غزة تحت النار مجددا.. خرق إسرائيلي للتهدئة بدعم أميركي.. وحماس: أين الوسطاء؟

شدوى الصلاح | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

كعادة الاحتلال الإسرائيلي في استخدام تكتيك وسياسة اختلاق الذرائع للانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار وتصعيد الموقف واستمرار عملياته الإجرامية في قطاع غزة، شنَّ سلسلة غارات استهدفت مناطق مختلفة من قطاع غزة بسبب مزاعم بتنفيذ المقاومة هجوما على جنود للاحتلال.

قال ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء 28 أكتوبر/تشرين الأول 2025: إن الأخير أمر الجيش بشنِّ هجمات قوية على قطاع غزة فورا بزعم تعرض قوة إسرائيلية لإطلاق نار في رفح جنوبي القطاع.

وأفادت مصادر في مستشفيات غزة باستشهاد نحو 100 فلسطيني وإصابة 50 على الأقل في غارات إسرائيلية على منازل وخيام نازحين في قطاع غزة.

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حركة حماس، وقال: إنها ستدفع "ثمنا باهظا" بسبب ما قال إنّه هجوم استهدف جنودا إسرائيليين في غزة، وخرقٌ لاتفاق إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين.

وجاء التصعيد الإسرائيلي ذلك بعدما زعمت وسائل إعلام عبرية أن عناصر من حركة المقاومة الإسلامية حماس أطلقوا النار باتجاه قوة لجيش الاحتلال في رفح، فيما ذكرت منصات غير رسمية، دون تأكيدات، أن ذلك تسبَّب بإصابة بالغة الخطورة لأحد الجنود.

ولاحقا أعلن جيش الاحتلال مقتل جندي من فرقة غزة، في الحادثة التي زعم أن وراءها مقاومين في رفح. مشيرا إلى أن القتيل يدعى يونا فيلدباوم، وهو رقيب من فرقة غزة.

وقالت مستوطنات الضفة الغربية: إن القتيل هو أحد سكانها، وكان يعمل مقاولا فيها قبل الإبادة بقطاع غزة، وهو القتيل رقم 59 من سكان مستوطنات بنيامين، وكان يعمل على هدم منازل الفلسطينيين في مدينة رفح، لحظة مقتله؛ حيث كان يقود آلية حفارة لدى استهدافه.

وبدورها، أكدت حماس أن ما يروج له الاحتلال "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، هدفها تضليل الرأي العام". معلنة التزامها باتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر ويتخلله خروقات إسرائيلية.

وقالت في تصريح: إن قصف الاحتلال على مناطق في قطاع غزة انتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مطالبة الوسطاء الضامنين بالتحرك فورا للضغط على الاحتلال وكبح تصعيده ضد المدنيين ووقف انتهاكاته للاتفاق.

وأشارت إلى أن القصف على قطاع غزة امتداد لسلسلة خروق تؤكد إصرار الاحتلال على انتهاك بنود الاتفاق ومحاولة إفشاله.

ونقلت وكالة رويترز عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قوله: إنّ لإسرائيل الحق في الانتقام، وإن حماس جزء صغير ضمن اتفاق الشرق الأوسط.

وحذّر في 29 أكتوبر، حماس من أنها إذا لم تتصرف بشكل صحيح فسيتم القضاء عليها، معتبرا في الوقت نفسه أن وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة في غزة ليس مهددا رغم الضربات الإسرائيلية التي أسفرت عن استشهاد 41 فلسطينيا وإصابة العشرات.

وأضاف ترامب "لن يهدد أي شيء وقف إطلاق النار في غزة"، وتابع "لقد قتلوا جنديا إسرائيليا، ولذلك رد الإسرائيليون، وكان ينبغي أن يردّوا، عندما يحدث ذلك يجب أن يردّوا".

وبدورها، أكدت الخارجية التركية في بيان، أن الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار "أمر حيوي للحفاظ على الآمال المتعلقة بتحقيق السلام الدائم وإرساء الأمن الإقليمي، وجددت دعوتها إسرائيل إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وتجنب أي ممارسات تضر بالسلام والاستقرار.

