بعد سيطرة مليشيا الحوثي على ميناء الحديدة في اليمن.. ما الخطوة التالية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استعادت مليشيات الحوثي في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 السيطرة على ميناء الحديدة اليمني على البحر الأحمر، بعد انسحاب مفاجئ للقوات المشتركة الموالية للحكومة اليمنية. 

وذكر موقع إيطالي أن الإعلان عن الانسحاب جاء خلال بيان مشترك أعقبه إعادة انتشار في جنوب البلاد تمهيدا لتغيير خطوط المواجهة، وقد جرى تبريره بهدنة تخضع لها المنطقة كانت قد فرضتها الأمم المتحدة. 

معارك عنيفة

وأشار موقع مركز الدراسات الدولية إلى أن اتفاق الهدنة يعود للمعارك العنيفة التي اندلعت في الحديدة منتصف عام 2018، تمكنت على إثرها القوات اليمنية الحكومية من استعادة السيطرة على المنطقة من الحوثيين. 

وأضاف أن الطرفين وقعا بعد أشهر من العمليات القتالية اتفاق وقف إطلاق النار لحماية الميناء الذي يعد نقطة دخول إستراتيجية للواردات والمساعدات الإنسانية. 

منذ ذلك الحين، ظلت القوات الموالية للشرعية في المدينة الساحلية في موقع دفاعي بسبب محاولات اقتحام متكررة من قبل المتمردين، مما جعلها تتمتع فعليا بموقع متفوق على نظيرتها، وفق الموقع الإيطالي. 

لكن بعد انسحاب القوات الحكومية، تجددت التوترات بين الأطراف، مما أدى إلى اندلاع نزاع جديد وهو ما تسبب في فرار آلاف المدنيين نحو خوخة، الواقعة على بعد أكثر من 100 كيلومتر جنوب المعارك. 

من جانبها، حثت بعثة الأمم المتحدة للمراقبة لحماية اتفاق الحديدة (UNMHA) الأطراف على ضمان سلامة السكان.

وأشارت إلى أنه لم يجر إبلاغها مسبقا بقرار الانسحاب لا من قبل القوات الموالية أو التحالف السعودي الإمارات في اليمن. 

نوه الموقع الإيطالي بأن السيطرة على الحديدة تكتسب أهمية كبيرة خاصة أن المدينة تعد نقطة الدخول الرئيسة للمساعدات الإنسانية والتدفقات التجارية (ما يقرب من 90 بالمئة من الإمدادات الغذائية اليمنية تأتي من الواردات وتمر عبر هذا المنفذ)، فضلا عن كونها بوابة مهمة إلى العاصمة صنعاء.

وتابع بأن استعادة السيطرة على المدينة تعني إحكام القبضة على الإيرادات الاقتصادية المتأتية من الجمارك والتعريفات الجمركية على السلع المصدرة والمستوردة، كما تسمح بإسقاط أكبر على الجزر اليمنية الإستراتيجية الواقعة في البحر الأحمر.

وأضاف الموقع بأن المتمردين الحوثيين لن يتمكنوا من السيطرة على التدفقات التجارية المباشرة في جميع أنحاء البلاد فحسب، مما يضمن موقعا متفوقا بشكل خاص، وإنما أيضا التزود بالأسلحة من خلال الإمداد البحري الإيراني.

وأوضح بأنه لتنفيذ ذلك، من الضروري مواصلة التقدم العسكري نحو الجنوب من أجل السيطرة الكاملة على ساحل البحر الأحمر.

أردف موقع مركز الدراسات الإيطالي بأنه يمكن تفسير انسحاب القوات الموالية للحكومة من الحديدة بالحاجة إلى انتشار جديد في جنوب البلاد.

إلا أن هذه الفرضية تتعارض مع انسحاب قوات الرياض من قاعدة مهمة في عدن وكذلك ترك القوات التابعة لأبوظبي مواقعها في الدريهمي والتحيتا الواقعتين في الجزء الجنوبي من اليمن.

