متى يعلن الكيان الإسرائيلي السيادة على الضفة الغربية؟.. موقع عبري يجيب

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ألقى وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، خطابا خلال الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس مستوطنة عوفرا في الضفة الغربية، أكد خلاله على أن "السيادة على أراضي وطننا لا تُقرر في واشنطن، ولا في الأمم المتحدة، ولا في أوروبا، ولا في أي مكان ناءٍ".

مضيفا: "إن سيادتنا تكمن في قرار تاريخي ومُلِحّ في شارع غزة بمدينة القدس"، في إشارة إلى مقر الحكومة الإسرائيلية.

وفي كلمته، وجّه سموتريتش انتقادات إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قائلا: "سيدي رئيس الوزراء، اتخذ القرار، قرأت هذا الصباح تقريرا يزعم أن هناك نقاشا نظريا حول ما إذا كان ينبغي فرض السيادة على وادي الأردن فقط أم على مناطق أوسع".

وأردف: "أود أن أقول بوضوح وحزم: لا مكان للحلول الجزئية أو المرحلية، السيادة الإسرائيلية يجب أن تُفرض على كامل الأرض، ببساطة لأنها أرضنا".

في هذا السياق، كشف موقع "واللا" العبري عن "مصادر سياسية أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ناقش خلال لقائه الأخير مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ملف السيادة، وأكد أن إسرائيل تخطو في هذا الاتجاه خلال الأشهر المقبلة".

تهيئة الأرضية

حيث أشار الموقع إلى أن ساعر "يجري حاليا مشاورات مكثفة مع أطراف إسرائيلية وأميركية لتهيئة الأرضية لهذا القرار".

ومع ذلك، لفت الموقع إلى أن "قضية السيادة لم تُدرج ضمن البيانات الرسمية الصادرة عن الاجتماع، التي ركزت على مناقشة الأوضاع في غزة ولبنان وسوريا وإيران".

ما يعكس رغبة إسرائيل في التعامل مع ملف فرض السيادة بهدوء شديد بعيدا عن التصريحات العلنية.

ويؤكد تبني إسرائيل لهذا النهج ما كشفته مصادر مطلعة للموقع العبري بأن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجه وزراءه بعدم الإدلاء بأي تصريحات حول الموضوع".

وعزا الموقع هذا التكتم إلى "مخاوف إسرائيلية من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغم علاقاته الودية مع إسرائيل، قد يتراجع عن دعمه الضمني الأخير لمشاريع البناء في منطقة E1، بل وربما يعارض خطوات إسرائيلية نحو فرض السيادة".

وأوضحت المصادر أنه "بالإضافة إلى عدم صدور بيان أميركي رسمي يدعم تطبيق السيادة -ولو جزئيا- فإنه لا توجد فرق مشتركة ولا أي نشاط عملي مع الإدارة الأميركية بشأن هذه القضية".

وأضافت المصادر: "واشنطن صامتة، ولذلك تتحرك إسرائيل بصمت، فإثارة الضجيج قد تضر بالموقف". 

ويفسر الموقع هذا الحذر الإسرائيلي بالقول: "تخشى إسرائيل من أن أي تصريح علني أو تسريب إعلامي قد يثير رد فعل سلبيا داخل الإدارة الأميركية، مما قد يؤثر مباشرة على موقف ترامب".

"كما تدرك إسرائيل أن ملف الضم لا يحظى بأولوية في جدول أعمال الإدارة الأميركية؛ إذ يأتي بعد قضايا أكثر إلحاحا مثل الحرب في غزة، والوضع في سوريا ولبنان". وفقا للموقع.

حسابات حساسة

على مستوى الحكومة الإسرائيلية، قالت مصادر سياسية للموقع العبري: إن "السؤال لم يعد ما إذا كانت هناك سيادة إسرائيلية، بل ما هو حجمها ونطاقها، في المرحلة الراهنة نحن نتحدث عن خطوة أحادية الجانب، لا تستند إلى إعلان رسمي أميركي داعم".

وأضاف الموقع أن "هناك توافقا واسعا على ضرورة فرض السيادة على مناطق الضفة الغربية، إلا أن الخلاف يتمحور حول توقيت الإعلان ودوافعه".

