أسلحة تكفي لتسليح كتيبة.. من المسؤول عن تهريب السلاح بين مصر وإسرائيل؟

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

حذرت صحيفة عبرية مما أسمته "تصاعد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية"، حيث تتزايد المخاوف في إسرائيل من تكرار سيناريو مشابه لهجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ووفقا لما نقلته صحيفة "إسرائيل هيوم" عن تقارير أمنية، تشمل عمليات التهريب أسلحة وذخائر تكفي لتسليح كتيبة كاملة، ما يثير قلق المستوطنين في المناطق الجنوبية، الذين يتساءلون: “ما الذي يُخطط له بكل هذه الأسلحة الثقيلة؟”

في هذه الأثناء، تشهد أروقة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) نقاشات مكثفة حول هذه القضية، بينما يؤكد الجيش أنه "على دراية بالتطورات ويعمل بالتعاون مع الشرطة لمواجهة التحديات".

أمان زائف

وأشارت الصحيفة إلى أنه "منذ هجوم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس في السابع من أكتوبر، ترسخ تهديد الطائرات المسيرة (الدرونز) في الوعي الأمني الإسرائيلي كأحد أخطر التحديات التي تواجه الدولة".

ولفتت إلى أنه "في الآونة الأخيرة، لم يعد هذا التهديد مقتصرا على حدود غزة، بل امتد إلى ما يُعرف بالحدود الهادئة مع مصر".

وتابعت: "200 كيلومتر من الحدود الطويلة بين إسرائيل وسيناء باتت تشكل ثغرة أمنية خطيرة، رغم ما توحي به اتفاقية السلام من شعور زائف بالأمان".

واستشهدت بما يحدث على الحدود المصرية الإسرائيلية من سنوات، مضيفة: "في البداية، كانت عمليات التهريب تتم باستخدام المركبات، وهي وسيلة تعلّم الجيش كيفية التصدي لها".

واستدركت: "لكن مع تطور الأساليب، بدأت العصابات الإجرامية في البحث عن طرق أكثر تعقيدا وكفاءة للتهريب بهدف تحقيق أرباح أكبر".

وأوضحت أنه "مع تصاعد القتال في غزة والتقدم التكنولوجي، انتقل المهربون إلى استخدام الطائرات المسيرة، التي تتيح تهريبا أكثر سهولة وأقل خطرا من حيث احتمالية الكشف".

إلا أن ما يثير القلق البالغ لدى إسرائيل، أنه "في السابق، كانت عمليات التهريب تقتصر على المخدرات والحيوانات".

لكن أخيرا تزايد تهريب الأسلحة على نطاق واسع، بما في ذلك معدات قتالية كافية لتسليح عدة كتائب عسكرية، على حد قولها.

خلافات داخلية

في غضون ذلك، عقدت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست جلسة طارئة في 15 أكتوبر، لمناقشة هذا الموضوع. وذكرت الصحيفة أنه "وفقا للبيانات، شهد عام 2024 ما بين 10 إلى 15 عملية تهريب ليلية".

"أما في عام 2025، فالأرقام غير واضحة لأسباب أمنية، ولأن تتبع الطائرات المسيرة بات أكثر صعوبة"، وفقا لها.

وأفادت بأنه خلال الجلسة، كشف مسؤول الأمن في مستوطنة "قادش برنياع" أنه خلال أيام عيد رأس السنة العبرية فقط، عبرت نحو 500 طائرة مسيرة الحدود إلى داخل إسرائيل.

والأخطر من ذلك، بحسب الصحيفة، أن "الجيش الإسرائيلي ينجح في إحباط أقل من 10 بالمئة من هذه المحاولات".

فوفقا لها، "أصبحت الطائرات المسيرة تهبط داخل الأراضي الإسرائيلية بشكل يومي، ولم تعد تقتصر على ساعات الليل، بل باتت تُرصد أيضا في وضح النهار خلال الأشهر الأخيرة".

وتابعت: "إذا كان إرهاب الطائرات الورقية الذي ضرب سابقا مستوطنات غلاف غزة مجرد إزعاج، فإن المسيرات أصبحت اليوم تهديدا ممنهجا واسع النطاق".

وأشارت إلى انعقاد جلسة في الكنيست أخيرا لمناقشة الأمر، خلصت أن التهديد يتطور بسرعة بينما يظل رد الحكومة متأخرا وغير متناسب مع حجم الخطر.

خلال المناقشات، وجه أعضاء الكنيست وسكان المناطق الحدودية انتقادات حادة لأجهزة الأمن، متهمينها بالتنصل من المسؤولية.

وانتقد الأعضاء تبادل الاتهامات بين جهاز الأمن العام (الشاباك)، والجيش، والشرطة، بشأن الجهة المسؤولة عن معالجة الظاهرة، بينما تستمر العصابات البدوية، المزودة بتقنيات متقدمة، في تنفيذ عملياتها بحرية تامة.

