"التطبيع مقابل دولة فلسطينية".. هكذا سخر وزير مالية الاحتلال من السعودية

شدوى الصلاح | منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

سخر وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش، من السعودية وفكرة التطبيع معها مقابل إقامة دولة فلسطينية، ثم ما لبث أن قدم اعتذاره بعد انتقادات تعرض لها.

وقال خلال مشاركته في ندوة: "إذا عرضت علينا السعودية التطبيع مقابل دولة فلسطينية، فأقول: لا شكرا استمروا أنتم في ركوب الجمال في الصحراء، أما نحن في إسرائيل، فسنواصل التطور، نبني اقتصادا ومجتمعا ودولة، ونفعل الأشياء العظيمة التي نعرف كيف نقوم بها". 

وفي تصريح لاحق، قال سموتريتش: "تصريحي حول السعودية كان بالتأكيد غير موفق، وأنا أعبّر عن أسفي للإساءة التي تسببت بها".

وأضاف الوزير المتطرف: "مع ذلك، أتوقع من السعوديين ألّا يسيئوا إلينا وألّا يتنكروا للتراث، وللتقاليد، ولحقوق الشعب اليهودي في مناطقه التاريخية في يهودا والسامرة، وأن يعملوا معنا على إقامة سلام حقيقي". وفق زعمه.

وفي أكثر من مناسبة، قالت تقارير: إن السعودية رهنت التوصل إلى اتفاق تطبيع مع الاحتلال، بقبولها قيام دولة فلسطينية، وإطلاق مسار سياسي جدي يقود إلى الدولة.

وفي سياق متصل، انتقد اثنان من قادة المعارضة الإسرائيلية تصريحات سموتريتش المسيئة للسعودية، دون أن يصدر تعليق رسمي من الرياض على تصريحات الوزير المتطرف.

من جهته، كتب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد باللغة العربية عبر منصة إكس: "لأصدقائنا في السعودية والشرق الأوسط، سموتريتش لا يمثل دولة إسرائيل". داعيا سموتريتش إلى الاعتذار.

بدوره، قال زعيم حزب "أزرق أبيض" المعارض بيني غانتس عبر "إكس": إن تصريحات سموتريتش ضد السعودية “تدل على جهل وعدم إدراك لمسؤوليته وزيرا كبيرا في الحكومة والمجلس الوزاري”.

وأضاف: "تستحق إسرائيل حكومة خالية من المتطرفين، يهتم وزراؤها بمستقبل البلاد، لا ببضعة إعجابات إضافية على وسائل التواصل الاجتماعي".

وعد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي اتفاق الفصائل على تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار وتحسين الأوضاع في القطاع، مشيدين بموقف حركة حماس ومرونتها وحرصها على مستقبل القطاع وتمسكها بموقف وطني.

وصبوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الفصائل_الفلسطينية، #سموتريتش، #غزة، #القاهرة، وغيرها، جام غضبهم على وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، وعدوا تصريحه "عنصريا وقحا".

ورفض ناشطون اعتذار سموتريتش، وأكدوا أن مقولته ليست مجرد "مزحة" أو "كلمة"، بل إهانة عنصرية صريحة ضد العرب، ومن الطبيعي أن تقابل بالرفض مثلما يرفض العالم كله أي خطاب عنصري، مستنكرين إساءة الوزير الإسرائيلي للسعوديين وإهانته تاريخ وحضارة السعودية.

يأتي ذلك في وقت عقد خلاله اجتماع بالعاصمة المصرية القاهرة استمر يومين لمناقشة المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، حيث اتفقت الفصائل الفلسطينية على تسليم غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع تتشكل من المستقلين "التكنوقراط".

وقالت الفصائل بينها حركة المقاومة الإسلامية "حماس": إنها قررت "تسليم إدارة قطاع غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع تتشكّل من المستقلين التكنوقراط، وتتولّى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية بالتعاون مع الأشقاء العرب والمؤسسات الدولية".

وأعلنت في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025، موافقتها على "إنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع، مع تأكيد وحدة النظام السياسي الفلسطيني والقرار الوطني المستقل".

واتفقت الفصائل على دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والاستقرار في أرجاء القطاع كافة، مؤكدة أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار.

ودعت إلى عقد اجتماع عاجل للقوى والفصائل الفلسطينية كافة للاتفاق على إستراتيجية وطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، واصفة  منظمة التحرير بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بحيث تضم مكونات الشعب كافة.

كما دعا بيان الفصائل إلى إنهاء أشكال التعذيب والانتهاكات كافة بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وضرورة إلزام الاحتلال بالقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة. مؤكدا أن قضية الأسرى ستبقى على رأس أولويات الفصائل.

وأدانت الفصائل الفلسطينية مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية على قانون "تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية"، وثمنت قرار ترامب بوقف هذا التحرك، مشددة على أن الوحدة الوطنية هي الرد الحاسم على هذه السياسات، وضرورة العمل على اتخاذ كل الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك.

