استنساخ "حميدتي جديد".. تفاصيل خطة "الصامت ريدج" الإماراتية لفصل الجنوب عن اليمن

إسماعيل يوسف | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

تبدو الإمارات وكأنها حسمت خيارها بإقصاء محمد بن سلمان من المشهد الجنوبي في اليمن، خاصة بعد أن طلب ولي العهد السعودي من واشنطن فرض عقوبات على أبو ظبي على خلفية دورها في الصراع السوداني.

فما جرى في محافظتي حضرموت والمهرة من طرد وانسحاب للقوات الموالية للسعودية على يد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المقرّب من الإمارات، لم يعد مجرد خلاف موضعي، بل يمثل فصلا جديدا من صراع ممتد بين الرياض وأبو ظبي، تتداخل خطوطه من السودان إلى اليمن، ويكشف اتساع الهوة بين الطرفين.

وتشير التسريبات إلى أن الإمارات تعمل على تشكيل قوة موازية خارج إطار الدولة اليمنية، على غرار تجربة قوات الدعم السريع في السودان، عبر تعزيز نفوذ قوات "النخبة الحضرمية" بقيادة أبو علي الحضرمي، تمهيدا لفرض أمر واقع يقود نحو فصل الجنوب، بأسلوب يشبه ما يجرى في دارفور.

في المقابل، تحشد الرياض قوات "تحالف قبائل حضرموت" بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش لتأمين الهضبة النفطية وخطوط الإمداد الحيوية. إلا أن تراجع هذه القوات وانسحابها من مواقعها الإستراتيجية في الجنوب يجعل المشهد مفتوحا على سيناريوهات متعددة، وسط توقعات بتصعيد أكبر بين القوى المتنافسة.

ويرى محللون أن هدف الإمارات لا يقتصر على السيطرة على الثروة النفطية في جنوب اليمن وموانئه الحيوية، كما فعلت في السودان وليبيا، بل يتعداه إلى مشروع أخطر يتمثل- وفق مخاوف سياسيين يمنيين- في الدفع نحو فصل الجنوب بقيادة "حميدتي جديد" بصيغة يمنية.

وتُعد حضرموت أكبر محافظات اليمن؛ إذ تشكل نحو 36% من مساحة البلاد، وتضم أبرز الاحتياطيات النفطية، بالإضافة إلى موانئ مهمة مثل المكلا والشحر ومحطة التصدير في الضبة. 

ومع كون 80% من إنتاج النفط اليمني يأتي من هذه المناطق، فإن السيطرة على حضرموت تمنح القوة المهيمنة نفوذا اقتصاديا حاسما وقدرة على التحكم بطرق الملاحة المؤدية إلى بحر العرب.

هل ينفصل الجنوب؟

بعد سلسلة من المواجهات المسلحة، فرض المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم عسكريا وسياسيا من الإمارات، سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة. وفي خطوة غير متوقعة، انسحبت القوات الموالية للسعودية من حضرموت في 8 ديسمبر/كانون الأول 2025 دون أي مقاومة تُذكر، ما فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول مستقبل الجنوب اليمني.

وكانت قوات المجلس الانتقالي في بدايات تشكيلها جزءًا من التحالف الذي قادته السعودية عام 2015 ضد الحوثيين، قبل أن تنقلب على الحكومة اليمنية الشرعية، وتسعى لفرض إدارة ذاتية في الجنوب، بما في ذلك مدينة عدن التي تُعد مركز الثقل السياسي للحكومة المعترف بها دوليا.

ومع تصاعد خطاب الانفصال داخل المجلس الانتقالي الجنوبي، وطرحه مشروع "دولة الجنوب العربي" عقب سيطرته على حضرموت والمهرة، تراجعت الرياض عن تفاهمات التهدئة التي كانت ترعاها، وأعادت تموضع قواتها داخل المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية في عدن.

وباتت الأوضاع في الجنوب مفتوحة على احتمالات متعددة، في انتظار الخطوة السعودية المقبلة، خصوصا أن المجلس الانتقالي لم يُبدِ أي استعداد للتراجع عن تقدمه الأخير، فيما تزداد الضبابية حول خيارات الرياض في ظل اتساع الشرخ مع الإمارات، وامتداد التنافس بينهما إلى ساحات أخرى، أبرزها السودان.

