بين الدروز والأكراد والعلويين.. هذه حسابات إسرائيل الجديدة في سوريا

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

بدلا من عدو واحد لدود وهو رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد، "أصبح لدينا بدائل في سوريا، ليس أقل مرارة، ولكن أقل توازنا وأكثر خطورة".

بهذا التحذير بدأت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية مقالا لها استعرضت فيه الواقع الجديد بسوريا، في ظل إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع.

وأمام هذا التغير، دعا يائير رافيد رافيتز رئيس الفرع العملياتي لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في لبنان، إلى التعاون مع الأقليات السورية لمواجهة من أسماهم "أعداء إسرائيل".

وكشف رافيتز عن عمليات التنسيق التي تجرى على الأرض بين إسرائيل والدروز، كما استعرض خطط تل أبيب المستقبلية لاستخدام الأكراد والعلويين في تحقيق أهداف الاحتلال في سوريا.

ووصفت الصحيفة أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني، بأنه "إسلامي متطرف في تنظيم القاعدة، يتولى السلطة حاليا في ما كان يُعرف سابقا بالدولة السورية"، وفق تعبيرها.

وتابعت معقبة على أداء الشرع: "يحاول الظهور كقائد متزن، عبر كلمات ناعمة وجميلة يتلقاها الغرب الجاهل كدلالات على الاعتدال، ومن خلال بدلات رسمية وربطات عنق ملونة يغيرها باستمرار".

الاستعداد للمواجهة 

واستدركت: "إلا أن الجولاني لا يزال ذلك الزعيم المليشياوي المتعصب، الذي يتحدث كثيرا عن وحدة الأمة السورية، لكنه في الوقت نفسه يصفي الحسابات مع الموالين للنظام السابق، خصوصا أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد ومحيطه"، حسب ادعاء الصحيفة.

مع ذلك، تقول: "يجب ألا ننخدع وألا نغرق في الشفقة على العلويين، فقد كسبوا عن جدارة الكراهية التي يُكنّها لهم معظم أبناء سوريا من الطوائف الأخرى، خاصة أبناء الطائفة السنية التي تشكل الأغلبية".

وتابعت: "على مدى سنوات، تصرف أبناء الأقلية العلوية بتكبر وغطرسة وعنف، وسيطروا على معظم مراكز القوة في الدولة، سواء في قطاع الأعمال أو الجيش أو أجهزة الأمن والمخابرات".

وزعمت أن "رجال الجولاني يعملون على تصفية الحسابات مع العلويين، عبر عمليات قتل جماعي عشوائية لا تستثني النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ".

وأردفت: "وهناك أيضا (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، العدو الثاني الذي يسعى إلى ترسيخ نفوذه وإيجاد موطئ قدم له في سوريا".

ورأت الصحيفة أن "لأردوغان عدة أهداف، من بينها إسرائيل، لكنها ليست على رأس أولوياته؛ حيث إن الهدف الأول للأتراك هو قمع الأقلية الكردية ومنع أي محاولة منها لإنشاء كيان مستقل في سوريا".

 وهو أمر قد يدفع، من وجهة نظرهم، أكراد تركيا إلى الاتحاد مع إخوتهم في سوريا لإقامة دولة كردية، بحسب الصحيفة. وادعت وجود "قواسم مشتركة بين أنقرة والجولاني ومليشيات القاعدة التي يتزعمها".

وحذرت من أنه "بالرغم من انشغال أردوغان حاليا بقمع الأكراد في سوريا ودعم ترسيخ حكم الشرع، فإن إسرائيل ستُضاف في المستقبل إلى أجندة خططه، سواء بدافع طموحاته التوسعية أو كخدمة لحليفه الجولاني، وعندها سيعيد تموضع قواته في جنوب سوريا بطريقة تهدد" تل أبيب.

وأضافت: "تركز الاستعدادات الإسرائيلية في هذه المرحلة على المستوى الاستخباراتي، ومع هذا، يجب على الجهات المختصة بناء القوة اللازمة والاستعداد، في الوقت المناسب، لمواجهة الجيش التركي، الذي يُعد من أكبر الجيوش في العالم".

واستطردت الصحيفة: "أوهام السلام والاستقرار، التي دفعت بعض رؤساء الأركان الإسرائيليين إلى تقليص قوة الجيش، تحطمت منذ زمن في حرب السيوف الحديدة والمواجهة مع حزب الله في الشمال".

وتابعت: "على الرغم من أن انتماء تركيا إلى حلف الناتو (شمال الأطلسي) أمر مهم، وأن موقف الولايات المتحدة له تأثير كبير؛ ولكن لا يوجد عالم محصن، والنظام في الولايات المتحدة يتغير أيضا، ومعه سياسة الإدارة تجاهنا وما يحدث في منطقتنا".

تعاون أردني

على مستوى الأقليات، سلطت الصحيفة الضوء على الدروز وعلاقتهم مع إسرائيل، مشيرة إلى أنهم "يلتزمون، وفقا لتقاليدهم، بولاء كامل للنظام الحاكم في الدولة التي يعيشون فيها".

وضربت مثالا على ذلك، بـ "اندماج أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل والجيش الإسرائيلي، والأمر ذاته ينطبق على لبنان وسوريا".

و"لم يكن لدى الدروز يوما طموح لإقامة دولة مستقلة، وإلى جانب التزامهم بالولاء للسلطة الحاكمة، هناك مبدأ آخر يوجههم كمبدأ في أساس عقيدتهم، وهو حماية الأخوة".

