Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

لم يعد “إرهابا”.. هكذا تتسابق أوكرانيا وروسيا لتجنيد مقاتلين أفارقة وعرب

منذ 2022/03/15 16:03:00 | تقارير
"ماذا سيفعل الغرب لو فعلت ذلك، السفارات الفلسطينية؟"
حجم الخط

رغم شكاوى مواطنين أفارقة وعرب من تمييز عنصري ضدهم على حدود أوكرانيا، واعتبارهم لاجئين "درجة ثانية" لأنهم ليسوا بيضا ولا مسيحيين.

لجأت سفارات كييف بالخارج لتجنيد أفارقة وعرب للقتال ضد الجيش الروسي الذي يغزو أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، لكن العنصرية ما زالت حاضرة بعد كشف أن هؤلاء الملونين سيحصلون على نصف رواتب نظرائهم الأوروبيين.

ورقة المرتزقة

سفارات أوكرانيا في نيجيريا والسنغال والعراق والجزائر نشرت إعلانات تجنيد لشباب البلدان الأربعة للقتال ضد القوات الروسية الغازية بعد إعلان رئيس أوكرانيا فتح باب التطوع.

نيجيريون كشفوا أن سفارة أوكرانيا في بلادهم مارست أيضا التمييز بينهم وبين الأوروبيين في رواتب تجنيدهم للقتال ضد روسيا.

وطالبت من يرغب منهم في "التطوع" بدفع 1000 دولار للتذكرة والفيزا، على أن يتقاضوا راتبا أقل، يعادل 3300 دولار شهريا، بدلا من 7000 تدفعه للمتطوعين الأوروبيين.

سفارة أوكرانيا في نيجيريا جندت بالفعل 115 شابا حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في 2 مارس/ آذار 2022، بينما تم تجنيد 36 في السنغال.

في المقابل، احتجت خارجيتا الجزائر والسنغال بشدة لدى السفارات الأوكرانية وطالبتها بسحب إعلان طلب التطوع باعتباره مخالفا للأعراف الدبلوماسية.

ناشطون عراقيون كشفوا أيضا أن عمليات التجنيد امتدت لبلادهم، ونشروا صورة "استمارة تطوع" توزعها سفارة أوكرانيا لتجنيد عراقيين كمرتزقة عن طريق مكتب ارتباط في أربيل بإقليم كردستان شمالي البلاد.

ولم يقتصر على أوكرانيا الاهتمام بالعراقيين ذوي الخبرة في الحروب والأوضاع الأمنية المتدهورة منذ سنوات، إذ  دعت قنصلية روسيا أيضا العراقيين للتطوع للمشاركة في حرب أوكرانيا دون تحديد ما هو المقابل.

نشطاء أفارقة احتجوا على ما يجري، متسائلين عن السبب وراء تجنيد أفارقة وعرب تحديدا، وعن سر إعلان التطوع ودفع أموال ورواتب شهرية، ثم الكشف إنها نصف ما يتقاضاه المتطوعون الأوروبيون.

كما استغربوا استمرار العنصرية في تجنيد أفارقة بعد عنصرية معاملتهم كلاجئين ليسوا "متحضرين ومسيحيين وبيض"، مثل اللاجئين الأوكرانيين، كما وصفهم إعلاميون ومسؤولون غربيون.

كذلك تعجبوا من قبول الغرب فكرة استقبال متطوعين ومرتزقة للحرب في أوكرانيا وتشجيعها، بينما وصفوا من تطوعوا من المسلمين والعرب للدفاع عن البوسنة أو الشيشان أو أفغانستان بأنهم "إرهابيون".

شيزوفرنيا أوروبية

وفي معرض تعليقه على الأمر، قال ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، "استخدموا مصطلح المقاتلين الأجانب الذين أتوا إلى سوريا من جميع أنحاء العالم، لتلويث المقاومة السورية مع أنهم جاؤوا للمساعدة ضد ديكتاتور قتل شعبه".

وأضاف مستنكرا في مقال بموقع "الجزيرة نت" في 4 مارس 2022: "لكن في حالة أوكرانيا نرى أن مفهوم "المقاتلين الأجانب الذين جاؤوا تضامنا مع الشعب الأوكراني أصبح فجأة إيجابيا".

وتابع: "المقاتلون الأجانب الذين ظل اسمهم لسنوات يترافق مع مصطلح "الإرهاب"، تراهم أوروبا اليوم أصبحوا مدافعين شرفاء عن قيم الاتحاد الأوروبي، ويدافعون عن المعتدى عليهم وينصرون الإنسانية ويقومون بعمل نبيل".

من جانبه، تساءل الناشط السنغالي الشيخ محمد الأمين سوادغو: ماذا سيفعل الغرب لو فعلت السفارة الفلسطينية ذلك (الدعوة للتطوع) أو دعمت الدول العربية فلسطين بالأسلحة والمتطوعين، كما يشجعون ذلك مع أوكرانيا؟

وفي 27 فبراير 2022، قال الرئيس زيلينسكي إن أوكرانيا قررت أن تنشئ فيلقا دوليا من المتطوعين للانضمام إلى جيش البلاد لصد الروس.

وجاء أول رد فعل على تلك الدعوة من بريطانيا، إذ قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس في مقابلة مع "بي بي سي"، إنها ستدعم أي مواطن بريطاني يقرر السفر إلى أوكرانيا لمحاربة قوة الغزو الروسية.

من جانبه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 5 مارس 2022 أن روسيا رصدت وجود مسلحين من منطقة الشرق الأوسط وعدد من الدول الأوروبية في أوكرانيا، وأطلق عليهم "الجهاديين المتنقلين".

استغلال مفضوح

في 4 مارس 2022 كشفت صحيفة "بانش" النيجيرية أن السفارة الأوكرانية في نيجيريا طالبت النيجيريين الراغبين في السفر إلى أوكرانيا للقتال ضد القوات الروسية بدفع ألف دولار ثمن التذكرة الجوية ورسوم التأشيرة.

وطالبت السفارة النيجيريين الراغبين في السفر إلى أوكرانيا للقتال ضد القوات الروسية بتوفير ثمن التذكرة الجوية ورسوم التأشيرة، مقابل تقاضي 3300 دولار شهريا، ما أدى للتدافع أمام السفارة للتطوع بسبب حالة الفقر في البلاد.

النيجيريون الذين تجمعوا أمام السفارة قالوا للصحيفة أن وعودا وصلتهم من وسطاء بتقاضي رواتب تصل إلى 7000 دولار شهريا، وأن سبب رغبتهم الذهاب إلى أوكرانيا، أنهم «بحاجة إلى المال» لرعاية أسرهم.

لكنهم قالوا: "عندما سألنا السكرتير الثاني في السفارة الأوكرانية بوغدان سولتيس عن الراتب، قال لنا بداية 7000 دولار (مثل المتطوعين الأوروبيين) ثم غيره لاحقا إلى 3300 دولار شهريا".

وقال سولتيس للصحيفة إن "أوكرانيا لا تجند مرتزقة بل متطوعين، لذلك نصحنا النيجيريين بعدم التركيز على الأموال، ومع ذلك، وعد السكرتير الثاني بأن يحصل المتطوعون النيجيريون على نفس رواتب الجنود الأوكرانيين".

وسجلت السفارة الأوكرانية في نيجيريا أسماء  115 شابا تجمعوا أمام  السفارة  كمقاتلين مرتزقة في أوروبا الشرقية، وفقا لصحيفة الغارديان في 2 مارس 2022.

تجنيد الأفارقة لم يقتصر على نيجيريا، وإنما تكرر في الجزائر والسنغال، ونشرت السفارات الأوكرانية هناك ما قالت إنه دعوات للتطوع ونفت أنهم مرتزقة رغم أنه سيتم الدفع لهم.

هذا التصرف دفع الخارجية السنغالية للاحتجاج بحدة في بيان رسمي على تجنيد السفارة سنغاليين في بلادهم دون علم البلد المضيف، مؤكدة أن هذا التصرف "اللامسؤول" يخالف اتفاقية فيينا للدبلوماسية. 

وقالت الوزارة إن "تجنيد المتطوعين والمرتزقة وغيرهم من المقاتلين الأجانب غير قانوني في السنغال ويعاقب عليه القانون".

وأوضحت أنه تم استدعاء السفير الأوكراني يوري بيفوفاروف إلى الوزارة ومطالبته بإزالة إعلان طلب المتطوعين من موقع السفارة.

واعترفت سفارة أوكرانيا هناك للخارجية السنغالية بأنها سجلت 36 متطوعا سنغاليا للسفر للقتال بجانب الجنود الأوكرانيين ضد الروس.

وكانت السنغال واحدة من 17 دولة إفريقية امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة على القرار الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويدعو موسكو إلى سحب قواتها على الفور.

غضب عربي

صحيفة الشروق الجزائرية أكدت بدورها في 4 مارس 2022 أن منشورا مشابها للسفارة الأوكرانية بالجزائر نشر لطلب متطوعين براتب شهري، ما أغضب الحكومة الجزائرية وطالبت السفارة بسحب المنشور فورا من موقعها.

وقالت الصحيفة: اضطرت سفارة أوكرانيا لدى الجزائر لسحب منشور يدعو إلى تجنيد الشباب في الحرب الدائرة بين كييف وموسكو، في انتهاك واضح لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.

أيضا كشف موقع "شفق نيوز" العراقي في 3 مارس أن التجنيد في العراق لا يتم فقط للقتال ضد أوكرانيا، وأن قنصلية روسيا في البصرة أيضا تقوم بتجنيد عراقيين للقتال ضد أوكرانيا.

وأكد إعلان القنصلية العامة لروسيا الاتحادية في البصرة، في 3 مارس عن تلقي طلبات من مواطنين عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي للمشاركة في غزو أوكرانيا.

وذكرت القنصلية، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أنها مستمرة "بتلقي طلبات الانضمام إلى صفوف القوات المسلحة الروسية التي تقوم بعملية عسكرية ضد أوكرانيا المدعوم من طرف أميركا وحلفائها من الناتو".

تجنيد أفارقة للقتال في أوكرانيا دفع رجال أمن هناك للتحذير من انتشار ظاهرة المنتمين لتنظيم الدولة بعد عودتهم من القتال، خصوصا أن نيجيريا ودول الساحل الإفريقي تعاني من انتشارهم.

نائب المفتش العام للشرطة النيجيرية، أديدايو أديوي، قال لصحيفة "بانش" النيجيرية تعليقا على محاولة نيجيريين السفر للقتال في أوكرانيا، إنه كان يجب على من تطوعوا لمحاربة الجنود الروس الذهاب لشمال شرقي نيجيريا لمحاربة "بوكو حرام".

وقال "أديوي"، إن "المهمة المخططة للمقاتلين النيجيريين إلى أوكرانيا انتحارية؛ لأنهم لا يفهمون تضاريس كييف ولا فن الحرب في أوروبا".

تداعيات التجنيد 

صحف وكتاب غربيون عادوا أيضا للحديث عن احتمالات أن تنتج الحرب "إرهابيين" ذهبوا للتطوع بعد عودتهم لإفريقيا والشرق الأوسط، مشيرين لتدفق مقاتلين من منظمات نازية في ألمانيا وآخرين يمينيين متطرفين من فرنسا ودول أوروبية أخرى.

وأكد تقرير بحثي أصدرته مجموعة "سايت إنتلجنس"، وهي منظمة أميركية خاصة تتعقب الجماعات المتطرفة، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا استنفر قادة مليشيات أوروبية من اليمين المسيحي المتطرف وأرسلوا متطوعين.

وتحدثت التقرير الذي نشر في 24 فبراير 2022 عن انتشار موجة تجنيد مقاتلين للسفر لجبهات القتال في أوكرانيا لمواجهة "الغزاة الروس" وجمع أموال كبيرة عبر مواقع الإنترنت.

واستدلت "سايت إنتلجنس"، في تقريرها بمنشورات جمعتها من أوساط هذه المليشيات وترجمتها، منها إعلانات نشرها قادة مليشيات يمينية في فرنسا وفنلندا وأوكرانيا، للانضمام للقتال دفاعا عن أوكرانيا، في مواجهة الهجوم الروسي.

وقالت ريتا كاتز، مديرة مجموعة سايت، إن جماعات عديدة من القوميين والنازيين الجدد المؤمنين بتفوق العرق الأبيض وغيرها من مجموعات اليمين المتطرف أعلنت عن تضامنها مع أوكرانيا، وحشدت مجموعات شبه عسكرية لقتال روسيا.

وأكد وزير الخارجية دميترو كوليبا استجابة عشرات الأجانب المتطوعين لدعوة أوكرانية لمحاربة الغزو الروسي، رغم المخاطر الشخصية الهائلة والأوضاع غير المستقرة.

وبعدما تساءل مراقبون ومغردون: لماذا تطالب أوكرانيا بمن يدافع عنها رغم تعدادها البالغ 45 مليونا؟ ولماذا تطلب مجندين من دول أفارقة ومسلمة تحديدا؟ ولماذا تحديد رواتب شهرية لهم رغم الحديث عن أن الأمر تطوعي لا تجنيد لمرتزقة؟

أعلن وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، عبر منشور على تويتر في 5 مارس، أن نحو 66 ألف أوكراني عادوا أيضا من الخارج للقتال "ضد القوات الروسية الغازية".

وفي سياق آخر، أعربت عدة جمعيات حقوقية إفريقية عن قلقها من ظاهرة المتطوعين الأفارقة والتمييز ضدهم كما حدث مع اللاجئين الأفارقة الذين تم منعهم من ركوب قطارات وحافلات للهرب مع الأوكرانيين وتركهم في البرد القارس لحين ركوب "البيض المسيحيين".


تحميل

المصادر:

1

Nigerian fighters must provide $1,000 for ticket, visa – Ukraine

2

Nigerian volunteer ‘fighters’ besiege Ukraine embassy

3

Senegal calls Ukraine embassy war recruitment post illegal, summons ambassador

4

بعد السنغال.. سفارة أوكرانيا بالجزائر تسحب منشورا للتجنيد

5

طبول الحرب.. عن وجه روسيا المكشوف والغرب المتجمل بالشعارات

6

القنصلية الروسية في البصرة تتلقى طلبات تطوع من عراقيين للمشاركة في غزو أوكرانيا

كلمات مفتاحية :

أميركا أوروبا أوكرانيا إفريقيا الأمم المتحدة الجزائر العراق العنصرية روسيا سوريا