بعد المصالحة.. هل تستعين دول الخليج بتركيا لإيقاف تهديدات إيران؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في خطوة تصعيدية جديدة، كشف الحرس الثوري الإيراني عن قاعدة صواريخ تحت الأرض، قبالة السواحل الخليجية، توعد بالرد من خلالها على أي "هجوم للعدو يسعى إلى فرض هيمنته ومخططاته"، في إشارة على ما يبدو للولايات المتحدة الأميركية.

في 8 يناير/ كانون الثاني 2021، بثت وسائل إعلام رسمية إيرانية صورا ومقاطع فيديو تظهر قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وهو يدخل القاعدة مع قادة آخرين وتحت أقدامهم علمي الولايات المتحدة وإسرائيل على الأرض، قبل أن يتفقد مستودع الصواريخ.

وعلى ضوء هذه التطورات، أثيرت أسئلة كذلك عن مدى لجوء دول الخليج لاستدعاء تركيا إلى الخليج لإحداث نوع من التوازن بالمنطقة، ولا سيما بعد مصالحة خليجية حصلت مؤخرا خلال "قمة العلا" بالمملكة العربية السعودية في 5 يناير/ كانون الثاني 2020.

صواريخ إستراتيجية

خلال تفقده قاعدة الصواريخ السرية، قال سلامي، إن "منطقنا هو الدفاع عن وحدة الأراضي الإيرانية واستقلالها وتعزيز قوتنا.. عدونا يرفض قوة منطق إيران لأنه يعتمد منطق القوة".

وأضاف: "ليس أمام إيران سوى تعزيز قدراتها الردعية الدفاعية والهجومية لمنع العدو من فرض هيمنته ومخططاته"، مشيرا إلى أن "هذه القاعدة إحدى منشآتنا التي تضم صواريخ إستراتيجية تابعة للقوات البحرية إضافة إلى منصات إطلاق".

وأكد قائد الحرس الثوري أن "قاعدة الصواريخ تمتد على طول عدة كيلومترات، وبحريتنا تمتلك عددا كبيرا من هذه القواعد.. فهي من أكثر الصواريخ تقدما والتي تستخدم في المعارك الساحلية والبحرية"، لافتا إلى أن "قواتنا البحرية بلغت الاكتفاء الذاتي بفضل قدرتها المحلية وقوتها الهجومية".

وأفاد سلامي بأن القاعدة تضم صواريخ دقيقة يصل مداها مئات الكيلومترات، مشددا على أن قوات الحرس الثوري على أهبة الاستعداد لأي عمليات عاجلة، مشيرا إلى أن "قواتنا قادرة على القضاء على تهديدات العدو في مهدها. جاهزون لشن دفاع هجومي في أي لحظة للدفاع عن المصالح الحيوية الإيرانية في مياه الخليج".

وتعليقا على القدرات العسكرية لهذه القاعدة، قال الخبير في الشؤون العسكرية والدفاعية، بابك تقوايي: "حرص إيران على عدم كشف أي تفاصيل عن الموقع الدقيق للقاعدة العسكرية يؤكد صحة الفرضية القائلة بأن هذه القاعدة ليست جديدة النشأة".

وأضاف تقوايي خلال مقاله نشرته صحيفة "الإندبندنت" بنسختها الفارسية في 9 يناير/ كانون الثاني 2021: "في الحقيقة ما كشف عنه الحرس الثوري يوم الجمعة هو مخزن أسلحة تابع لإحدى قواعد قوات الحرس الجوية، يقع غرب مدينة بندر عباس (جنوب إيران)".

وأشار إلى أن "القوات الجوية التابعة للحرس الثوري تمتلك قاعدة عسكرية في هذه المنطقة، فيما تمنح القوات البحرية جزءا من هذه القاعدة، لكي تحفظ بها بعض أسلحتها الخاصة".

ولفت الخبير العسكري الإيراني إلى أن "صور الأقمار الصناعية تكشف أن أعمال إنشاء هذا المخزن قد بدأت أواخر أبريل/ نيسان عام 2018، فيما يبدو أن طهران كانت تعمل على إنشاء أنفاق في هذه المنطقة منذ سنوات بعيدة تتعلق بالقوات البحرية للجيش الإيراني".

وأشار إلى أن "إيران أخذت توسيع مساحة هذه الأنفاق وكذلك إضافة عدة مداخل أخرى ليصل ارتفاع هذه المداخل من 7 إلى 10 أمتار، وذلك كي تتمكن القوات من إدخال وإخراج أسلحة وعربات تحمل صواريخ".

وتابع الخبير العسكري: "أعمال إنشاء هذا المخزن أو وفق ما يقول الحرس الثوري (القاعدة الصاروخية) استخدمت مبادئ الدفاع الجوي غير العاملة، لكي تحافظ على هذا الموقع مقابل الهجمات الجوية والصاروخية للقوات المعادية في ظروف الحرب".

ورأى تقواي أن "محاولة استهداف هذا الموقع ستكون ممكنة في حالة الاستعانة بقنابل ثقيلة من طراز (جي بي يو -57) التي تزن 14 طنا، لأن الموقع والأنفاق التابعة له تقع تحت صخور السواحل الشمالية لمضيق هرمز".

نقطة تهديد

القاعدة الجديدة أثارت التساؤلات حول تداعياتها على أمن المنطقة بشكل عام، وعلى دول مجلس التعاون الخليجي تحديدا، وعن كيفية تعامل هذه الدول معها على اعتبارها تشكل تهديدا جديدا لها؟.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، عماد الجبوري: "بلا أدنى شك أن كشف الحرس الثوري عن قاعدة صواريخ، يمثل نقطة أخرى تهدد فيها الخليج العربي، لأن الموقف الإيراني يعتمد على القوة العسكرية وله أذرعه في 4 بلدان عربية، لذلك هو يميل إلى الجانب العسكري والقول: نحن قوة موجودة على الأرض ونستطيع استخدامها".