وفي تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية بتاريخ 8 ديسمبر 2025، يُرجَّح أن تلجأ القوات المدعومة من الإمارات إلى المطالبة باستقلال الجنوب بعد سيطرتها على حضرموت وشبوة، مؤكدة أن المجلس الانتقالي بات يهيمن على المحافظات الجنوبية الثماني، في ما يُعد انتكاسة كبيرة للمملكة العربية السعودية.

وتشير الصحيفة إلى أن سيطرة القيادة العسكرية المدعومة من الإمارات على كامل الجنوب “تفتح الباب أمام إمكانية إعلان دولة جنوبية مستقلة، وإعادة اليمن إلى واقع ما قبل الوحدة عام 1990”.

وتصف ميساء شجاع الدين، كبيرة المحللين في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، ما يجرى بأنه “أخطر نقطة تحوّل منذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين عام 2015”، وترى أن إحكام الإمارات قبضتها على التشكيلات المدعومة سعوديًا قلب التحالفات الإقليمية والمحلية، ومهّد لاحتمال وقوع صدام مباشر مع الرياض.

وتضيف أن المجلس الانتقالي يستخدم مكاسبه العسكرية كورقة تفاوضية للضغط من أجل حكم ذاتي، بينما تشعر السعودية بقلق بالغ على مستقبل حدودها الجنوبية، خاصة في ظل الهجمات الحوثية السابقة التي نالت عمق أراضيها.

وتشير الغارديان كذلك إلى أن ضوءا أخضر إماراتيا ربما سُمح به للمجلس الانتقالي للتحرك، بعد أن أثار طلب الرياض من دونالد ترامب التدخل في الحرب السودانية- التي تدعم فيها أبو ظبي قوات الدعم السريع-غضب القيادة الإماراتية.

من جانبه، يرى أحمد ناجي، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، أن تصعيد المجلس الانتقالي ستكون له انعكاسات إقليمية مباشرة على السعودية. قائلا: إن التغيير في موازين القوى داخل اليمن يضع الرياض أمام سؤال محوري: كيف سيكون ردها، خاصة مع تأثير ذلك على أمنها القومي؟، وذلك وفق ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" في 8 ديسمبر 2025.

حتى الآن، اكتفت السعودية بإجراءات محدودة، أبرزها منع إصدار تصاريح الطيران من وإلى مطار عدن، خصوصًا للطائرات الإماراتية، في خطوة عدها مسؤول حكومي يمني “رسالة سياسية واضحة” موجهة إلى الانفصاليين المدعومين من أبو ظبي.

ما الذي تريده الإمارات؟

تسارعت وتيرة التوتر في الجنوب اليمني بعدما دفعت الإمارات بتعزيزات عسكرية كبيرة من عدن وشبوة، قبل أن ترسل قواتها للسيطرة على حضرموت وشبوة. هذا التقدم دفع القبائل المحلية إلى إعلان التعبئة العامة. محذّرة من أن أي وجود غير يمني سيعد "احتلالا مباشرا" للمحافظة.

ووفق مصادر قريبة من التحالف القبلي، تعمل أبو ظبي وفق خطة تحمل اسم "الصامت ريدج"، هدفها السيطرة على الهضبة النفطية وقطع طرق الصحراء المؤدية إلى الحدود السعودية، بما يؤدي إلى عزل نفوذ الرياض وإحكام قبضتها على الشرق اليمني.

منصة "دارك بوكس"- المتخصصة في كشف المخططات الإماراتية- وصفت معركة حضرموت بأنها محطة كشفت عمق الشرخ بين الرياض وأبو ظبي. مؤكدة أن اليمن تحول إلى ساحة صراع مباشر بين الطرفين. وفي تقرير استقصائي، قالت المنصة: إن التسريبات تشير إلى أن طموحات أبو ظبي تتجاوز الاستحواذ على النفط؛ إذ تسعى لبناء قوة عسكرية موازية خارج مؤسسات الدولة، مستلهمة نموذج قوات الدعم السريع في السودان، أي ما يشبه "حميدتي يمني" يجرى إعداده في حضرموت.

