بروكينجز ترسم الخارطة الجيوسياسية الجديدة في الشرق الأوسط

12

طباعة

مشاركة

في نهاية 2018 أصدر مركز بروكينجز تقريرا عن تقويم خبراء مركز الدراسات الأول في العالم للتحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وسط تراجع أمريكي في ملفات المنطقة وتقدم كبير يحرزه الروس والإيرانيون.

ويعرض التقرير اللاعبين المؤثرين في الشرق الأوسط، وهم: السعودية، وإيران، وتركيا، وإسرائيل، بالإضافة إلى روسيا، كما يناقش أهداف كل منهم، والتحالفات التي نشأت بينهم. فريق تحرير صحيفة "الاستقلال" قرأ التقرير ولخصه للقارئ العربي.

استبعاد العواصم العربية من المشهد

لم تبرح الولايات المتحدة الأمريكية تقاتل عدوا تلو عدو في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2003، ولكن ينبغي أن ننتبه إلى تحولين رئيسين حدثا في الأعوام القريبة الماضية.

  • أولها: تشظي النظام وانتشار العنف في هذه القطعة من العالم، بعد أن انحرف الربيع العربي عن مساره، إذا ما نظرنا على سبيل المثال في سنوات الـ 2000 فإننا سنجد أن حصة الشرق الأوسط من نسبة القتلى في الحروب حول العالم لا تتجاوز 8%، ولكن في السنوات الخمس الأخيرة بلغت 70%، وإذا أردنا الحقيقة فإن 95% من قتلى الحروب اليوم هم من بلدان العالم الإسلامي. قد تسمعون عن صعود العنف في العالم، وهذا ليس صحيحا، فالصراعات تتناقص في كل مناطق العالم، عدا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
  • التحول الثاني: هو انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة، وهو أمر يصعب قياسه، ولكن ثمة قناعة عامة بأن دور الولايات المتحدة في المنطقة أخذ في التراجع بشكل كبير على مستوى التواجد والمسؤولية التي كانت تحملها من قبل تجاه المنطقة.

ولكن مع الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته دول عدة في المنطقة في بداية القرن، مثل تركيا والإمارات وقطر وروسيا، فإن خارطة القوى السياسية ستختلف.

أشار التقرير إلى أن المنطقة أخذت تشهد تحولا كبيرا منذ عام 2011، فقبل هذا التاريخ كان السؤال المتعلق بماذا يحدث في الشرق الأوسط؟ يرتبط آليا بالسؤالين، الأول ما موقف أمريكا مما يحدث، والثاني؛ ما موقف العواصم العربية مما يحدث؟ مثل دمشق والقاهرة وبغداد وغيرها من العواصم.

أما اليوم فلا نكاد نتساءل عن موقف هذه العواصم؛ فدمشق في حرب أهلية دامية، وبغداد منشغلة بإدارة شأنها الداخلي منذ عام 2003، وكذلك القاهرة في استحواذ السياسات الداخلية على أدائها الخارجي منذ 2011، وبهذا لم تعد هذه الدول الكبرى في العالم العربي تمثل دورا جيوسياسيا مؤثرا.  

"الناجون" من الربيع العربي

ويقرر خبراء التقرير أننا متى أردنا النظر إلى اللاعبين المؤثرين فإننا سننظر إلى البلدان التي نجت من انتفاضات الربيع العربي، وحققت نموا اقتصاديا، مثل السعودية، وإيران، وتركيا وإسرائيل. فالسعودية كما يرى التقرير هي الدولة العربية الوحيدة التي تمثل دورا جيوسياسيا مهما.

أما إيران فتبقى لاعبا مهما وإن كانت تعاني من إشكاليات داخلية كبرى؛ فالبرغم من اجتياح بعض المظاهرات الشعبية إلا أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه هبّات الربيع العربي، وحافظت على تأثيرها في سائر الملفات الإقليمية، وتمثيل دور الخصم اللدود للولايات المتحدة.

ثم تعرض التقرير لتركيا التي تولت -بقيادة رئيسها رجب طيب أردوغان- قدرا كبيرا من الاهتمام بالعالم العربي بشكل غير مسبوق كما شكّلت ولاءات مع جماعة الإخوان الإسلامية ومع دولة قطر. وأخيرا إسرائيل التي تشهد استقرارا ونموا اقتصاديا كبيرا، بالإضافة إلى تحالفات جديدة مع الدول السنّية في المنطقة.