تراجع إستراتيجي

بالتزامن مع تراجع القوات الموالية، واصل الحوثيون محاصرة مدينة مأرب، آخر معقل شمالي للحكومة المدعومة من السعودية، وتقدموا صوب محافظة شبوة الغنية بالنفط في الجنوب. 

وهنا فإن التراجع الواضح للتحالف السعودي الإماراتي، يبدو مرتبطا بإستراتيجية جديدة تركز على السيطرة على المناطق الرئيسة في البلاد على حساب مناطق شاسعة يصعب الحفاظ عليها، يشرح الموقع الإيطالي. 

ولهذا، يمكن لقواتهم أن تركز على مدينة مأرب، وهي منطقة ذات قيمة إستراتيجية كبيرة يواصل الحوثيون نشر مليشياتهم حولها.

لفت الموقع إلى أن أولويات السياسة الخارجية للرياض تشمل الحاجة إلى إيجاد مخرج سياسي من المستنقع اليمني، خاصة وأن حدودها لا تزال مهددة من قبل الحوثيين بسبب هجمات تستخدم فيها الطائرات بدون طيار والصواريخ. 

وأكد الموقع أن الرياض تبدو مستعدة لتقديم تنازلات لحل الأزمة، على الرغم من استمرارها في مهاجمة الحوثيين وتحميلهم المسؤولية بشكل أساسي في تصعيد الصراع. 

لهذا السبب، يمكن قراءة الانسحاب وفقا للمنطق الإقليمي الشمولي في إطار تقييم للخطط الإستراتيجية طويلة المدى من جانب السعودية وإيران، اللتين تتحركان لتحديد أدوات تفاوضية جديدة في المحادثات التي تجرى في بغداد، وفق شرح الموقع. 

ولا حظ بأنه على الرغم من أن المفاوضات تعيد فتح قنوات الحوار بين القوتين، إلا أنها لا تزال لا تمثل نقطة تحول في المسألة اليمنية. 

وكان آخر جولات الحوار بين السعودية وإيران نهاية سبتمبر/أيلول 2021، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عربية عن مصادر عراقية، وعقدت في مطار بغداد الدولي بين وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، بحضور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومسؤولين كبار من البلدين.

وكانت بغداد قد استضافت أولى جولات الحوار أوائل أبريل/نيسان من ذات العام بجلسات "سرية" بين مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين سعوديين وإيرانيين.

وكثيرا ما وجهت الرياض اتهامات إلى إيران بدعم مليشيا الحوثي في اليمن، التي شنت عدة هجمات على منشآت سعودية نفطية.

في هذا السياق، يعتبر المركز الإيطالي أن دور الولايات المتحدة قد يكون مهما خاصة مع إعلان الرئيس جو بايدن، من جهة، إلغاء دعمه المباشر للتحالف الذي تقوده الرياض.

لكنه كرر من جهة أخرى دعمه استئناف المحادثات النووية مع إيران التي لا تعد السعودية جزءا منها لكنها توليها اهتماما شديدا. 

بحسب الموقع الإيطالي، ترغب واشنطن بإنهاء الحرب باليمن في أقرب وقت ممكن لتخفيض التوترات الإقليمية والاهتمام بشكل تام بالتوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا (ستستأنف في 29 نوفمبر/تشرين الثاني) الهادفة إلى إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي لعام 2015. 

ولهذا السبب، تضغط على الرياض لرفع القيود المفروضة من السفن الحربية للتحالف على الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو شرط ضروري لبدء محادثات وقف إطلاق النار. 

لذلك، سيتعين على السعودية والإمارات التحرك لتحقيق الاستقرار في البلاد من خلال تأمين مصالحهما وتخفيف الآثار السلبية لتدخلهما العسكري.

 لكن من أجل تحقيق أهداف سياستهم الخارجية، سيتعين عليهما التعامل مع مطالب خصمهم الإقليمي إيران، يختم الموقع.