وتابع: "فبينما يرى البعض أن الإعلان عن السيادة يجب أن يكون ردا على خطوات دولية للاعتراف بدولة فلسطينية، يعتقد آخرون أن القرار ينبغي أن ينبع من رؤية أيديولوجية واضحة، بعيدا عن الضغوط الخارجية".

وأردف: "بحسب مصادر في مجلس الوزراء، فقد بدأ النقاش حول هذا الموضوع أخيرا، ومن المتوقع أن يُطرح بشكل موسع في جلسات قادمة".

وكشفت هذه المصادر للموقع أن اجتماعا حضره جدعون ساعر، وبتسلئيل سموتريتش، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وسكرتير الحكومة يوسي فوكس، شهد نقاشا حول قضية فرض السيادة على الضفة الغربية".

وحسب الموقع: "خلال تلك المناقشات طُرحت عدة خيارات لفرض السيادة، تشمل: تطبيقها على جميع المستوطنات، أو على غور الأردن فقط، أو على أجزاء محددة من المنطقة (ج)، مثل مدينة أريئيل".

في غضون ذلك، ذكر الموقع أنه "بعد التسريبات حول نية الحكومة المضي في خطة الضم، أرسل (مجلس المستوطنات في الضفة) رسائل إلى مقربين من نتنياهو، جاء فيها: (نرفض بشدة فرض السيادة فقط على منطقة غور الأردن، وسنتحرك بقوة ضد هذا التوجه)".

ويشير الموقع إلى أن قادة المجلس يرون أن "فرض السيادة على غور الأردن فقط لا يحمل أي قيمة فعلية نظرا لصغر مساحة المنطقة مقارنة بباقي الضفة الغربية".

"كما أنه يعيد إلى الواجهة خطة الكتل الاستيطانية المنبثقة عن مبادرة جنيف المرتبطة باليسار الإسرائيلي، في حين أن الهدف من السيادة هو منح شرعية ومكانة لكامل مناطق الضفة"، وفق الموقع.

وإلى جانب المجلس، ذكر الموقع أن "عددا من الوزراء عبروا عن رفضهم لخطة وزير الشؤون الإستراتيجية في إسرائيل رون ديرمر، التي تقترح فرض السيادة على غور الأردن فقط".

وبحسب الموقع "يرى الوزراء أن هذه الخطوة يجب ألا تكون ردا على مواقف دول مثل فرنسا، التي تسعى للاعتراف بدولة فلسطينية، بل يجب أن تكون تعبيرا واضحا عن أيديولوجية إسرائيلية مستقلة".

وكشف أنه "وفقا لمصادر مطلعة ، أوضح ديرمر أخيرا لعدد من الوزراء أن الهدف من فرض السيادة على منطقة متفق عليها مثل غور الأردن هو خلق واقع ميداني يصعب التراجع عنه، خاصة في حال تغير الإدارة الأميركية مستقبلا".

واستدرك الموقع: "لكن بعض الوزراء يرون أن رئيس الوزراء يتردد في اتخاذ القرار خشية ردود الفعل الأوروبية، ويحذرون من ضياع فرصة تاريخية، فمن غير المؤكد أن تتكرر حكومة يمينية متجانسة قادرة على تنفيذ هذه الخطوة".

زخم فريد

في المحصلة، يشير الموقع إلى أن هناك تقديرات إسرائيلية ترى أن هناك "زخما فريدا" حاليا، يتمثل في إدارة أميركية تعدّ صديقة لإسرائيل، وحكومة يمينية نشطة في تل أبيب، إلى جانب الإعلان المتوقع عن الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية.

وحسب الموقع، تعتقد إسرائيل أن "الاعتراف الدولي بفلسطين يضفي شرعية إضافية على تصوير خطوة الضم على أنها ردة فعل إسرائيلية".

ومع ذلك، لفت الموقع إلى أن "صانعي القرار يدركون أن صمت واشنطن قد ينقلب إلى موقف معارض إذا أثيرت القضية إعلاميا أو أحيطت بضجة سياسية، ما قد يجر عواقب دبلوماسية وأمنية على إسرائيل".

