مؤسسة هند رجب الحقوقية.. كيف أضحت كابوسا يطارد جنود إسرائيل في الخارج؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد الملاحقات القانونية ضد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء العالم، تساءل تقرير عبري عن قدرة إسرائيل على اتخاذ إجراءات استباقية ضد المنظمات التي "تطارد" جنودها.

وتأتي هذه التساؤلات في ظل ما استعرضه موقع "واللا" العبري من حالة الغضب لدى العديد من جنود الجيش، نتيجة ما عدوه "تخلي الدولة عنهم في مواجهة تلك الملاحقات القانونية".

ورصد حالة "الضرر الحقيقي والتأثير السلبي الهائل والتهديدات الخطيرة" التي تتسبب بها منظمة "هند رجب" ضد أفراد جيش الاحتلال، حيث أكد أن هناك "أضرارا قانونية" تسببها هذه المنظمة ومثيلاتها للجنود والضباط.

كما تناول أسباب فشل إسرائيل في إقناع الدول الأوروبية بغلق هذه المنظمات الحقوقية.

تسونامي قانوني

واستهل الموقع تقريره بالإشارة إلى أن "اللجنة الفرعية للسياسة الخارجية والإعلام في الكنيست طرحت في الآونة الأخيرة مسألة حماية الجنود في الخارج من النشاط القانوني الذي تمارسه المنظمات المؤيدة للفلسطينيين".

وبحسب "واللا"، "استمع أعضاء اللجنة، خلال المناقشة، إلى العديد من جنود الاحتياط الذين أعربوا عن مخاوفهم، بشأن التداعيات القانونية المحتملة المرتبطة مباشرة بخدمتهم العسكرية".

وأضاف: "تحدث الجنود عن قلقهم من مواجهة تحديات قانونية في دول أجنبية، وعن غياب توجيهات واضحة أو دعم رسمي عند التعرض لمثل هذه المشكلات خارج إسرائيل".

وقال إسحاق غليك، جندي احتياط ومؤسس حركة "إلى العلم"، خلال الجلسة: "ما يحدث هنا هو إرهاب قانوني يمكن أن يتحول إلى تسونامي، وتكمن الفجوة في التأثير الذي يخلقه هذا الأمر على مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين باتوا اليوم يتجنبون السفر إلى الخارج".

بدوره، صرح جندي احتياط في وحدة "إيغوز": "لقد طُلب منا الدفاع عن الدولة لمئات الأيام خلال خدمتنا في الاحتياط، وقمنا بذلك بأفضل طريقة ممكنة وسنواصل القيام بذلك بفخر وسعادة".

واستدرك الجندي: "لكن لا يمكن أن نجد أنفسنا، بعد عودتنا ورغبتنا في الاستراحة، في جبهة أخرى، وهي جبهة دبلوماسية تُعد شكلا من أشكال الإرهاب، دون أن يكون لدينا أي دعم أو رد مناسب".

وتابع: "نحن بحاجة إلى استجابة من الدولة، التي من المفترض أن تدافع عنا بوسائل دبلوماسية".

في هذا الصدد، أشار الموقع إلى "ظهور عدة مبادرات مدنية بهدف تقديم استشارات وتقييم مخاطر للجنود الذين يخططون للسفر إلى الخارج".

ولفت إلى أن "الجهات الحكومية تدرك المشكلة، ولذلك وُضعت جهود لتنسيق الردود من خلال وزارة الخارجية ووزارة العدل والجيش الإسرائيلي".

ومع ذلك، شدد الموقع على أنه "لا تزال هناك فجوات بين الدعم المهني والمعلومات المتاحة لأولئك الراغبين في السفر إلى الخارج".

وأضاف: "خلال المناقشة، تم التأكيد على الحاجة إلى وجود نهج أكثر شمولية واستباقية لحماية أفراد الجيش من التهديدات القانونية الدولية".

ويرى أن "حجم المشكلة المحتملة يتطلب تحسين الأنظمة والموارد، رغم الجهود الوزارية الحالية".

بنية متطورة

من جانبه، يعتقد البروفيسور جيرالد شتاينبرغ، مؤسس ورئيس منظمة "مراقبة المنظمات غير الحكومية" أن "هناك الكثير مما يمكن فعله ضد المنظمات التي ترفع الدعاوى القضائية، لكن الأمر يتطلب معرفة أين يجب البحث".

ويرى الأستاذ الفخري في جامعة بار إيلان والمستشار السابق لوزارة الخارجية، أن "المنظمات الدولية، مثل مؤسسة هند رجب -التي ظهرت فجأة قبل عدة أشهر وتقدمت بعدد كبير من الشكاوى ضد جنود الجيش في العديد من الدول، آخرها قبل أسبوعين في ألمانيا- هي جهات ضعيفة، يمكن بالتأكيد العمل على إضعافها".

وقال شتاينبرغ: "مؤسسة هند رجب منظمة حديثة جدا، سُجلت رسميا فقط في سبتمبر/ أيلول 2024، ورغم ذلك، قدمت بالفعل عشرات الدعاوى القضائية في جميع أنحاء العالم وحظيت بتغطية واسعة".