وذكر التقرير أنه بالإمكان إضافة لاعبين مهمين إلى الأربعة السابقين، وهما الولايات المتحدة وروسيا؛ فأمريكا تظل لاعبا أساسيا على الرغم مما يقال من تراجعها وانسحابها من المنطقة بسبب سياسات إدارة أوباما، ثم سياسة دونالد ترامب، بيد أنها ما زالت تشكل دورا محوريا على أي حال.

أما روسيا فقد عادت إلى المنقطة كلاعب مؤثر، من خلال المسألة السورية، حتى أصبحنا نرى الوفود العربية والدولية التي تناقش المسألة السورية تتردد باستمرار على العاصمة الروسية موسكو.

وعليه، لخص أحد الخبراء، بناء على متصدر الوضع الجيوسياسي في المنطقة في المعادلة التالية: أربعة (السعودية،إيران، تركيا، إسرائيل) زائد اثنين (روسيا وأمريكا) و يمكننا إضافة مصر التي ما زالت حريصة أن تكون لاعبا مؤثرا خاصة في ملف قطاع غزة، فتصبح المعادلة أربعة زائد اثنين زائد واحد.

دور أبو ظبي

وأشار أحد الخبراء، وهو بروس رايدل رئيس مكتب الإستخبارات الأمريكية إلى أننا ينبغي أن نضيف أبو ظبي، ويخصص هنا أبو ظبي دون الإمارات، لسببين رئيسين: أولهما: اختلاف سياسة أبو ظبي عن جاراتها، فإمارة دبي مثلًا قد أظهرت اختلافا كبيرا في السياسة الخارجية عن سياسة أبو ظبي؛ وثانيا: القدرة المالية الضخمة، فثروة أبو ظبي تعادل ثروة دول، وهي كما يسميها البنتاغون "اسبرطة الشرق الأوسط".

تملك أبو ظبي تأثيرا خارجيا مهولا، فهي تتحكم في موانئ في اليمن وفي القرن الإفريقي. ويقول رايدل، "إن محمد بن زايد يذكرني بما كان عليه حمد بن جاسم قبل عشر سنوات، الذي بدا رئيس وزراء دولة صغيرة لكن لها تأثير كبير في المنطقة".

ولفت خبير آخر انتباهنا إلى حدود الدور الإماراتي قائلا، "يجب أن لا نبالغ في دور الإمارات، فهي ما تزال لاعبا صغيرا مقارنة بالسعودية، فمتى ما حاولت أبو ظبي شيئا ولم تسمح به السعودية فإنه لن يتم، ولنا في الحل السياسي الذي تقترحه الإمارات في اليمن بخصوص الانفصال بين الشمال والجنوب، أكبر مثال على هذا".

وذكر التقرير على لسان أحد الخبراء أن اعتبار مصر لاعبا مؤثرا فيه مبالغة، فقد أثبتت الأحداث أن ثقل التأثير السياسي انتقل منها إلى دول الخليج. غالبا ما تُعد مصر مؤثرة في ملف السلام الفلسطيني الإسرائيلي، ولكنها لم تعد تحمل أي تميّز حتى في هذا الملف عن دول أخرى، مثل الأردن.

وأضاف، يمكننا شرح أسباب الفراغ السياسي في العالم العربي في لحظات معينة، مثل ما حصل للعراق، جراء الحروب التي تورطت فيها، ولكن في مصر الأمر يبقى لغزا، فكيف لدولة كانت رائدة في السياسة العربية منذ الخمسينات أن تغيب عن التأثير الخارجي فجأة، وبدون تورطها في حروب.

ولمح التقرير إلى مستقبل يقظة عراقية، مؤكدا أنه لا ينبغي إهمال العراق الذي يمتلك احتياطي ضخم من النفط والغاز وعدد السكان، ليكون مؤثرًا. وهذا يمكنه أن يكون جوابا لمن هو اللاعب المؤثر القادم إضافة إلى من ذكرنا من اللاعبين، فإن الإجابة بكل تأكيد ستكون العراق.

المصالح  والأهداف الاستراتيجية للاعبين الإقليميين

يعرض التقرير الأهداف الاستراتيجية لكل دولة من الدول المؤثرة في المنطقة ويبتدأ بإيران، التي تقودها رغبة في استمرار هذه الحكومة، التي تشعر بعزلة عالمية منذ ثورتها في عام 1979، ويسعى الغرب -في نظرهم- إلى تدميرها والتخلص منها.

