طائرات ومدافع وجدران.. هكذا تستعد اليونان لمواجهة هجرة الأفغان

تعمل أوروبا على تجميع كل الوسائل الممكنة "لحماية" نفسها من موجة الهجرة الأفغانية المتوقعة، حيث بدأت في دق ناقوس الخطر.
في هذا السياق، صرح وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراكيس، أن بلاده لا تستطيع تحمل وضع آخر مماثل للذي شهدته سنة 2015.
وقالت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية إن اليونان لم تقف مكتوفة الأيدي في انتظار ظهور الموجة الأولى من الهجرة الأفغانية نتيجة سقوط البلاد السريع في أيدي حركة طالبان.
وغادرت أميركا وقوات غربية أفغانستان بشكل نهائي أواخر أغسطس/آب 2021، تاركة وراءها مئات الآلاف من الأفغان الذين يخشون، في ظل حكومة طالبان، على حياتهم، وفق الصحيفة.
استنفار أوروبي
لذلك، تستعد اليونان لحماية شواطئها من موجة الهجرة المتوقعة، مثل موجة السوريين في عام 2015 أو في عام 2020، عندما حاول مئات المهاجرين العبور إلى أوروبا عبر نهر إيفروس بعدما أعلنت تركيا اعتزامها فتح حدودها.
وشدد الوزير أن بلاده "لا تقبل أن تكون بوابة للتدفقات غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المحافظة بقيادة حزب "الديمقراطية الجديدة" أعدت ترسانتها الخاصة بها، لمواجهة موجة الهجرة الأفغانية.
على وجه الخصوص، أقامت جدارا خرسانيا مثيرا للجدل بسياج معدني بطول 40 كيلومترا في منطقة من حدودها البرية مع تركيا، وستعزز المراقبة بطائرات دون طيار جديدة وكاميرات للرؤية الليلية ورادارات ومدافع صوتية وجهاز صوتي بعيد المدى.
وأضافت الصحيفة أن وزير حماية المواطن اليوناني ميغاليس جريسوجويدس، صرح قائلا: "لا يمكننا أن ننتظر بلا مبالاة العواقب المحتملة" لاحتلال طالبان أفغانستان، سوف ندافع عن حدودنا ونؤمنها".
في الأسابيع وحتى الأشهر المقبلة، تشير التقديرات إلى أن آلاف الأفغان قد يحاولون مغادرة البلاد عبر إيران أو باكستان.
وفي الوقت الراهن، تستقبل الحدود الباكستانية 20 ألف أفغاني كل 24 ساعة.
من ناحية أخرى، يؤكد بعض الخبراء أن إمكانية الهجرة إلى أوروبا من أفغانستان ليست مماثلة للهجرة من سوريا، حيث إن المسافات طويلة جدا ويتطلب الوصول إلى الاتحاد الأوروبي عبور العديد من الحدود؛ لذلك، فإن عددا قليلا من الأفغان فقط سيتمكنون من الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
وأفادت الصحيفة بأن الخوف من إحياء أشباح الماضي، دفع العواصم الأوروبية إلى تعبئة الموارد للبلدان المجاورة لأفغانستان.
في هذا المعنى، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في 23 أغسطس/آب أنه "من المهم أن يدعم الاتحاد الأوروبي البلدان القريبة من أفغانستان ويضمن عدم وجود تدفقات للمهاجرين في أوروبا".
ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "أوروبا وحدها لا تستطيع التعامل مع تداعيات الوضع الحالي. يجب أن نتوقع ونحمي أنفسنا من تدفقات الهجرة غير النظامية الكبيرة".
وبعد اجتماع نهاية أغسطس/آب، خصص وزراء الداخلية لبلدان الاتحاد الأوروبي مساعدات تصل قيمتها إلى 600 مليون يورو لدول مجاورة مثل باكستان وإيران وأوزبكستان وتركمانستان، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".
العودة لأحضان تركيا
وذكرت الصحيفة أن العودة السريعة لطالبان إلى السلطة والأزمة الإنسانية المحتملة التي يمكن أن تنتقل إلى أبواب القارة العجوز، أدت مرة أخرى إلى تسليط الضوء على عدم وجود سياسة هجرة موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وأضافت أن أوروبا ما زالت لا تنشئ نظاما لإعادة توزيع طالبي اللجوء الذين يصلون عبر حدودها، على الرغم من أن حساسية أوروبا تجاه الهجرة لم تعد كما كانت قبل ست سنوات.
