الفاشر تحت النار بتلاعب إماراتي.. هل سقطت المدينة بيد "الدعم السريع"؟

تعد مدينة الفاشر مركزا حيويا في إقليم دارفور
حالة من الغموض حول مصير مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان وتضارب الأنباء حول حقيقة سقوطها بيد مليشيا الدعم السريع، فبينما أعلنت المليشيا سيطرتها عليها، نفت المقاومة الشعبية ذلك، وأكدت استمرار المعارك، فيما لم يصدر الجيش بيانا رسميا.
وأعلنت مليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025، سيطرتها على مقر قيادة الجيش في مدينة الفاشر، آخر مدينة يحتفظ بالسيطرة عليها في إقليم دارفور بغرب السودان.
وجاء هذا الإعلان بعد أيام من المعارك العنيفة في محيط الفرقة السادسة مشاة، دفعت الجيش السوداني إلى الانسحاب من بعض المواقع لأسباب تكتيكية، وفقا لمصدر في الجيش السوداني تحدث للجزيرة.
وتعد مدينة الفاشر مركزا حيويا في إقليم دارفور، حيث تضم مقر قيادة العمليات العسكرية للجيش في المنطقة، إلى جانب كونها نقطة ارتكاز للمنظمات الإنسانية الدولية، وفق ما تذكره وسائل إعلام سودانية.
ورغم أن مقر الفرقة السادسة لم يكن مركزا للعمليات العسكرية الثقيلة، فإنه ظل يمثل مكاتب إدارية ورمزا للوجود الرسمي للجيش السوداني في دارفور، حيث ارتبط المقر في وجدان السكان بسلطة الدولة وهيبتها.
وحاصرت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر لنحو 18 شهرا، وذكرت وكالة رويترز أنها استهدفت المدنيين بغارات متكررة بطائرات مسيرة ومدفعية، مما أدى إلى انتشار الجوع في المدينة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
وفي المقابل، أوضح مصدر عسكري في الجيش السوداني أن الانسحاب من بعض مواقع الفاشر جاء لأسباب تكتيكية، رافضا وصف ما حدث بالهزيمة، بينما تداول ناشطون مشاهد لحظة وصول قوات الدعم السريع إلى مقر الفرقة السادسة.
وقالت الدعم السريع -في بيان- إن "تحرير الفرقة السادسة يمثل محطة مفصلية في مسار المعارك التي تخوضها قواتنا الباسلة، ويرسم ملامح الدولة الجديدة التي يتشارك جميع السودانيين في بنائها".
وقال بيان صادر من المكتب الإعلامي للمقاومة الشعبية في الفاشر، إن المدينة تمر بمرحلة حرجة، ولم يبقَ لأهلها حصن أو ملاذ سوى الدفاع عن كرامتهم بالسلاح والمقاومة، في مواجهة ما وصفها بـ"المليشيات الإرهابية".
وأضاف البيان أن الفاشر تتعرض لحملة إعلامية مضللة، "تهدف إلى إثارة الهلع والنيل من الروح المعنوية للقوات".
وأكدت أن دخول مقر الفرقة لا يعني سقوط المدينة، وجاء في البيان أن "الفاشر هي الحاجز والصخرة التي تتحطم عليها المؤامرات وأحلام المليشيات، وستظل عصية بإذن الله وبعزيمة الرجال".
وقال وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر: إنه بينما يقف معظم أبناء الوطن على وعي كامل بما يحدث، لا تزال قلة قليلة تتأثر نفسياً بما تنشره الغرف الإلكترونية المدعومة من دول وعصابات التمرد ومن يقف وراءهم من العملاء والمأجورين رخاص الثمن.
وأوضح أن هذه الحملات الإلكترونية مخطط لها وهي جزء من الحرب النفسية التي تشن ضد الوعي والصمود، مؤكدا أن الوقت حان ليعي الجميع حقيقة ما يجرى، ولتتجلى إرادة الشعب السوداني في صمود لا يلين.
وأضاف الإعيسر، أن التمرد الذي حاول إشعال نار الفتنة قد انهار وهزم في مواقع عدة، تلك التي تعلمونها وعدتم لها، بما في ذلك مدنكم وقراكم، وسينهار تماما قريبا بإذن الله في كل المواقع.
وأكد أن السودان أقوى من أي مؤامرة، وأبناؤه أوفى وأصلب من أن تكسر عزيمتهم بأكاذيب تنسج خلف الشاشات والكيبوردات ومفاتيح التحكم في الهواتف الذكية.