ويعني هذا بحسب الصحيفة أن الدروز "ملزمون بالاهتمام بأمن وسلامة أبناء طائفتهم أينما كانوا، ومن هنا يمكن فهم الضغوط التي يمارسونها في إسرائيل على الحكومة لحماية القرى الدرزية القريبة من الحدود".

وذلك مثل قرية حضر، وجرمانا الواقعة على أطراف دمشق، وكذلك، على التجمع الرئيس للدروز في سوريا، والموجود في جبل الدروز، وعاصمته مدينة السويداء.

وكشف رئيس الفرع العملياتي للموساد في بيروت، أنه "ورغم غياب المعلومات المؤكدة لديه، إلا أنه يقدر استنادا إلى معرفته الطويلة بالمنطقة، أن الأسلحة الإسرائيلية تُنقل بالفعل إلى أيدي الدروز في محافظة السويداء عبر الأردن وبدعم منها".

وأكملت الصحيفة: "المملكة الأردنية لا ترغب أيضا في وجود تقارب بينها وبين مقاتلي القاعدة التابعين للجولاني، حتى وإن حاول الأخير التستر تحت عباءة أحمد الشرع".

ونبّهت إلى أن "الفوضى السائدة في سوريا لا تزال في بدايتها، ومن المتوقع أن تشهد العديد من التطورات التي يصعب حتى الآن تقدير الجهات التي ستسعى للتدخل والتأثير فيها".

وأشارت إلى أنه "من بين هذه الجهات، إيران التي تسعى للحفاظ على ممر جغرافي يربطها بحزب الله في لبنان، وروسيا التي ترغب في حماية قواعدها العسكرية في اللاذقية وطرطوس، ما يجعلها لاعبا رئيسا يجب أخذه في الحسبان".

دعم عسكري سري

وأكدت الصحيفة أنه "في مواجهة هذا الوضع بالإضافة إلى تطورات أخرى قد لا يكون بالإمكان التنبؤ بها في الوقت الحالي؛ يتوجب على إسرائيل الاستعداد واتخاذ إجراءات تضمن أمنها وتحافظ على مصالحها على المدى الطويل".

ودعت إلى "الإبقاء على الوضع القائم في هضبة الجولان، مع إمكانية إجراء تحركات باتجاه الشرق إذا ما اقتضت التطورات الميدانية ذلك".

وشددت على أهمية تقديم تل أبيب الدعم العسكري واللوجستي للدروز في محافظة السويداء، على أن يتم ذلك سرا وبالتنسيق مع المملكة الأردنية، و"مع ضرورة تجنب أي تصريحات حول وجود رغبة في تحقيق وحدة بين دروز سوريا وأشقائهم في إسرائيل".

وأكدت أن "تصريحات دعم الدروز لا تؤدي إلا إلى الإضرار بأبناء الطائفة الدرزية في سوريا وإضعافهم، كما أنها تتعارض مع مبدأ الولاء للدولة التي يعيشون فيها".

كما أشارت إلى أن "انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 والتخلي عن عناصر جيش لبنان الجنوبي (أنشأته تل أبيب) لمصيرهم، لا يزال محفورا بعمق في ذاكرة الأقليات في المنطقة، ما سيجعل أي تعاون معهم مقتصرا على تلبية احتياجاتهم المباشرة فقط".

"أما فيما يتعلق بالأقلية الكردية التي تخوض معركة من أجل بقائها واستقلالها، فمن الضروري التذكير بأن تركيا أصبحت منذ وقت طويل دولة معادية، توفر ملاذا آمنا "للإرهابيين"، وتقدم الدعم المالي والعسكري للفصائل الفلسطينية"، وفق زعم الصحيفة.

وتابعت: "وعليه، فإن الظروف مهيأة لدعم الحركة الكردية في سوريا سرا، بل وحتى تزويدها بالسلاح، مع التأكيد على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال نقل السلاح أو إقامة علاقات مع التنظيمات الكردية التي تعمل داخل تركيا، مثل حزب العمال الكردستاني أو حركة اليسار (ديف سول)".

وقطع الشرع الطريق أمام إسرائيل هنا، بعد أن وقع اتفاقا مع مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ينص على ثمانية بنود، تقضي بدمج القوات الكردية التي تسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي البلاد، ضمن مؤسسات الدولة.

وأضافت الصحيفة: "بخصوص العلويين، ومع أنهم لم يكونوا يوما في صفنا، فهم الذين حكموا سوريا لفترة طويلة وكانوا خصما شرسا لنا؛ إلا أن السياسات والاستخبارات لا تُدار بالعواطف أو الأمنيات، بل بالحقائق والمصالح".

ورأت أنه "من المناسب أن تعمل إسرائيل على تقديم دعم سري للعلويين عبر تزويدهم بالسلاح والمعدات التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم، بل وربما استنزاف دماء أعدائنا الرئيسين في سوريا حاليا، وهم السُّنة المنتمون لتنظيم القاعدة".

واستطردت أن "تعزيز قوة العلويين سيساعدهم على حماية الشريط الساحلي الحيوي لسوريا، حيث تقع الموانئ البحرية في اللاذقية وطرطوس".

وتؤكد على "أهمية السرية المطلقة في جميع أشكال العلاقات المقترحة، ومنع أي تصريحات سياسية في هذه المجالات، مع فرض رقابة صارمة".

ودعت إلى ضرورة "تجنب الأوهام حول شرق أوسط جديد أو نظام جديد في سوريا، وهي الأفكار التي روّج لها قسم العلاقات الخاصة في الموساد، وقادتنا إلى الهاوية في لبنان خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي".