ترامب يقصف إيران ويهدد الوكلاء.. أين الفصائل العراقية من المعركة؟

الفصائل العراقية توعدت باستهداف مصالح أميركا إذا وجهت ضربة لإيران
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن ضرورة القضاء على "وكلاء طهران" في المنطقة، تساؤلا ملحا فيما إذا كانت لدى الولايات المتحدة نية لاستهداف الفصائل العراقية، بعد الضربات الإسرائيلية لإيران في 13 يونيو/ حزيران 2025.
ردا على سؤال أحد الصحفيين في 20 يونيو/حزيران، عن وكلاء إيران وإمكانية مهاجمتهم للمواقع الأميركية في حال وجهت واشنطن ضربة عسكرية لإيران، قال ترامب: “نحن دائما قلقون بشأن ذلك، وعلينا أن نقضي عليهم”. حسبما أظهر مقطع فيديو بثته وسائل إعلام غربية.
ومنذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استهدفت إسرائيل بدعم أميركي حلفاء إيران في المنطقة وأبرزهم حزب الله اللبناني، كما تدخلت واشنطن بنفسها لقصف الحوثيين في اليمن.
تهديدات مستمرة
ولعل ما يضع الفصائل العراقية خيارا محتملا للاستهداف، هو التهديدات الذي تطلقه باستهداف الوجود الأميركي في العراق، خاصة بعد التدخل الأميركي بقصف المواقع النووية في إيران.
وهذا إضافة إلى قرار واشنطن بتقليص عدد موظفي سفارتها في بغداد بسبب "مخاطر أمنية مرتفعة".
وفي 19 يونيو، هدد زعيم "حركة النجباء" العراقية أكرم الكعبي، باستهداف مصالح أميركا وجنودها ودبلوماسييها في المنطقة في حال “لمست شعرة من المرشد الإيراني” علي خامنئي.
لوَّح الكعبي أيضا في منشور على "إكس" باستهداف كل من يحمل الجنسية الأميركية سواء في العراق أو المنطقة، وفق زعمه.
وذلك ردا على توعد تل أبيب لخامنئي، بدفع الثمن غاليا، وتهديد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن مرشد إيران "يجب ألا يبقى حيا"، وذلك بعد ساعات من هجوم صاروخي إيراني استهدف تل أبيب في 19 يونيو.
وفي سياق مماثل، قالت "كتائب حزب الله" العراقية، خلال بيان لها في 15 يونيو: إنها ستستهدف مصالح الولايات المتحدة وقواعدها في المنطقة "إذا تدخلت في الحرب بين إيران وإسرائيل".
وأضافت أن "الجمهورية الإسلامية لا تحتاج إلى أي دعم عسكري من أحد لردع الكيان الصهيوني المجرم، فهي تملك من الرجال والإمكانات ما يكفي لتمريغ أنف (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بالتراب، وكبح جماح طغيان هذا الكيان الغاصب".
وأشارت إلى أنها تراقب عن قرب تحركات "جيش العدو الأميركي في المنطقة، وإذا ما أقدمت الولايات المتحدة على التدخل في الحرب، فسنعمل بشكل مباشر ضد مصالحها وقواعدها المنتشرة في المنطقة دون تردد".
وفي 22 يونيو، دخلت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية ضد إيران، بإعلان الرئيس دونالد ترامب، فجرا، تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف 3 مواقع نووية الأبرز في إيران، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.
وتابع البيان: "انطلاقا من الوضع الراهن فإن الواجب يفرض على الحكومة العراقية، والإخوة في الإطار التنسيقي، والمخلصين من المتصدين تحمل المسؤولية، واتخاذ موقف شجاع؛ كي لا تتسع رقعة الحرب، وذلك بغلق سفارة (واشنطن) الشر الأكبر، وطرد قوات الاحتلال الأميركي من البلاد".
وفي 11 يونيو، نقلت وكالة "رويترز" البريطانية عن مسؤول عراقي لم تسمه أنه جرى "إجلاء جزئي" للسفارة الأميركية في بغداد بسبب "المخاوف الأمنية المرتبطة بالتوترات المحتملة في المنطقة".
