مدعومة إماراتيا.. ماذا يجرى في لحج اليمنية بين جماعات المجلس الانفصالي؟

يوسف العلي | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

أثارت الاشتباكات المسلحة في محافظة لجح اليمنية، بين قوتين عسكريتين مواليتين للمجلس الانتقالي الجنوبي، تساؤلات عدة عن الأسباب الحقيقية وراء تفجر الصراعات الداخلية للمجلس المدعوم إماراتيا، ولماذا تغيب قوات الشرعية عما يجرى غرب العاصمة المؤقتة عدن؟

وفي عام 2017 جرى بدعم إماراتي، تشكيل ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" برئاسة عيدروس الزبيدي، والذي يهدف إلى الانفصال بالجنوب وإعلانه دولة مستقلة، بعد وحدة طوعية شهدتها البلاد بين دولتي شمال اليمن وجنوبه عام 1990.

صراعات داخلية

بحسب مواقع محلية يمنية، فإن الاشتباكات التي اندلعت يوم 8 أغسطس/ آب 2025، في منطقة رأس عمران بمحافظة لحج، وقعت بين القائد المقال من قيادة اللواء التاسع صاعقة، فاروق الكعلولي، وقوات أوكلت إليها مهمة تنفيذ قرار إقالته الصادر عن عيدروس الزبيدي.

وذكرت "منصة أبناء لحج" على موقع "أكس" في 8 أغسطس، أنّ "قرار الإطاحة بالكعلولي لم يكن وليد اللحظة، بل جاء بعد فترة من الخلافات على خلفية مواقفه العلنية ضد سياسات المجلس الانتقالي، ومطالبته المتكررة بإطلاق سراح الشيخ عصام هزاع الصبيحي، المحتجز منذ أشهر لدى قوات تابعة للانتقالي في عدن".

وجرى اعتقال الزعيم القبلي الشيخ عصام هزاع الصبيحي في 7 مايو/ أيار 2024 من أحد الحواجز الأمنية بمحافظة لحج، قبل أن يُنقل إلى أحد سجون العاصمة المؤقتة عدن؛ حيث وُجهت له تهم بالتعاون مع جماعة الحوثي، وهي التهم التي لم تثبتها النيابة وأمرت بالإفراج عنه.

وبحسب المنصة اليمنية، فإن "الاشتباكات التي استخدمت فيها المدفعية والدبابات، استمرت لساعات، وانتهت بسيطرة القوات المهاجمة على معسكر اللواء التاسع صاعقة، ومغادرة الكعلولي الموقع".

ولفتت إلى أن "الحادثة تفتح مجددا ملف الصراعات الداخلية في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي، والتباين الكبير بين قياداته حول القرارات العسكرية والإدارية".

وتساءلت المنصة عن عدم اتخاذ الزبيدي الخطوة نفسها بحق جلال الربيعي ومصلح الذرحاني وغيرهم من القيادات في عدن، رغم امتلاء سجونهم بالمعتقلين وارتكابهم مخالفات عسكرية جسيمة، بينما كان حريصًا على إقالة قائد من أبناء الصبيحة؟"

وتمكنت القوة المشتركة من "العمالقة" و"الحزام الأمني" و"العاصفة" و"الشرطة العسكرية" وكلها تشكيلات تابعة للمجلس الانتقالي، من فرض سيطرتها على معسكر اللواء التاسع صاعقة بعد رفض قائده فاروق الكعلولي قرار إقالته، وتسليم المعسكر لخلفه الجديد بكيل إدريس الكعلولي.

وسيطرت هذه القوات أيضا على الحواجز التابعة للواء التاسع في منطقة رأس عمران، والتي طالما شكلت مصدر ابتزاز للمواطنين وجني للجبايات بشكل غير قانوني فضلا عن احتجاز شخصيات حكومية واجتماعية وناشطين مدنيين، وفق موقع "المصدر أونلاين" اليمني في 8 أغسطس.

الحملة العسكرية للمجلس الانتقالي على طول الطريق الساحلي الرابط بين تعز ولحج وعدن، جاءت بناء على توجيهات عضو مجلس القيادة الرئاسي، أبو زرعة المحرمي، قائد ألوية العمالقة، بهدف "تأمين الطريق الساحلي وإزالة نقاط الجبايات غير القانونية إضافة إلى مكافحة التهريب".

صراعات نفوذ

وعن طبيعة الصدامات والأسباب وراءها، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الباقي شمسان: إن "اليمن يشهد صراعات عدة معقدة منها، السياسي والعقائدي، آخر حسب الهوية الجغرافية، بمعنى جنوب- جنوب، وشمال- شمال، إضافة للصراع بين الجمهوريين والإماميين".

وأضاف شمسان لـ"الاستقلال" أن "هذه الصرعات المعقدة على الجغرافيا اليمنية، تتحالف فيها الجماعات مع دول الإقليم، فهناك من يوالي إيران، وسلطنة عُمان، والإمارات، السعودية وقطر، بالتالي نحن أمام تعدد في الولاءات".

وأردف: "هناك أيضا صراع بين المناطق، وذلك لأن الكيانات العسكرية والمليشياوية ليست موحدة على مستوى القيادة، وإنما جماعات منفصلة، حتى تلك التي تتبع الإمارات والمتمثلة بالمجلس الانتقالي".

ولفت إلى أن "هذه الدول الإقليمية لا تجعل من الجماعات العسكرية المدعومة منها كيانا موحدا يتبع قيادة موحدة، وإنما تجعلها كيانات منفصلة من حيث الإدارة المالية والتبعية للقيادات، وهي مرتبطة بشكل منفصل مع شخصيات وسيطة بينها وبين دول الإقليم".