ترى إيران نفسها مشروعا ثوريا مستمرا يعتمد على التوسع ونشر العقيدة الثورية المضادة للإمبريالية الغربية. كما ارتبطت هذه العقيدة الثورية بالمذهب الشيعي الذي ينص عليها الدستور الإيراني. أخذ البلد في التوسع من خلال دعم الجماعات المسلحة التي تنتمي إليها أو تخدم مصالحها، ولعل أبرز سلاح في ترسانة الجمهورية الإسلامية في العالم العربي هو حزب الله الذي عملت إيران على تمويله وتسليحه حتى صار أهم معين للحرس الثوري الإيراني، لا سيما في صراع الثورة السورية.

رأت إيران الدخول في مواجهة إسرائيل هدفا إستراتيجيا و إيديولوجيا مهما، فبالإضافة إلى أن إسرائيل هي المنافس الوحيد للنفوذ الإيراني على المنطقة، كانت نصرة القضية الفلسطينية فعلا ترويجيا لكسر عزلة إيران في العالم السني.

وحدد التقرير الخصوم الرئيسيين للاستراتيجية في ثلاث دول، أمريكا والسعودية وإسرائيل.

السعودية:

هناك أربعة أهداف رئيسية في الإستراتيجية السعودية وهي كالتالي:

  • مواجهة إيران، التي تمثل الخطر الأكبر في المنطقة. وتدمج السعودية في مكافحتها، مكافحة المذهب الشيعي، الذي تراه مذهبا متماهيا مع إيران وعلامة على نفوذها.
  • مواجهة حركات التحرر العربية؛ لقد اتخذت السعودية مهمة إفشال الربيع العربي الذي يهدد وجودها كملكية مطلقة وسط محيط من الهبات الشعبية المطالبة بالحكم الديموقراطي.
  • مكافحة الإرهاب، والحركات الجهادية كتنظيم الدولة والقاعدة.
  • مواجهة إسرائيل، وهذا الهدف أصبح مشوشًا في الفترة الأخيرة لدى الحكومة السعودية.

وقد تتداخل هذه الأهداف في وجهة نظر السعودية، ففي مواجهتها لثورة البحرين كانت المملكة تواجه إيران والشيعة، كما تواجه التحول الديمقراطي والانتفاضات الشعبية.

وأشار التقرير إلى أن السعودية مازالت تحقق خسائر فادحة في مواجهتها لإيران، فقد خسرت لبنان وسوريا من الثمانينيات وفي الأعوام الأخيرة خلال الثورة السورية ازدادت سورية ولبنان بعدًا من المحور السعودي، كما خسرت العراق بعد غزو حكومة بوش للعراق في 2003 وتسليمها لإيران. وتخسر السعودية الآن في اليمن؛ فمقابل الحرب التي تشنها على الحوثيين وتكلفها مليارات الدولارات شهريا، تكتفي إيران بدعم الحوثيين ببضعة ملايين من الدولارات. وهذا يجعل أي دارس للحرب اليمنية يدرك مدى الخطأ الذي ترتكبه السعودية بهذا القرار.

وذكر التقرير أيضا أن الوضع الداخلي في السعودية ليس مستقرا بناء على معلومة استخبارية تشير إلى أن ولي العهد قد قضى فترة أربعة أشهر في يخته في ساحل جدة على البحر الأحمر بسبب عدم شعوره بالأمان.

تركيا:

في استعراض التقرير لإستراتيجية تركيا، أصرّ كمال كيرشجي، أحد كبار الباحثين في معهد بروكنجز والمتخصص في السياسات الخارجية التركية بأن الإستراتيجية الموجودة هي إستراتيجية أردوغان، وليست إستراتيجية لتركيا، ويلخصها أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوغازجي التركية في تصارع نزعتين، تحتوي النزعة الأولى على ميل للتحالف مع الإخوان المسلمين وتأييد الربيع العربي وتبني خطابه، والانفتاح على العالم العربي ونصرة قضاياه، وتحتوي النزعة الثانية على الميول القومي التي تقتضي التحرك السريع لاستباق قيام كيان كردي بحكم ذاتي في شمال سوريا، وبناء علاقات مع بشار الأسد، والاستفادة من الاقتصاد المصري، وتعزيز العلاقات مع إسرائيل وأمريكا.

