"رصيف واشنطن" العائم قبالة غزة.. ما الصعوبات التي تواجه إعادة تشغيله؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

يواجه الرصيف الأميركي العائم قبالة شواطئ قطاع غزة انتكاسات متلاحقة منذ البدء بإنشائه في أبريل/نيسان 2024 في ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي.

وبعد إعلان متكرر عن تفكك أجزائه بسبب الطقس، أكدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” في 28 يونيو/حزيران 2024، تفكيك الرصيف العائم المنشأ قبالة شواطئ غزة والمخصص لإيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المحاصر.

ورأت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية أن قرار تفكيك الرصيف، الذي جرى الانتهاء من بنائه منتصف مايو/أيار 2024، يُظهر فشل "مشروع إدارة جو بايدن"، مرجحة عدم إعادة بنائه مجددا.

صعوبات متعددة

وفي 17 مايو 2024، أعلن الجيش الأميركي استكمال بناء الرصيف العائم، وبدء تفريغ حمولة أولى شحنات المساعدات وتحركها إلى داخل القطاع.

لكن بيانات متلاحقة ومقاطع فيديو أظهرت انهيار أجزاء من الميناء وانجرافها بعيدا عن شاطئ غزة، بسبب ما قالت واشنطن إنها “أحوال الطقس”.

وبالتزامن مع إعلان البنتاغون، صوت مجلس النواب الأميركي على إضافة تعديل على مشروع ميزانية وزارة الخارجية للسنة المالية المقبلة، يحظر تخصيص أموال لدعم الرصيف العائم.

وكانت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، قد أفادت في مؤتمر صحفي بأن "القيادة المركزية الأميركية فككت الرصيف العائم من موقعه الراسي في غزة، وستعيده إلى (ميناء) أسدود بإسرائيل بسبب الارتفاع المتوقع لأمواج البحر".

وقالت إن "نقل الرصيف مؤقتا سيمنع حدوث أضرار هيكلية محتملة قد تسببها حالة ارتفاع أمواج البحر".

وأضافت أن "القيادة ستواصل تقييم حالة البحر" وأنها لا تملك أي موعد محدد لإعادة بناء الرصيف.

وعلقت الصحيفة الإيطالية بالقول إن الرصيف التي أنشئ بتكلفة 320 مليون دولار وجرى تفكيكه عدة مرات بسبب مشاكل مختلفة، لم يسهم إلا بشكل ضئيل في إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في غزة.

وترى أن "أسباب فشل هذا الهيكل عديدة، أولا، الصعوبات الفنية لبناء رصيف عائم في البحر المفتوح وهو ما يجعله عرضة لسوء العوامل الجوية".

وتضيف: "ثانيًا، الصعوبات اللوجستية التي تواجه عملية إيصال المساعدات إلى السكان الفلسطينيين". 

وحملت المسؤولية خاصة إلى "العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة والتي تسببت في وصول عدد قليل جدا من شاحنات المساعدات إلى مستودعات الأمم المتحدة قبل توزيعها على الفلسطينيين".

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت قد أعلنت في مارس/آذار 2024 عن إنشاء الرصيف العائم قبالة سواحل القطاع وزعمت أن ذلك بغرض توصيل الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في ظل إغلاق المعابر البرية.

ومع بدء تشغيله بكامل طاقته في 17 مايو، كان من المفترض أن يمر عبره ما يزيد قليلا عن ربع احتياجات المساعدات لقطاع غزة ولكن هذا لم يحدث أبدا.

وفي 7 يونيو، قالت القيادة الأميركية المركزية "سنتكوم" إنها أصلحت هيكل رصيف غزة العائم وأعادت ربطه بشاطئ القطاع.

ويتكون الرصيف من جزءين، منصة عائمة كبيرة في عرض البحر ورصيف مثبت على الشاطئ تعبر عبره المساعدات الإنسانية التي يجرى شحنها على متن سفن شحن كبيرة تبحر من قبرص قبل أن ترسو على المنصة البحرية العائمة.

 بعد ذلك، يجرى تفريغ المساعدات على المنصة وتحميلها على سفن عسكرية تعمل على نقلها إلى الرصيف على الساحل حيث يتم تحميلها على متن شاحنات ومن ثمة تسليمها إلى بعثة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، التي تتولى عملية التوزيع.

انتكاسات متلاحقة

واجه الرصيف منذ الأيام الأولى من بدء تشكيله مشاكل وانتكاسات، بينما كانت عملية إيصال المساعدات إلى السكان صعبة للغاية.

