أكاديمي تركي: غالبية دروز سوريا مناهضون لإسرائيل وأنقرة لن تسمح بالفوضى (خاص)

محمود مصلحان | منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

قال عضو هيئة التدريس والأستاذ المشارك في جامعة نيغده عمر خالص دمير التركية، عبد الله آيدن: إن “الادعاءات بأن الدروز يتعرضون لضغوط في سوريا تجعلهم بحاجة إلى حماية إسرائيلية، بمثابة ”كذب صارخ".

وأكد آيدن في حوار مع “الاستقلال” أنه “بالنظر إلى ما شهدته سوريا من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية خلال العقد الماضي، فإن تركيا لن تسمح بحدوث تطورات فوضوية عشوائية هناك”. 

وذكر أن موسكو دعمت كلا من نظام الأسد وبعض مجموعات المعارضة على حد سواء؛ حيث أكد أن أولى المجموعات التي دخلت دمشق في عملية 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 كانت جماعات معارضة مدعومة من روسيا. 

وعن انسحاب واشنطن من المنطقة، قال: إنها ترغب بذلك، مستدركا “لكنها تسعى لضمان أقصى قدر من الأمن لإسرائيل”.

وفي الملف التركي، وبشأن بخصوص تشكيل لجنة في البرلمان لمتابعة عملية نزع سلاح “حزب العمال الكردستاني” (بي كا كا)، قال آيدن إنها “ضرورية لمنح العملية الجديدة قبولا وزخما شعبيا”.

وفي 12 مايو/ أيار 2025، أعلن تنظيم “بي كا كا” قراره بحل نفسه وإلقاء السلاح استجابة لدعوة مؤسسه عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في تركيا.

طابع خاص

دخلت سوريا مسارا جديدا بعد 8 ديسمبر 2024، فيما نشهد اليوم بعض الأمور غير المستقرة، والتطورات في السويداء واحدة منها، ما أهداف جماعات درزية مدعومة من إسرائيل في المنطقة؟

من المهم ابتداء التأكيد على أن الدروز مجتمع ذو طابع خاص، ومن المهم قراءة النفوذ الإسرائيلي على النحو التالي، فكما أن جميع الأكراد ليسوا من "حزب العمال الكردستاني" (بي كا كا) أو متعاطفين معه، فليس كل الدروز مؤيدين لإسرائيل. 

في حين تُبذل جهود ومساع لترسيخ تصورات وانطباعات على أن جميع الدروز مؤيدون لإسرائيل ويطالبون بحكم ذاتي، لكن ذلك لا يعدو كونه عملية خلق انطباع.

لكن من الضروري كذلك القول: إن للتوترات التي نشهدها جذورا تاريخية، وإسرائيل، بدورها، تسعى دوما إلى تعظيم مصالحها من خلال تأجيج هذه التوترات، حيث إنها لا تعبأ بأحد سوى نفسها.

علاوة على ذلك، يتسم الدروز بعدد من السمات والخصائص، من أبرزها ارتباطهم الشديد ببعضهم بعضا، وبهذا الترابط، تمكنوا من البقاء لفترة طويلة في المنطقة.

واليوم، هناك محاولات تهدف إلى خلق انطباع بأن المنطقة تعيش حاليا في ظل مظلة إسرائيلية، ورغم ذلك، فإن غالبية الدروز مناهضون لإسرائيل. 

وإلى جانب ذلك، لا يعيش عدد كبير منهم داخل دولة الاحتلال.

فإذا ما نظرنا إلى فنزويلا، بصفتها أحد أبرز الدول التي هاجر الدروز إليها، سنجد أن عدد الدروز فيها يبلغ نحو 60 ألفا، في حين لا يوجد سوى ضعف هذا العدد في إسرائيل.

من زاوية أخرى، هناك ادعاءات بأن الدروز يتعرضون لضغوط في سوريا ولبنان، وهو ما يجعلهم بحاجة إلى حماية إسرائيلية، ومن الممكن القول إن هذا الادعاء بمثابة كذب صارخ.

تتواصل الاتصالات بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية"، وبالنظر إلى تصريحات الجانبين، من الصعب تحديد إمكانية التوصل إلى حل وسط أو توافق، فهل ستتمكن سوريا من تأسيس هيكل مركزي موحد؟

سيُؤسس إنشاء هيكل مركزي وبنية موحدة مركزها دمشق في سوريا، ولن تسمح تركيا بأي وضع خلاف ذلك.

وفي حين أن قضية الدروز قد تحفز “قوات سوريا الديمقراطية”، لكن لا ينبغي نسيان أن السويداء لها حدود مع إسرائيل، بينما "قوات سوريا الديمقراطية" محاصرة ومحاطة من جميع الجهات. 

وهنا، نكرر التأكيد على أن تركيا لن تسمح بوجود أي إدارة قد تسبب لها مشكلات على حدودها، وسيكون من الخطأ كذلك القول بأن هذا يعني انخراط تركيا في حرب. 

ففي الوقت الراهن، تواصل أنقرة عملياتها المحدودة بواسطة الطائرات المسيرة.. في وقت يبقى فيه الجيش الوطني السوري والمجموعات الأخرى المتحالفة معه في حالة سكون نسبي. 

وإذا لم يُتوصل إلى اتفاق، فقد تصادق تركيا على شن هجمات جوية وبرية واسعة النطاق.