وبحسبه، فإنه "من النادر جدا أن يتمكن كيان جديد، لم يكن له أي وجود مسجل من قبل، من رفع هذا العدد الكبير من القضايا والحصول على هذا القدر من الاهتمام في مثل هذا الوقت القصير".

وأشار الموقع إلى أن "المنظمة مسجلة في بلجيكا، ويبدو أنها تمتلك بنية تنظيمية واسعة وبنية استخباراتية متطورة، مما يشير إلى أنها تحظى بموارد مالية كبيرة، إلا أن مصدرها لا يزال غير معروف".

وأقر شتاينبرغ بالضرر الهائل الذي تلحقه المنظمة ضد أفراد جيش الاحتلال، فقال: "رغم عدم تحقيق المنظمة حتى الآن أي إنجازات قانونية ملموسة، فإن الضرر الذي سببه حقيقي وله تأثير كبير".

كما شدد أيضا على أن “العواقب الجانبية لنشاط المنظمة قد تشكل خطرا على الإسرائيليين في الخارج، حيث إن المعلومات الشخصية للجنود التي تنشرها هذه المنظمة قد تصل إلى جهات” وصفتها بـ"الإرهابية".

وقال شتاينبرغ: "إسرائيل ردت على هذه الظاهرة، لكنها تأخرت لمدة عام ونصف العام"، مضيفا: "صحيح أنه تم تحديث التعليمات المتعلقة بالنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأفراد قوات الأمن، لكن برأيي يجب حظر ذلك تماما على جميع أفراد الأمن".

ورأى "واللا" أن "هدف هذه المنظمات هو ممارسة ما يُعرف بـ(الإرهاب القانوني)، الذي يسعى إلى خلق الخوف والقلق بين جنود الجيش الإسرائيلي وتعزيز الرسالة من خلال التغطية الإعلامية".

وأردف: "لذلك، تركز هذه المنظمات على تقديم شكاوى قانونية رغم علمها بأنها لا تملك فرصة كبيرة للنجاح، لكنها تدرك أيضا أن وسائل الإعلام في إسرائيل وحول العالم لن تتجاهل القضية، مما يؤدي إلى تضخيم رسالتها".

أضرار قانونية

ومع ذلك، يعترف البروفيسور شتاينبرغ بأن هذه المنظمات "تمتلك الأدوات اللازمة لإلحاق أضرار قانونية وإحداث إزعاج كبير للإسرائيليين".

وقال: "إنهم يعملون في عدة دول ويركزون على الكم الهائل من القضايا، ففي بريطانيا مثلا، يسمح القانون لأي مسؤول قانوني صغير بفتح تحقيق".

واستطرد: "جميعنا يتذكر قضية الجنرال دورون ألموغ في لندن، حيث لم يستطع النزول من الطائرة بسبب إصدار مذكرة توقيف بريطانية ضده بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كما نتذكر كيف امتنعت تسيبي ليفني عن السفر إلى لندن لسنوات طويلة، خشية التعرض لملاحقة قانونية بسبب دورها في حرب غزة 2008-2009".

وأكد وجود "قلق حقيقي بين الجنود وأفراد الجيش"، مشيرا إلى أن "هدف هذه المنظمات هو جعل كل من له علاقة بالمؤسسة الأمنية يشعر بالتهديد وإجبار الدولة على إعادتهم أو منعهم من السفر".

ووفق الموقع، يقوم شتاينبرغ بـ"تكريس الكثير من الوقت والجهد لتزويد الجمهور، وكذلك صناع القرار، بمعلومات حديثة وموثوقة حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالمنظمات التي تدير الساحة القانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي في الخارج".

من جانب آخر، يُبدي شتاينبرغ تشاؤمه حيال احتمالية اتخاذ الدول المُسجلة فيها هذه المنظمات أي إجراءات ضدها.

وأوضح أنه "حدثت محاولات للتواصل مع جهات في بلجيكا لدفعها لاتخاذ إجراءات ضد المنظمة، لكن هناك العديد من القيود".

وتابع مدير منظمة "مراقبة المنظمات غير الحكومية": "فقط إذا قبلت السلطات البلجيكية الادعاء بأن هذه المنظمة مرتبطة بشكل مباشر بأنشطة إرهابية، فسيتخذون إجراءات ضدها، وحاليا لا تمتلك الدولة الأدوات اللازمة لذلك".

وأضاف: "إذا تمكنا من الكشف عن مصادر تمويلهم، فسيكون لذلك تأثير كبير، وإذا كان هذا هو حجم إنجازات المنظمة في مثل هذا الوقت القصير، فمن المرجح أن لديها مصادر تمويل كبيرة، وليس من المستبعد (وهذا مجرد تخمين) أن التمويل يأتي من مصدر حكومي".

وأشار شتاينبرغ إلى أن دور منظمته "يتمثل في مراقبة أنشطتهم، وتتبع مصادر تمويلهم، ونشر ما هو معروف للجمهور وصناع القرار".

واستطرد: "بمجرد أن نحدد أي مؤشرات على تحركاتهم، نقوم بنشرها، وإذا تمكنت الحكومة من استخدام هذه المعلومات لقطع مصادر تمويلهم، فهذه هي الغاية التي نسعى إليها في المنظمة".