وتابع الإعيسر: "كونوا أقوياء كما عهدناكم، فالرحلة في خواتيمها، وبالإرادة والعمل والتماسك والوحدة الصلبة سنبلغ غايتنا ونطوي صفحة هذا التحدي العابر، ونخطو بقوة نحو المستقبل".
وأفادت منصات سودانية باعتقال قوات الدعم السريع الصحفي معمر إبراهيم، في حين طالبت أصوات بإطلاق سراحه فورا محمّلة خاطفيه مسؤولية سلامته.
وظهر إبراهيم في مقطع للفيديو صوّر في الليل مع مجموعة من المسلحين، قال فيه: إنه حاول الخروج من الفاشر، وقد تمّ القبض عليه قبل أن يتمكّن من ذلك.
وأضاف أنه في "أيد أمينة" مناشدا كل الجهات للتواصل، مؤكدا أنه صحفي محايد وليست له علاقة بالجيش السوداني"، وأنه عمل صحفيا متعاونا مع قناة الجزيرة مباشر خلال الفترة الماضية.
وقالت نقابة الصحفيين السودانيين في بيان لها: إن الصحفي وعضو النقابة معمر إبراهيم اعتقل "في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة مشاة بمدينة الفاشر".
وأعربت عن قلقها البالغ إزاء توقيف الصحفي، قائلة: إنها تحمّل قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن سلامته، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه.
وأبدى ناشطون على منصات التواصل انزعاجهم من حالة الغموض حول مصير الفاشر والوضع الميداني وصعوبة الحصول على معلومات دقيقة وتبادل الادعاءات بين الطرفين، منددين بما أعلنته المليشيا بشأن تحقيقها تقدم في الفاشر وارتكابها إبادة ممنهجة بحق المدنيين برعاية إماراتية.
وحذّروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الفاشر_تنزف، #الحرية_للصحفي_معمر_إبراهيم، #الامارات_تقتل_السودانيين، #الدعم_السريع_منظمة_ارهابية، من شن المليشيا وجناحها السياسي حملات تضليل وبث الشائعات في وسائل التواصل، مؤكدين أن من يصنع انتصاراته على الميديا سيحصد تلقائيا هزائم على الأرض.
وتوقع ناشطون شن الجيش السوداني هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على الفاشر ودحر المليشيا وعدم السماح لها بالسيطرة على المدينة أو سقوطها بيدهم، مستنكرين اعتقال الصحفي معمر إبراهيم الذي يعدّ أبرز الأصوات التي تنقل صوت الناس والأحداث بكل مهنية وتجرد.
دعم إماراتي
وتفاعلا مع الأحداث، أوضح المتحدث الرسمي باسم "غاضبون بلا حدود" أمين أيمن، أن المعارك ما زالت مستمرة منذ مساء الأمس، مؤكدا أن الفاشر الآن مسرح إبادة جماعية يقتل الجميع كأنهم مقاتلون حتى النساء يواجهن التصفية دون رحمة.
وقال: إن مليشيا نظام أبوظبي صفت عشرات المدنيين بينهم كبار سن ومصابون داخل الأحياء، وجمعت الآلاف من المدنيين الذين حاولوا الهروب ونقلتهم قسرا إلى وجهات مجهولة.
و"غاضبون بلا حدود" هي مجموعة شبابية ثورية في السودان، انبثقت من لجان المقاومة السودانية المحورية في ثورة 2019 ضد رئيس السودان السابق عمر البشير.
وأشارت المغردة مرمر إلى أن الفاشر الآن مسرح إبادة جماعية، قائلة: "لا سلّم الله الإمارات حكومة وأرضا وشعبا".
وأكد إبراهيم غربالة، أن الإمارات ترسل المرتزقة والسلاح لدعم مليشيات الدعم السريع لحصار الفاشر وخطف الصحفيين السودانيين من الفاشر.
وحمل أمجد فريد الطيب، الإمارات، ومليشيا الدعم السريع، وواجهة تحالفها السياسي تأسيس كامل المسؤولية عن كل قطرة دم سودانية أريقت في الفاشر، وعن كل مكان أشعلوا فيه الحرب في أنحاء البلاد.