زخم شعبي

شهدنا حضورا تركيا نشطا في سوريا، ما القضايا التي ستنشأ عن هذا الحضور؟ وما النقاط التي قد تتمخض عن هذا الوجود؟

صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن تركيا “استولت على سوريا”، ومن الممكن القول: إن هذا التصريح كان سطحيا وبعيدا عن اللغة الدبلوماسية، ومع ذلك، تشير المحصلة النهائية إلى أنه محق.

فتركيا تريد تأسيس إدارة مستقرة في سوريا، وهو ما سيكون من خلال الرئيس أحمد الشرع.

وبالنظر إلى ما شهدته سوريا من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية خلال العقد الماضي، فإن أنقرة لن تسمح بحدوث تطورات فوضوية عشوائية هناك. 

كما أنها لا تريد أن تمتد التوترات مع إسرائيل إلى المناطق القريبة من حدودها، ولذا، تُعد سوريا بأكملها خطا أحمر بالنسبة لها.

حزب العمال الكردستاني أعلن تسليم سلاحه، ما أثر ذلك على المنطقة؟ وهل من الممكن إنشاء كيان مستقل جديد فيها؟ وما الذي تسعى تركيا تحديدا لمنعه من خلال اللجنة التي شكلتها في البرلمان؟

في الواقع، ما تسعى تركيا إلى تحقيقه من خلال تخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح، هو الوصول إلى منطقة خالية من الإرهاب؛ وهو ما لخص في عبارة: "تركيا بلا إرهاب".

حيث إنه في هذه المنطقة، فإن وجود كيانين إرهابيين في المنطقة يغذي أحدهما الآخر، الأول هو تنظيم الدولة، والثاني حزب العمال الكردستاني.

ومن الممكن القول إن هناك أسبابا عديدة لظهور تنظيم الدولة، أحدها هو وجود حزب العمال. 

وبعد ظهور تنظيم الدولة، قدمت الولايات المتحدة دعما ضخما بمليارات الدولارات لأذرعها في حزب العمال تحت ذريعة مكافحة تنظيم الدولة.

ولذا، تسعى تركيا إلى تغيير المعادلات الإقليمية من خلال التزامها المعلن بـ"منطقة خالية من الإرهاب".

وبخصوص اللجنة التي أُنشئت في البرلمان، فليس لها تأثير مباشر على الأطراف المعنية. 

ومع ذلك، تعد هذه اللجنة ضرورية لمنح العملية الجديدة قبولا وزخما شعبيا. 

فلن يتحقق السلام في المنطقة من خلال القرارات التي ستصدرها اللجنة، ولكن من الواضح أنها ستُسهم في العملية.

إستراتيجية مرحلية

الموضوع الآخر هو النفوذ الإيراني في سوريا.. فما الذي خسرته طهران بعد 8 ديسمبر 2024، وهل يمكن القول إنها تراجعت مرحليا؟

قبل تلك اللحظة، كان النفوذ الإيراني قد ضَعُف بالفعل، أي أن وصول إيران إلى هذه النقطة ليس نتيجة لحظية لما حدث في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بل كان نتاج سلسلة من الأحداث التي امتدت قبل هذا التاريخ.

وفي الواقع، سَرَت شائعات عن وجود خلافات بين إيران ونظام الأسد قبيل سقوطه، وفي هذا الصدد، لا ينبغي إغفال الدور الحاسم لروسيا.

فروسيا، التي قمعت المعارضة السورية سابقا بالغارات الجوية، لم تتدخل هذه المرة. 

كما أن أولى المجموعات التي دخلت دمشق في عملية 8 ديسمبر كانت جماعات معارضة مدعومة من روسيا. 

نعم، دعمت روسيا كلا من نظام الأسد وبعض مجموعات المعارضة على حد سواء. 

وبالمثل، فإن التصريحات التي صدرت خلال تلك الفترة بأن الشباب الإيراني لن يموت في سوريا، تبرز أيضا أن إيران، إلى حد ما، تخلت عن النظام السوري.

يزعم المسؤولون الأميركيون في تصريحاتهم أن استقرار سوريا هو هدفهم في المنطقة، هل سيتم فتح النقاش حول دعم أميركا لقوات سوريا الديمقراطية في هذه المرحلة؟ وهل تفكر واشنطن في الانسحاب من المنطقة؟

في نهاية المطاف، تريد الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة. 

وفي غضون قيامها بذلك، فإنها تسعى لضمان أقصى قدر من الأمن لإسرائيل. 

ومع المستجدات، ربما تكون الولايات المتحدة قد غيرت إستراتيجيتها مرحليا. 

وهو ما يعني أنها قد تحاول استعادة الأمن غير المباشر، الذي كانت توفره سابقا عبر وكلائها، مثل قوات سوريا الديمقراطية، وذلك من خلال إعادة جَسْر علاقاتها مع حليف موثوق مثل تركيا.

ورغم أن تركيا قد تتخذ موقفا معارضا لإسرائيل، إلا أنها دولة تتقن الدبلوماسية، ويمكن التفاهم معها والوثوق بكلمتها. 

ولذلك، ربما تفضل الولايات المتحدة حاليا الاعتماد على دولة قوية مثل تركيا في حل مشاكل المنطقة، بدلا من التنظيمات الغامضة.