سوريا والاعتقال الغامض للشامسي.. هل يواجه مصير نجل القرضاوي؟

شدوى الصلاح | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

دون محاكمة أو إجراءات قانونية واضحة أو توجيه تهم محددة، لا يزال المعارض الإماراتي جاسم بن راشد الشامسي موقوفا لدى السلطات السورية مع تصاعد المخاوف من ترحيله إلى بلاده، كما حدث مع آخرين في دول عربية مختلفة.

وأوقفت سلطات دمشق الشامسي في 6 نوفمبر/تشرين الأول 2025، ونقلته إلى جهة مجهولة، وذلك عقب انتقاله إلى سوريا رفقة زوجته السورية وأبنائه بعدما أقام في تركيا 10 سنوات.

ونبه مركز مناصرة معتقلي الإمارات إلى أن الشامسي لا يزال مخفيًا قسرًا منذ اعتقاله في دمشق، وسط رفض السلطات السماح له بالتواصل مع أسرته أو الكشف عن مكان احتجازه، واعدا بنشر تفاصيل جديدة حول ملابسات اعتقاله ومحاولات معرفة مكان احتجازه.

وأعرب المركز عن قلقه الشديد إزاء الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية السورية دون أمر قضائي أو توجيه تهمة واضحة، واقتياده إلى جهة مجهولة، مع انقطاع التواصل معه.

وأوضح أن الشامسي هو أحد المتهمين في القضايا السياسية المعروفة في الإمارات (الإمارات 94 والعدالة والكرامة)، وصدر بحقه حكمان بالسجن 15 عاما والمؤبد تباعاً، وقد غادر تركيا بعد 10 سنوات من الإقامة فيها، متوجهاً إلى سوريا برفقة زوجته وأبنائه.

وأشار إلى أن الشامسي كان من أبرز الناشطين المطالبين بحقوق الشعوب وكرامتها، ووقف بوضوح إلى جانب السوريين في نضالهم من أجل الحرية والعدالة والتخلص من نظام بشار الأسد، وهو ما أكسبه احتراماً واسعاً بين المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة.

ورأى المركز أن اعتقاله يثير مخاوف حقيقية من ضغوط إماراتية على الحكومة السورية، خاصة في ظل حوادث سابقة لاختطاف وتسليم معارضين إماراتيين من الخارج، كما حدث في إندونيسيا والأردن ولبنان، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ومبادئ حماية المعارضين السياسيين.

وطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الشامسي، وضمان سلامته ورفض أي تنسيق أمني يؤدي إلى تسليمه للسلطات الإماراتية، محملا الحكومة السورية كامل المسؤولية عن أي أذى قد يتعرض له.

وأعرب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، عن تخوفاتهم من تسليم الشامسي للإمارات، ومن تكرار سيناريو الشاعر المصري عبد الرحمن نجل الداعية الشهير يوسف القرضاوي الذي جرى اعتقاله في لبنان 30 ديسمبر/كانون الأول 2024، ثم جرى ترحيله إلى أبوظبي.

وكانت بداية أزمة القرضاوي الابن مع ظهوره بمقاطع فيديو نشرها على الإنترنت يحتفل بإزاحة رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد، من "المسجد الأموي" التاريخي في دمشق، مرتديا الكوفية الفلسطينية، ومخاطبا من دعاهم بـ"العرب الصهاينة"، ملمحا إلى حكام مصر والإمارات والسعودية.

ومع مروره من الحدود السورية إلى اللبنانية جرى توقيفه، وعلى الفور سلمت أبوظبي والقاهرة بيروت طلبين لتسليم القرضاوي إليهما، ليتم ترحيله إلى الإمارات 8 يناير/كانون الثاني 2025، وسط مناشدات حقوقية للكشف عن مصيره ومخاوف على حياته.

وذكر ناشطون على منصتي “إكس” و"فيسبوك" عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جاسم_الشامسي، #الإمارات، #سوريا، أن الناشط المعتقل أحد أبرز الداعمين للثورة السورية منذ 2011، واستخدم منصاته ووسائل الإعلام لمساندة السوريين في مطالبهم بالحرية والديمقراطية.

وأعربوا عن مخاوفهم من ممارسة النظام الإماراتي ضغوطا عل الحكومة السورية لتسليم الشامسي، كما فعلت مع دول أخرى، مؤكدين أن الإمارات تلاحق المعارضين لها بالخارج ولها تاريخ في اختطافهم وتسلمهم من دول أخرى مما يعرضهم لخطر التعذيب والاحتجاز القسري.

وهاجم ناشطون الإدارة السورية الجديدة وذكروها بالاضطهاد والقمع والتنكيل الذي تعرض له الناشطون والثوار إبان فترة حكم الأسد في الداخل وملاحقتهم بالخارج، معلنين تضامنهم مع الشامسي ومطالبين بإطلاق سراحه وتأمينه.