وعبر سكان المنطقة عن استيائهم من غياب الدعم الرسمي، مؤكدين أنهم يضطرون لملاحقة المهربين باستخدام معدات اشتروها من أموالهم الخاصة.

ولمواجهة هذه الظاهرة، أوضحت أن "سكان هذه المناطق طالبوا الحكومة بتوفير الوسائل اللازمة وتعزيز الاستيطان على طول الحدود، لمواجهة هذا التهديد المتصاعد الذي بات يهدد أمنهم اليومي".

من جانبه، وجه رئيس المعارضة يائير لابيد انتقادات حادة إلى الحكومة ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشأن تعاملهم مع القضية.

وغرد لابيد أخيرا على منصة إكس قائلا: "ليس لدي أدنى فكرة عن كيفية الحفاظ على أمنكم. في الحكومة المقبلة سننشئ قوة مهام خاصة لمكافحة تهريب الأسلحة وجمع غير القانونية منها".

وأردف: "لقد فعلنا ذلك بنجاح في الحكومة السابقة، وخفضنا معدلات الجريمة بشكل دراماتيكي، وسنفعل ذلك مجددا".

أما الجيش فقد أكد أنه "على دراية بتطور ظاهرة التهريب عبر الطائرات المسيرة، ويعمل بالتعاون مع الشرطة من خلال متابعة دقيقة باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك المراقبة، وأدوات جمع المعلومات، والاستخبارات".

وأضاف خلال بيان أنه: "يجري العمل حاليا على مستوى تخطيطي لتحسين الاستجابة العملياتية في هذا المجال".

أرباح طائلة

وشرحت الصحيفة العبرية آلية التهريب البسيطة، فهي تقوم على "تعاون منظم بين عائلات إجرامية، نصفها في سيناء والنصف الآخر داخل إسرائيل"، على حد زعمها.

وتابعت: "تُرسل الطائرة المسيرة فارغة من إسرائيل إلى مصر، ثم تعود محملة بالأسلحة أو المخدرات".

وأردفت: "على سبيل المثال، تهريب أربعة رشاشات من نوع ماغ قد تباع بمليون شيكل (307 آلاف دولار)، بينما تصل قيمة 30 كيلوغراما من المخدرات إلى أرقام أعلى بكثير". وبحسب تقديرها، فإن "هذا الربح مجز حتى مع خطر اعتقالهم".

وأشارت إلى أن "عمليات التهريب بدأت باستخدام طائرات مسيرة تعتمد على نظام GPS من نوع سناب، وكان من السهل نسبيا تعطيلها".

واستدركت: "لكن المهربين سرعان ما انتقلوا إلى طائرات من نوع ماتريكس، التي يصعب التشويش عليها".

ومع تطور قدرات الجيش في التعامل معها، لجأ المهربون إلى طائرات أكثر تقدما لا تعتمد على GPS، ما يجعل رصدها أكثر تعقيدا، وفق قولها.

ورغم ذلك، أوضحت الصحيفة أن "الجيش الإسرائيلي يبذل جهودا مكثفة لتعزيز قدراته التكنولوجية على الحدود، بهدف التصدي لهذا التهديد المتنامي".

في هذا الصدد، ذكرت أن "الجيش الإسرائيلي، استعرض في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2025 منظومة تجريبية جديدة طُورت خصيصا لاعتراض الطائرات المسيرة القادمة من الحدود المصرية".

وقدرت مصادر عسكرية للصحيفة أن "هذه المنظومة قد تُسهم في القضاء على الظاهرة بشكل كامل، أو على الأقل الحد منها بشكل ملموس".

تهديد حقيقي

وشرح يهودا فاخ، منسق منطقة الجنوب في حركة "ريغافيم"، تكتيك عمل العصابات الإجرامية قائلا: "إنهم يتصرفون بذكاء".

وتابع: "هناك أسابيع لا تُسجل فيها أي عمليات تقريبا، لأنهم يعرفون متى تكون هناك رقابة ومتى لا تكون".

وأردف: "إذا نشر الجيش نظاما إلكترونيا جديدا قادرا على إحباط بعض المحاولات، فإنهم يخفضون وتيرة النشاط، ثم يعودون بقوة عندما تُسحب المنظومة أو تُنقل إلى موقع آخر".

وبحسب الصحيفة، فإن “لكل طائرة مسيرة وجهة، وكل شحنة سلاح تصل إلى شركاء في عصابات إجرامية قد تُهدد حياة المدنيين”، مضيفة أن "سكان المناطق الحدودية مع مصر يعيشون حالة من القلق المتزايد".

