بعد مسيرة "سباي إكس".. كيف أصبح المغرب ثالث أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تحول إقليم الصحراء إلى حقل تجارب للأسلحة التي يشتريها المغرب، وذلك بعد استحواذه على "سباي إكس"، الطائرة دون طيار الانتحارية المصنوعة في إسرائيل.

وقالت صحيفة “الإندبندينتي” الإسبانية: إن "سباي إكس من تصميم وصنع بلوبيرد لأنظمة الطيران، وهي فرع من شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، الشركة المملوكة لوزارة دفاع جيش الاحتلال".

وذكرت أن "آخر مقطع فيديو نشرته الشركة تضمن مشاهد من شمال مدينة بوجدور، وهي مدينة تقع في الصحراء الغربية".

تفاصيل تقنية

وتُظهر الصور قاعدة في قلب الصحراء، وأجهزة رصد، ومنجنيقا يطلق الجهاز، الذي يختفي في الأفق قبل أن يصيب دبابة بدقة متناهية. 

ورفضت مصادر الشركة التي تواصلت معها صحيفة "الإندبندينتي" تقديم أي معلومات. 

وقالت المصادر: "للأسف، لا يمكننا تقديم المعلومات التي طلبتموها، لأن بيانات العميل والمشروع سري، ولا نسمح بمشاركة أي معلومات محددة".

ووفقا لمواصفاتها، تعد سباي إكس "طائرة كهربائية دون طيار تزن عشرة كيلوغرامات، قادرة على الطيران لمدة ساعتين، والسفر لمسافة 50 كيلومترا، وحمل رأس حربي قابل للتبديل بوزن 2.5 كيلوغرام". 

"ويستطيع المُشغّل، بمساعدة كاميرات نهارية وحرارية، توجيه الهجوم يدويا أو إحداثياته".

في المرحلة النهائية، "تغوص الطائرة المسيّرة بسرعة تزيد عن 250 كم في الساعة نحو هدفها"، وهي مُزوّدة بأنظمة لإلغاء المهمة أو استئنافها أثناء الطيران.

كما أن تصميمها المعياري يسمح لها بتكييف أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية -مضادة للأفراد، أو مضادة للمركبات، أو مضادة للدبابات- حسب الهدف.

وبحسب الشركة المصنعة، تتمثل ميزتها الرئيسة في استقلاليتها التكتيكية؛ حيث إنها لا تحتاج لأكثر من جنديين لحملها، ونشرها، وتنفيذ هجوم، دون الحاجة إلى مدفعية ثقيلة. 

وأضافت الشركة أنها "أكثر فعالية وأقل تكلفة بكثير من الصواريخ المضادة للدبابات". 

وقد انضمت طائرة سباي إكس إلى ترسانة الجيش المغربي، التي تشمل المدفعيات الكلاسيكية وقاذفات الصواريخ وطائرات الاستطلاع المسيرة.

وأوردت الصحيفة أن شركة بلو بيرد لم تكشف عن تكاليف تصنيع أو أسعار بيع طائراتها المسيرة. 

مع ذلك، تشير تقديرات القطاع إلى أن سعر طائرة سباي إكس سيتراوح بين 50 و60 ألف دولار للواحد، وهو سعر أقل بكثير من سعر صاروخ موجه مضاد للدبابات مثل تاو.

تطلعات الرباط

ونقلت الصحيفة أن هذا النموذج من الطائرات المسيرة الذي يُروّج له على أنه عنصر أساسي في "التفوق العملياتي" ومثال على "التكنولوجيا الإسرائيلية"؛ خضع للاختبار على الأراضي المغربية منذ عام 2023 على الأقل. 

وبعد أن كانت، حتى وقت قريب، مجرد تجارب وعروض توضيحية؛ أصبحت الطائرات دون طيار الانتحارية مشروعا صناعيا في المغرب. 

وترغب السلطات المغربية أن تُنشئ شركة "بلو بيرد إيرو سيستمز" مصنع إنتاج على الجانب الآخر من المضيق، فيما رفضت مصادر الشركة تأكيد هذه الخطط.