واختتم البيان بتأكيد مواصلة تركيا تضامنها مع الشعب الفلسطيني، واستمرارها في دعم جهود تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة.

وصبّ ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي جام غضبهم على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي لانقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار وافتعال المواقف واختلاق الذرائع لضرب غزة ومواصلة جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ونددوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ترامب، #غزة_تحت_القصف، #نتنياهو، #غزة_تباد، وغيرها، بقول الرئيس الأميركي: إنّ إسرائيل لها الحق في الانتقام. مستنكرين إعطاءه الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة جرائمه وإبادة القطاع.

وتساءل ناشطون عن دور الوسطاء والرعاة لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في مدينة شرم الشيخ المصرية وأسباب صمتهم على تجاوزات الاحتلال وخروقاته للاتفاق دون عدّ للجهود الدولية ومساعٍ تحقيق السلام، داعين للحذر من عودة الحرب أشرس مما كانت عليه.

لعبة نتنياهو

وتحت عنوان "نتنياهو يبدأ لعبة إفشال اتفاق غزة!"، أشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بدأ كما توقّع كثيرون في "الكيان" لعبة التمرّد على اتفاق غزة، وبالضرورة على ترامب وصهاينة واشنطن، بهدف إفشاله، تبعا لحساباته الشخصية.

ولفت إلى الإعلان عن أن نتنياهو أصدر تعليماته للقيادة العسكرية بـ"شنّ هجمات قوية وفورية" على قطاع غزة"، فيما توعّد صبيّه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن "حماس" ستدفع "ثمنا باهظا لمهاجمتها جنود الجيش وانتهاكها اتفاق إعادة الرهائن".

وأكد الزعاترة أن صهاينة ترامب، وهو في الحقيقة مجرّد "أُذنٌ" لهم، يدركون نوايا نتنياهو، لكنهم يفضّلون إدانة "حماس" على قول الحقيقة، فيما الأرجح أن كلاما آخر يُقال له في الحوارات غير المُعلنة.

وخلص إلى أنَّ مصير الاتفاق بات رهنا بالنزاع بين الطرفين، بين مشروع صهاينة واشنطن لحل إقليمي (اقتصادي) موسّع، والذي تحمّس له ترامب، أملا في صناعة تاريخ جديد لأميركا في ظل صراع دولي مُحتدم، وبين إرادة نتنياهو إفشال الاتفاق خوفا من نهاية سياسية بائسة، إن كانت سريعة، أم في الانتخابات المقرّرة العام المقبل.

وقال: إن "مخاض عسير يتجاوز غزة إلى الإقليم برمّته، وإن بقيت هي محور الأحداث، وصانعة التاريخ الجديد البائس للمشروع الصهيوني".

وأكَّد خالد عبدالرحيم، أن نتنياهو اخترع خبر حدث أمني مرة أخرى في رفح كما اخترع حدث أمني قبل عدة أيام ليعود ليضرب غزة من جديد، ليخرج ترامب بكل وقاحة يقول: إن لإسرائيل الحق في الانتقام.

وقال: "الي سلمك كل أسراك أحياء في يوم واحدة مش راح يتلاعب ويتلكك في كم من جيفة مدفونات في أماكن مختلفة وقد تكون المجموعات التي تأمنهم قد ارتقت أيضا".

واستنكر عبدالرحيم "خروج ترامب بكل بجاحة وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لما تفعله، وتهديده بالقضاء على حماس كليا، بينما كان الوسطاء شاربين شريط منوم مع حشيش من امبارح وما شفنا لهم حتى ولو تصريح يدين ما تفعله إسرائيل"، واصفا العالم بأنه "سافل وعاهر".

وأكد الناشط تامر قديح، أن توجيه نتنياهو المستوى العسكري بتنفيذ ضربات قوية فورا في قطاع غزة، ليس ردًا على حدث رفح، بل على تأخر تسليم الجثث رغم إطلاع الوسطاء على ذلك منذ البداية، لكن إسرائيل تريد تنفيذ نموذج لبنان بأي ذريعة الآن، حتى يعتاد الرأي العام على ذلك.

واستنكر قول ترامب: إن لإسرائيل الحق في الرد على هجوم حماس، وتأكيده أنه لا يعتقد أن الهجمات تُعرّض وقف إطلاق النار للخطر.

