"وعود لم تُنفذ وإصلاحات غائبة".. لماذا يحتج الماليزيون ضد أنور إبراهيم؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في الأيام الأخيرة، شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور احتجاجات واسعة نظمتها المعارضة، طالبت فيها باستقالة رئيس الوزراء أنور إبراهيم.

وبحسب صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، يشعر الماليزيون بالاستياء من تقاعس الحكومة عن تنفيذ الوعود التي قطعتها قبيل الانتخابات، وعلى رأسها إجراء إصلاحات شاملة وتقليص الإنفاق العام، وهي وعود لم يتحقق منها شيء حتى الآن.

علاوة على ذلك، وجد أنور إبراهيم نفسه في قلب فضيحة فساد واسعة النطاق، ما وضعه في مرمى انتقادات الشارع والبرلمان معا.

في الوقت ذاته، يقول أنور: إنه على الرغم من تمتعه بالأغلبية في البرلمان، إلا أن النواب ليسوا مستعدين لدعم التغييرات الجذرية التي تحتاجها البلاد.

“فشل اقتصادي”

استهلت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن "المظاهرات التي نظمتها المعارضة الماليزية، ممثلة في الائتلاف الوطني المحسوب على التيار اليميني الوسطي، تجاوزت التوقعات من حيث عدد المشاركين، إذ لم تقتصر على أنصار الأحزاب المعارضة، بل استقطبت أيضا آلاف المواطنين الغاضبين".

وتجمهر المتظاهرون في شوارع كوالالمبور تحت شعار "Turun Anwar" (يسقط أنور)، في إشارة صريحة إلى مطلبهم الرئيس بتنحيه عن السلطة، متهمين إياه بالفشل في تنفيذ تعهداته الانتخابية.

وكان أنور إبراهيم قد وصل إلى السلطة في عام 2022، حين حصل تحالفه "تحالف الأمل" على 82 مقعدا من أصل 222 في البرلمان.

ووفقا للدستور الماليزي، فإن الملك هو من يعين رئيس الحكومة من بين النواب، على أن يتمتع المرشح بأوسع دعم داخل البرلمان، وغالبا ما يكون المعين هو من يقود الكتلة الأكبر، وهو ما انطبق حينها على أنور إبراهيم.

وأوضحت الصحيفة أنه "في بدايات حكمه، وجه أنور انتقادات شديدة للحكومة السابقة بقيادة محيي الدين ياسين، متهما إياها بالإسراف في الإنفاق العام وسوء إدارة أزمة جائحة كورونا، ما أدى إلى تراجع اقتصادي ملحوظ".

وتابعت: "إلا أن حكومة أنور، وبعد ثلاث سنوات في الحكم، فشلت بدورها في تلبية تطلعات الشعب، سواء على مستوى تحسين الظروف المعيشية أو تحفيز النمو الاقتصادي الحقيقي".

وأردف التقرير: "فعلى الرغم من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5 بلمائة في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، إلا أن هذا النمو اقتصر على قطاعات الزراعة والخدمات، بينما ظل أداء قطاعي الصناعة والبناء ضعيفا".

وأكمل: "وبالتوازي مع ذلك، عانى قطاع الثروات الطبيعية من انخفاض، وهو أمر مفاجئ في بلد كان يعد لسنوات من أكبر مصدري النفط والغاز في جنوب شرق آسيا".

واستطردت الصحيفة: "وما زالت أسعار السلع تواصل ارتفاعها على غرار ما كان في عهد الحكومة السابقة، فيما لم تحقق وعود أنور بجذب استثمارات أجنبية أي نتائج ملموسة".

علاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن أنور "فشل في إبرام اتفاقيات جديدة مع الدول الأوروبية، كما أن زيارته إلى روسيا، في مايو/ أيار 2025، لم تثمر عن تقدم يذكر، رغم الأجواء الودية التي سادت اللقاءات".

موضحا أن "النتائج اقتصرت على وعود تقليدية بتعزيز التعاون الاقتصادي دون اتفاقيات ملموسة أو استثمارات فعلية، بينما كان الشارع الماليزي ينتظر استثمارات ملموسة واتفاقيات واضحة".

تدخل في القضاء 

وفي مواجهة هذه الانتقادات، أعلن رئيس الوزراء، في يونيو/ حزيران 2025، عن حزمة من الإجراءات لزيادة الإيرادات الحكومية، من خلال إعادة هيكلة نظام الدعم وتوسيع قاعدة السلع الخاضعة لضريبة القيمة المضافة، وقد استهدفت هذه التغييرات الشركات بالدرجة الأولى.

"إلا أن معارضي أنور حذروا من أن تلك الإصلاحات ستؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار، مما سيؤثر سلبا على المواطنين العاديين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة"، وفقا للصحيفة.

من جانب آخر، أشار التقرير إلى "تزايد استياء المواطنين من أنور بسبب الشبهات حول تدخله في النظام القضائي، وعدم الثقة في التزامه بمسار مكافحة الفساد الذي أعلنه بنفسه".

وبحسب الصحيفة، "جاءت هذه الشكوك بعد أن أسقطت النيابة العامة تهم الرشوة عن عدد من الأشخاص المرتبطين بالحكومة".

وأردفت: "لم يسلم أنور من الانتقادات أيضا بسبب تأخره في تعيين قضاة المحكمة الفيدرالية والمحكمة العليا، ما أثار مخاوف من محاولاته التأثير على السلطة القضائية".

وحسب التقرير، لم ينس المتظاهرون ماضي أنور القانوني، حيث ذكرت الصحيفة أنه "خلال الاحتجاجات، وُزع كتيب بعنوان (50 سببا لعدم أهلية أنور إبراهيم لرئاسة الوزراء)، يتهمه بجملة من الفضائح".

موضحا: "ففي عام 1999، أدين بالسجن لمدة 15 عاما بتهم فساد، ثم أفرج عنه عام 2004 مع منعه من الترشح للمناصب المنتخبة لمدة أربع سنوات". 

وفي عام 2014، عاد إلى السجن بتهمة التحرش، قبل أن يعفى عنه ويعود إلى الساحة السياسية في 2018، عندما فاز تحالف الأمل بالانتخابات.

وأشارت الصحيفة إلى أن "رئيس الوزراء آنذاك مهاتير محمد، مهندس (المعجزة الاقتصادية) الماليزية، هو من عفا عن أنور فور توليه المنصب".

واستدركت الصحيفة: "غير أن العلاقة بين الرجلين سرعان ما توترت. واليوم، ورغم بلوغه المئة عام، يقف مهاتير محمد في صفوف المعارضين لأنور، ويشارك في بعض المظاهرات ضده".

من جانبه، "يصر أنور دائما على أن جميع التهم التي وجهت إليه كانت بدوافع سياسية للنيل من سمعته".

ووفق الصحيفة، عزا أنور عجزه عن تصحيح الوضع الاقتصادي إلى "افتقاره إلى تفويض كاف لإجراء الإصلاحات الضرورية، ومعارضة النخبة السياسية التي اعتادت استغلال الموارد الحكومية لمصالحها الخاصة، وبالتالي تقاوم أي إجراءات تهدف إلى تعزيز كفاءة الجهاز الحكومي".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "رغم امتلاكه أغلبية برلمانية، إلا أن هذه الأغلبية نابعة من تحالف هش يضم أكثر من عشرة أحزاب، ما يدفعه إلى توخي الحذر في قراراته تفاديا لفقدان دعم النواب، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإطاحة به وربما فتح تحقيقات جنائية جديدة بحقه".