الآلاف يتنازلون عن الجنسية الأميركية.. ما علاقة ترامب و"فاتكا"؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي يسعى كثيرون للحصول على الجنسية الأميركية، ويبذلون جهدا ووقتا للحصول عليها، تخلى آخرون عنها، تاركين الامتيازات المادية والمعنوية التي توفرها لهم الجنسية الأقوى، في العالم.

حسب شبكة سي إن إن الأميركية نقلا عن مركز Bambridge Accountants المتخصص بإجراء الدراسات الإحصائية للمغتربين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن أكثر من 5800 أميركي تخلوا عن جنسياتهم في النصف الأول من 2020، في مقابل 2072 شخصا تخلوا عنها في 2019.

وكشف المركز الأميركي الذي يتخذ من مدينة نيويورك مقرا له أن أسبابا دفعت هؤلاء للتخلي عن جنسياتهم الأميركية بشكل نهائي، منها القوانين الضريبية التي تلزم المقيمين خارج الولايات المتحدة بتقديم إقرار ضريبي كل عام.

وأوضح بابمبريدج أنه يتعين على المواطنين الأميركيين الذين يعيشون في الخارج تقديم إقرارات ضريبية كل عام، والإبلاغ عن حساباتهم المصرفية الأجنبية واستثماراتهم ومعاشاتهم التقاعدية، وهو إجراء مبالغ فيه، بحسب المركز الأميركي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن آخرين تخلوا عن جنسياتهم لعدم رضاهم عن المناخ السياسي وقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الوقت الحالي، وطريقة تعاطيه مع أزمة كورونا، بحسب الشبكة الأميركية.

ونقلت الشبكة الأميركية عن أليستير بامريدج الشريك العامل في المكتب الإحصائي أن هؤلاء الأشخاص كانوا قد غادروا الولايات المتحدة، وقرروا الاكتفاء من كل شيء، وتخلوا عن الامتيازات المالية التي كانوا قادرين على الحصول عليها وهي مبلغ 1200 دولار شهريا، بالإضافة إلى 500 دولار لكل طفل من شيكات التحفيز الشهرية.

وتوقع بامبريدج أن تزيد موجة التخلي عن الجنسية الأميركية إذا ما تم انتخاب ترامب مرة ثانية، قائلا: "الكثير من الناس ينتظرون الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وفي حال تم اختيار ترامب رئيسا لفترة ثانية فإن الكثير سوف يتخلى عن الجنسية الأميركية".

ويجب على من يتخلى عن الجنسية الأميركية أن يمثل بشكل شخصي في السفارة الأميركية في حال كان مقيما خارج الولايات المتحدة ويدفع رسوم المعاملة المقدرة بـ 2350 دولارا. 

قانون "فاتكا"

في عام 2010، أصدرت الولايات المتحدة قانون "فاتكا" الضريبي وبدأت تطبيقه في 1 يوليو/تموز 2014، وفاتكا هو اختصار لـ "قانون الالتزام الضريبي للحسابات الأجنبية"، ويسعى هذا القانون لملاحقة الأميركيين الأصليين أو حاملي الجنسية الذين يقيمون في الخارج، وحتى أولئك الحاصلين على الإقامة الدائمة (Green Card)، والذين لديهم حسابات مالية وبنكية، من أجل تقديم إقراراتهم السنوية والإفصاح عن حساباتهم المالية وشركاتهم خارج أميركا لدفع الضرائب.

وعقب تولي ترامب للرئاسة، شددت السلطات الضريبية الأميركية على جميع البنوك والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم برفع تقارير عن عملائها حاملي الجنسية، كما وقعت اتفاقيات تعاون من عدة حكومات من أجل تزويدها بالبيانات التجارية والمالية لعملائها ممن يحملون الجنسية الأميركية.

 وفي حال عدم امتثال البنك أو المؤسسة المالية بالإفصاح عن بيانات العملاء الذين يشتبه بحملهم للجنسية الأميركية، فإن البنك سيواجه عقوبة بالحجز على 30% من مستحقاته المالية.

وتخضع تلك البنوك والمؤسسات المالية للمساءلة من قبل السلطات الضريبية الأميركية في حال تهاونت في الإبلاغ عن عميل توافرت مؤشرات عن حصوله على الجنسية الأميركية، كالكتابة على جواز سفره غير الأميركي أنه من مواليد الولايات المتحدة، أو حيازته رقم هاتف أميركي، أو حتى اعتاد على القيام بتحويلات مالية بشكل دوري إلى الولايات المتحدة.

