قمة كوالالمبور.. هل تشكل نواة جديدة لحل أزمات العالم الإسلامي؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 15 يونيو/حزيران 1997، جرى تأسيس مجموعة الدول الثماني الإسلامية في تركيا، بهدف تدعيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دول المنظمة، كتدشين لحلم وعمل متواصل من رئيس الوزراء التركي السابق، نجم الدين أربكان الذي سعى إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي.

وكشف أربكان حينها أنه يريد "استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي"، ثم أعلن عن تشكيل المجموعة التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: "إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا". 

وقال الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان عن المجموعة: "عندما أسسنا هذه المنظمة قلنا فليعم السلام مكان الحرب، والحوار مكان الصراع، والعدل مكان الكيل بمكيالين. تصورنا أن تتغلب المساواة على الامتيازات والتقاسم على الاستغلال، وأن تحل حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية بدلا من القهر والقمع والهيمنة". 

وبعد عقدين من الزمن، وعدم الفاعلية المطلوبة للمنظمات الإسلامية، في ظل عالم أكثر توحشا، وظروف صعبة للمسلمين في شتى بقاع الأرض، تتجدد دعوات الوحدة مرة أخرى، في جنوب شرق آسيا، وتحديدا في ماليزيا، التي يجتمع فيها قادة أكبر الدول الإسلامية، في قمة "كوالالمبور" في محاولة لإرساء الوحدة، وتضمين القوة، وجمع شتات العالم الإسلامي.

استعادة الأمجاد 

من 18 إلى 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تنعقد القمة الإسلامية المصغرة بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، بحضور زعماء 4 دول إحداها عربية، وهي: "ماليزيا، تركيا، إيران، قطر" وذلك بعد أن قالت وسائل إعلامية باكستانية، إن رئيس الوزراء "عمران خان" اعتذر عن حضور القمة، ولكنه قرر إرسال وزير خارجيته "شاه محمود قريشي"، كما يشارك فيها أيضا 450 من العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي.

القمة الإسلامية تنعقد تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، وتبحث وفق منظميها عن "أفضل الحلول الفعالة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع للمشكلات التي تواجهها الأمة الإسلامية، في إطار فهم معاصر وشامل لتحقيق أعلى قيم الإسلام وسيادة الأمة".

وتسعى القمة إلى تحقيق عدة أهداف أبرزها: "استعادة أمجاد الحضارة الإسلامية، والتباحث للوصول إلى حلول قابلة للتنفيذ لمشاكل العالم الإسلامي، والمساهمة في تحسين العلاقات بين المسلمين وبين الدول الإسلامية فيما بينها، وتشكيل شبكة تواصل فعالة بين القادة والعلماء والمفكرين في العالم الإسلامي".

وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، أن بلاده ستستضيف قمة إسلامية مصغرة، تضم 5 دول. 

وقال مهاتير: إن القمة التي وصفها بالبداية الصغيرة ستعقد لتسليط الضوء على مشاكل العالم الإسلامي، واقتراح الحلول لها. وأضاف: "نرغب في أن يدعم المسلمون هذه المبادرة، ونأمل أن نتمكن من توصيل رسالة إلى العالم".

ولفت رئيس الوزراء الماليزي إلى أن "تركيا وباكستان وقطر وإندونيسيا، التي لديها هواجس ومشاكل مشتركة، إضافة لماليزيا، ستشكل النواة المؤسسة للقمة".

وأضاف: "لقد أردنا البداية مع عدد قليل من الدول، لمناقشة مشاكلنا وإيجاد حلول، لذا اخترنا 5 دول". وشدد مهاتير على أن "القمة المصغرة، ليست بديلا عن منظمات دولية، مثل منظمة التعاون الإسلامي".

وفي 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قالت السفيرة التركية لدى ماليزيا، مروى قاواقجي: إن "العديد من الساسة والمفكرين الأتراك سيشاركون في المؤتمر، لمناقشة المصاعب والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي". 

وأكدت أن أنقرة تعرض موقفها الذي يقوم على "إيماننا بأن العالم أكبر من خمسة (في إشارة إلى الدول الأعضاء الدائمين لدى مجلس الأمن الدولي)."

وتابعت: "هناك أطياف مختلفة من البشر في هذا العالم، كما أن هناك الكثير من أتباع مختلف الأعراق والأديان، يتعرضون للظلم حول العالم. لذا ستكون هذه القمة فرصة أمام تركيا للإدلاء بأفكارها."