وأكد التقرير أن معركة حضرموت كشفت عن انهيار التفاهمات بين السعودية والإمارات، وأن الخلافات التي بدأت في السودان امتدت إلى اليمن، ما يمهّد لإعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي.

ورغم محاولة الحكومة اليمنية احتواء الأزمة عبر إقالة المحافظ الموالي للإمارات، فإن القرار بدا بلا تأثير عملي في ظل الحضور الأمني والعسكري القوي لأبو ظبي داخل المحافظة.

في المقابل، حذرت لجان المهرة الموالية للرياض من أن الإمارات تمضي نحو إنشاء "قوة اقتصادية وعسكرية مستقلة" في شرق اليمن، بما يعيد إنتاج سيناريو دارفور، ويدفع المنطقة نحو صراع طويل الأمد.

وتشير مصادر يمنية إلى أن الإمارات تسعى فعليًا لاستنساخ نموذج قوات الدعم السريع في حضرموت، عبر إنشاء قوة موازية تتجاوز سلطة الحكومة المعترف بها دوليًا. ويؤكدون أن المحافظة تقف على حافة تكرار التجربة السودانية، وسط تصادم مشاريع النفوذ بين الرياض وأبو ظبي، ورفض واسع من السكان المحليين لتحويل أرضهم إلى ساحة تصفيات إقليمية.

وليس الصراع السعودي الإماراتي جديدًا على الساحة اليمنية، لكن التحركات الأخيرة لقوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيًا بقيادة أبو علي الحضرمي، ضد تحالف قبائل حضرموت المدعوم سعوديًا، تعزز الاعتقاد بأن أبو ظبي تعمل على إنشاء قوة منفصلة خارج مؤسسات الدولة اليمنية، تُمكّنها من التحكم العسكري والسياسي والاقتصادي بالمنطقة.

وصف أندرياس كريغ، أستاذ كلية الملك في لندن والمحلل في شؤون المخاطر الجيوسياسية، في تعليق نشره عبر منصة "إكس"، التحركات الإماراتية في اليمن بأنها "صفعة قوية في وجه السعودية". مشيرًا إلى أن الرياض تنظر إلى الصراع في اليمن بوصفه قضية أمن قومي وليست حربًا اختيارية كما هو الحال بالنسبة لأبو ظبي.

وأوضح كريغ أن الإمارات استغلت اللحظة السياسية والعسكرية الراهنة لتوسيع نفوذها على الأرض، ومنحت الانفصاليين الضوء الأخضر للتحرك، بينما تعيش السعودية حالة من "الشلل الإستراتيجي والضياع في إدارة الملف اليمني".

وأضاف أن الرياض كانت تحاول بناء زخم نحو اتفاق شامل مع الحوثيين بوساطة عُمانية، إلا أن الإمارات—بتصرفاتها الأخيرة—وضعت "إسفينًا" في طريق هذا الحل الدبلوماسي، ما أتاح لحلفائها في الجنوب شنّ هجوم مباغت.

وأكّد كريغ أن قوة السعودية ومكانتها الإقليمية تواجهان تحديًا واضحًا من جانب أبو ظبي، التي وصفها بأنها أكثر مرونة وحزمًا وقسوة، وتتبنى "عقلية البدو القاضية بمضاعفة الجهود" لتحقيق أهدافها، على الأقل على المدى القصير.

خطة "الصامت ريدج"

تثار تساؤلات كثيرة حول خطة الإمارات في اليمن والمعروفة باسم "الصامت ريدج" (Silent Ridge)، والتي يُعتقد أنها تمثل المرحلة الأعمق والأكثر سرية في مشروع النفوذ الإماراتي داخل الجنوب والشرق اليمني. ورغم غياب أي إعلان رسمي، فإن تقارير صحفية واستخبارية—محلية وأجنبية—كشفت أجزاء من هذه الخطة التي تُنفّذ بعيدًا عن الأضواء.

ويعود اسم الخطة إلى فيلم إثارة وغموض يحمل الاسم نفسه، يتسم بطابع "القتل الوحشي" والأحداث المعقدة، وهو ما عدّه محللون توصيفًا مقصودًا لطبيعة المشروع الإماراتي في اليمن: خطة صامتة… لكنها قاتلة.

