الجزر الإماراتية المحتلة.. كيف تملك المفتاح لحل قضية السلاح النووي الإيراني؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

هل يمكن أن تفتح الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران الباب أمام حل قضية السلاح النووي الإيراني؟ سؤال حاولت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية الإجابة عنه في تقرير لها، قائلة: "في أوائل القرن التاسع عشر، شكّلت قبيلة القواسم تحديا كبيرا لشركة الهند الشرقية البريطانية؛ إذ وُصفوا بأنهم قبيلة خطيرة من القراصنة اضطر البريطانيون لقتالهم أثناء إبحارهم في المحيط الهندي".

"لكن في التراث الإماراتي، يُحتفى بهم كأبطال وبحّارة مغامرين ركزوا على حماية سواحلهم، كما وسعوا نطاق التجارة والثقافة على ضفتي الخليج العربي. واليوم، يكتسبون فجأة أهمية دبلوماسية متجددة".

وتُشكّل سيطرة القواسم على الجزر الإستراتيجية الثلاث، أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، في القرن التاسع عشر، أساس مطالبة الإمارات المستمرة بتلك المنطقة، التي ضمّتها إيران عام 1971.

غموض دبلوماسي

وقد يكون الغموض الدبلوماسي الناتج عن ذلك مفتاحا لحل سلمي نهائي للأزمة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وفق التقرير.

وقال: "قبل أن تهاجم إسرائيل إيران وتُعطل عمدا الدبلوماسية النووية الجارية، كانت كل من واشنطن وطهران تُكثّفان جهودهما لتكوين كونسورتيوم (ائتلاف) دولي يسعى لتطوير الطاقة النووية في المنطقة".

وأشارت بعض التقارير إلى أنه اقتراح إيراني، بينما عزاه آخرون إلى ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط.

في ظل هذا الائتلاف، ستخصّب دول مختلفة في المنطقة -بما في ذلك إيران والإمارات والسعودية- اليورانيوم في موقع مشترك، ما سيسمح للمتنافسين الإقليميين بمراقبة بعضهم بعضا، بينما يُشرف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على جميع الأنشطة، وستكون خاضعةً للاستثمارات الأميركية.

وفي عام 2023، أوصى سيد حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني والعضو السابق في فريق التفاوض النووي الإيراني، بأن تُنشئ دول الخليج العربي كونسورتيوم لتقديم خدمات تخصيب اليورانيوم ومنتجات دورة الوقود الأخرى.

بدورها، تحدثت "فورين بوليسي" مع عدد من الخبراء الذين أشادوا بالفكرة، ووصفوها بأنها حل سحري للشكوك الغربية والإقليمية حول نوايا إيران النووية، وحل يحفظ ماء وجه إيران، التي أصرت على أنها لن تتنازل عن حقوقها في تطوير واستخدام الطاقة النووية.

ومع ذلك، فإن الطريق إلى إنشاء مثل هذا الائتلاف مليء بالعقبات. بحسب المجلة.

التحدي الأول هو الموقع، حيث يريد الأميركيون إنشاء أي كونسورتيوم من هذا القبيل خارج إيران، لمنعها من تحويل الطاقة النووية المنتجة للاستخدام المدني إلى تطبيقات عسكرية.

وقد صرَّحت إيران رسميا بأنها سترحب بالفكرة طالما أنها ستُنفّذ على الأراضي الإيرانية؛ حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي: "لا يمكن أن يكون بديلا عن التخصيب داخل إيران".

وفي هذا السياق، برزت الجزر الثلاث الخاضعة للسيطرة الإيرانية، والتي تطالب بها الإمارات -حليفة الولايات المتحدة والسعودية- كمواقع محتملة لهذا الائتلاف.

وقالت المجلة: "جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى صغيرتان، ولا يُعرف لهما سكانا، بينما يعيش عدد قليل من السكان في "أبو موسى".

وللإيرانيين وجود عسكري وبحري على الجزر الثلاث، التي تقع في موقع إستراتيجي في مضيق هرمز، وهو شريط مائي ضيق، تحده إيران من جهة والإمارات من جهة أخرى.

ويتعين على ناقلات النفط والسفن التي تحمل البضائع التجارية المرور بين هذه الجزر أثناء عبورها أكبر طريق سريع للنفط في العالم، والذي تسيطر عليه القوات الإيرانية البرية.

نزاع قائم

وبحسب التقرير، فإن إن وجود أطراف إقليمية على هذه الجزر -من خلال الائتلاف المقترح- يمكن أن يكون له أثر محتمل في استقرار التجارة البحرية؛ إذ إنه في كل مرة تتصاعد فيها التوترات مع إيران، تظهر مخاوف من أن تُغلق مضيق هرمز لانتزاع تنازلات من خصمها وخنق إمدادات النفط العالمية.

لكن النزاع على الجزر لا يزال قائما. وفقا للحكومة الإماراتية، ضمّ الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي، الجزر بشكل غير قانوني قبل أيام قليلة من سماح بريطانيا بتأسيس الإمارات رسميا كدولة مستقلة عام 1971.