وفيما يخص القناة التلفزيونية المشتركة بين تركيا وباكستان وماليزيا، لمكافحة الإسلاموفوبيا، قالت "قاواقجي": إن هذا الأمر ملف هام جدا، ومن المتوقع أن تتم مناقشته بشكل أوسع عقب القمة. وشددت على أهمية قمة كوالالمبور، مضيفة: "ليس هناك أي عائق أمام عقد مؤتمر مشابه في بلدان أخرى".

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة يبلغ تعداد الدول الخمس، وهي ماليزيا وتركيا وباكستان (التي اعتذرت عن القمة، ولكنها فعالة في التحالفات الإسلامية، وداعمة للفكرة)، وإيران وقطر، نحو 400 مليون نسمة.

تتصدر القائمة باكستان التي تملك قوة بشرية تتجاوز 213 مليون نسمة، على مساحة جغرافية بنحو 882 ألف كيلومتر مربع. وتأتي خلفها تركيا بتعداد يبلغ 84 مليونا، بمساحة نحو 783 ألف كيلو متر مربع، في موقع جغرافي إستراتيجي، يقع بين قارتي آسيا وأوروبا.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد

قوة عسكرية

ليس التعداد السكاني فحسب هو مصدر قوة البلدان الخمسة، حيث تتصدر تركيا بلدان الحلف الجديد في القوة العسكرية، فهي تحتل المركز السابع عالميا، وفق تصنيف موقع "جلوبال فاير باور" الأمريكي، المتخصص في الشؤون العسكرية، والذي ينشر سنويا ترتيبا أقوى الجيوش في العالم، وتبلغ ميزانية الجيش التركي حوالي 8 مليار دولار ونصف سنويا، ويحتل المرتبة الـ25 عالميا من حيث حجم ميزانية الدفاع.

أما القوات المسلحة الإيرانية والباكستانية، فالأولى تحتل المرتبة الـ 14 عالميا، بمزانية تصل إلى 4 مليارات ونصف مليار دولار، وخلفها مباشرة جيش باكستان، الذي يحتل الترتيب الـ 15 عالميا، بميزانية دفاع تصل إلى 7 مليار دولار أمريكي، فضلا عن ترسانته النووية، أما ماليزيا فتأتي في الترتيب الـ 41 عالميا، وأخيرا قطر التي تحتل الترتيب الـ 100 عالميا، وإن كانت تسير مؤخرا بوتيرة متسارعة في تحديث بنيتها العسكرية، لذا رفعت ميزانية الدفاع إلى ما يتخطى حاجز الـ 19 مليار دولار.

وبالعودة إلى تركيا أقوى بلدان الحلف الإسلامي عسكريا، واقتصاديا، فبحسب إحصائية "جلوبال فاير باور" للقوة العسكرية التركية لعام 2019، لدى القوات المسلحة التركية ما يزيد عن 735 ألف جندي منهم 355 ألف جندي فاعل، بالإضافة إلى امتلاك الجيش التركي أكثر من 3200 دبابة، وأكثر من 10 آلاف قطعة حربية أخرى بين آليات مدرعة ومدافع متعددة الأنواع. 

وتمتلك أنقرة أيضا قرابة 1067 طائرة من الأنواع القتالية والقاذفة والاعتراضية، من بينها أكثر من 200 طائرة هجومية، ونفس هذا العدد من الطائرات المقاتلة أبرزها مقاتلات من طراز F16 وغيرها من الطرز الأخرى، ويحتل سلاح الجو التركي المرتبة العاشرة عالميا من حيث القوة. 

أما القوة البحرية التركية فتضم 194 قطعة بحرية من أحجام وأنواع مختلفة، منها 12 غواصة، وهو الجيش الأقوى في منطقة الشرق الأوسط. 

وبالنسبة للجيش الباكستاني، يقدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام امتلاك باكستان ما بين 140 و150 رأسا حربيا نوويا. 

ووفق تقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا، لعام 2019، أنفقت إسلام أباد نحو 1.26 ترليون روبية باكستانية (11 مليار دولار)، أي نحو 3.6%  من ناتجها المحلي الإجمالي، على جيشها البالغ قوامه 653 ألفا و800 جندي. 

وبحسب المعهد فإن "برنامج باكستان الصاروخي الذي تأسس بمساعدة صينية، يتضمن صواريخ متحركة للمدى القصير والمدى المتوسط يمكن أن تصل إلى أي مكان في الهند. كما يصل مدى الصاروخ (شاهين 2) إلى ألفين كلم، وهو أطول صواريخ باكستان مدى". 

وتمتلك باكستان 425 طائرة حربية من بينها طائرات "أف-7بي. جي" الصينية ومقاتلات أف-16" الأميركية. وأشار المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية أن "لديها أيضا سبع طائرات للإنذار المبكر والقيادة المحمولة جوا". 

