توفيق أبو نعيم.. رفيق السنوار بالأسر والحرية قد يقود حماس في غزة

قضى توفيق أبو نعيم 22 سنة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي
مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، عادت إلى الواجهة التساؤلات عن هوية الرئيس القادم لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة.
ويرأس حماس في غزة اليوم القيادي البارز خليل الحية من خارج القطاع، وقد بدأ أداء هذه المهمة بعد استشهاد رئيس الحركة السابق في المنطقة المحاصرة يحيى السنوار.
ويبرز إلى الواجهة اسم القيادي السياسي والأمني توفيق أبو نعيم كأبرز مرشح لقيادة حماس في القطاع، خاصة بعد اغتيال إسرائيل معظم الشخصيات الأكثر شهرة خلال العدوان على غزة (2023 - 2025).

من هو؟
توفيق عبد الله سليمان أبو نعيم من مواليد عام 1962 في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين بالمحافظة الوسطى في قطاع غزة. ولد لأسرة فلسطينية لاجئة تعود أصولها إلى مدينة بئر السبع المحتلة، وهو متزوج وله ثلاثة أولاد وبنت.
درس المرحلة الأساسية في مدرسة تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مخيم البريج، والمرحلة الثانوية في مخيم النصيرات، وحصل على الثانوية العامة عام 1980.
نال درجة البكالوريوس من كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة عام 1985، كما حصل على درجة الماجستير في العقيدة الإسلامية عام 2013 ودرجة الدكتوراه في نفس التخصص من جامعة البطانة في السودان عام 2021.
انتمى لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين عام 1983، وعاصر تأسيس حركة حماس وكان مقربا من مؤسسها الشيخ الراحل أحمد ياسين، ونشط في تنفيذ فعالياتها.
شكَّل مع القياديين الراحلين يحيى السِّنوار وروحي مشتهى عام 1985، جهازا أمنيا كان يتبع لجماعة الإخوان المسلمين عرف باسم "المجد"، وتلخصت مهمته في ملاحقة العملاء وتصفيتهم.
اعتقلته قوات الاحتلال لمدة 4 أشهر في سجن غزة المركزي عام 1988، ثم أعادت اعتقاله في عام 1989، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة.
وجاء الاعتقال بتهمة المسؤولية المباشرة عن تأسيس كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والذي كان اسمه في ذلك الحين “المجاهدون الفلسطينيون”.
كما أضاف الاحتلال له تهمة ملاحقة عملاء متخابرين مع إسرائيل إبان اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
وهدم الاحتلال منزل عائلة أبو نعيم عام 1989، وقصف بيته ثلاث مرات خلال الحرب في أعوام 2012، 2019، 2021.
قضى من محكوميته داخل سجون الاحتلال 22 عاما متواصلة، قبل أن يطلق سراحه ضمن صفقة "تبادل أسرى" أبرمتها حماس مع إسرائيل عام 2011، وتم الإفراج بموجبها عن 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
كان أحد قيادات الحركة الفلسطينية الأسيرة، واختير نائبا لرئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في سجون الاحتلال، ومسؤولا عن اللجنة القانونية فيها بين عامي (2004-2011).
شغل أبو نعيم عقب الإفراج عنه رئاسة جمعية "واعد" للأسرى والمحررين وترأس رابطة الأسرى والمحررين منذ عام 2012، وكان من مسؤولي ملف الشهداء والأسرى في حركة حماس عام 2013.
وخلال العام 2013، ترأس جهاز العمل الجماهيري في حماس وأصبح مسؤولا عن ملف العلاقات الوطنية والتنسيق الفصائلي بالحركة، ومسؤولا عن ملف اللاجئين السوريين إلى قطاع غزة عام 2014.
كما كان مسؤولا عن الدائرة القانونية في حركة حماس بين عامي 2017-2021، وانخرط في العمل المؤسساتي العام.
أصبح مديرا عاما لقوى الأمن الفلسطينية في غزة عام 2015، ووكيلا لوزارة الداخلية والأمن الوطني عام 2016، ومديرا عاما لقطاع الأمن في اللجنة الحكومية في القطاع بين عامي 2017-2021، وهو يحمل رتبة لواء.
تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في أكتوبر 2017 من قبل جماعة وصفتها وزارة الداخلية بالتكفيرية، عملت على تفجير سيارته في مخيم النصيرات، ما أدى إلى إصابته بجراح متوسطة.

رفيق السنوار
تقول صحيفة إسرائيل اليوم: إن عدم الإفراج عن كبار قادة حماس أمثال إبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعبد الله البرغوثي، وعباس السيد، في الصفقات الثلاث خلال الحرب الأخيرة على غزة، جعل الحركة تشعر بالضياع، وفق وصفها.
واستدركت في 18 أكتوبر 2025، أن هؤلاء ليسوا الوحيدين، إذ إن توفيق أبو نعيم أحد تلاميذ الشيخ أحمد ياسين، ما زال حيا وقد يقود الحركة في غزة.
وتابعت: “في السجن، أصبح أبو نعيم أحد أبرز القادة وتعلم العبرية بإتقان، وهناك، توطدت علاقته بالسنوار وحاولا الهروب من المعتقل معًا، لكن دون جدوى”.
وأردفت: ما كان يُعرف سابقًا بـ"المجد"، أصبح في عهد السنوار كيانًا ذا نفوذ واسع. كان القطاع يُدار تحت أعين الشرطة وأجهزة الأمن الداخلي وأجهزة الأمن العام، وصُممت جميع هذه الأجهزة لإحباط أي اختراق استخباراتي، مهما كان صغيرًا.
وواصلت القول: “عُيّن أبو نعيم في المكتب المسؤول عن هذه الأجهزة قبل عقد من الزمن، وشملت مهامه تعزيز أجهزة الشرطة، وقمع الاحتجاجات السياسية بقبضة من حديد، وتحييد الجماعات التي تعمل بإلهام من تنظيم الدولة”.
وإلى جانب هذه المهام، أقام أبو نعيم علاقاتٍ مع شخصياتٍ بارزة في المخابرات المصرية، بما في ذلك، رئيس الملف الفلسطيني أحمد عبد الخالق.
ومن خلاله، جرى التنسيق لإنشاء مواقع على طول الحدود بين غزة وسيناء، مما صعّب عمل الجماعات السلفية في شبه الجزيرة.
وقد أكسبته العمليات التي نفذها ضد تلك الجماعات في القطاع نقاطًا مهمة في القاهرة، وفق الصحيفة.
فقد عمل أبو نعيم على زيادة الإجراءات الأمنية في محاولة للقضاء على أي اختراق للحالة الأمنية على الحدود، ومنع أي عمليات تسلل أو تهريب مطلوبين.
وأكد فيما سبق أن الهدف من إعادة تموضع قوات الأمن الوطني ونشرهم هو المحافظة على استقرار الحدود وأمن مصر.
وقد أنشأ أبو نعيم 30 نقطة من قوات الأمن الوطني ملاصقة للحدود مع مصر و25 نقطة في الجانب الخلفي من الحدود لمتابعة الأمن على الحدود الفلسطينية- المصرية والحفاظ عليه.
وتقول الصحيفة: “التقييم السائد أن أبو نعيم، كغيره من كبار الشخصيات في الجهاز، استُدعي للخدمة مجددًا في مناصب رئيسية بحماس، على خلفية اتساع الفجوة في قمة القيادة (بسبب الاغتيالات) والأزمة الاقتصادية”.
وأردف: "على سبيل المثال، تبقى محمود الزهار، وهو متقدم في السن، مسؤولًا عن ملف المرأة في المكتب السياسي. أما البقية، فقد قُتلوا في الحرب أو يقيمون حاليًا في الخارج في المنفى أبرزهم خليل الحية، الذي يحمل لقبًا فارغًا هو قائد حماس في غزة (في إشارة إلى إقامته بالخارج)".
والآن سيشارك أبو نعيم بعمق في رسم ملامح ما بعد الحرب على غزة، نظرًا لخبرته السياسية الأوسع من رئيسي الجناح العسكري، عز الدين الحداد ورائد سعد، وفق الصحيفة.