وصمة عار

وأشار المعارض الإماراتي إبراهيم آل حرم، إلى مرور ‏اليوم الخامس على الإخفاء القسري الذي يتعرض له الشامسي في سوريا، مع تجاهل تام من السلطات هناك.

وقال: إن ‏هذا الاعتقال والإخفاء القسري يذكرنا بحال الأنظمة المستبدة وكأن سوريا لم تقم بها ثورةً لأجل الحق والعدل والحرية والكرامة.

‏وأكد آل حرم، أن رفض السوري لما يحدث في هذه القضية فيه حماية لمكتسبات ثورته وحماية لمستقبله ومستقبل أبنائه من أن تعاد لهم كرة السجون والإخفاءات القسرية.

وخاطب صلاح الدين الرئيس السوري أحمد الشرع، قائلا: كفاية تنكيل بالشرفاء المسلمين.. أفرجوا فورا عن الشامسي، وأعيدوا صوت الحرية لأحمد المنصور".

وأحمد المنصور ناشط مصري شارك في تحرير دمشق من نظام الأسد، واعتقل بعد بثه فيديوهات من دمشق تنتقد النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي.

وحذر صلاح الدين مدني، من أن اعتقال الشامسي في سوريا ليس علامة خير، وتزيد التكهنات حول أحمد الشرع.

وأعاد فارس الحوبة، نشر بيان جماعة التغيير الإماراتية، التي قالت: إن اعتقال الشامسي يفضح عمق التحالف القذر بين نظام (الرئيس الإماراتي) محمد بن زايد والداعشي (بحسب وصفه)، في إشارة إلى الشرع.

وهاجمت جماعة التغيير، النظام الإماراتي قائلة: "نظامٌ يطارد أبناءه حتى في المنافي، لا يختلف عن الطغاة الذين يتحالف معهم، ويبدو أن ما يسمّى بأحمد الشرع يسعى لتقديم أوراق اعتماده لبن زايد عبر تسليم الأحرار!".

وأضافت: "نقولها بوضوح: من يطارد المعارضين اليوم... سيُطارد غداً باسم الحرية والعدالة".

وقال عبدالإله الجدعان: إن اعتقال الشامسي وصمة عار على جبين الثوره السورية، ولا أعتقد أن الإخوه في الدوله ينوون تسليمه للنظام المستبد الغاشم الإماراتي.

ونشر المغرد فاهم، بيانا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قالت فيه: إن اعتقال الشامسي، دون أمر قضائي أو توجيه تهمة، واقتياده إلى جهة مجهولة مع انقطاع التواصل معه، يشكل انتهاكا صارخا للقوانين المحلية والدولية.

وأكدت المنظمة أن الشامسي الذي سبق أن حُكم عليه في الإمارات بالسجن المؤبد على خلفية مواقفه السلمية ودعوته للإصلاح  وإطلاق الحريات، لم يرتكب أي جرم سوى التعبير عن رأيه والدفاع عن حق الشعوب في الحرية.

وأشارت إلى أن الشامسي من الأصوات العربية التي ساندت الشعب السوري في محنته ومطالبه المشروعة منذ انطلاق ثورته عام 2011. وتساءل فاهم: “متى تستجيب الحكومة السورية وتفرج عنه؟”

وقال أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، إن اعتقال الشامسي لا يليق بسوريا وشعبها وثورتها المجيدة، وليس من الوفاء لرجل حر ساند الشعب السوري في ثورته أعواما مديدة، وتحمَّل الكثير في سبيل ذلك.

سيناريو القرضاوي

وإعرابا عن التخوفات من تكرار سيناريو الشاعر عبد الرحمن القرضاوي، رأى الناشط الحقوقي يحيى عسيري، أن قصة ابن العلامة الراحل مفترض أن تدفع للحذر.

ودعا لتكثيف الضغط والعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات ومع كل الجهات خاصة مع الناشطين الأحرار من الإمارات وسوريا ومؤسساتهم للسعي للإفراج عن الشامسي، قائلا: "لا تثقوا بمن اعتقله! وتذكروا أن الاعتذار والتبرير لاحقًا لن ينفع لو سُلِم للإمارات".

ونصح الإعلامي أنيس منصور بعدم الصمت على ما حدث مع الشامسي، وحذر من تسليمه لأبوظبي، مشيرا إلى أن موجة استياء واسعة من اعتقاله لليوم الخامس دون أي توضيح رسمي.

وأشار عبدالملك حسين إلى أن الشرع سلم رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي، عبدالرحمن القرضاوي ليسلمه للإمارات، متسائلا: "هل سيصنعها مجدداً مع المعارض الإماراتي جاسم الشامسي".

وذكر الداعية الإسلامي عصام تليمة، بدور الشامسي الداعم للثورة والمناصر لها، وعاتب الإدارة السورية الجديدة على اعتقاله دون سبب وألمح إلى وجود ضغوط إماراتية عليها.