وقال المعهد في تقديراته: إن "سلاح الجو (الباكستاني) يعمل على تحديث ما لديه من طائرات وفي الوقت نفسه تحسين قدرات توجيه الضربات الدقيقة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع". ولباكستان 9 فرقاطات و8 غواصات و17 سفينة للدوريات والعمليات الساحلية و8 طائرات لديها قدرات حربية. 

اقتصادات صاعدة 

تأتي تركيا على رأس دول القمة، باحتلالها المرتبة 13 هذا العام، في قائمة اقتصاديات العالم، كما أنها عضو في حلف الناتو، ومجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم، وتصنف ضمن البلدان الـ 5 الأوائل الأكثر إسهاما في مهام حلف "الناتو" وعملياته. 

وتشير تقارير تركية رسمية إلى أن حكومة العدالة والتنمية تمكنت من تحقيق أهدافها الاقتصادية، حيث تخطى حجم الاستثمارات الدولية في تركيا خلال السنوات الـ16 الماضية 201 مليار دولار، كما استطاعت خفض عجز التجارة الخارجية إلى 55 مليار دولار.

 وبعدها ماليزيا التي تحتل المركز الـ 37 عالميا من حيث إجمالي الناتج المحلي، بحسب إحصاءات صندوق النقد الدولي.

أما باكستان فتحتل المركز 41 عالميا، وإيران التي تواجه عقوبات اقتصادية مستمرة، فلها مزايا أخرى، حيث تملك اكتفاء ذاتيا في الصناعات الغذائية والتحويلية.

 وأخيرا دولة قطر التي تمتلك ميزة منفردة، فهي الدولة الثالثة عالميا، من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي والنفط.

وبذلك يمتلك التحالف مفردات مختلفة عن غيره، من بلدان العالم الإسلامي، من حيث النهضة الاقتصادية، والثقل الصناعي والتجاري.

 وهو ما يعطي إضافة لقمة كوالالمبور، إذا ما نتج عنها تفاهمات تشير إلى تدشين تكتل اقتصادي إسلامي، بتعريفات جديدة للواقع وتحدياته، وهو ما يحتاجه العالم الإسلامي الذي يئن من تدهور واضح في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مظلوميات المسلمين في شتى بقاع الأرض. 

الرئيس التركي أردوغان، وأمير دولة قطر تميم بن حمد

حلم أردوغان 

في 25 يوليو/ تموز الماضي، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، داخل المجمع الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة، شدد أردوغان على أهمية وحدة العالم الإسلامي بالنسبة لبلاده. 

وأوضح أردوغان، أن اجتماع وزراء خارجية تركيا وماليزيا وباكستان في إطار الآلية الثلاثية، يعد من دواعي الحفاظ على وحدة الأمة.

وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انتقد الرئيس التركي غياب الدول الإسلامية عن العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وأكد أن هذا النظام الأممي "غير العادل" لا يمكن أن يستمر.

وقال أردوغان: إنه لا توجد دولة واحدة شعبها مسلم بين الأعضاء الدائمين (الخمسة) في مجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أنه "يجب ألا نخدع أنفسنا، ليس هناك حكم ولا إرادة للعضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي".

وأضاف في كلمة خلال الاجتماع الـ35 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي بمدينة إسطنبول أن "كل شيء مرهون بالأعضاء الخمسة الدائمين، بل بين شفتي واحد منهم".

وشدد أردوغان على ضرورة أن يثق العالم الإسلامي بنفسه ويدرك حجم قوته، مشيرا إلى أن البعض يتلاعب بسهولة بالمسلمين لأنهم غير متماسكين كالبنيان المرصوص.

وأضاف أنه "في الوقت الذي تشكل البلدان الإسلامية نسبة 24% من سكان العالم فإنها تمثل 9.7% فقط من التجارة العالمية".

وأشار أردوغان إلى أن بلاده دعت الأمم المتحدة لتحديد يوم 15 مارس/آذار من كل عام كيوم عالمي للتضامن الدولي ضد الإسلاموفوبيا.

وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في كلمة ألقاها خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 70، لتأسيس كلية العلوم الشرعية في جامعة أنقرة، قال أردوغان: إن "كفاحنا لجعل الإسلام دليلا وبوصلة تحتضن العالم هو التزام علينا جميعا".

وتابع: أن "هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نفشل بها مشاريعهم التي تسعى لجعل صورة الإسلام صورة تعكس الإرهاب والجهل والبؤس والتعصب". 

وأردف الرئيس التركي: "حين احتضنت أمتنا الإيمان والحضارة والتاريخ والثقافة ظهرت أمامنا آفاق جديدة وفُتحت لنا طرق نهضوية في كل مجال". 