وقال قديح: "طالما أدركت إسرائيل وأميركا أن الطرف الآخر (الفلسطيني) متمسّك بوقف إطلاق النار مهما كان الخرق الإسرائيلي للاتفاق، فهذا يعني استمرار القتل وضوءًا أخضر أميركيًا للتصعيد، لكن يجب ألا يكون ذلك يوميًا".

وقال الأكاديمي إسماعيل صبري: "ها هو سفاح غزة نتنياهو يعود اليوم من جديد إلى حربه عليها ليفعل فيها ما يخدم مخططاته ويحقق له أهدافه البعيدة من حربه عليها، متحديا ترامب وخطة سلامه المزعومة، ولم يعد يعنيه موقف ترامب أو رد فعله منه".

وأضاف أن نتنياهو يعرف كيف يتعامل مع ترامب بطريقته وهو متأكد من أن الأخير سوف يضعف أمامه في النهاية وسوف يلتمس له كل المبررات والأعذار بعودة إسرائيل إلى الحرب، ملقيا بالذنب كله فيها على حماس.

وعن مصير الحرب، قال الصحفي فايد أبو شمالة: إن من الواضح أن معادلة وقف إطلاق النار الإسرائيلية مختلفة عن نصوص الاتفاق وعن مواقف الوسطاء، ولذلك يحاول الكيان فرض معادلته، وهي معادلة استمرار الضغط العسكري وعدم الالتزام الدقيق والحرفي بشروط وقف النار.

وأوضح أن الكيان يفعل ذلك حتى تمنع الوصول للمرحلة الثانية وحتى يكون جيش الاحتلال مستعدا للعودة للحرب في أي لحظة خصوصا عند الحديث عن "نزع السلاح"، وهو الملف الذي ترفض المقاومة بحثه إلا في الإطار الوطني العام وتربط تنفيذه بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

ورأى أبو شمالة، أن الوسطاء إذا لم يتدخلوا فورا خصوصا ترامب وإدارته وبشكل حاسم وصارم ووضع إجراءات ميدانية عاجلة لوقف المخالفات والتبريرات الإسرائيلية التافهة لخرق الاتفاق فإن انفجار الأوضاع من جديد سيكون مؤكدا خلال الأيام القادمة.

حوار البندقية

وتنديدا بتصعيد الاحتلال لجرائمها واستهجانا لصمت الوسطاء، قال الباحث محمد عبد العزيز الرنتيسي: "كل يوم يمر علينا يؤكد المؤكد.. بأن عدونا لا عهد له ولا ذمة وأن الحوار الوحيد الذي يصلح معه هو حوار البندقية".

واستنكر الأكاديمي إياد إبراهيم القرا، عودة الاحتلال لسياسة الاغتيالات والقصف، متخذًا من أي حادث ذريعة لتبرير مجازره وعدوانه، مؤكدا أن القتل عند الاحتلال ليس ردّ فعل، بل عقيدة ثابتة يمارسها متى شاء، ضد شعبٍ أعزل لا يملك إلا صموده وإيمانه بحقه.

وأشار الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق إلى أن غزة شهدت ليلة صعبة جدا وقصف واغتيالات في كل مدن القطاع، خصوصا مدينتي غزة وخان يونس. لافتا إلى أن من طبيعة القصف من الواضح تماما أن بعض الأسماء المستهدفة قد تكون شاركت في تسليم الأسرى والجثث قبل أيام.

وقال: "ليس جديدا طبع الغدر والخيانة والقذارة على هذا المحتل وحليفه الأميركي،

ولكن الجديد هو هذا المستوى من القبح والصمت والتواطؤ الدولي، خصوصا الرؤساء والوزراء الذين هرعوا لشرم الشيخ بالعشرات فيما أسموها تظاهرة السلام".

واستنكر أبو رزق، أنهم لا يريدون لجم نتنياهو، ولا يسمحون لشعوبهم بالتظاهر ضد نتنياهو، ولا يملكون الجرأة ولا الإرادة السياسية اللازمة للاعتراض على حليف نتنياهو، واصفا ما يحدث بأنه "زمن التيه العربي والإسلامي الكبير…!".