ومنذ ذلك الحين، طعنت الإمارات في ادعاء إيران أمام مجلس الأمن، ودعت إلى حل من خلال المحادثات المباشرة مع إيران أو التحكيم عبر محكمة العدل الدولية.

وتؤكد الإمارات أنها ستقبل قرار محكمة العدل الدولية، سواءً كان لصالح أو ضد المصالح الإماراتية، خاصةً أحفاد القواسم الذين يحكمون إمارتي الشارقة ورأس الخيمة.

في غضون ذلك، صرّحت إيران بأن قادة قبيلة القواسم كانوا يتصرفون كرعايا فارسيين عندما حكموا الجزر، وكان ذلك نيابةً عن إيران، التي ترفض مناقشة الأمر على أي منصة دولية.

ويحظى النهج الإماراتي لحل النزاع سلميا بدعم واسع حتى روسيا والصين -حليفتي إيران في مواجهة الغرب- أيدتا موقف الإمارات وسعيها إلى حل تفاوضي.

وفي يوليو/تموز 2023، عندما دعت روسيا إلى تسوية النزاع وفقا "لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، ثارت طهران غاضبةً وطالبت موسكو "بتصحيح موقفها".

وزودت إيران روسيا بمسيّرات "شاهد"، وهي سلاح فتاك خلّف وراءه دمارا وموتا في أوكرانيا، بل وساعدت الروس على إنتاج طائرات مسيّرة داخل بلادهم.

ويثير النزاع على الجزر عاصفة بين الحين والآخر، ما يعكس عداءً أعمق وشعورا بانعدام الأمن بين العرب والإيرانيين، وفق التقرير.

كل هذا يُغذّي التنافس التاريخي بين العرب والفرس، الذي تفاقم أخيرا بفعل الصراع الطائفي على الهيمنة الإقليمية بين السعودية ذات الأغلبية السنية وإيران ذات الأغلبية الشيعية، بالإضافة إلى دعم إيران للمليشيات الإقليمية وقصفها أصولا نفطية عربية.

وفي عام 2012، عندما زار الرئيس الإيراني حينها، محمود أحمدي نجاد، جزيرة أبو موسى، استدعت الإمارات سفيرها من طهران.

وفي عام 2017، عندما عُيّنت سارة الأميري، الإماراتية من أصول إيرانية، وزيرة دولة مسؤولة عن ملف العلوم المتقدمة، شكك رواد مواقع التواصل الاجتماعي في ولائها للإمارات.

وشهدت المنطقة موجات هجرة عديدة على جانبي الخليج، لكن النزاع على الجزر قد يكون سببا للتمييز ضد الإماراتيين من أصول فارسية، بحسب التقرير.

ولكن على الرغم من التكاليف الاجتماعية الباهظة للنزاع بين أناس غالبا ما تتداخل قيمهم وثقافاتهم، لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لهذه القضية. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء بأن فكرة التحالف متعدد الجنسيات تكتنفها المزيد من المشاكل.

شكوك إيرانية

وعندما اقترح موسويان إطارا متعدد الجنسيات، استشهد بشركة "يورنكو" -وهي كونسورتيوم غربي يقدم خدمات تخصيب اليورانيوم والتخلص من النفايات النووية في ألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا والولايات المتحدة- كنموذج.

لكن بعض الخبراء أشاروا إلى أن المعرفة التقنية يمكن أن تتسرب من مثل هذه الكيانات وتؤدي إلى انتشار السلاح النووي.

فـعبد القدير خان، الذي يوصف بأنه الأب لبرنامج الأسلحة النووية الباكستاني، عمل في "يورنكو" في هولندا؛ حيث نقل تصميم أجهزة الطرد المركزي وقدمها لاحقا إلى إيران وليبيا وكوريا الشمالية.

كما أن لإيران شكوكها الخاصة. ففي سبعينيات القرن الماضي، كانت جزءا من كونسورتيوم مشابه، ولكن مع دول أوروبية بقيادة فرنسا. وقد زعمت إيران أنها لم تستلم اليورانيوم منخفض التخصيب الذي دفعت ثمنه بعد أن ضغطت الولايات المتحدة على فرنسا.

ويعتقد بعض الخبراء أن إيران قد توافق على كونسورتيوم إذا كان على إحدى جزرها، مثل قشم أو كيش، وهما جزيرتان إيرانيتان غير متنازع عليهما، وغالبا ما تروج لهما طهران كوجهتين سياحيتين.

من جانبه، قال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: إن فكرة إنشاء اتحاد شركات في إحدى الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات أضافت "مستوى آخر من التعقيد"، وفضّل بدلا من ذلك اختيار قشم، "إحدى أكبر جزر الخليج"، كموقع محتمل.

وقال: "أعتقد أن الحل الأمثل يكمن في أن تتفق إيران والولايات المتحدة على حل وسط، بحيث توافق إيران على أنها لن تحتفظ ببرنامج تخصيب وطني ذي سيادة، وأن يكون التخصيب ضمن كونسورتيوم".

"وفي المقابل توافق الولايات المتحدة على أن يكون هذا الكونسورتيوم على جزيرة تابعة لإيران"، يختم "فايز".