وقال ياسر مصطفى: لو أن الإمارات استثمرت الأموال التي ضختها لدعم المليشيا في البنية التحتية للسودان، في النقل والصحة والتعليم، لحصلت على ما تريده وأكثر دون أن تُسفك قطرة دم واحدة، لكنها اختارت الغباء في أنقى صورة.
وأضاف أن الإمارات خسرت سمعتها العالمية التي أنفقت سنوات في بنائها عبر شركات العلاقات العامة، فقط لتقوضها بيدها في لحظة.
جرائم الجنجويد
وتوثيقا لجرائم الجنجويد واستنكارا للصمت الدولي وتنديدا بتصعيد مليشيا الجنجويد لجرائمها وتحذير من تبعات ذلك داخليا وخارجيا، شارك مكاوي الملك، مقطع فيديو يوثق لحظة اعتقال المليشيا للصحفي إبراهيم معمر الذي وثّق الحقيقة طيلة السنتين.
وحذّر من أن خطر تعذيبه أو تصفيته حقيقي ومباشر، مؤكدا أن ما حدث للفارّين من الفاشر من قتل وتجويع واغتصاب لا يَغتفر، محملا العالم المسؤولية وموضحا أن الأدلة موجودة.
وعرض أيمن أحمد مقطع فيديو يوثق إعلان أحد أفراد قوات الدعم السريع دعوته الصريحة لتصفية عرقية وإبادة أهل الفاشر في تحريض خطير يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
وبث أحد المدونين مقطع فيديو يوثق ارتكاب مليشيا الدعم السريع الإرهابية إبادة جماعية جديدة بحق المدنيين العزل الذين حاولوا الخروج من مدينة الفاشر بحثا عن الأمان.
وأشار إلى أن المليشيا تستهدف الفارين على أساس عرقي وإثني في جريمة بشعة تضاف إلى سجلها الدموي العار لنا أولا ومن ثم للعالم أجمع.
وقال محمد زقوت: إن ما يحدث في الفاشر جريمة منظمة ترتكبها عصابات الدعم السريع بصمت دولي، مشيرا إلى أنهم يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ ويعلقونهم أحياء على أغصان الشجر.
ولفت إلى أن أفراد المليشيا علقوا امرأة البارحة حتى الموت جوعا، مستنكرا أنهم يصورون كل هذه المقاطع بهواتفهم وينشرونها وهم يضحكون ويسخرون بلا خجل.
وقال محمد علي: إن ما يحدث في الفاشر مأساة إنسانية تتكشف فصولها كل يوم، مستنكرا أن مدينة محاصرة بين نار الأطماع الإقليمية وصمت العالم، والضحايا هم أهلها البسطاء الذين يدفعون ثمن صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
شائعات وتضليل
وتحت عنوان "الوعي في مواجهة الإغراق الجنجويدي .. لن تسقط الفاشر"، أوضح الصحفي عزمي عبد الرزاق، أن غرف عمليات المليشيا وأبواقها الإعلامية تكثف في هذه المرحلة الحاسمة من معركة الكرامة حملة إغراق منظمة على المنصات الرقمية، هدفها ليس نقل الحقيقة، بل إحداث شرخ نفسي عميق وزعزعة ثقة الشعب في قواته المسلحة، من خلال تكتيك الإغراق المُضلل.
وأشار إلى أن هذا التكتيك، الذي يعتمد على سيل جارف من الصور والفيديوهات والأخبار المفبركة والمحتوى المعدّل بالذكاء الاصطناعي، صُمم خصيصا ليجعل التمييز بين الصادق والكاذب أمرا شبه مستحيل، وليُنشئ "قابلية تصديق" لأي رواية، خصوصا تلك التي يروج لها الجنجويد وأعوانهم.
ولفت عبد الرزاق إلى أن شخصيات مثل عمر جبريل والجوفاني وحافظ كبير والفاضل منصور، أُعدّت لهذه المهمة منذ صباح الغدر بالتزامن مع إطلاق منصّات بأسماء قادة المليشيا وصورهم، ومنصات أخرى تنشط فيها كوادر من المؤتمر السوداني وحزب برمة ناصر.
وكشف أن قنوات إقليمية –مثل سكاي نيوز والعين وبعض الصفحات الخليجية– تولت مهمة التضليل نفسها، مستخدمة محتوى جاهزا كمقاطع استجواب الأسرى تحت الإكراه لانتزاع معلوماتٍ زائفة، ولقطات معدلة بالفوتوشوب، وإطلاق الشائعات في إطار الحرب النفسية التي تخدم مشروع الغزو الإماراتي للأراضي السودانية.