وقد كشف موقع "دارك بوكس" التحليلي في تحقيق مطول، جانبًا من هذه الخطة، موضحًا أن الإمارات تعمل على تحويل قوات محلية في حضرموت—خصوصًا قوات النخبة الحضرمية—إلى قوة موحّدة تخضع لقيادة مباشرة من ضباط إماراتيين، متجاوزة بذلك مؤسسات الدولة اليمنية. ووفق التحقيق، تهدف هذه القوة إلى السيطرة على المحاور النفطية والطرق الإستراتيجية، والتحكم بموارد حيوية مثل خطوط أنابيب النفط، ومنافذ الصحراء، والمسار الواصل من حضرموت إلى الحدود السعودية.

وتقع القيادة الميدانية لهذه القوة بيد القائد العسكري أبو علي الحضرمي، الذي يرتبط مباشرة بضابط إماراتي يُدعى طارق المزروعي، وتُرجّح التقارير أنه يعمل ضمن برنامج إماراتي سري داخل اليمن لتأسيس نفوذ إستراتيجي طويل الأمد.

وتهدف خطة "الصامت ريدج" بالأساس إلى تثبيت نفوذ إماراتي مستقل في جنوب وشرق اليمن عبر بناء قوة موازية لقوات الدولة، تفرض واقعًا جديدًا على الأرض يتيح لأبو ظبي امتلاك سلطة على الموارد والمواقع الحساسة دون الحاجة للمرور عبر الحكومة الشرعية.

ولا يقتصر المشروع على حضرموت وحدها، بل يمتد—وفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس بتاريخ 21 أكتوبر 2025—إلى قواعد ومدارج جوية في جزر يمنية استراتيجية، بينها جزيرة زقر. بالإضافة إلى وجود إماراتي متنامٍ في البحر الأحمر وباب المندب، ما يمنح أبو ظبي قدرة على التحكم بأحد أهم الممرات البحرية العالمية.

ورغم عدم صدور أي تصريح رسمي من الإمارات يؤكد أو ينفي وجود هذه الخطة، فإن المعطيات الميدانية تشير إلى أن أهدافها الإستراتيجية تشمل:

أولًا: السيطرة على الطاقة والممرات الحيوية: حضرموت تُعد أغنى محافظات اليمن بالنفط، والسيطرة على خطوط التصدير ومداخل الصحراء تمنح الإمارات نفوذا اقتصاديا وإستراتيجيا ضخما.

ثانيا: تعزيز السيطرة البحرية: المواقع والجزر اليمنية تمنح الإمارات امتدادًا بحريًا في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو أمر بالغ الأهمية للتجارة الدولية وسلاسل الإمداد.

ثالثا: تجاوز الدولة اليمنية الضعيفة: انهيار مؤسسات الدولة يجعل من السهل تحويل القوى المحلية إلى تشكيلات ممولة ومدعومة خارج الإطار الرسمي، وهو ما يعزز نفوذ الإمارات ويقلل اعتمادها على الحكومة.

رابعًا: امتلاك أوراق ضغط في أي تسوية مستقبلية: من يسيطر على الأرض والموارد يملك القول الفصل في مفاوضات مستقبل اليمن، سواء حول الجنوب أو شكل الحكم أو إدارة الساحل.

وتحذر تقارير محلية يمنية من تداعيات الخطة، وترى أنها تزيد تفتيت اليمن وتُشعل تنافسًا على النفوذ قد يقود إلى صدامات داخلية، خصوصًا مع رفض سكان حضرموت والمهرة تحويل مناطقهم إلى ساحة صراع سعودي–إماراتي. أما الخطر الأكبر فيتمثل، كما تقول هذه التقارير، في إضعاف السلطة الشرعية وتعزيز سيطرة الحوثيين في الشمال نتيجة انشغال التحالف بصراع داخلي بين الرياض وأبو ظبي.

