حملة بملايين الدولارات.. إسرائيل تحول كنائس أميركا لساحة حرب ضد فلسطين

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، يسعى الكيان الإسرائيلي إلى استقطاب دعم الكنائس الإنجيلية عبر استخدام المشاهير وترويج رسائل معادية للفلسطينيين، وذلك في إطار حملة جديدة تبلغ كلفتها 3.2 ملايين دولار.

وفي تقرير لها، سلّطت مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية الضوء على الحملة الإسرائيلية، مشيرة إلى أنها تسعى لاستقطاب الممثل كريس برات، ولاعب كرة السلة ستيف كاري، للمشاركة في دعايتها.

وكشفت وثائق مسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب "فارا" (FARA)، أن شركة أميركية حديثة التأسيس تُدعى (Show Faith by Works) تنفذ حملة دعائية رقمية بقيمة 3.2 ملايين دولار لصالح الحكومة الإسرائيلية، تستهدف الكنائس المسيحية في غرب الولايات المتحدة.

صورة مصطنعة

وتهدف الحملة إلى تعزيز الصورة الإيجابية لإسرائيل وربط الفلسطينيين بـ"العناصر المتطرفة". بحسب نص التسجيل الرسمي.

وستُنفّذ الشركة الحملة حتى ديسمبر/كانون الأول، وتشمل أعمالها استهداف روّاد الكنائس بإعلاناتٍ مؤيدة لإسرائيل تُحيط بالكنائس الكبرى، والتعاقد مع متحدثين مشاهير.

هذا فضلا عن تنظيم جولات ترويجية في الكنائس والجامعات من خلال مقطورة متنقلة تُعرف باسم "تجربة 10/7" في إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر، وذلك نيابةً عن حكومة بنيامين نتنياهو.

وتشير إحدى الشرائح في الخطة إلى قائمة من "المتحدثين المسيحيين المشاهير المحتملين"، من بينهم الممثل كريس برات، والممثل جون فويت، ولاعب كرة القدم الأميركية السابق تيم تيبو، ونجم كرة السلة ستيف كاري، إلى جانب عدد من رعاة الكنائس الكبرى.

ووفقا للوثيقة، سيُطلب من هؤلاء المشاهير "تقديم رسائل مؤيدة لإسرائيل" ضمن الحملة.

وردا على سؤال عما إذا كان الممثل جون فويت قد تلقى عرضا للتحدث باسم إسرائيل، أوضحت سيري غاربر، وهي مديرة علاقات عامة تمثل الممثل، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أنها ليست على علم بأي عرض من هذا النوع.

وقالت غاربر في الرسالة: "ليس على حد علمي، لكن حان الوقت فعلا لأن يبدأوا في مواجهة آلة الدعاية الموالية للفلسطينيين. ينبغي عليهم اختيار أشخاص يبدون جاذبية بالنسبة لجيل الألفية وجيل ألفا؛ لأن هناك تكمن مصادر التضليل".

وعندما سُئلت عمّا إذا كان فويت سينظر في مثل هذا العرض، أجابت: "لا فكرة لدي".

أما تشاد شنِتغر، الذي يقود العقد لصالح شركة (Show Faith by Works)، فقال في رسالة إلى مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت"، إن أيا من المشاهير المذكورين في العرض التقديمي لم يتم التواصل معهم حتى الآن.

وأضاف: "كان ذلك وثيقة تخطيط أولية تضم مجموعة من الخيارات التي نوقشت، لكن لم يُحسم أي منها بعد".

وأردف قائلا: "نحن فخورون جدا بما وصل إليه المشروع منذ جلسات التخطيط الأولى، ونتطلع إلى عرضه للعالم حالما تكتمل التفاصيل والمواد اللازمة".

كما اقترحت شركة شنِتغر إنشاء عرض متنقل بعنوان "10/7" يجوب الكليات المسيحية والكنائس والفعاليات، لتسليط الضوء على ما وصفته بـ "فظائع هجوم السابع من أكتوبر 2023".

ويضم العرض شاشة تلفازية تمتد على طول الجدار تُعرض عليها مواد إعلامية مؤيدة لإسرائيل ومقاطع لجيش الاحتلال الإسرائيلي تشرح "صعوبة مواجهة الأشرار في مناطق معادية تضم مدنيين".

وتهدف شركة (Show Faith by Works) إلى الوصول إلى نحو 3.8 ملايين من مرتادي الكنائس، وتتوقع الشركة أن يوافق حوالي 5-10 بالمئة منهم على المشاركة في برامجها أو حضور فعالياتها أو توقيع بطاقات التعهد.

أكبر حملة رقمية مسيحية

وكجزء من هذه الحملة، ستطلق الشركة إعلانات مستهدفة مؤيدة لإسرائيل للمصلين فيما وصفته بأنها "أكبر حملة رقمية مسيحية مستهدفة لتحديد المواقع الجغرافية على الإطلاق".

وتعتمد هذه التقنية على التسويق المبني على الموقع، بحيث قد يرى المستخدمون الذين فعلوا خدمات الموقع على هواتفهم إعلانات لشركة معينة إذا كانوا بالقرب من متجرها، على سبيل المثال.