وانتقد أردوغان استخدام الغرب لمصطلح (الإسلام الإرهابي)، مشددا أنه "على الغرب الذي يستخدم بكل وقاحة عبارة (الإسلام الإرهابي) النظر في المرآة جيدا". 

درع وسيف

وتعليقا على قمة كوالالمبور، يقول الداعية الإسلامي محمود حسن، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إنها "تأتي في إطار ظروف بالغة الصعوبة للعالم الإسلامي، وقد رأينا ما حدث مع مسلمي الأويغور، والروهينجا، وقضية إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والكثير من المآسي الأخرى، التي تتعرض لها الأمة المسلمة في شتى بقاع الأرض". 

وأكد حسن لـ"الاستقلال" أن "تركيا، وماليزيا تحديدا يمثلان جناحي القوة للمسلمين شرقا، وغربا، والدول الإسلامية تعيش مرحلة غابرة في الوقت الراهن، ولا بد أن يكون لها درع وسيف، وقد رأينا تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب، وتعمد قادة حكومات الدول الغربية ربط الإسلام بالإرهاب".

وشدد الداعية الإسلامي أنه "لا يعقل أن أمة تتجاوز المليار، تمثل سدس البشر، ليس لها كيان جامع حقيقي يمثلها، ويأخذ بحقوقها، فالعالم الإسلامي لو اتحد، فهو يمثل قوة بشرية، وعسكرية، واقتصادية هائلة، بما حباه الله من موارد ونعم لا تحصى".

واختتم عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حديثه: "الحقوق لا تطلب، ولكن تنتزع، والأحلام تظل في المخيلات، ما لم يكن لها صدى على الأرض، وتحرك حكومات مسلمة في الوقت الراهن، إيجابية عظيمة، وخطوة جاءت متأخرة، خاصة وأن العرب ليسوا المسلمين وحدهم، بل العرب في أمة الإسلام أقلية، فهناك إندونيسيا، وباكستان، ونيجيريا، وفي المقدمة تركيا، كل هؤلاء يمثلون العالم الإسلامي، ولهم حق أخوة الدين".

وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول، كتب الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، عمار فايد، مقالا بعنوان "قمة كوالالمبور الخماسية.. هل العالم الإسلامي يبحث عن قيادة؟"، قال فيه: "منذ انطلاق منتدى كوالالمبور عام 2014 وهو يعمل على بناء شبكة علاقات بين قادة العالم الإسلامي والمثقفين والباحثين والمفكرين والخبراء".

وتابع: "ليس الجديد هذا العام، الحضور الواسع، المتوقع أن يبلغ 450 شخصا؛ وليس الجديد أن منتدى كوالالمبور سيتغير اسمه اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2020، إلى (مؤسسة بيردانا للحوار الحضاري). الجديد هو عودة مهاتير محمد، لقيادة بلاده، ووجود قادة تركيا وإندونيسيا وباكستان وقطر إلى جواره". 

وأوضح فايد: "يبدو أن ثمة خيوطا ثلاثة ناظمة أدت إلى هذا المشهد المنتظر، تتقاطع فيها بنسب متفاوتة دوافع وحسابات هذه القوى الخمس".

ورأى الباحث المصري أن أول تلك الخيوط تتمثل بـ"البحث الحثيث عن تعزيز النفوذ الإقليمي، وربما الدولي، وعدم القبول بالاستمرار كلاعب ثانوي على هامش صراع القوى الكبرى".

وينطبق هذا على تركيا التي تحفر في الصخر كي ترسم لدورها الخارجي، إقليميا ودوليا، ملامح مختلفة، وتبذل في سبيل ذلك كثيرا من المخاطر والمناورة والحسابات المعقدة، التي تنجح في بعض الأحيان، وتتعثر في بعضها، لكن يكتنفها الغموض والشك دائما حول إمكانية تحدي الأوزان الدولية المستقرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. 

وأردف الباحث: "قد لا تكون هذه النزعة متوافرة لدى دولة أصغر مثل قطر، لكنها هي أيضا تسعى لتعزيز أمنها الداخلي وميزانها الإقليمي في مواجهة جيران يتمتعون بميزة جغرافية لا تتوافر لقطر، ويضمرون لها عداء لم يعد خافيا".

فيما يتعلق بماليزيا وإندونيسيا وباكستان، لا تختلف الحسابات كثيرا؛ حيث تواجه جميعها تحديات جيوسياسية ترتبط بالصراع الواسع بين القوى الكبرى الصين والولايات المتحدة وروسيا، ومصالحها التي تمس هذه الدول، التي تجد نفسها، حتى أمام قوة إقليمية مثل الهند، في حالة انكشاف تقيد خياراتها السياسية والاقتصادية وأحيانا الأخلاقية"، وفق الباحث.