تصريحات الحية عن تجويع غزة .. لهذا اعتبرها الأردن ومصر تجاوزا للخطوط الحمراء

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

التصريحات الأخيرة لرئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية أثارت غضب نظامي مصر والأردن، وأدت إلى اتساع هوة الخلافات بين الحركة والقاهرة وعمان، اللتين رأتا أن الحية “تجاوز الخطوط الحمراء”.

وفي هذا السياق، أدلى مسؤول أردني بتصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، علق فيها على خطاب الحية، فيما استعرضت في الوقت ذاته إجراءات النظام المصري الذي اتخذها تجاه حركة حماس.

رسالة فلسطينية

وخلال خطابه في 27 يوليو/ تموز 2025، وجَّه القيادي الحية رسالة مباشرة إلى الشعب المصري وقياداته، قائلا: “هل يُعقل أن يموت إخوانكم في غزة جوعا وهم على حدودكم، قريبون منكم؟”

في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أنه "لم يصدر أي رد رسمي من القاهرة، إلا أن صحيفة (الشرق الأوسط) السعودية نقلت عن مصدر مصري دهشته من التصريحات، قائلا: (الحية يعلم جيدا دور القاهرة)".

وتحدث المصدر أن "مصر لا تقبل التشكيك في دورها، ولا في موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، أو في جهودها لوقف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة".

كما تطرق الحية في حديثه إلى الأردن، داعيا الشعب إلى "مواصلة الانتفاضة الشعبية، وتكثيف الجهود لوقف (الجرائم)، ومنع إسرائيل من تنفيذ مخططها لتقسيم المسجد الأقصى". 

وعقبت الصحيفة العبرية على هذه التصريحات قائلة: "لم تلق هذه الدعوة ترحيبا في الأردن؛ إذ نقلت قناة (الحدث) السعودية عن مصدر في الحكومة قوله: الشعب الأردني لا يتلقى أوامر من الخارج، ولا توجيهات فصائل فلسطينية". 

وتابع المصدر: "هذه الدعوات غير مفهومة ولا مبررة، وهدفها التحريض على الفوضى، الأردن لم يتقاعس عن دعم الشعب الفلسطيني، والأردنيون ملتزمون بأمن وطنهم".

تجاوز الحدود 

وادَّعت الصحيفة أن "هذه ليست المرة الأولى التي يتجاوز فيها قادة حماس ما تعدُّه هاتان الدولتان (الخطوط الحمراء)". 

وأضافت: "فبالنسبة لمصر والأردن، يمكن لقادة حماس أن يتحدثوا بما شاءوا عن الوضع في غزة، وحتى توجيه اللوم لإسرائيل، لكن أي خطاب مباشر إلى شعوبهم، أو أي محاولة لتحريض الرأي العام الداخلي أو انتقاد أداء القيادة، يعدّ خطا أحمر".

وأوضحت أنه "لهذا السبب عُدّت تصريحات الحية تجاوزا واضحا للحدود، وهو ما دفع القاهرة للتعبير عن استيائها الشديد من تصريحاته، وعدّها بمثابة انتقاد للدولة المصرية".

وتعتقد الصحيفة أن "تصريحات الحية هي ما دفعت رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي إلى توجيه خطاب شدَّد من خلاله على الموقف الداعم لقطاع غزة، داعيا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب، دون أن يعلّق مباشرة على تصريحات الحية".

وفي السياق، زعمت الصحيفة نقلا عن مصادر، أن "الخلافات بين حماس والمسؤولين المصريين وصلت إلى ذروتها خلال الفترة الماضية، على خلفية ما وصفته حماس بـ(حملة إعلامية) مصرية مبالغ فيها بشأن إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر".

وتابعت: "حيث تشير حماس إلى أن العديد من شاحنات المساعدات تتعرض للنهب، مؤكدة في الوقت ذاته أن الأرقام التي تُنشر في الإعلام المصري حول عدد الشاحنات مبالغ فيها ولا تعكس الواقع".

وأردفت الصحيفة العبرية: "بحسب الحركة، فإن هذا التهويل يخدم الرواية الإسرائيلية ويسهم في تبرئتها من مسؤولية تجويع سكان قطاع غزة".

واستعرضت جانبا من الحملة الإعلامية المصرية ضد حماس؛ إذ شن الإعلامي مصطفي بكري هجوما لاذعا على الحية قائلا: "خليل، لقد جمعتني بك قبل أشهر جلسة مطولة، وسمعت منك خلالها تقديرك لموقف مصر وقيادتها السياسية".

وتابع بكري: "كنت آمل أن تصدر حماس بيانا يندّد بالحصار المفروض على السفارات المصرية في الخارج من قِبل الإخوان المسلمين وممثليهم، لكن بدلا من ذلك تتهموننا بالمسؤولية عن الجوع في غزة".

واستطرد: “أنتم تعلمون جيدا دور مصر والجهود التي تبذلها، فهل ستصدر حماس بيانا تقول فيه الحقيقة بشأن دور مصر؟ بأنها لم تغلق معبر رفح قط، وأن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الاحتلال الإسرائيلي؟” وفق زعمه.

نقص التقدير

من الجانب الأردني، تحدثت الردود عن أن "الشعب لا يتلقى توجيهات من الخارج ولا تتحكم به فصائل فلسطينية".

وأفاد مسؤول أردني، تحدث لـ"يديعوت أحرونوت" عقب خطاب الحية، بأن "الأردنيين غير راضين عن تصريحاته التي تعكس عدم تقدير لدور عمان في دعم غزة".

وادعى المصدر: "الشعب الأردني يثمّن جهود بلاده في مساندة الفلسطينيين، ويشعر أن تصريحات حماس تجاهلت هذه الجهود"، مشيرا إلى أن "الشعب الأردني شعر بالإهانة من هذه التصريحات".

من جانبه، شدّد عاهل الأردن عبد الله الثاني، على أن "غزة تحتاج إلى أردن قوي"، محذرا من أن "تعطيل الحياة الطبيعية في المملكة والإضرار بالاقتصاد الوطني لا يخدم مصلحة الفلسطينيين".

في هذا الصدد، ذكرت الصحيفة العبرية أن "كل الدول العربية، وعلى رأسها مصر والأردن، لن تتسامح مع أي محاولات لتحريض شعوبها على التظاهر أو زعزعة الاستقرار الداخلي".

فعلى سبيل المثال، "حظر الأردن، في أبريل/ نيسان 2025، أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، ويواصل دون هوادة ملاحقة وتفكيك الخلايا، بينما تبذل مصر في المقابل جهودا حثيثة للحفاظ على أمنها الداخلي".

أما مظاهرات دعم غزة التي خرجت في كل من مصر والأردن خلال فترة العدوان، فترى الصحيفة "أنها كانت تهدف أساسا إلى تنفيس الغضب الشعبي"، مشيرة إلى أن "الأمر ذاته ينطبق على التظاهرات التي شهدها المغرب".

في نهاية المطاف، ترى الصحيفة أن "الأولوية القصوى لهذه الدول هي الحفاظ على أمنها القومي واستقرارها الداخلي".