وأضافت أماندا، المسؤولة عن العلاقات مع تركيا في وزارة الخارجية الأمريكية بأن أردوغان "دمّر سياسة [صفر مشاكل] التي وضعها رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، التي تنبع من الرغبة في التواصل مع دول العالم العربي. فقد اتخذ أردوغان مواقف داعمة للجماعات الإسلامية في فترة الربيع العربي ضد الحكومات التي كانت تجمعها بتركيا علاقة طيبة، مما أدى إلى انحسار هذه العلاقات وتردّيها، خصوصا مع مصر وسوريا".

إسرائيل:

وأشار التقرير إلى ثلاث مصالح إستراتيجية تسعى إليها إسرائيل، الأولى هي مكافحة إيران، وتتمثل في ثلاث حقول.

  • الحقل الأول: الملف النووي، كمهدد رئيسي للوجود الإسرائيلي في المنطقة.
  • الحقل الثاني: مكافحة حزب الله الوسيط الأول للنفوذ الإيراني، فالخطر الأكبر لوجود جيوش تقليدية على الحدود الإسرائيلية لا يمثله الجيش المصري، ولا الجيش السوري، وإنما حزب الله، ويعمل الجيش الإسرائيلي على تطوير مضادات لصواريخ حزب الله.
  • الحقل الثالث: مكافحة الوجود الإيراني في سوريا، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بمواجهة هذا الخطر من خلال التنسيق مع روسيا للحد من الوجود الإيراني في سوريا.

المصلحة الاستراتيجية الثانية: المحافظة على حدودها ومواجهة الفصائل المسلحة، ويأتي على رأس هذه الفصائل المسلحة حزب الله و حركة المقاومة الإسلامية حماس، بالإضافة إلى باقي الفصائل الفلسطينية المسلحة.

المصلحة الاستراتيجية الثالثة: إدارة القضية الفلسطينية حسب القنوات الدبلوماسية بحكمة بالغة، بالتخفيف من الضغوط الدبلوماسية، وتجنب المخاطرات السياسية، والحرص على تجاوز أي طلب من الحكومة الأمريكية يفرض عليها أي التزامات كبرى.

ولخص التقرير إلى أن هذه المصالح الاستراتيجية أنتجت سياسة معادية للحل، فإسرائيل لا تؤمن بأن الهدف توقيع اتفاقيات مع إيران أو مع السلطة الفلسطينية، فهذه الاتفاقات لا قيمة لها. وإنما الطريق الذي ينبغي أن يحافظوا عليه هو الاستمرار في كسب النفوذ وتحقيق المزيد من الازدهار الاقتصادي، من خلال ممارسة سياسة محافظة في إدارة المشكلات، والسعي للانفتاح على العالم العربي بشكل أكبر من خلال التصالح مع دول العالم السني، خاصة السعودية والإمارات ومصر والأردن، بالإضافة إلى تطوير القدرات العسكرية والاستخباراتية، والتعاون العسكري والاقتصادي مع دول آسيوية كبرى مثل الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية. فإسرائيل تسعى إلى مد علاقاتها مع الجميع والابتعاد عن ثنائية: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتنافس مع إيران.

روسيا:

حدد التقرير وجود ثلاث أهداف إستراتيجية قد تبدو أحيانا متعارضة وغير منتظمة.

أول هذه الأهداف الإستراتيجية التي تسعى روسيا إلى تحقيقها هي المحافظة على الدول الموالية واستبعاد الفاعلين من غير الدول والعمل على تحجيمهم ومكافحة نفوذهم.

ثانيا: تسعى روسيا في الاستفادة من أخطاء الولايات المتحدة الأمريكية وملء الفراغ الذي تتركه خلفها، وهذا يوضح حرصها على الحضور في سوريا وتعزيز وجودها في الشرق الأوسط.

ثالثا: اغتنام الفرصة لاستعراض واختبار أسلحتها، وقد اتضح مؤخرا أن هذا القرار جاء بنتيجة عكسية؛ فقد كشفت التجربة أن الأسلحة الروسية لم تكن بالتعقيد الذي كان يظنه كثير من الناس، كما اتضح  أيضا أن المخاوف التي أحاطت بالتدخل الأمريكي في سوريا وسط الحضور الروسي وتواجد مضادات الطيران الروسية، لا داعي لها، حيث ثبت إمكانية تجاوز هذه المضادات والالتفاف عليها.

ولكن روسيا على كل حال قد استفادت من هذه الفرصة ليس فقط في استعراض ترسانتها من الأسلحة، وإنما في بناء علاقات جيدة مع لاعبين رئيسيين في المنطقة، والاستفادة من ارتفاع أسعار النفط.