في الوقت ذاته، نوه الموقع إلى أن "الوضع الحالي يختلف عن الماضي؛ حيث كانت الإدارات الأميركية السابقة -جمهورية وديمقراطية على حد سواء- تعارض بشدة توسيع الاستيطان، لا سيما المشاريع التي تعدّ عقبة أمام حل الدولتين، مثل البناء في منطقة E1 بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم".

واستدرك: "لكن هذه المرة، وبعد إحاطة من البيت الأبيض، تبيّن أن الإدارة الأميركية الجديدة غير ملتزمة بالسياسة التقليدية إزاء هذه القضايا".

"وهو ما يُنظر إليه في إسرائيل على أنه (فرصة)، لكنه في الوقت نفسه سيف ذو حدين، فأي ضجيج إعلامي قد يحول الصمت الأميركي إلى رفض علني"، وفق تقدير الموقع.

ولفت الموقع إلى أن نتنياهو طرح سابقا أمام الحكومة مشروع قرار لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وذلك في يناير/ كانون الثاني 2020، عقب إعلان خطة السلام الأميركية المعروفة بـ"صفقة القرن".

ففي مؤتمر صحفي بواشنطن عقب الكشف عن الخطة، أعلن نتنياهو أنه سيعرض في جلسة الحكومة المقبلة قرارا بتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية، مؤكدا أن الإدارة المدنية العسكرية ستُلغى.

وقال نتنياهو آنذاك: "خطة ترامب تمثل اختراقا تاريخيا مع إنجازات هائلة لم نحصل عليها من قبل".

مضيفا: "إسرائيل ستنال اعترافا أميركيا فوريا بفرض القانون الإسرائيلي على غور الأردن وشمال البحر الميت، وعلى جميع المستوطنات في الضفة الغربية، إضافة إلى مساحات واسعة تحيط بهذه المستوطنات، بما في ذلك احتياطيات من الأراضي التي ستضمن استمرار توسع المستوطنات".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي سيواصل السيطرة الأمنية على كل الأراضي غرب نهر الأردن، بما يشمل الطرق والمحاور الحيوية المؤدية للمستوطنات.

وذكر الموقع أن "نتنياهو التقى حينها برؤساء (مجلس المستوطنات في الضفة) الذين رافقوه إلى واشنطن، وأكد لهم أن الخطة تُعد (فرصة تحدث مرة واحدة كل مئة عام ويجب اغتنامها)".

إلا أن توقيع اتفاقيات إبراهام مع عدد من الدول العربية أدى إلى إرجاء هذه الخطوة، إلى أن تجدد الحديث عنها في الآونة الأخيرة، وفق الموقع.

من جانبه، علق الناطق باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نبيل أبو ردينة، على التحركات الإسرائيلية، قائلا: "لا شرعية لأي عملية ضم ويجب إدانتها ورفضها بالكامل".

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" عن أبو ردينة قوله: إن الخطوة الإسرائيلية "ستغلق كل الأبواب أمام تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".

مؤكدا أن محاولات ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها تمثل "انتهاكا صارخا للقوانين والقرارات الدولية".

وأضاف: "تسعى حكومة الاحتلال بهذه الإجراءات إلى تقويض الجهود المبذولة لوقف الحرب ضد أهل غزة، وإنهاء الاعتداءات في الضفة الغربية، والقضاء على أي فرصة لتحقيق حل الدولتين".

كما دعا أبو ردينة المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري، قائلا: "على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عملية وجدية لمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها".

وفي ختام الموقع، أكد الموقع أنه "لم تُتخذ أي قرارات رسمية بخصوص فرض السيادة حتى الآن، فيما تتركز النقاشات حول استعراض البدائل ودراسة تبعاتها الدبلوماسية والأمنية". 

وأفاد بأنه "بحسب مصادر مطلعة، فإن الحسم سيأتي فقط بعد جولة إضافية من المشاورات مع المؤسسة الأمنية والمستشارين القانونيين، مع الحرص الشديد على الحفاظ على أدنى مستوى ممكن من الضجيج الإعلامي".