وأفاد مسؤول أميركي لم تسمه بأن "الخارجية بصدد إصدار أمر بمغادرة السفارة في بغداد"، وأن الجيش الأميركي على استعداد لتقديم المساعدة في إجلاء الكوادر في حال الضرورة"، وفقا للوكالة.
وذكرت وكالة " أسوشيتد برس" الأميركية في 15 يونيو، أن الدفاعات الجوية في قاعدة عين الأسد (تضم قوات أميركية) غربي العراق أسقطت ثلاث طائرات مسيّرة مفخخة أُطلقت باتجاه القاعدة، وذلك بعد يومين من الهجوم الإسرائيلي على إيران.

تغيّر محتمل
وبخصوص تصريحات ترامب ومدى وإمكانية نية أميركية لاستهداف الفصائل العراقية، قال مدير "المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية" غازي فيصل السكوتي: إن موضوع تفكيك الأخيرة جرى ذكره في أول رسالة من الرئيس الأميركي الحالي إلى القيادة الإيرانية.
ورأى السكوتي في حديث لـ"الاستقلال" أنها "إذا هاجمت المصالح القوات الأميركية في العراق والشرق الأوسط، فإن واشنطن ستدمر 6 قواعد للفصائل العراقية وفق التحذير الأميركي للحكومة العراقية".
ودعت الولايات المتحدة، الحكومة العراقية لتفكيك المليشيات المسلحة بنفسها، أو أن الأمر "سيتم بالقوة"، حسبما كشف إبراهيم الصميدعي، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال مقابلة تلفزيونية في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2024.
لكن السكوتي لم يستبعد أن يتغير الموقف الأميركي إذا ما اندلعت الحرب بصورة واسعة، بينما يرى في الموقف الإسرائيلي أنه غير واضح تجاه الفصائل العراقية حتى الآن، إضافة إلى أنها لا تمثل أولوية لها؛ لأن الحرب على إيران حاليا أهم بالنسبة لإسرائيل.
وأكد الدبلوماسي العراقي السابق أن "العراق ليس بقدرته الدفاع عن نفسه في الوقت الحالي إذا تعرَّض إلى استهداف، بالتالي لا يمكن له أن ينزلق في حرب إقليمية وشبه كونية، وإذا فعل فهو انتحار عسكري وسياسي".
وتساءل السكوتي، قائلا: “كيف يحارب العراق الولايات المتحدة ولديه معها اتفاقية الإطار الإستراتيجي، والتي تضمن الأمن المتبادل بين البلدين؟”
وهذه الاتفاقية وقعها العراق والولايات المتحدة عام 2008، وتضمنت محاور عدة، من بينها تنظيم وجود القوات الأميركية في البلاد، إضافة إلى بنود تتعلق بتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية.
وعلى الوتيرة ذاتها، قال رئيس المجموعة "المستقلة" العراقية للبحوث منقذ داغر، عبر منصة "إكس" في 21 يونيو: إن "ترامب يعتمد في كل أجوبته وتصريحاته عن الحرب أن يكون غامضا بحيث يمكن تفسيرها بالاتجاهين".
وتابع: "فهل هذا يدل على أنه لم يتخذ القرار بعد أم أنه قد اتخذه وما يحصل هو تمويه؟ أجدني أكثر ميلا للاحتمال الثاني، لكنه من أصعب من يمكن التنبؤ بسلوكهم كونه يعتقد أن الغموض هو أحد أسرار قوته".
من جهتها، كشفت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية، نقلا عن مصادر وصفتها بأنها مقربة من الحكومة العراقية لم تسمها أن "الفصائل أبلغت الحكومة العراقية أنهم سيتدخلون في الحرب وأنهم لا يوافقون على قرار الوقوف مكتوفي الأيدي".
وأوضحت الصحيفة في 21 يونيو، أن "الحكومة العراقية حذرت الفصائل من أي تدخل، خوفًا من مزيد من التصعيد. فهي مخاطرة كبيرة، وسيدفع العراق ثمنا باهظًا لا يستطيع تحمله".
وبحسب المصادر، فإن "الفصائل المسلحة العراقية تعمل وفق شروطها الخاصة، لكن العمل العسكري لدعم إيران لن يكون سهلًا، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة".