وذلك في ظل انهيار جميع الهياكل في قطاع غزة وانتظار عدد كبير من الفلسطينيين المحتاجين لهذه المساعدات واكتظاظهم حول القوافل التي كانت تغادر من الساحل إلى داخل القطاع، بحسب الصحيفة الإيطالية.

وفي نهاية مايو، أي بعد ما يزيد قليلا عن 10 أيام من بدء تشغيله، تعرض هذا الهيكل العائم إلى أضرار بسبب الأمواج ما استدعى تفكيكه ونقله إلى أسدود بغرض إصلاحه.

وفي 8 يونيو، أُعيد فتحه وفي اليوم نفسه شنت إسرائيل عملية عسكرية عنيفة في محيطه بهدف تحرير أربعة أسرى وارتكبت مجزرة أودت بحياة أكثر من 270 فلسطينيًا.

وعلى إثر ذلك، قالت مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة "إيل بوست" إن البرنامج "أوقف مؤقتا" توزيع المساعدات الإنسانية من الرصيف الأميركي العائم قبالة غزة، بسبب مخاوف تتعلق "بسلامة موظفينا".

وأضافت في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأميركية: "لقد توقفنا مؤقتا في الوقت الراهن"، مؤكدة تعرض اثنين من مستودعات البرنامج في غزة للقصف وكذلك إصابة أحد موظفيه.

 من جانبه، اتهم مدير المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، الاحتلال باستخدام الرصيف العائم في "التحضير والانطلاق لتنفيذ مهام أمنية وعسكرية".

وقال في مؤتمر صحفي إن من بين هذه المهام "ارتكاب جريمة مجزرة مخيم النصيرات" وسط قطاع غزة عند تحرير الأسرى الأربعة. فيما نفى البنتاغون استخدام إسرائيل للرصيف العائم خلال عمليتها لتحرير المحتجزين.

وكان المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، قد تحدث عن عدم صحة "تصورات خاطئة" بأن إسرائيل نظمت جزءا من “عمليات إنقاذ الرهائن عبر رصيف الجيش الأميركي”، نافيا كذلك مشاركة أي أفراد أميركيين بالعملية.

وقال إن "إسرائيل استخدمت منطقة قريبة من الرصيف البحري الأميركي خلال عمليتها لاستعادة الرهائن".

وزعم أن "إنشاء الرصيف البحري تم لغرض واحد فقط وهو المساعدة في نقل المساعدات إلى قطاع غزة".

ومنذ ذلك الحين، لم يستأنف برنامج الأغذية العالمي تسليم المساعدات الإنسانية، بينما واصل الجيش الأميركي تكديسها على الرصيف وتخزينها هناك دون تسليمها للفلسطينيين.

ومنذ بداية تشغيل الرصيف في منتصف مايو، جرى إدخال 8831 طنا من المساعدات إلى غزة، منها ما يقرب من 4500 طن لا يزال عالقا في مناطق الفرز، بحسب المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ.

ومنذ بداية عمله، شكك المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في 17 مايو، بنوايا الولايات المتحدة من وراء إقامتها رصيفا مائيا قبالة سواحل القطاع، محذرا من أنه "لن يغطي" حاجة القطاع من الغذاء، وسيعطي إسرائيل "الفرصة لتمديد الحرب".

وقال المكتب الإعلامي، في بيان: "الرصيف المائي العائم لن يُغطي حاجة شعبنا الفلسطيني من الغذاء في ظل سياسة تجويع تنال 2.4 مليون إنسان في غزة، بينهم 2 مليون نازح يعيشون على المساعدات اليومية، ويحتاجون إلى أكثر من 7 ملايين وجبة طعام يوميا".

وأضاف: "ما سيقدمه (هذا الرصيف) لن يكسر المجاعة، ولن يغطي هذه الحاجة الهائلة (من الغذاء) لأهلنا وشعبنا في غزة، بل سيعطي الاحتلال فرصة لتمديد هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس".

ورأى المكتب، أن الإدارة الأميركية "تحاول تجميل وجهها القبيح والظهور بوجه حضاري" من خلال إقامة هذا الرصيف المائي.

وشكك في "نوايا الإدارة الأميركية التي تعمل على إدارة حرب الإبادة الجماعية في غزة واستمرارها، وتُشكِّل جدار حماية وإسنادا للاحتلال، وتواصل دعمه بشكل مطلق للاستمرار في حربه ضد المدنيين".

وحمّل إسرائيل والإدارة الأميركية "كامل المسؤولية عن سياسة التجويع والحصار ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة بشكل مدبر ومبيت مقصود، واستمرار حرب الإبادة الجماعية وعن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وضد القانون الدولي وضد المبادئ العالمية لحقوق الإنسان".