الجبوري المقيم في لندن تساءل في حديث لـ"الاستقلال" قائلا: "كيف يعقل أن تكشف إيران عن قاعدة الصواريخ هذه، والأقمار الاصطناعية سواء كانت الأميركية أو الروسية لا تكتشفها؟.

وأجاب: "من حيث السرية هي مكتشفة للدول، ولا سيما أن إستراتيجية دول الخليج العربي مرتبطة بإستراتيجية الولايات المتحدة، وهذا معلوم للجميع".

وتابع: "لذلك فإن القاعدة الإيرانية ليست سرية بقدر ما هو ضغط تمارسه طهران يتجه نحو استخدام القوة العسكرية. وأكاد أن أجزم أن إيران تعرف أنها نهايتها ستكون بعد استخدام هذه الصواريخ. الأمر ضغط عسكري من أجل أهداف سياسية لا أكثر".

وبخصوص كيفية مواجهة هذا التهديد من دول الخليج، قال الجبوري: "الفلسفة الخارجية لدى السعودية تعتمد على عدم التهور والتعجل في أي إجابة، حتى عندما أصبح مؤكدا أن إيران وراء ضرب شركة أرامكو وجدنا كيف تحركت السعودية على الجانب الدولي، على اعتبار أن هذا اقتصاد يمثل الاقتصاد العالمي، وهذه مسؤولية دولية وليست إقليمية".

وأردف الجبوري، قائلا: "أيضا عندما يؤكد أكثر من مسؤول أميركي أن إيران هي منبع الإرهاب وتبث عدم الاستقرار بالمنطقة، لذلك فإن أي تحرك من جانب إيران، على الإرادة الدولية أيضا أن تجابهه".

وعلى نحو مماثل، رصد الخبير العسكري تقواي أبرز أنواع الصواريخ الموجودة في الموقع وفق تقرير العلاقات العامة للحرس الثوري، ومنها الصواريخ الموجهة من طراز (فجر- 4 و5)، وأيضا الصواريخ غير الموجهة (فجر -1)، وصواريخ (كوثر- 1 و2)، مؤكدا أن هذه القاعدة لا تضم أي صواريخ باليستية مضادة للسفن أو مضادة للرادار.

وأوضح أن المسافة الفاصلة بين هذا الموقع والقاعدة العسكرية لقوات الحرس الثوري البحرية الواقعة في بندر عباس هي 3 كم و500 متر فقط، ما يعني إمكانية نقل بعض قطع القوات البحرية من قبيل الزوارق القاذفة للصواريخ إلى هذا الموقع في وقت قصير.

وختم الخبير العسكري، قائلا: "في حال اندلعت مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، فإن هذه القاعدة والكثير من القواعد الصاروخية للحرس الثوري التي تقع تحت الأرض أو داخل الجبال ستكون قابلة للتضرر بشكل كبير مقابل هجوم قنابل (جي بي يو -57) الثقيلة".

 الاستعانة بتركيا

الخبير السياسي عماد الجبوري، استبعد أن يكون لتركيا ذلك الثقل في الخليج العربي باستثناء القاعدة العسكرية في قطر لأسباب خاصة محدودة جدا، فهناك ثقل أميركي موجود وارتباط إستراتيجي ما بين دول الخليج العربي والولايات المتحدة علاوة على ارتباطات أخرى مع فرنسا وبريطانيا.

وأردف: لذلك لا أتصور دخول تركيا وأن تكون طرفا يقابل الطرف الإيراني، وكأن القوة العربية لا وجود لها إلا تحت المظلات الخارجية، لكن هذا لا يمنع من القول إنه بعد المصالحة فإن هناك توجها جديدا أن تكون العلاقة أكثر أريحية بين السعودية وتركيا هذا أمر وارد وإيجابي.

ورغم الخلافات العميقة بين أنقرة والرياض، بشأن العديد من القضايا الإقليمية، أبرزها ملفات قطر وليبيا ومصر بعد الانقلاب العسكري صيف 2013، إلا أن شركات الدفاع التركية الكبرى استحوذت على عدد من "عقود التسليح" داخل المملكة العربية السعودية.

وفي 24 يونيو/ حزيران 2020، نشرت مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية المعنية بالشؤون الاستخباراتية، أن شركات الدفاع التركية في طور التفاوض للاستحواذ على عقود جديدة بالرياض بفضل الحلفاء المتمتعين بعلاقات جيدة في مجال الأعمال.

المجلة خصت بالذكر الوكيل السعودي المعروف عمر بن علي بن عمر بابطين، الذي يترأس مجموعة من الشركات المنضوية تحت مظلة "شركة عمر علي بابطين وإخوانه"، والتي يطلق عليها أيضا اسم "Alomba Group".

ويتمتع بابطين باتصال مباشر مع كبار المسؤولين في تركيا لسنوات طويلة، حيث أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المخترقة التي نُشرت على شبكة الإنترنت عام 2015 أنه كان على اتصال مباشر مع إرشاد هورموزلو، المستشار السابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وذكرت المجلة أن بابطين عمل بانتظام على نطاق واسع لصالح الشركات التركية في السعودية، ومن بين أهم تلك الشركات، عملاق صناعات الدفاع التركية "هافيلسان Havelsan"، التي فازت بعقد توريد أنظمة توجيه الصواريخ للقوات الجوية الملكية السعودية (RSAF).