ودعا إلى الحذر الشديد مما تنشره منصات الجنـ.جويد التي تضخّم الأحداث وتختلق الأكاذيب، حتى بلغ بها الأمر الحديث عن أسر قائد الفرقة والعودة إلى الخرطوم، وهو أمر لن يحدث إطلاقاً، فالخرطوم غُدِر بها من الداخل ولم تُحتل، وكذلك الفاشر؛ إذ كانت قوات المليشيا موجودة داخلها منذ البداية، لكنها بعد أكثر من 260 هجوما وآلاف القتلى لا تزال تقاوم.
وقال عبد الرازق: "واجبنا اليوم هو اليقظة القصوى، وصناعة الفعل الإيجابي، وحماية الرأي العام بصلابة من هذه الحرب النفسية الشرسة، فنحن ندرك أننا نعيش المراحل النهائية من المعركة، وأن موازين القوة تتبدّل بفضل التكتيكات الميدانية الجديدة التي تتبناها قواتنا المسلحة".
واستنكر مكي قنديل، زَعْم أن الفاشر سقطت في يد الدعم السريع، قائلا: إن هذا ترويج لخبر كذوب صنعته منصات الدعم السريع.
وأضاف أن الفاشر لم تسقط بعد، والجيش السوداني مازال يقود حربا شرسة ضد المليشيا، موضحا أنهم يطلقون مثل تلك الشائعات المغرضة للتعويض عن خسارتهم في دارفور وكردفان لصرف الأنظار عن فشلهم في ميدان معركة الفاشر.
وحذر المغرد ياسر من أن لجان الجاهزية وحلفاءهم يستغلون تقدمهم في الفاشر لضخ كمية كبيرة من الشائعات مثل إشاعة سقوط مدينة الرهد أو كتابة تحليلات ظاهرها العقلانية وباطنها الاستسلام بهدف تحطيم الروح المعنوية للشعب والمرابطين.
قمع الصحفيين
وتعقيبا على اعتقال الجنجويد للصحفي معمر إبراهيم في أعقاب سيطرتها على مقر الفرقة السادسة مشاة، حمل الصحفي أحمد طه، قوات الدعم السريع مسؤولية أمن وسلامة إبراهيم، وكذلك أمن وسلامة جميع الزّملاء الصّحفيين الموجودين في الفاشر، داعيا الله أن يحفظ الفاشر وأهلها وصحفييها من كلّ سوء.
وقال رئيس تحرير صحيفة "التيار" اليومية المستقلة أسامة مرغني: إن مسؤولية كل المنظمات الصحفية والإعلامية في العالم ضمان سلامة صحفي ظل يؤدي واجبه المهني في أصعب الظروف.. لا يحمل سوّى الميكرفون والكاميرا.
وأكد أسامة إسماعيل أن قضية الصحفي الأسير معمر قطرة في محيط كبير بالنسبة لما عاناه أهل الفاشر من الحصار والقتل والجوع والخذلان.
وحذر من أن اختصار كل هذه الجرائم الكبيرة في تلك القضية (الصغيرة) قد يبيّض صفحة المجرمين في حال إطلاقهم لسراح الصحفي الأسير لديهم مما يحولهم من خانة الإجرام إلى خانة الثناء والاحترام.
وأطلقت شيماء يوسف نداء من أجل حرية الصحافة، متمنية إطلاق سراح إبراهيم.
وأكدت أن حرية الصحافة حق أساسي تكفله المواثيق الدولية، وأن حماية الصحفيين واجب على كل من يؤمن بالكلمة الحرة ودور الإعلام في بناء الحقيقة وخدمة المجتمع، معربة عن أملها أن تُستجاب الدعوات بسرعة، وأن يعود الزميل معمر إبراهيم لممارسة عمله الإعلامي بكل حرية وأمان.
وأشار جهاد الطاهر إلى أن اعتقال إبراهيم يأتي في وقت حساس يشهد فيه السودان تصاعد الصراع مما يهدد حرية الصحافة وقدرة الإعلاميين على أداء مهامهم بأمان.
وأكد أن اعتقال الصحفيين أيا كان انتماؤهم أو الجهة التي يعملون معها هو اعتداء مباشر على حرية التعبير وعلى حق الشعب في معرفة الحقيقة.