فقد صرح إيال بن، من منطقة "فتحة نيتسانا" القريبة من الحدود الإسرائيلية المصرية، وعضو وحدة الطوارئ المحلية: "نراهم فوق رؤوسنا، نسمع أزيز الطائرات، المهربون قريبون منا ولا يشعرون بأي خوف".

وتابع إيال بن: في الأيام الأخيرة، وثّقت طائرة مسيرة عبرت الحدود خمس مرات خلال ساعة واحدة فقط. معظم عمليات التهريب تتعلق بأسلحة".

ويشدد إيال بن على أنه "يجب التعامل مع هذه الظاهرة كعمل إرهابي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. هكذا بدأ الأمر على حدود غزة، ويمكن بسهولة أن يتحول إلى تهديد حقيقي للسكان". ولفت إلى أنه "منذ السابع من أكتوبر، أصبح كل شيء أكثر خطورة".

وأردف: "الأسلحة التي كانت تُهرب سابقا إلى غزة، باتت تدخل الآن داخل إسرائيل. وبدلا من الأنفاق، أصبح لدينا جسر جوي فوق رؤوسنا". 

ويصف إيال بن كيف أن “كل عملية تهريب تُنفذ باستخدام مركبات رايزر (مصممة للطرق الوعرة) وأجهزة للرؤية الليلية”.

وذكر أنهم "يتفوقون علينا باستخدام أحدث الوسائل، ويستغلون النظام القانوني لصالحهم كسكان محليين. مناطق التدريب العسكري مهجورة تماما، والطائرات المسيرة تعبرها دون رادع".

ويكمل إيال بن حديثه: "الأسلحة تمر فوق رؤوس السكان مباشرة إلى أيدي منظمات الجريمة، في ظل قدرة محدودة على إحباط هذه العمليات".

وبحسب وجهة نظره، "لا يقتصر العجز على الجيش الإسرائيلي، بل يشمل أيضا نظيره المصري، الذي يعاني من صعوبة في التصدي لهذه الظاهرة".

وقال: "المصريون يطلقون النار على الطائرات المسيرة بشكل عشوائي، ما قد يُعرض المنازل القريبة لخطر مضاعف".

ويتساءل أيال: "ما الذي يُخطَّط له بكل هذه الأسلحة الثقيلة؟ ما الغرض منها؟". ليعقب قائلا: "يجب الاستعداد لأسوأ السيناريوهات والتعامل مع هذه الظاهرة كتهديد قومي إستراتيجي، واتخاذ إجراءات صارمة ضد عائلات الجريمة والإرهاب لمنع تفاقم الوضع".

تشكيلات عسكرية 

وقد كشف "معهد ريفمان نشر، أخيرا، أن هناك أكثر من 100 ألف قطعة سلاح غير قانونية بحوزة مواطنين ومنظمات إجرامية في منطقة النقب".

وهو ما يبرر -بحسب الصحيفة- "مصادقة لجنة الوزراء لشؤون التشريع أخيرا، على مشروع قانون قدمه النائب زفيكا فوجل من حزب القوة اليهودية، يمنح وزير الأمن القومي صلاحية تصنيف منظمات الجريمة في المجتمع العربي كمنظمات إرهابية".

من جانبه، قال النائب تسفي سوكوت عن حزب الصهيونية الدينية، الذي بادر إلى عقد جلسة لجنة الخارجية والأمن: “الأسلحة المهربة من الحدود المصرية تهدف، من بين أمور أخرى، إلى السيطرة على قواعد الجيش الإسرائيلي في الجنوب”، مضيفا: "نحن أمام ظاهرة خطيرة تهدد أمن الدولة من الداخل".

وحذر من أن "العدو يتسلح بحرية من داخل أراضي إسرائيل، وكميات الأسلحة التي تدخل بهذه الطرق تُستخدم من قبل منظمات إرهابية لتأسيس تشكيلات عسكرية داخل السيادة الإسرائيلية، وهم يخططون بالفعل لـ 7 أكتوبر آخر"، على حد زعمه.

وأكد أنه “سيواصل العمل على هذا الملف لضمان إزالة هذا التهديد الوجودي”، مشددا على أنه "لا يمكن أن تسمح دولة إسرائيل باستمرار هذا الواقع على حدودها".

وبحسب تقدير الصحيفة، تظهر التطورات الأخيرة أن “قدرة الجيش الإسرائيلي على فرض السيطرة على الحدود الجنوبية تتآكل تدريجيا”.

وهو "ما يُعزز القلق لدى سكان المناطق الحدودية من الخطر الكامن في الأسلحة المهربة".

ويقول السكان إنهم شهدوا قبل عامين فقط، ظاهرة مشابهة على حدود غزة، مشيرين إلى أن "التمييز بين الأسلحة التي تصل إلى منظمات الجريمة وتلك التي تُسلم لجهات إرهابية بات غير واضح"، وفق الصحيفة.