مع ذلك، صرّح مؤسس الشركة، رونين نادر، عام 2024 بأن بلو بيرد تسعى إلى تصنيع طرازي واندر بي وثاندر بي، المخصصين للاستخبارات والاستطلاع، في المغرب، وأنه يمكن تجميع سباي إكس محليا في وقت لاحق.

وتُجمّع بلو بيرد بالفعل طائرات دون طيار في الهند من خلال مشروع مشترك مع سيينت. 

ووفقا لمؤسسها، سيكون المغرب ثاني دولة تحصل على إنتاج جزئي خارج إسرائيل.

وتنص الاتفاقية على تدريب المهندسين المغاربة على يد فنيين إسرائيليين ونقل التكنولوجيا تدريجيا.

ومن خلال تركيز هذا المصنع، ينضم المغرب إلى مجموعة صغيرة جدا من الدول الإفريقية التي تنتج طائرات عسكرية دون طيار، وهي جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا.

وقال المحلل المغربي في الإستراتيجية الدولية والدفاع والأمن، نزار الدردابي، لصحيفة "الإنديبندينتي": إن "طائرات الاستطلاع والهجوم دون طيار أصبحت أدوات حاسمة في ساحة المعركة الحديثة: استخبارات آنية، وحماية القوات، وضربات دقيقة عند الضرورة". 

وأضاف: "بالنسبة لدولة تُولي الأولوية للدفاع عن أراضيها ومواطنيها، فإن دمجها ضرورة عملية، وليس خيارا".

إلى جانب التعاملات التجارية التي تجريها العائلة المالكة المغربية نفسها مع الشركات الإسرائيلية ونقل برامج التجسس؛ هناك العديد من الأسباب التي دفعت الرباط إلى التمسك بالتطبيع الدبلوماسي الذي وقّعته مع إسرائيل قبل خمس سنوات. 

ورغم الاحتجاجات الحاشدة في الشوارع المغربية، تُدافع النخبة السياسية والاقتصادية المغربية عن هذه العلاقات.

السيادة التكنولوجية

ووقّعت إسرائيل والمغرب اتفاقية دفاع عام 2021 تشمل التعاون في مجالي الاستخبارات والأسلحة. 

ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أصبحت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا “ثالث أكبر مشتر” للأسلحة الإسرائيلية، بعد فرنسا والولايات المتحدة فقط.

واستخدمت الرباط على نطاق واسع أدوات مراقبة إلكترونية أخرى مثل برنامج بيغاسوس، الذي تُصنّعه شركة أن أس أو غروب الإسرائيلية، والذي استخدم لمحاولة التجسس على قادة أجانب، من الجزائر إلى فرنسا وإسبانيا.

وأوضحت الصحيفة أن الرباط استغلت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان لتسريع تحديث أسلحتها. 

ومنذ أن أعلنت تطبيع العلاقات مع إسرائيل، استحوذت على أنظمة إسرائيلية متعددة من نظام "سكاي لوك دوم" المضاد للطائرات المسيرة إلى حلول "سيغينت" للحرب الإلكترونية من شركة "إلبيت سيستمز"، التي تخطط أيضا لافتتاح مصنعين على الأقل في البلاد.

وعند اتصال الصحيفة، لم تُجب شركة “إلبيت” أيضا. 

وتجدر الإشارة إلى أن عام 2024، استحوذ المغرب على طائرة "أوفيك 13" من نفس شركة الطائرات المسيرة، وهي قمر صناعي استخباراتي قوي مُصمم لتزويد وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وفي الإجمال، تُسهم تركيا وإسرائيل والصين بالتكنولوجيا والخبرة، ويسعى المغرب إلى تسويق نفسه كوجهة توفر التضاريس والاستقرار وموقعا إستراتيجيا على مشارف منطقة الساحل.

ويأتي إعادة تسليح المغرب في ظل الصراع الدائر بإقليم الصحراء وسباق التسلح مع الجزائر، منافسته في صراع الهيمنة على المغرب العربي، وفق الصحيفة الإسبانية.

وبخطى حثيثة، انتقل المغرب من مستورد إلى منتج؛ وهي خطوة تقرّبه من المجموعة الحصرية من الدول القادرة على تصدير الأسلحة. 

وفي سياق إفريقي تسعى فيه العديد من الجيوش إلى امتلاك قدرات جوية، تطمح الرباط إلى أن تصبح مورّدا إقليميا.