نتنياهو يسعى لإخضاع الجيش الإسرائيلي لسيطرته عبر ورقة احتلال غزة.. كيف؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

اتهم وزير إسرائيلي سابق حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها بـ"حكومة السابع من أكتوبر"، بأنها تسعى للسيطرة على الجيش، "لا احتلال غزة ولا إسقاط حركة المقاومة الإسلامية (حماس)".

جاء ذلك في مقال نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” لرئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الحرب الأسبق، أفيغدور ليبرمان.

مخاوف داخلية

وسلط ليبرمان الضوء على خلاف نتنياهو مع رئيس أركان الجيش، إيال زامير، واصفا الأخير بأنه "آخر صوت عاقل في الحكومة".

وأعلن مكتب نتنياهو، في 8 أغسطس/آب 2025، أن خطة مجلس الوزراء الأمني تنص على أن الجيش "يستعد للسيطرة على مدينة غزة" التي تضررت بشكل كبير في شمال القطاع، مع توفير مساعدات إنسانية للسكان المدنيين في المناطق البعيدة عن القتال.

وتهدف الخطة إلى نزع سلاح حركة حماس، "والعمل على إعادة جميع المحتجزين، أحياء وأمواتا"، فضلا عن فرض "السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة وإقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية".

لكن هذه الخطة تثير مخاوف داخل الجيش، وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن "قرار الحكومة بتصعيد الحرب في غزة قد يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين هناك للخطر".

وأشار الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، غادي شامني، إلى أن خطة السيطرة على غزة "لن تؤدي لتحرير الأسرى، ولن تهزم حماس أو تجبرها على التخلي عن أسلحتها"، موضحا أن "الضغط العسكري قد يؤدي، ليس فقط إلى عدم تحرير الأسرى، بل إلى قتلهم أيضا".

وأضاف شامني أن هذه الخطة "ستزيد من معاناة العائلات، وتضر بمكانة إسرائيل على الصعيد الدولي، كما ستقوّض الاقتصاد وتعمّق أزمة الثقة بين الحكومة والجيش"، مشيرا إلى أن إقامة إدارة عسكرية فعّالة وإضعاف حماس في غزة "ستستغرق سنوات".

وأخيرا، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن زامير يواجه محاولات نتنياهو لإبعاده عن منصبه، على خلفية رفضه القاطع لخطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة.

وبحسب الصحيفة، فقد عبّر زامير عن معارضة شديدة للخطة، محذرا من تبعاتها العسكرية والسياسية الخطيرة، ما فجّر خلافا متصاعدا بينه وبين نتنياهو.

وأوضحت أن زامير على وعي تام بما يجرى، ويتمسك بعدم ترك الجيش لنتنياهو ووزير الحرب، يسرائيل كاتس.

وذكرت "القناة 13" العبرية أن زامير وصف خطة نتنياهو لإعادة احتلال غزة بـ"الفخ الإستراتيجي"، مؤكدا أنها ستنهك الجيش لسنوات وتعرض حياة الأسرى للخطر.

في المقابل، يقترح زامير بديلا لعملية الاحتلال يتمثل في عزل القطاع وفرض حصار محكم على مدينة غزة، مع تنفيذ ضربات جوية على مواقع حماس، إلا أن نتنياهو رفض المقترح وأصر على المضي في خطة احتلال القطاع.

آلة السموم

في هذا السياق، قال ليبرمان: إن "الهجوم على رئيس الأركان والجيش من قِبل آلة بث السموم ليس مصادفة، فهو يشير إلى أن الهدف الحقيقي لحكومة السابع من أكتوبر ليس احتلال غزة وإسقاط حماس، بل محاولة السيطرة على الجيش".

وأضاف: "بصفتي وزيرا سابقا للحرب، أدرك تماما أهمية العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري، فخلال فترة ولايتي، حتى عند ظهور خلافات مهنية، حرصنا على إبقائها في غرف النقاش، انطلاقا من المسؤولية، وحفاظا على الكرامة والاحترام المتبادل".