وعلى وجه الخصوص، ولى زمن الترحيب الأوروبي باللاجئين، بقيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. في الآن ذاته، أصبح مصطلح "الحركات غير الشرعية الجماعية" أو "الهجرة غير الشرعية"، الأكثر تداولا في بروكسل.
ونوهت الصحيفة بأن الهدف لم يعد متمثلا في الترحيب باللاجئين، ولكن في مساعدة الدول المجاورة على احتواء التدفق مقابل تعويض مالي والحد من وصول أعداد كبيرة من الناس إلى الأراضي الأوروبية.
وأشارت إلى أنه على الرغم من حقيقة أن نقل المشكلة إلى دول ثالثة يمكن أن يصبح "سلاحا'' للضغط على بروكسل، نظرت أوروبا مرة أخرى إلى أنقرة كحل ممكن لمأساة إنسانية محتملة.
أوردت الصحيفة أنه في أعقاب صعود الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا في عام 2016، أدركت الحكومات الأوروبية أن استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين ستؤدي إلى تكلفة سياسية لم تكن مستعدة لتحملها.
وانتهى الأمر بتوقيع اتفاق مع تركيا لوقف تدفق الأشخاص الذين يعبرون من بحر إيجة إلى اليونان مقابل ستة مليارات يورو.
وفي الوقت الراهن، يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد مرة أخرى لتعويض تركيا ماليا للحفاظ على حدودها آمنة.
ونقلت الصحيفة أن الوضع لا يسر في تركيا، حيث أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى احتجاجات داخلية عديدة وعنيفة بسبب استمرار وجود ملايين اللاجئين السوريين في تركيا.
وطالب الرئيس التركي، الذي أمر أيضا ببناء جدار على الحدود التركية مع إيران، الدول الأوروبية بتوفير ملاذ للمهاجرين الذين سيصلون في الموجة الأفغانية المتوقعة.
طرق جديدة
وصرح الرئيس التركي قائلا: "لا يمكن لأوروبا أن تبتعد عن المشكلة بإغلاق حدودها بقسوة لحماية سلامة ورفاهية مواطنيها".
وأضاف: "ليس على تركيا واجب أو مسؤولية أو التزام بأن تكون مخزنا للاجئين في أوروبا".
وأضافت الصحيفة أن اليونان كانت حتى الآن هي الطريق الذي اختاره المهاجرون من الشرق الأوسط للوصول إلى أوروبا، عبر حدودها البرية مع تركيا وعبر بحر إيجة.
لكن في الأشهر الأخيرة، شهدت أوروبا ظهور طريق بديل عبر بيلاروسيا.
حتى الآن من هذا العام، عبر أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر، معظمهم من العراقيين، حدود الاتحاد الأوروبي.
ويزعم أن نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو شجعهم، حيث يتهم بفتح أبواب الهجرة غير الشرعية واستغلال المهاجرين كرد على العقوبات المفروضة عليه من أوروبا.
نظرا للزيادة في عدد هؤلاء الوافدين، طلبت ليتوانيا مساعدة فرونتكس (الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل) وحصلت على موافقة الاتحاد لبناء سياج على طول حدودها مع بيلاروسيا لوقف التدفق.
بالإضافة إلى ليتوانيا واليونان، ستتخذ دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أيضا إجراءات لحماية نفسها من تدفقات الهجرة.
في هذا المعنى، أكدت بلغاريا أنها ستعزز حدودها مع كل من اليونان وتركيا.
وأعلنت بولندا عن نيتها بناء جدار على حدودها مع بيلاروسيا، بينما طلبت قبرص رسميا مساعدة فرونتكس لمنع وصول المهاجرين من تركيا قبل كل شيء.
ومنذ مايو/أيار 2021، شرعت حركة طالبان في توسيع سيطرتها بأفغانستان، مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية.
وخلال 10 أيام سيطرت على البلاد كلها تقريبا، بما فيها العاصمة.