وأوضح شمسان أن "الجماعات الموالية للإمارات ليست بالضرورة أن تكون متناغمة؛ لأنها لو كانت تتناغم فيما بينها لصنعت الفارق، لكن هناك تعمدا بجعلها قطعا متناقضة حتى يمكن التحكم بها من خلال التمويل وعدم القدرة على الإدارة الذاتية، فهي ليس لها جماهيرية ولا مشروع وطني".

وأكد الخبير اليمني أن "الصراعات بين هذه الجماعات هي مخرجات لعمليات قصدية، بمعنى أن هناك من هندس الواقع العسكري والمليشياوي والسياسي حتى تكون ثمة صراعات لا تؤدي إلى أي تناغم بل إلى التنافر، سواء صراع قبلي على النفوذ والمصالح".

وتابع: "الآن مع التحول الدولي لاستهداف الحوثيين من حيث التمويل والتسليح، تحاول الإمارات الحفاظ على وكلائها من خلال تقديمهم صمام أمان للمواجهة الإيرانية وحماية السلم والأمن الدوليين من خلال السيطرة والقبض على شحنات الأسلحة والمعدات للحوثي".

ورأى شمسان أن "اليمن مازال غير قادر على أن يكون دولة موحدة، ولا أي جهة إقليمية قادرة على التأثير في صناعة المستقبل اليمني، لذلك لابد من الحوار وإعادة صياغة المشهد".

وشدّد على أنه "حتى اللحظة الواقع اليمني يقول: إنه ثمة صراع نفوذ لا تستطيع أي دولة إقليمية أن تتحكم به بمفردها؛ لأنها لها منافع من بقاء اليمن متشظيا، وكذلك من تآكل للسلطة والدولة فيه".

وأشار إلى أن "المستقبل نستشرفه ليس من خلال ما تقرره الدول العربية، وإنما ما تفرضه المصالح الأميركية والأمن القومي الإسرائيلي، وهذا هو الذي يحدد بقاء اليمن موحدا أو منقسما".

وخلص إلى أن "الدول العربية لم تستثمر الموقع الجغرافي لليمن للحفاظ على وجودها وأمنها، وأنها سلّمت مصيرها للدول الحاكمة دوليا، بينما كان بإمكان الخليج استثمار اليمن لتعزيز أمنها القومي وحماية عمقها الإستراتيجي، وتحديدا السعودية التي تستطيع حتى الآن إحداث تحول في ذلك".

"انفجار قادم"

الاشتباكات في رأس عمران، أثارت تفاعلا من ناشطين يمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد رأى البعض منهم أنها تكشف حجم الاحتقان والانفجار القادم نتيجة سياسات الإقصاء والابتزاز، فيما عدها آخرون أنها شيطنة لكل من يختلف مع المجلس الانتقالي.

وخاطب هزاع الصبيحي، رئيس المجلس الانتقالي عبر "إكس" في 8 أغسطس، قائلا: "يا عيدروس الزبيدي، الصبيحة ليست مجرد لواء أو معسكر، بل قبائل وعزة وكرامة لا تُباع ولا تُهان. قرارك استفزاز متعمد سيقابل بصمود أقوى ورفض قاطع.

وتابع: "لن تنجحوا في تمرير مشاريعكم المناطقية على حساب حرية وكرامة أبناء الجنوب".

وكتب الناشط شيث العزيبي عبر "إكس" في 8 أغسطس، إنّه "القائد فاروق الكعلولي قبل وبعد أن يختلف معهم وينشق من المجلس الانتقالي بالأمس كان القائد والبطل الجنوبي والمناضل الجسور".

ولفت إلى أنهم "اليوم يتهمونه بأبشع التهم الباطلة الزائفة أصبح متحوث (حوثي) وخائن وعميل، وكل تلك التهم الباطلة جاهزة يطلقونها على كل من يختلف معهم ويخالفهم في الرأي".

وبحسب الناشطة اليمنية، رمال المصعبي، عبر "إكس" في 8 أغسطس، فإن "الاشتباكات العنيفة بين قوات فاروق الكعلولي وقوات العمالقة، جاء على خلفية صراع على نقاط الجبايات في منطقة الحرز ومثلث رأس عمران".

ورأت المصعبي أنّ "ما حدث اليوم هو جزء من حملة منظمة تقودها عصابة الضالع ويافع ضد الصبيحة، في محاولة لفرض الهيمنة والإقصاء بقوة السلاح وتحت غطاء السلطة".

وشددت على أن "هذه الاشتباكات تكشف حجم الاحتقان والانفجار القادم نتيجة سياسات الإقصاء والابتزاز التي تمارسها أطراف بعينها تحت عباءة مكافحة الفساد بينما هي تعيد إنتاج الفساد بشكل مناطقي أكثر خطورة".

وانتقد الناشط فواز المشولي عبر تدوينة "أكس" قال فيها: إنّه "عندما نرى حملة أمنية ضد أحد القيادات الضالعية سوف نقول: إنهم ضد الفساد فعلا، أما أن يدفعوا حمدي شكري (بديل فاروق الكعلولي) على إخوانه من أبناء الصبيحة، وكل من اختلف معهم يعدوه خائنا، فهذا خطأ كبير".

ويدور صراع محتدم على محافظة لحج، الذي تتقاسم الحكومة اليمنية السيطرة عليها مع المجلس الانتقالي، إضافة إلى حضور وحدات من ألوية العمالقة المنتشرة في الشريط الساحلي الممتد من مدينة عدن وحتى مديرية المضاربة القريبة من باب المندب؛ حيث ممر الملاحة الدولي.