وبالتوازي مع المسارات السياسية المتخذة لإنهاء الحرب في القطاع وتحقيق الاستقرار الإقليمي،

حوار إيجابي

وعن خلاصة حوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية والجهات المصرية حول إدارة غزة، أوضح أستاذ الإعلام السياسي إياد القرا، أنها تركزت على مستقبل إدارة قطاع غزة بعد الحرب.

وأشار إلى أن حماس قدّمت موقفا واضحا بأنها مستعدة للتخلي الفوري عن إدارة القطاع وتسليم كل الملفات -بما فيها المؤسسات والمساعدات- إلى السلطة الفلسطينية، التي رفضت تسلّم المسؤولية أو المشاركة في الإدارة.

وأضاف القرا أن مصر طرحت من جانبها رؤية متكاملة بالأسماء لإدارة غزة تضمّ شخصيات مهنية ومستقلة ليس بينهم أحد من حماس، والحركة لم تمانع في مشاركة أي منهم.

وأشار إلى أن شروط حماس بقيت ثابتة، وهي انسحاب الاحتلال الكامل، رفض أي وجود أمني أو دولي بالتنسيق مع الاحتلال، ضمان الإعمار ورفض التهجير.

وأكد القرا أن الحركة بهذا الموقف تسعى لتأكيد مرونتها السياسية مقابل تمسكها بالثوابت الوطنية، فيما تحاول القاهرة منع الفراغ وإدارة مرحلة انتقالية تحفظ استقرار القطاع.

وقال الباحث لقاء مكي: إن اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة “خطوة مهمة في وقت حاسم”.

وأضاف أن "ما يلفت الانتباه هو تحديد موعد (أقل من شهر) للاجتماع مجددا". 

وأشار مكي إلى أن "هذا وقت طويل يمكن أن تحصل فيه أحداث كثيرة، وتتداخل خلاله أطراف عدة مع الفصائل لتغيير الوجهة، وفضلا عن ذلك، فإن ما نقل عن المقترحات المصرية يختلف عما ورد في خطة ترامب بشأن معالم اليوم التالي، وهو ما قد يخلق وضعا معقدا من الصعب التنبؤ بنتائجه".

وأضاف أن "الأجندات متعارضة بحدة، والموقف الأميركي على ما يبدو فيه من تغيير (إيجابي)، لا يمكن الركون إليه، بسبب ما هو معروف من تقلبات ترامب، وقدرة إسرائيل على التأثير في قراراته".

ورأى ناصر عامر عوض، أن بيان الفصائل الفلسطينية في القاهرة حول تسليم إدارة قطاع غزة لحكومة أو لجنة تكنوقراط "إيجابي" ويعبر عن المسؤولية الوطنية، معربا عن أمله أن يتم تطبيقه وتنفيذ جميع بنوده ويتحمل الاحتلال عرقلة تنفيذه.

وقال المحامي خالد علي: إن اجتماع كل الفصائل الفلسطينية في القاهرة خطوة مهمة وضرورية لرأب الصدع الفلسطيني ووقف أي اقتتال داخلي وتوحيد القرار السياسي في مرحلة صعبة.

وأشار إلى أن الظرف تاريخي واستثنائي يستوجب الترفع عن كل الصغائر وكل الاختلافات السياسية الثانوية للحفاظ على الحقوق الرئيسة للشعب الفلسطيني والسعي معا لإعادة البناء سريعا وفرض واقع جديد يستحقه هذا الشعب الجسور.

ووجه علي التحية والتقدير لكل الفصائل التي تسعى لإنجاح هذا الاجتماع والخروج بقرارات تدرك تلك اللحظة الفارقة، كما حيا القاهرة وأجهزتها كافة التي ترعى هذا الاجتماع وتسعى بكل جَلَد وصبر لإنجاحه.

ورأى باسم صبحي أن هذا التوجّه يمثل خطوة وطنية في الاتجاه الصحيح؛ إذ لا أحد أحق بإدارة غزة من أبنائها الذين بقوا فيها وصمدوا في وجه العدوان.

وقال: إن أي عملية لإعادة بناء منظومة الحكم في القطاع لن تكتمل دون إعادة بناء جهاز قضائي فاعل ومستقل، يشمل المحاكم والنيابة العامة، ويكون بمنأى تام عن أي تبعية أو نفوذ فصائلي أو حزبي.

وأكد صبحي أن القضاء المستقل هو الركيزة الأولى لأي نهضة حقيقية في الإدارة والاقتصاد والخدمات، وهو الضمانة الأساسية لسيادة القانون وثقة المواطن بمؤسسات الحكم.

وعلق مصعب الشريف على بيان الفصائل الفلسطينية الصادر من القاهرة، قائلا: "من المهم أن يتحد الفلسطينيون خلف هدف واحد".