وتعهدت الشركة أنها ستقوم بـ "تحديد الحدود الفعلية لكل كنيسة رئيسية في كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وكولورادو وجميع الكليات المسيحية خلال أوقات العبادة"، وأنها ستواصل متابعة الحضور واستهدافهم بالإعلانات باسم إسرائيل.

ويأتي هذا ضمن حملة تهدف إلى "مواجهة تدني تأييد المسيحيين الإنجيليين الأميركيين لدولة إسرائيل"، و"مواجهة الرسائل الجديدة والمتطورة المؤيدة للفلسطينيين مع تحول السرد العالمي".

وأظهر استطلاع لمؤسسة "بيو"، في يوليو/تموز، أن 72 بالمئة من الإنجيليين البيض البروتستانت لديهم موقف إيجابي من إسرائيل.

وتشير بعض الدراسات إلى تراجع الدعم بين الإنجيليين الأصغر سنا، بما في ذلك استطلاع لـ "مجموعة بارنا" عام 2021 -أي قبل عامين من هجوم حماس في 7 أكتوبر- أظهر أن دعم إسرائيل بين الإنجيليين من عمر 18-29 تراجع من 75 إلى 34 بالمئة.

ويشرف على عمل الشركة إِران شايوفيتش، رئيس مكتب وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي يقود (المشروع 545)، وهي حملة لتعزيز جهود الاتصال الإستراتيجي والدبلوماسية العامة لإسرائيل.

وبحسب المجلة، يعد شايوفيتش نقطة الاتصال مع براد بارسكال، مدير حملة ترامب السابق، الذي يقود جهود نشر مواقع إلكترونية ومحتوى رقمي جديد لتدريب نموذج (ChatGPT) لصالح إسرائيل.

وكشف عقد قانون "فارا" أن الشركة ستنسق عملها أيضا مع قنصلية إسرائيلية. وبينما لم يُحدد العقد القنصلية الإسرائيلية التي تعمل معها، تُجري الشركة هذه الحملة في ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا وكولورادو، وهي جميعها ولايات تغطيها القنصلية الإسرائيلية في لوس أنجلوس.

وتتضمن نقاط الحديث الخاصة بالشركة مجموعتين من الرسائل، واحدة معنونة بـ "مؤيدة لإسرائيل"، والأخرى بـ "ضد الدولة الفلسطينية".

وتشمل النقاط المرقمة رسائل، مثل أن "[أ] هداف الفلسطينيين والإيرانيين ليست محصورة بالأرض، بل إبادة جماعية" وكيف أن "الفلسطينيين ينتخبون قيادة حماس".

وعلّقت المجلة قائلة: إن "آخر انتخابات في قطاع غزة كانت عام 2006، ولم يُدلِ سوى جزء ضئيل من سكان غزة الحاليين بأصواتهم لحماس".

وأضاف التقرير أن الشركة قدمت في عرضها فكرة رعاية "رسائل مؤيدة لإسرائيل عبر مؤثّرين مسيحيين على وسائل التواصل الاجتماعي يتابعهم الشباب المسيحيون". وكجزء من هذا العمل، تعِد الشركة بـ "مواجهة الدعاية الحالية المؤيدة للفلسطينيين من خلال فيديوهات ترد عليها".

ووفقا لخبراء في شؤون جماعات الضغط الأجنبية، فإن رعاية هؤلاء المؤثرين مباشرة قد تتطلب منهم التسجيل تحت قانون "فارا"، والإشارة إلى أن الدعم المقدم لهم يأتي من إسرائيل في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأظهر مخطط تنظيمي مقترح أن هؤلاء المؤثرين سيكونون أيضا تحت إشراف "منسق متخصص لإدارة مؤثري هوليوود".

وقالت المجلة: "يشبه هذا الجانب من عمل شركة (Show Faith) ما تقوم به شركة (Bridges Partners)، التي تعاقدت معها إسرائيل أخيرا للتنسيق مع مجموعة من 14 إلى 18 مؤثرا على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى باسم إسرائيل مقابل نحو 7 آلاف دولار لكل منشور.

وأضافت: "تعمل هاتان الشركتان والعديد من الشركات الأخرى لصالح وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتقوم بتوجيه أعمالها عبر شبكة (Havas Media)، وهي شركة إعلامية دولية تعمل لصالح إسرائيل".

وقال شنِتغر الذي يتقاضى 150 ألف دولار أميركي مقابل عقد مدته ستة أشهر: إن الشركة أجرت بعض التغييرات منذ إعداد العرض التقديمي الأولي لوزارة الخارجية الإسرائيلية.

وأضاف: "نعتقد أنه من المهم جدا توعية الكنيسة المسيحية بهذه القضايا. كل ما نقوم به يخضع لتدقيق حثيث من فرق من القساوسة المسيحيين. نتطلع بشوق لعرضه عليكم خلال بضعة أشهر".

وعند سؤاله عن طبيعة التغييرات التي أُجريت، لم يردّ شنِتغر.