وتوقعت أن يبرز أبو نعيم كشخصية رئيسة تُحرك خيوط الأمور من وراء الكواليس، حتى لو شُكِّلت لجنة إدارية تكنوقراطية.
وبينت أن جذور أبو نعيم في جماعة الإخوان المسلمين لا تُفيده إلا في العلاقات مع تركيا وقطر، وهما دولتان تنتميان إلى المحور الإسلامي الناشئ.
وختمت بالقول: “تستغل حماس الآن آليات المراقبة التي بُنيت في عهد أبو نعيم في إطار ملاحقتها للأفراد المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل”.

مواقف وتوقعات
ومن مواقفه، يرى أبو نعيم أن اتفاق أوسلو للسلام 1993 بين منظمة التحرير وإسرائيل مجحف ولا يلبي رغبة الشعب الفلسطيني.
وبين في تصريحات سابقة أن هذا الاتفاق كان مقدمة للانقسام الفلسطيني، الذي أدخل القضية في طريق صعب، وكان بالإمكان تجنبه عبر احترام نتائج الديمقراطية، في إشارة إلى أن سلطة محمود عباس انقلبت على نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2006 والتي أفضت إلى فوز ساحق لحماس.
ويعتقد أبو نعيم أن المقاومة المسلحة هي عنوان القضية، وأنه لا يمكن للفلسطينيين أن يأخذوا حقهم وأن يصلوا إلى مبتغاهم إذا تخلوا عن السلاح.
ويرى أن الشراكة الوطنية ضرورة، خاصة أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تُحمل على كتف واحدة، وأن الأمر يتطلب استيعاب الآخر، وتقديم التنازلات اللازمة من أجل تحقيق الشراكة.
في مقابلة مع صحيفة فلسطين المحلية في مارس/آذار 2023، حذّر أبو نعيم من أن "الأيام القادمة ستكون حاسمة"، مهددًا بتصعيد الاحتجاجات في السجون الإسرائيلية بسبب تدهور الأوضاع.
وقال أبو نعيم آنذاك: "إن دخول الأسرى في إضراب مفتوح عن الطعام، خاصة خلال شهر رمضان، سيشعل فتيل الأزمة داخل السجون وينذر بانفجارها".
وذكرت صحيفة إسرائيل هيوم أن أبو نعيم لمّح إلى هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قبل وقوعها بأشهر، وقالت إنه الآن، بعد تصفية معظم قيادة حماس، بدأ أول اختبار كبير له بالفعل.
وأشارت هنا إلى تلميحه باحتمالية انفجار الأوضاع بسبب التضييق على الأسرى، وذلك خلال مهرجان أُقيم في مخيم البريج لدعم المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قبل أشهر من العملية.
وبعد اندلاع هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، توارى أبو نعيم عن الأنظار، كغيره من كبار الشخصيات، ولم يظهر في أي مقابلة إعلامية.
وبعد تناول سيرة أبو نعيم وتوقع الإعلام الإسرائيلي تقلده رئاسة حماس في غزة، قال القيادي في الحركة محمد نزال إن “الأخ توفيق مناضل كبير اعتقل في سجون من الاحتلال ردحا من الزمان وكان صامدا ثابتا وبعد الإفراج عنه تولى مناصب رسمية أثبت فيها كفاءة كبيرة”.
وأوضح نزال في مقابلة مع “الجزيرة مباشر” أن “تقرير صحيفة إسرائيل اليوم استخباري يهدف إلى محاولة جس النبض ومعرفة أي معلومات عن أبو نعيم لأنه منذ 7 أكتوبر لم يظهر على الإطلاق وليس هناك معلومات عنه لدى الاحتلال”.
وأردف: “يحاول الاحتلال إلقاء الأخبار حتى يحصل على معلومات وتعليقاته عن أبو نعيم، وأنا شخصيا لا أعرف أين هو الآن وما موقعه في قطاع غزة”.
وشدد على أن “حركة حماس تختار قياداتها، عبر الانتخابات ويشمل ذلك قطاع غزة، وخلال الحرب جرى ملء جميع الشواغر بآليات معروفة داخليا”.