تنديد واستنكار

وإعرابا عن الغضب من تصريحات سموتريتش وردا عليها واستنكارا للصمت السعودي، قال محمد شكري: "نفتخر بالجِمال وركوبها، فقد ركبها خير البشر، وكانت وما زالت رمزا للعزة والكرامة، لكننا ابتلينا بذباب غبي".

وتساءل: "لماذا اعتذر سموتريتش إذا لم يكن كلامه إهانة؟ ولماذا هللتم للاعتذار طالما أن سموتريتش لم يخطئ؟! الفلسطيني والسعودي والكويتي وكل العرب بالنسبة لسموتريتش سواء: بشر درجة عاشرة!".

وقال المغرد سعد: "قناعتي الشخصية أن ما قاله هذا الشخص -سموتريتش- لم يكن زلة لسان، بل هو المشروع الحقيقي  لما يسمى بإسرائيل الكبرى، وأن هذه الدول العربية التي دخلت في مشروع التطبيع لم تدخل لقناعة بهذا".

وأعاد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، نشر تصريحات سموتريتش المهينة للسعودية، متسائلا: “هل يملك ذرّة من عقل من يفكر في التطبيع مع هؤلاء؟”

وكتبت مريم العراقية: "رغم خلافاتنا مع السعودية، ولكن يبقى الأخ أخا مهما فصلتنا الأمور، فكل العرب من جذر واحد وكل المسلمين تجمعهم خيمة الإسلام فيا سموتريتش لا يضر السحاب نبح الكلاب فأنت وجماعتك كلاب بالنسبة لجميع بلداننا العربية والإسلامية".

ووصف أحد المغردين سموتريتش بأنه "متخلّف متغطرس بغيض طفيلي وحشي بدائي عنصري ساذج حقير".

واستنكر أحد المغردين الصمت السعودي على تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، قائلا: "رغم أن سموتريتش مسح بالسعودية الأرض، وانتقص من قيمتهم، إلا أنه لم نسمع أو نر أي بعراني سعودي يرد أو ينتقد أو يتطاول على الكيان أو حتى على الوزير نفسه".

وتساءل: “إلى هذه الدرجة داعس الصهيوني على الخشم السعودي؟”

اعتذار مرفوض

وإعرابا عن الرفض لاعتذار سموتريتش واستنكارا لضعف الردع السعودي، قال محسن أحمد عبد المنعم: إن “الاعتذار بعد إساءته ليس انتصارا للسعودية بل انعكاس لفشل سياسي عميق؛ فالتنازل المتواصل منذ عامين دون فرض أي التزامات تردعهم عن ارتكاب الأخطاء، يكشف غياب الرؤية الإستراتيجية لدى الخليج عموما”.

وأشار إلى أن المواقف الخليجية تُدار لا بمنطق المصالح وشروط الندية، بل بمنطق تقديم الهدايا والعطايا دون مقابل، وكأن السياسة الخليجية تتعامل عاطفيا وفق انتظار حسن نية الخصم، وليس بميزان القوة والإلتزام.

ولفت عبدالمنعم إلى أن بنيامين نتنياهو كان قد اعتذر أيضا قبل شهر بعد ضربه العمق الخليجي في قطر، متمنيا أن يشدّ الخليج نفسه قبل أن يحصل على اعتذار ثالث قريبا أشدّ وطأة.

وناشد دول الخليج قائلا: "العالم كله بحاجة إلى بترولكم وأموالكم فأحسنوا استخدام ما بالأيدي يركع لكم القاصي والداني وعيشوا بعزة الإسلام وأهله، نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".

وتساءل محمد مهدي: “ما هو تفسير اعتذار الوزير الصهيوني سموتريتش للسعودية بعد الإهانة الكبيرة الّتي وجّهها لها؟”

ونقل حسن الدسوقي، عن الأكاديمي التونسي فوزي بدوي أستاذ الدراسات اليهودية ومقارنة الأديان قوله تعليقا على اعتذار سموتريتش عن إهانته للسعودية: "لا أصدق حرفا من اعتذاره الذي دُفع إليه دفعا.. ما تخفي صدورهم أكبر..".

وأوضحت منى مشك، أن اعتذار سموتريتش بعد إساءته للسعودية التي فُهِمت بأنه ينظر إليهم بأنهم رُعاة متخلفون بدائيون، ليس لأنه لا يراهم كذلك، بل لأنه يضر بعلاقات نتنياهو الوثيقة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومسار التطبيع العلني المستقبلي، وحجم الأموال التي تريد إسرائيل حلبها من ضرع الرياض.

وأكد المحلل السياسي ياسين عزالدين، أن ما قاله سموتريتش عن السعودية ليست زلة لسان وهو ليس أي شخص، هو الرجل الثاني في حكومة الاحتلال بعد نتنياهو وهو الذي يقود إسرائيل منذ عامين بالاتجاهات كافة.

وعرض حوارا سابقا لسموتريتش يتحدث فيه عن رؤيته لإسرائيل الكبرى، مشيرا إلى أن "الأردن وسوريا والعراق لاحقا، الآن تركيزه على فلسطين غربي النهر".