عودة روسيا إلى الشرق الأوسط

عادت روسيا إلى منطقة الشرق الأوسط بعد غياب طويل منذ سقوط النظام السوفيتي، واستغل بوتين انسحاب الأمريكيين ليؤسس حضورا عسكريا من خلال تأسيس قاعدة عسكرية في سوريا، وتبين أيضا أن بوتين لم يكتف بالحضور المسلح بل مزجه بدبلوماسية متميزة.

أخذت موسكو تمد علاقاتها بشكل غير مؤدلج ومع كل المؤثرين في الشرق الأوسط متمتعة ببرغماتية عالية، حيث تواصلت مع الجميع، فتواصلت مع إيران والسعودية وحماس وحزب الله ومصر وتركيا، غير مكترثة بالمفارقات التي تحملها هذه العلاقات. لقد استطاعت روسيا من خلال تدخلها في سوريا أن تحقق أهم أهدافها، وهو العودة إلى مجلس الإدارة العالمي.

الإمارات:

يؤكد التقرير على الدور الحيوي الذي تلعبه الإمارات في سياسات الخليج العربي، ويشير إلى الأهداف الإستراتيجية التي يسعى إليها حكام أبو ظبي لتحقيق عدة أهداف تتلخص في:

  • مكافحة الثورات العربية
  • مكافحة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي
  • حفاظ نمط الحكم في الإمارات المتحدة العربية
  • وأخيرا، الحفاظ على الاستقرار في المملكة العربية السعودية

لقد رأت أبو ظبي في محمد بن سلمان ضمانة الاستقرار في الممكلة، فأخذت تستثمر في إنجاحه، ويعود السبب الأكبر لمشاركة الإمارات في الحرب اليمنية هو الاستجابة للرغبة السعودية، فقد حققت الإمارات نجاحا حقيقيا في التفاهم الدبلوماسي في القرن الإفريقي. كما أن قرار القطيعة مع قطر كان قد تشكل في أبو ظبي أكثر منه في الرياض، وأنتج ترقية محمد بن سلمان لمنصبه الحالي كوريث للعرش السعودي، وتنحية محمد بن نايف بتهمة ولاءه لقطر، وتعاطفه مع الإخوان المسلمين. ويدين بن سلمان بولاء كبير لمحمد بن زايد نتيجة ما بذله في تحقيقه لهذا المنصب.

التحالفات بين اللاعبين المؤثرين في المنطقة

يركز هذا الجزء من التقرير على التعاون السعودي مع إسرائيل، كما ينوّه أحد الخبراء في التقرير إلى اختزال الأمور في تحالفين اثنين شائعين في الإعلام العربي، يضم الأول: تركيا-قطر-إيران، ويضم الثاني: السعودية-إسرائيل-أمريكا-الإمارات، بأنه لا يخلو من تبسيط للأمور.

السعودية وإسرائيل

أكد التقرير أن التواصل السري بين السعودية وإسرائيل ليس بالأمر الجديد، فقد ثمة تواصل نشط للغاية في ستينات القرن المنصرم، سعت السعودية من خلاله إلى تحجيم دعاية عبدالناصر والناصرية، وتوقف التواصل مع حرب العاشر من رمضان في عام 1973. 

وأشار التقرير أن التعاون السعودي-الإسرائيلي جاء لعاملين أولهما: عدم قدرة أحد طرفي التحالف على الانفراد بمواجهة إيران، فبينما تملك السعودية القوة الناعمة والعلاقات الجيدة في العالم العربي والمال، تفتقر إلى القوة العسكرية والاستخباراتية التي تتوفر عليها إسرائيل. وثانيهما: إيمان الرياض أن الطريق إلى واشنطن يمر بتل أبيب، وعليه فلا بد من تحسين العلاقات مع إسرائيل لتوظيف أدوات ضغطه في العاصمة السياسية واشنطن لصالح الرياض. 

ولمح التقرير إلى أن هذا التحالف لن يكون مجديا على المدى الطويل لحساسية هذا الأمر لدى الشعوب العربية، كما يشير إلى اندفاع ولي العهد السعودي إلى هذا التحالف في الوقت الذي يقف كثير من أعضاء الأسرة موقف التحفظ، وعلى رأسهم الملك سلمان الذي عقد قمةً بعد إعلان الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس.

وختم التقرير بأن التواصل السريّ وإن كان نشطًا فإنه لا يقارن بالتعاون الإسرائيلي الإماراتي، حيث تغصّ الأجهزة الأمنية في أبو ظبي بمنتجات إسرائيلية.