واستنكر عدم تضامن الناشطين والثوريين السوريين مع الشامسي ورفض اعتقاله دون جريرة، وصمت الإدارة السورية وعدم ردها على سبب اعتقاله، معربا عن خشيته من تكرار ما حدث مع نجل القرضاوي.

وتساءل أحد المغردين: "أيعقل أن يُقدم هذا المعارض قرباناً للشيطان محمد بن زايد؟"، قائلا: "يا للأسف! لا في الجاهلية ولا في الإسلام تُقبل مثل هذه الخيانة!".

وطالبت الناشط الحقوقية حصة الماضي، بالحرية للشامسي الذي دخل سوريا وبرفقته عائلته وكان يحسن الظن بالنظام الجديد لكن تم اعتقاله وبهذا أثبت النظام أنه لا يختلف عن الأنظمة العربية المستبدة في الغدر والاستبداد.

وحث أحد المغردين، على عدم التخاذل عن دعم قضية الشامسي، مطالبا أهل سوريا قبل غيرهم المساءلة عن هذه القضية.

وذكر بأن هذا الرجل وقف مع سوريا منذ بداية الثورة، متسائلا: “هل يعقل أن يتم اعتقاله لأجل إرضاء من كان يمول الأسد بالمال والسلاح؟”

وأكد أحمد الشهري، أن الشامسي يستحق النصرة، قائلا: "لا تُسلموه، ولا تخذلوه؛ أسأل الله له الفرج العاجل، ولجميع المسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات".

طمأنة ودفاع

وفي محاولة للطمأنة على حاله ولفت النظر إلى الضغوط التي تمارس على الإدارة الجديدة، كتب الباحث المستقل مهنا الحبيل: "إن شاء الله جاسم الشامسي آمن، بورك من سعى وبارك الله من وجّه وحسم سوريا".

وأضاف: "حسبنا الله في الحملات التي سعت لهدم الجهود وحرضت باسم التضامن. اللهم إليك نشكو خذلانهم.. اللهم بلغنا ما يرضيك في الأحرار وفي مستقبل سوريا الكبير".

ورد الحبيل، على من شكروه على جهوده، قائلا: "لم أبذل شيء، من تواصلت معهم من شخصيات الثورة وعلماء أفاضل هم من تولوا المهمة.. وأهم ما أملناه هو تأمين سلامته ثم تُباشر الخطوات الأخرى وهي عند مؤسسات الدولة وقرارها السيادي الذي يتطابق مع تأمين الأخ جاسم".

وأضاف: "الأمر الآخر هو انني من البداية رجوت أن تعطى الدولة الوليدة التي نعرف ظروف استهدافها مساحة وأن يحسن الخطاب معها كحق أدبي، والأمر الآخر هو عدم خلق أجواء احتقان أو استفزاز تؤثر على تأمين الأخ جاسم وضمان سلامته واستقراره وأهله".

وكرر الحبيل شكره لكل من أسهم من الأخوة في سوريا، ورجاهم أن ينتهي هذا الملف بما يضمن سلامة الشامسي وتمكين التوازن السياسي والحقوقي السوري كمتطلب للمستقبل، مؤكداً ضرورة تقدير الظروف الخطرة والبالغة الحساسية للعبور الجديد لدولة ما بعد النظام الإرهابي.

وأعاد الناشط الإماراتي المعارض عبدالله الطويل، نشر تغريدة الحبيل، مشيرا إلى أنه يسعى حل القضية.

وأكد أن الشامسي لم يفرج عنه حتى الآن ولم يتواصل مع عائلته، موضحا أنه نشر هذه المعلومة لأن هناك الكثير ممن فهموا من منشور الحبيل أنه تم الإفراج عن جاسم وهذا غير صحيح.

وعلق الناشط الحقوقي أسامة رشدي، على زيارة الشرع إلى واشنطن خلال نوفمبر، قائلا: "‏في قلبي غصّة لا تزول تتعلّق باستمرار الإخفاء القسري للناشط جاسم الشامسي، ولا يزال يقيني راسخًا بأنه سيكون حرًّا، سليمًا، معافى قريبًا بإذن الله".

وأضاف أن مع هذه الغصّة، لا أستطيع تجاهل أهمية التعليق على الزيارة الناجحة للرئيس أحمد الشرع‬ إلى واشنطن‬، مذكرا بأنه قال عنه منذ البداية إنه في موقف لا يُحسَد عليه، وأنه يقف على موعد مع التاريخ كقائد ساقه القدر ليحمل مسؤولية إنقاذ سوريا وجمع شتات شعبها. 

وأكد رشدي، أن الشرع يدير ملفّات معقدة في بلد شبه مدمَّر بالكامل، قائلا: إن ‏من حق الشعب السوري أن يبحث عن الأمان، وأن يعود المهجّرون إلى بلادهم التي شُرّدوا منها في كل بقاع الأرض خصوصًا في دول الجوار التي ضاقت بهم.