكلتهم مع الولايات المتحدة لا تتعلق بعداء تجاه واشنطن بحد ذاتها، بل بسياساتها، خاصة دعمها لإسرائيل".
وفي إحدى مقابلاته، قال النائب عن حزب الله، علي فياض، إن "الحركة لا تملك مشاكل مع الأميركيين"، وإن "العداء نابع إلى حد كبير من سياسة واشنطن المؤيدة لإسرائيل".
وفي الوقت ذاته، نوه الموقع الألماني إلى أن "وثائق حكومية أميركية حذرت من أن استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان قد يهدد المصالح الأميركية، ودعت إلى أن تحاول واشنطن كبح جماح إسرائيل".
وجاء في تقرير التهديدات السنوي لأجهزة الاستخبارات الأميركية، الصادر في مارس/ آذار 2025 أن "استئناف العمليات العسكرية المطولة في لبنان قد يؤدي إلى تصاعد حاد في التوترات الطائفية ويقوض قوات الأمن اللبنانية ويزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير".
وفي الواقع، يعتقد الموقع أن "التحركات الإسرائيلية الأحادية المتجددة ضد لبنان تهدد المصالح الأميركية، خصوصا في ظل الدعم الكبير الذي قدمته واشنطن لقائد الجيش السابق، جوزيف عون، في انتخابه رئيسا للبلاد في يناير/ كانون الثاني 2025".
وبحسبه فإن "هذا الدعم يستند إلى العلاقة طويلة الأمد التي تربط الولايات المتحدة بالجيش اللبناني، والتي شملت تقديم أكثر من 3 مليارات دولار منذ عام 2006، مما يجعل الجيش أحد أقرب الشركاء الإقليميين لواشنطن".
وفي هذا السياق، لفت "تيليبوليس" النظر إلى أن "تصاعد النزعة الطائفية إلى جانب تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية سيقوض بشكل خطير موقف عون، وبالتالي موقف الولايات المتحدة".
علاوة على ذلك، يرى أن "كبح جماح إسرائيل سيسهل جهود عون في معالجة القضية الخلافية المتمثلة في ترسانة حزب الله الكبيرة، والسعي لتحقيق احتكار الدولة لحيازة السلاح".
وبالفعل، أكد الرئيس اللبناني عزمه على "حل هذه المسألة عبر حوار وطني يشمل حزب الله، بدلا من تبني نهج تصادمي".
وإلى جانب ذلك، اقترح عون دمج مقاتلي حزب الله في الجيش اللبناني.
وبالإشارة إلى أن "الضغط على إسرائيل لتجنب التصعيد غير الضروري من شأنه أن يعزز موقف عون"، أكد الموقع أن "هذا ربما يدفع حزب الله إلى أن يكون أكثر تعاونا مع مبادرات الرئيس اللبناني".
دمج المقاتلين
وقال الموقع: إن “بعض الخبراء في واشنطن استخفوا بنهج الرئيس عون وعدوه غير قابل للتنفيذ”.
ففي تحليل لديفيد شينكر، من "معهد واشنطن" المؤيد لإسرائيل، جادل بأن "دمج مقاتلي حزب الله في الجيش لا يتماشى مع هدف نزع سلاح الحركة الشيعية اللبنانية".
ورأى شينكر أن "دمج مقاتلي حزب الله من شأنه أن يقوض الجيش، وأن الوقت قد حان لنزع سلاح الحزب، ولو بالقوة إذا لزم الأمر".
وعقب الموقع الألماني: "يعطي هذا الطرح الأولوية لنزع السلاح على أي تقديرات أخرى، بما يتماشى أكثر مع الأهداف الإسرائيلية منه مع المصالح الأميركية".
لكن رغم ذلك، نوه إلى أن "أي محاولة من الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله بالقوة ستؤدي على الأرجح إلى حرب أهلية، وقد تضعف الجيش من خلال تقسيمه على أسس طائفية أو دفع الضباط والجنود الشيعة إلى الانشقاق".
وعلى العكس من ذلك، يرى الموقع أن "دمج مقاتلي حزب الله في الجيش سيعزز هذه المؤسسة بدلا من إضعافها، إذ يتمتع العديد من مقاتلي الحزب بخبرات قتالية نتيجة مشاركتهم في عمليات ضد إسرائيل أو في الحرب الأهلية السورية".
أما فيما يخص المخاوف من احتمال تسلل إيران إلى الجيش اللبناني عبر حزب الله، يرى "تيليبوليس" أن هذا الاحتمال "تراجع بعد رفض عون الأخير لفكرة تطبيق نموذج (الحشد الشعبي) العراقي في لبنان".
وخلص إلى أن "مبادرات الرئيس اللبناني تستحق الدعم الأميركي، لأنها تتماشى مع مصالح واشنطن في قيام دولة لبنانية موحدة ومستقرة، قادرة على إطلاق عملية تعاف اقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية ومعالجة المشكلات المزمنة مثل الفساد والمحسوبية".
في المقابل، "أظهرت إدارة ترامب استعدادا لتقديم المصالح الأميركية على المصالح الإسرائيلية، كما يتضح من مفاوضاتها الجارية مع إيران بشأن البرنامج النووي"، بحسب ما ذكره الموقع.
واختتم تقريره بالقول: إن "هذا يمنح بارقة أمل حذرة في إمكانية اتباع نهج مشابه في لبنان، الأمر الذي قد يسهل أيضا التفاهم مع طهران".