ولفت عمر عمر إلى أن القصف لا يتوقف على غزة منذ الليل حتى الصباح وما يقارب ١٠٠ شهيد، متسائلا: “أين الوسطاء؟”

ورد ساخرا: "ما ناموا من الليل حتى الآن في حداد على أخيهم في عصابة الاحتلال الذي قتل أمس في رفح فى صلوات ومزامير داود ويشاهدون رد كيانهم على غزة ومقاومتها".

وقال حمدي حسن: "على العالم وعلى رعاة الهدنة الدوليين أن يشهدوا على من يسعى لكسر الهدنة ولم يلتزم بها ومن هو الطرف الشرير الذي لا يطيب له سلام إلا بإيقاد نيران الحروب وشي طعامه عليها".

وقال ماجد صالح: "حد يصحي الوسطاء ويحكيلهم قريب الـ 100 شهيد في غزة الليلة..

كل ما عطشوا للدماء افتعلوا حادثة في رفح الواقعة أصلا تحت سيطرتهم وسيطرة كلابهم".

واستنكر السياسي فايز أبو شمالة، عودة العدو الإسرائيلي لقصف غزة بصواريخه وطائراته رغم اتفاقية وقف إطلاق النار التي حضرها 20 رئيس وملك مسؤول في شرم الشيخ ورغم مواصلة حركة حماس إطلاق سراح جثث الإسرى الإسرائيليين ورغم الإقرار الأميركي بأن حماس لم تخترق اتفاق وقف إطلاق النار ورغم تقليص العدو لدخول المساعدات إلى قطاع غزة.

وتساءل: “أين رعاة الاتفاق؟ أين العالم العربي والإسلامي؟” مؤكدا أن غزة موجوعة والموجوع لا يحتمل الضغط على الجراح.

انحياز وإجرام

وتحليلا لتصريحات الرئيس الأميركي وتعقيبا عليها، أكد خالد أحمد، أن حجم الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة وتصريحات الإدارة الأميركية، خاصة الرئيس ترامب بحق إسرائيل في الانتقام مع صمود اتفاق وقف إطلاق النار والتهديد المتكرر بمسح حماس يؤسس لإستراتيجية جديدة خارج الاتفاق.

وأوضح أن هذه الإستراتيجية تسمح للجيش الإسرائيلي بالقصف تحت مبررات وهمية مفتعلة، أما الإستراتيجية الأخرى أن الاتفاق سيبقى قائما بالشكل الذي تراه الإدارة الأميركية وليس هناك حلول أو مواعيد لحل نهائي للانسحاب أو الإعمار.

وقال أحمد: "للأسف واضح أننا سنبقى على حالنا لسنوات طويلة وقضيتنا لن تتجاوز حلا إنسانيا".

وقال مجدي سلطان: "هذا هو الضامن للاتفاق ترامب يقول إذا لم تلتزم حماس فسنقضي عليها بسهولة واليوم قتلت إسرائيل 41 فلسطينيا بين رجل وطفل وامرأة فهو يتفق مع الرواية الإسرائيلية ولا ينكر عليها ما تفعله فهل هناك أمل في استمرار الاتفاق الأحداث لا تبشّر بالخير".

ورأى عزالدين دويدار، أن كلمة (حق الانتقام) نفسها التي قال الرئيس الأميركي تعبر عن أن العالم مخبول وفاسد ومنحرف، وأن لا إصلاح له إلا بأن ينقذ المسلمون هذا العالم مجددا، ليفرضوا العدل والإنصاف والشرف والنزاهة، ولو بالقوة.

ونبذ الأكاديمي حمود النوفلي، قول ترامب: إن لإسرائيل الحق في الانتقام، قائلا: "هذا هو الضامن للسلام الذي صفق له الوسطاء وأنه ملتزم بالاتفاق وملزم للصهاينة به".

وأكد أن كل الضربات تتم بأوامر من ترامب متى ما تمّ اكتشاف قادة وهدف ثمين، مضيفا: "لذلك قلنا للقادة انتبهوا وارموا الهواتف وغيروا مواقعكم.. هذا رجل الإجرام والحرب وليس السلام".