رفع اسم الشرع من قائمة العقوبات الدولية.. لماذا امتنعت الصين عن التصويت؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد مواجهة دبلوماسية بين الصين من جهة والغرب من جهة أخرى، صوّت مجلس الأمن الدولي، في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 لصالح قرار أميركي يقضي برفع اسم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة العقوبات الدولية.

وحصل القرار الذي قدمت مسودته الولايات المتحدة على تأييد 14 عضوا مع امتناع الصين عن التصويت من إجمالي 15 عضوا.

تغييرات المشهد

وتناول موقع "تينسنت" الصيني أسباب امتناع بكين والتغيرات التي طرأت على المشهد السوري منذ ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وقال: "لم يكن الجولاني اسما جديدا على الساحة السورية؛ فمنذ اندلاع الحرب الأهلية، قاد فصيلا تابعا لتنظيم القاعدة تحت اسم (جبهة النصرة)، ثم أعاد تشكيله تحت مسميات مختلفة مثل (جبهة فتح الشام) و(هيئة تحرير الشام)".

وتابع: "لكن المنعطف الحقيقي جاء أواخر عام 2024، ففي ظل تراجع العقوبات الغربية وتخفيف تركيا الرقابة على الحدود، شنت هيئة تحرير الشام هجوما عسكريا في إدلب أطاح ببقايا المؤسسات التابعة لحكومة نظام بشار الأسد، وأعلنت عن تشكيل (سلطة انتقالية) في دمشق".

وذكر أن الشرع "سرعان ما قدم نفسه للغرب بصفته (رئيسا مؤقتا)، متعهدا بمحاربة التطرف، والعمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل". على حد قوله.

ويعتقد الموقع الصيني أن "اعتراض بكين على إزالة العقوبات الدولية المفروضة على هيئة تحرير الشام والجولاني في مجلس الأمن لم يكن مجرد موقف أيديولوجي، بل جاء مدعوما بتقديرات تتعلق بالأمن والحكم".

وأضاف أن "الصين لم تسع فقط إلى منع الاعتراف بالجولاني، بل وجهت انتقادا مباشرا للمسار الذي يتبعه مجلس الأمن في مراجعة هذا الملف، وترى أنه يفتقر إلى منطق أمني متماسك".

وبحسبه، فإن السبب الرئيس للرفض الصيني، يعود إلى "وجود معسكرات تدريب تابعة لما تبقى من (حركة تركستان الشرقية الإسلامية) في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام".

وأوضح الموقع أن الصين تستند في هذا الادعاء على "تقرير لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن لعام 2025 الذي كشف أنه لا تزال هناك نقاط تجمع لعناصر يُشتبه بانتمائهم إلى حركة تركستان الشرقية الإسلامية داخل إدلب، مع أدلة على نشاطات تدريب مسلح".

وذكر أن "الصين طالبت مرارا عبر منصات متعددة بإجراء تحقيق مشترك، إلا أن سلطات السورية تجاهلت هذه الدعوات، وبالتالي تقدر بكين أن الحديث عن (إزالة التطرف) لم يُترجم إلى خطوات فعلية على الأرض". وفقا لما أفاد به.

أما السبب الآخر، فهو اعتراض الصين على نظام الحكم؛ إذ ترى أنها “تمارس حكما إقصائيا لا يعكس أي قاعدة سياسية جامعة”. وفق زعمه.

وانتقد الموقع "عدم وجود أي تمثيل للطوائف العلوية والشيعية والكردية في عدد من الهيئات والمجالس التي أنشأها الشرع، ما يجعلها نموذجا لحكم ديني أحادي يتعارض مع مبدأ (الحكم التعددي الشامل) الذي تنادي به الأمم المتحدة".

وشدّد على أنه "من منظور بكين، لا تُعد هذه النقاط شروطا إضافية، بل تشكل المعايير الأساسية لتحديد ما إذا كان أي كيان سياسي يستحق الاعتراف الدولي".

تباين نادر

من زاوية أخرى، لفت الموقع إلى أن "اقتراح الاعتراف بشرعية الشرع لم يكن مثيرا للجدل فقط بسبب مضمونه، بل لأنه كشف لأول مرة عن تباين واضح في مواقف الصين وروسيا تجاه القضية السورية".

ففي سبتمبر/ أيلول 2025، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها "تحترم هيكل السلطة القائم على الأرض". مؤكدة أنه "طالما لم تنتهك الحكومة الحالية الاتفاقيات العسكرية والطاقية السابقة، فإن موسكو ستواصل التعاون معها".

كما صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قائلا: "تغيير السلطة في سوريا ليس مسألة أيديولوجية، بل يتعلق بمدى الالتزام بالاتفاقيات".

ويرى الموقع أنه "من منظور موسكو، فإن حكومة الشرع يمكن قبولها كـ(منطقة عازلة إستراتيجية)، طالما أنها لا تمس مصالح روسيا في قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، ولا تُخل باتفاقيات الغاز الموقعة".

أما الصين، فإنها، بحسب الموقع، تتخذ موقفا مغايرا تماما؛ حيث أكد مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أن "استقرار الوضع في سوريا لا يُقاس بالأمن الجيوسياسي وحده، بل بمدى التزام الهيكل الحاكم بمعايير مكافحة الإرهاب".

وتابع: "ورغم أن هذا التباين لم يصل إلى مواجهة علنية، إلا أن نتائج التصويت كشفت عنه بوضوح".

وأشار الموقع إلى أنه "سرعان ما التقطت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية هذا الاختلاف في الخطاب، وسلطت الضوء على (البراغماتية الروسية) مقابل (المبادئية الصينية)".

بل إن التقرير أشار إلى أن "بعض المنصات الدبلوماسية الغربية ذهبت إلى حد الحديث عن (تشقق داخل التحالف الصيني الروسي لمكافحة الإرهاب)، ودعت إلى استغلال هذا التباين لبناء إطار إستراتيجي جديد للشرق الأوسط".

في الوقت نفسه "شرعت مؤسسات مالية دولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي، مدفوعة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في مناقشة إمكانية (تجاوز آليات مجلس الأمن) لتمويل صندوق أولي لإعادة إعمار (الحكومة الجديدة) في سوريا". بحسب ما أفاد به الموقع.

وقال الموقع: "بالنسبة للصين، لم يكن هذا الامتناع مجرد اعتراض تقني، بل خطوة مدروسة لمواجهة نزعة (التلاعب بمفهوم الشرعية) الآخذة في الاتساع".

وأضاف أن "الرسالة الصينية كانت حاسمة: الشرعية الدولية ليست سلعة للتفاوض، بل مسؤولية يُثبتها السلوك".

ويكمن الخوف الصيني من أنه “إذا تم تبييض إرث التطرف بذريعة الواقعية السياسية، فإن الكيان التالي الذي سيحصل على (الاعتراف الضمني) قد يكون أحد التنظيمات التي تُطاردها المنظومة الدولية اليوم”. يقول الموقع.

واستطرد: "النظام العالمي لمكافحة الإرهاب لا ينبغي أن يخضع للمقايضات الجيوسياسية، كما أن تعريف الشرعية الدولية لا يجوز أن يُحتكر من قِبل مجموعة محدودة من الدول".

وبالتالي، خلص الموقع إلى أن الامتناع "الصيني لم يكن مجرد عرقلة لمساعي تبييض صورة، بل كان ضربة مباشرة للتوازن الهشّ بين واشنطن وموسكو، وتنبيها لمن يحاولون إعادة تشكيل الشرق الأوسط بأن ثمن (شراء الشرعية) قد يكون أعلى بكثير مما يتصورون".