وتخشى بعض البنوك من تهاون بعض موظفيها في الكشف عن عملاء يشتبه بكونهم أميركيين، مخافة تلقى عقوبات من حكوماتها التي وقعت اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة أو من أي عقوبات أميركية تطبقها الولايات المتحدة على مؤسساتها المالية بشكل مباشرة، الأمر الذي دفع بعض البنوك السويسرية إلى رفض فتح حسابات لعملاء أميركيين، وإغلاق حسابات أخرى لتجنب أي عقوبات محتملة.

 وتجني السلطات الضريبية الأميركية نحو 100 مليار دولار سنويا من المؤسسات المالية والبنوك والحركات المالية التي تعود لأميركيين في الخارج.

"ورطة الأزرق"

تلزم السلطات الضريبية الأميركية كل الأشخاص الحاصلين على الجواز الأميركي بتقديم إقراراتهم الضريبية (FBAR) سنويا، والإفصاح عن جميع الحسابات التي يمتلكونها وتسديد ما عليهم من مستحقات ضريبية، ويشمل القرار حتى أولئك الذين لم يمتلكوا جوازا أميركيا لكنهم ولدوا في الولايات المتحدة، على اعتبار أنهم أميركيون لكنهم لم يتقدموا بطلب لاستلام الجواز. 

السلطات الضريبية في الولايات المتحدة وقعت اتفاقيات تعاون مع عدد من الحكومات لإلزام تلك المؤسسات برفع تقارير دورية حول النشاط المالي لأولئك العملاء.

كانت المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى دول خليجية أخرى، من بينها البحرين وقطر والإمارات والكويت، من أوائل الدول التي وقعت اتفاقيات تعاون ثنائية مع السلطات الأميركية، وهو الأمر الذي أضر بآلاف الخليجيين المولودين في الولايات المتحدة والحاصلين على الجنسية الأميركية .

وفي حال تخلف الشخص عن دفع الإقرارات المالية فإنه يتلقى عقوبة تصل إلى 100 ألف دولار، ويصنف كمتهرب من الضرائب، قد يواجه عقوبة السجن، أو يتعرض للملاحقة عبر الشرطة الدولية "الإنتربول".

كما لا يمكن للشخص التنصل من المستحقات الضريبية، بالتنازل عن الجنسية الأميركية، بل يجب عليه قبل ذلك دفع الالتزامات التي عليه، وتصفية سجله الضريبي قبل أن يقوم بالتنازل عن الجنسية.

قد تتم معاملة التخلي عن الجنسية، لكنها لا تمحو الالتزامات الضريبية، بل تبقى قائمة، ويظل الشخص مطالبا بها ومعرضا للعقوبات حتى سدادها بشكل كامل، وإلا ستقوم حكومته، ببيع أصوله وممتلكاته وأسهمه بقيمتها السوقية وتسديد الضرائب عنه، بموجب اتفاقية التعاون الموقعة بين أميركا وعدد من الدول.

وعند انتهاء إجراءات التنازل عن الجنسية الأميركية وصدور وثيقة التخلي عنها، تقوم واشنطن بإرسال نسخة من الوثيقة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وإلى إدارة خدمات الهجرة والتجنيس (INS)، وإلى السلطات الضريبية الأميركية (IRS)

إدارة فاشلة

وإلى جانب التشديد في الملاحقات الضريبية لمواطنين أميركيين في الخارج، فإن البعض قد أبدى استياءه من إدارة ترامب لأزمة كورونا، ومثل ذلك لديه القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث كانت مختتما لسلسلة من قرارات ترامب التي تسببت بموجة من الغضب لديهم، بحسب مركز بامبريدج.

ترامب تعرض لهجوم شديد من قبل أميركيين اتهموه بإدارة أزمة كورونا بشكل سيئ، حيث بلغ عدد ضحايا الوفيات في أميركا أرقاما قياسية، فاقت نظيراتها في جميع أنحاء العالم.

الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما هاجم إدارة ترامب، بسبب طريقة تعاطيها مع انتشار فيروس كورونا، وقال أوباما: إن ما يحدث فوضى كارثية، كشفت إخفاقات القيادة السياسية في البلاد. مضيفا أن بعض المسؤولين لم يحاولوا حتى مجرد التظاهر بأنهم مسؤولون.

كانت إدارة ترامب قد طلبت من المحكمة العليا إلغاء نظام "أوباماكير" الذي يوفر تأمينا صحيا لعشرات ملايين الأميركيين.

ويعتقد حوالي 69% من الأميركيين أن حكومات الولايات قد خففت القيود في وقت مبكر جدا وسط وباء "كوفيد 19"، بدلا من الفتح ببطء شديد، وفقا لدراسة جديدة أجرتها مؤسسة "بيو ريسيرش" في أغسطس/آب 2020.