وأكد أنه "هكذا تتصرف القيادة التي تدرك دورها ومسؤولياتها، لا عبر هجمات علنية تضعف الجيش، وتقوّض ثقة الجمهور، وتهدد الأمن القومي".

وأوضح أن الحديث عن "رقابة لصيقة (على الجيش لهزيمة حركة حماس) ليس سوى تمويه؛ فخلف العناوين تكمن محاولة لإقحام تقديرات الولاء الشخصي في صفوف الجيش، على حساب المهنية والقيم والكفاءة".

وأردف: "نعم، لقد أخفق الجيش في 7 أكتوبر، ونتطلع جميعا إلى مراجعة شاملة وجريئة تجريها لجنة تحقيق تابعة للدولة، غير أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق نتنياهو".

وتابع: "نتنياهو هو من رعى حركة حماس منذ عام 2009 كقوة موازنة للسلطة الفلسطينية، وهو من أطلق سراح يحيى السنوار و1026 شخصا آخر".

واستطرد: "وهو من حال دون احتلال غزة عام 2014، وهي خطوة كان من الممكن أن تطيح بحماس، كما تباهى بذلك في كتابه عن عملية الجرف الصامد (تسميها حماس العصف المأكول)، على خلاف رأيي آنذاك".

وأشار الوزير الأسبق إلى أن خلال فترة ولايتيه وزيرا للحرب، منع نتنياهو مرارا وتكرارا اغتيالات تستهدف قادة حماس.

وهو أيضا من ابتكر إستراتيجية "المال مقابل الهدوء"، التي صارت فعليا إتاوات، "فبالأموال التي أُرسلت من قطر، تحولت حماس إلى كيان محصن ومنظم"، وفق ليبرمان.

وأفاد بأن نتنياهو أعلن هذه الإستراتيجية خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 تحت عنوان (سياسة التنظيم) التي عرضها على المجلس"، قائلا: "في اليوم التالي، قدّمت استقالتي وحذّرت بكل قوتي من الخطر الذي تمثّله حماس".

وأضاف ليبرمان: "منذ المجزرة، استبدل نتنياهو مفهوم (المال مقابل الهدوء) بمفهوم لا يقل خطورة: الحوكمة قبل الأمن".

هجوم مدروس

لذلك، فإن كل هجوم مدروس التوقيت يكون لنتنياهو فيه هدف واضح، وهدفه الحالي هو دفع رئيس الأركان إلى الاستقالة، بحسب ليبرمان.

وأضاف أنه "لا يستبعد أن يُطيح قريبا برئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، لمجرد أنه تجرأ على معارضة موقف رئيس الحكومة خلال اجتماعها".

وخلال جلسة الكابينت في 7 أغسطس 2025، انحاز هنغبي إلى جانب وزير الخارجية جدعون ساعر ورئيس حزب "شاس" أريه درعي، في المطالبة بترك الباب مفتوحا أمام صفقة جزئية لتبادل الأسرى، وذلك خلافا لموقف نتنياهو والوزيرين بتسلئيل سموتريتش ورون ديرمر، الذين أصروا على صفقة شاملة.

وأوضح هنغبي، وفق ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن الصور التي نشرتها المقاومة الفلسطينية لأسرى إسرائيليين تظهر عليهم آثار الهزال والجوع، ما يجعل من الصعب عليه دعم خطة "كل شيء أو لا شيء".

وأضاف: "لست على استعداد للتنازل عن فرصة إنقاذ ما لا يقل عن 10 أسرى.. وقف إطلاق النار سيمكننا من محاولة التوصل إلى اتفاق بشأنهم".

وقال ليبرمان: "آمل أن يُدرك تماما رئيس الأركان زامير، آخر صوت عاقل في مجلس الوزراء، حجم المؤامرة التي تُحاك ضده".

وختم قائلا: "يجب عليه أن يستمر في التمسك بمبادئه، ليس من أجل نفسه، بل من أجل أمن إسرائيل وجيشها" وفق زعمه.