تنسيق إماراتي – إسرائيلي؟

وتكشف تحليلات إسرائيلية عن بُعْد إضافي شديد الحساسية؛ فقد نشر الخبير الإسرائيلي آفي أفيدان تحليلاً موسعًا على منصة "إكس"، تحدث فيه عن ما سماه "إستراتيجية الكماشة" الإماراتية– الإسرائيلية في اليمن، والتي تهدف إلى "محاصرة قوات صنعاء والتفوق عليها في كل منعطف".

وأوضح أفيدان أن هذه الكماشة تمتد من جزيرة سقطرى—حيث توجد "مراكز استخباراتية مشتركة" بين الإمارات وإسرائيل- إلى عدن، وصولًا إلى حضرموت ذات الامتداد الجغرافي الواسع. وأشار إلى أن السيطرة على هذه المناطق تضمن تأمين الموانئ والنفط وطرق التجارة المؤثرة على 30% من حركة الشحن العالمية.

كما أشاد المحلل الإسرائيلي بتصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، الذي أعلن في سبتمبر 2025 استعداد "جنوب اليمن للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية"، في خطوة عدّها محللون جزءًا من المشهد الإستراتيجي الجديد الذي تُرسم ملامحه في الجنوب.

الصراع السعودي الإماراتي 

يبرز الصراع بين السعودية والإمارات بشكل واضح في محافظة حضرموت التي تُعد منطقة إستراتيجية غنية بالنفط والموارد الطبيعية، ويتجلى هذا التنافس بين قوتين محليتين: تحالف قبائل حضرموت المدعوم سياسيًا وعسكريًا من الرياض، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تديره وتشرف عليه أبو ظبي عبر ضباط إماراتيين. ويسعى الطرفان إلى ترسيخ نفوذهما في المنطقة من خلال وكلائهما المحليين.

غير أن المواجهات الأخيرة بين هاتين القوتين كشفت حجم التوتر الكامن بين العاصمتين الخليجيتين، وأظهرته إلى العلن، وفق ما ذكرته نيويورك تايمز في 3 ديسمبر/كانون الأول 2025. فبعد أن قاد البلدان تحالفا عسكريا مشتركا ضد الحوثيين، اتسعت الفجوة بين سياساتهما الخارجية في السنوات الأخيرة، إذ بات كل منهما يدعم أطرافًا متنافسة في كل من اليمن والسودان.

ويرى محمد الباشا، مؤسس "تقرير باشا" والمختص بإدارة المخاطر، أن توجيه الإمارات للفصائل الجنوبية للسيطرة على الجنوب يُعد "جزءًا من حرب باردة بين السعودية والإمارات". بحسب ما نقلته فايننشال تايمز في 10 ديسمبر/كانون الأول 2025.

كما تشير ذا كرادل (8 ديسمبر/كانون الأول 2025) إلى أن الرياض باتت تنظر إلى حضرموت كركيزة أساسية لضمان نفوذها الأمني والسياسي والاقتصادي، وذلك عبر دعم تحالف قبائل حضرموت وتمكينه من إدارة الأمن والموانئ والموارد النفطية، بما يُتيح لها تجاوز القيود الجغرافية التي يفرضها مضيقا هرمز وباب المندب.

في المقابل، تعكس المساعي الإماراتية للسيطرة على المكلا والشحر وميناء الضبة النفطي، ضمن شبكة نفوذ تمتد من جنوب اليمن إلى القرن الأفريقي، تمسك أبو ظبي بسياسة تنافسية مباشرة مع الرياض.

وتُظهر خريطة الانتشار العسكري السعودي- الممتدة من عدن وسقطرى والمهرة إلى ميون وشبوة ومأرب وحتى الحدود الشمالية — إضافةً إلى دعمها تشكيلات عسكرية مرتبطة بها مثل "درع الوطن" و"قوات حماية حضرموت" و"ألوية اليمن السعيد"، حجم العزم السعودي على تعزيز حضورها في اليمن.

ولم يكن هذا الخلاف جديدًا؛ إذ سبق أن تصادمت مواقف الدولتين حول الملف اليمني، خاصة في عام 2019 حين اتهمت الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض الإمارات بشن غارات جوية ضد قواتها. كما يتجلى التباين بينهما اليوم في السودان؛ حيث تُتهم أبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع بالأسلحة، بينما تقف الرياض إلى جانب الجيش السوداني.