وذكرت أيضا أن "الولايات المتحدة تعرف أماكن وجود هذه الفصائل، ويمكنها القضاء عليها بسهولة إذا اختارت ذلك، واستهدافها واحدة تلو الأخرى"، وفق تعبير الصحيفة.
وفي 21 يونيو، أعلنت "كتائب سيد الشهداء" العراقية القريبة من إيران التي يتزعمها أبو آلاء الولائي، اغتيال المسؤول الأمني فيها، حيدر الموسوي، مع حسين خليل المعروف بـ"أبو علي خليل" مرافق حسن نصر الله الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، بطائرة إسرائيلية على الحدود الإيرانية العراقية.

تعهد سابق
وقبل أن تتدخل الولايات المتحدة وتمنع استهداف إسرائيل للفصائل العراقية، شنت الأخيرة هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة مفخخة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك مساندة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن قادة الفصائل المسلحة تعهدوا لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعدم القيام بأي تحرك قد يتسبب في رد فعل قوي ضد العراق.
وأضاف حسين خلال مقابلة تلفزيونية بثها التلفزيون العراقي الرسمي في 18 مارس/آذار 2025، أن "الجانب الأميركي لعب دورا أساسيا في منع رد الفعل الإسرائيلي وشن ضربات على العراق".
وأشار إلى أن "الجانب الأميركي تحدث صراحةً بضرورة وقف التحركات والهجمات من داخل العراق لكي تستطيع واشنطن الضغط على الآخرين بعدم مهاجمة بلدنا، فاستمرار دعم الولايات المتحدة يعتمد على تحقيق الهدوء الأمني والعسكري في الداخل العراقي".
وشدَّد حسين على أن "الحكومة العراقية ضد خرق أجواء البلاد من أي طرف كان، ولسنا دعاة الحرب؛ لكن في حال تعرض العراق لعدوان فسوف يدافع عن نفسه ومبادئه وأرضه".
وآخر بيان أصدرته ما تطلق على نفسها "المقاومة الإسلامية (الشيعية) في العراق" كان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وأعلنت فيه شن هجوم بواسطة الطيران المسيّر، استهدف جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعدما تبنت نحو 316 هجوما ضد إسرائيل، 94 منها وصلت إلى داخل حدودها.
وكان أعنف هجوم تشنه فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" عندما استهدفت بطائرتين مسيرتين مفخختين، قاعدة عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري المحتل مُوقِعة قتيلين اثنين من الكتيبة الـ13 في لواء جولاني، وإصابة 24 آخرين.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بأنها المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تنجح فيها عمليات الفصائل العراقية في إيقاع قتلى وجرحى.
وجاء اعتراف إسرائيل بعدما أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" في 2 أكتوبر 2024، أنها هاجمت بالطائرات المسيرة ثلاثة أهداف في 3 عمليات منفصلة شمالي الأراضي المحتلة خلال ساعات الفجر.
وقالت في بيان: إن الهجوم يعد "استمرارا بنهجنا في مقاومة الاحتلال ونصرة لأهلنا في فلسطين ولبنان وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ".
المصادر
- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخل عسكريا ضد إيران
- مسؤولان: واشنطن تستعد لإصدار أمر بمغادرة جميع الموظفين غير الأساسيين في سفارتها ببغداد
- عدم وقوف العراق مع إيران ضد إسرائيل.. نأي بالنفس أم عجز عن المواجهة؟
- وزير الدفاع الإسرائيلي: لا يمكن لخامنئي البقاء "على قيد الحياة"
- بلعت لسانها وأخفت يدها.. لماذا تراجع دور مليشيات العراق تجاه تطورات المنطقة؟
- فؤاد حسين لزاكروس: الجانب الأمريكي لعب دوراً أساسياً في منع إسرائيل من شن ضربات انتقامية على العراق
- فؤاد حسين: وصلتنا رسائل من طرف ثالث بنية إسرائيل مهاجمة العراق وواشنطن تدخلت
- بين الإجلاء و الشراكة المستدامة.. ما مصير انسحاب قوات أميركا من العراق؟
- إسرائيل تغتال المرافق الشخصي لنصر الله وقيادي بفصيل عراقي في طهران (فيديو)