وأضاف الطاهر أن على قوات الدعم السريع إطلاق سراح إبراهيم وفق كل القوانين الدولية والأعراف المهنية المتفق عليها.
أمن مصر
وفي تساؤلات عن موقف مصر مما يحدث في الفاشر، قال الصحفي فوزي العشماوي: "انتصار مهم ومزعج لقوات الدعم السريع، باستيلائها على مقر الفرقة السادسة للجيش السوداني في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور الإستراتيجية والمهمة لكل الأطراف ومن بينها مصر، لقربها من الحدود المصرية ومتاخمتها لحدود السودان مع ليبيا وتشاد".
وأضاف: “لعل هذا التطور المهم يدفعنا للسؤال المزدوج عن أهداف وإستراتيجية دولة الإمارات في السودان ومنطقة القرن الإفريقي وإفريقيا عموما؟! أهداف وإستراتيجية مصر في هذه المناطق الثلاث ذات الأهمية القصوى لأمننا القومي، وكيفية تعاملنا مع السياسات والتحركات الإماراتية حينما تضرّ بمصالحنا الوجودية بها؟!”
وقال محمد مرسي: إن إقليم دارفور القريب من الحدود الجنوبية الغربية لمصر، تبلغ مساحته ما يعادل أكثر من ثلث مساحة مصر، ويكتسب أهمية خاصة لكونه امتدادًا سودانيًا مجاورًا لتشاد وليبيا، وقريبًا من الحدود المصرية.
وأوضح أن سيطرة مليشيات حميدتي على إقليم دارفور تعني طوقا معاديا لمصر في منطقة هي في الأساس رخوة أمنيا، وتعد مصدرا خطيرا لتسلل العناصر الإرهابية والمرتزقة والهجرة غير الشرعية والتهريب بشتي أنواعه، وعلى مساحات شاسعة قريبة جدا من الحدود المصرية الجنوبية الغربية مع السودان وملاصقة لحدودها مع جنوب شرق ليبيا وامتدادها الجغرافي المباشر في شمال شرق تشاد.
وحذر مرسي من أن سقوط الفاشر عاصمة إقليم شمال دارفور بيد مليشيات الدعم السريع تعني عمليا سيطرة حميدتي علي معظم أقاليم دارفور، وبما يمثّل نقطة تحول رئيسة في الصراع في السودان؛ حيث تسيطر الحكومة السودانية على شرق السودان مقابل سيطرة مليشيات حميدتي على غربه.
وأشار إلى أن ذلك يكسب حميدتي قاعدة نفوذ فعلية ومؤثرة في السودان، وأرض تفاوض صلبة مع الحكومة السودانية من خلال الرباعية الدولية التي تضمّ أميركا والإمارات التي تدعم حميدتي والسعودية ومصر التي انضمت للجنة بدلا من بريطانيا.
وأوضح أن تطورات الأوضاع في الصومال وقرب الاعتراف بانفصال إقليم صومالي لاند الذي منح إثيوبيا قاعدة عسكرية ومنفذا بحريا في الإقليم بدعم وتمويل إماراتي، ثم سقوط دارفور بيد مليشيات حميدتي التي تدعمها الإمارات وتأثير ذلك على قوس الحدود المصرية الجنوبية الغربية عبر السودان وليبيا وخلفهما تشاد تعني أن المجال الحيوي المصري في الجنوب يزداد تعقيدا واشتعالا.
وقال السياسي المصري يحيى موسى، إن سقوط المقر الرئيس للجيش السوداني في الفاشر (الفرقة السادسة) بيد عصابات الدعم السريع يعني اقتراب السقوط الكامل لعاصمة إقليم دارفور بعد سقوط ولايته الخمس.
وأوضح أنّ ذلك يمثل شرعية الأمر الواقع لدويلة حميدتي في دارفور والتي اتخذ لها مدينة نيالا عاصمة مؤقتة حتى ينتزع الفاشر.
وأضاف موسى: "دويلة بنصف مساحة مصر تجاورها من الجنوب الغربي متصلة عن طريق المثلث الحدودي بدويلة حفتر في شرق ليبيا، بالطبع تعرف من يدير ويمول الدويلتين ولصالح من ولأي غرض".
واستنكر استمرار حديث رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وجنرالاته الذين وصفهم بـ"الأفاكين" عن الأمن القومي وحماية حدود الوطن وصيانة أراضيه.














