إنترسبت: ما علاقة بن زايد بمؤسس شركة الموت "بلاك ووتر"؟

كتب الصحفي الأمريكي ماثيو كول تقريرًا مفصلًا على موقع "ذا انترسبت" الأمريكي بعنوان "المرتزق: عودة إيريك برنس واستفادته من رئاسة ترامب". واستعرض كول تفاصيل عن أبرز حلفاء برنس، وعلى رأسهم، محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.
برنس، هو ملياردير مسيحي متعصّب ومؤسس شركة "بلاكووتر" التي اشتهر اسمها بعد تورطها في مجازر في العراق واستهداف مدنيين عُزّل. إن وصف "المسيحي المتعصّب" ليس صنيعة إعلامية، بل إنه ما يقدم به إيريك نفسه كما ذكر هذا أحد جنوده السابقين أمام المحكمة الفيدرالية في الثالث من أغسطس/ آب 2007، قائلا، "يعرّف إيريك برنس نفسه على أنه فاتح مسيحي، مهمّته إبادة المسلمين والإسلام من هذا العالم"، بحسب الموقع الأمريكي "ذا نيويوركر".
وأفاد المصدر ذاته بأن إيريك، كان جنديا في الجيش الأمريكي قبل تأسيسه لـ"بلاك ووتر"، ظهر اسمه مؤخرًا أيضا في تقرير تقرير المحقق الخاص روبرت مولر عن الانتخابات الأمريكية، إذ اتضح أن برنس دفع مبلغًا كبيرًا لأحد القراصنة للحصول على الإيميلات الخاصة بهيلاري كلينتون التي كانت تهدد وصول حليفه الأول ترامب للبيت الأبيض.
يعتبره إحدى يديه
وقال كول في تقريره على "انترسبت" إنه "عندما وصل برنس إلى منتجع "فور سيزنز" في سيشل في شهر يناير/ كانون الثاني 2017 لحضور اجتماع مع أحد المصرفيين الروس ومحمد بن زايد، كان يسلك طريقه لعودته غير المتوقعة، فقد ساهم انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منح مؤسس بلاك ووتر، سيء السمعة، فرصة جديدة لإثبات نفسه. فبعد سنوات من الفشل الذريع في تقديم رؤية شاملة لحرب المرتزقة حول العالم، عاد إريك برنس إلى اللعبة".
وأشار التقرير إلى عقد بن زايد لاجتماع يضم أفراد الأسرة ورجال الحكم في الإمارات في منتجع "فور سيزنز" المطل على المحيط، ليناقشوا التطورات التي ستحدث في البيت الأبيض ووصول إدارة ترامب. بالإضافة إلى تداعيات الحرب في اليمن وليبيا وسوريا وخطر تنظيم الدولة المتنامي. لقد قال بن زايد في ذلك الاجتماع للحضور بأنه "يعتبر برنس إحدى يديه"، بحسب المصدر ذاته.
وأفاد صحفي التحقيقات أنه تحت قيادة بن زايد، استخدمت الإمارات ثروتها النفطية لتصبح واحدة من أكبر المشترين في العالم للأسلحة وثالث أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية. وهذا يعني أن قدوم الرئيس الأمريكي الجديد فرصة جديدة للدولة الخليجية الصغيرة لممارسة تأثيرها العسكري والاقتصادي الضخم في منطقة الخليج وخارجها.
وكشف التقرير أن علاقة برنس بابن زايد تعود إلى عام 2009 عندما تعاونا لتأسيس "وحدة النخبة لمكافحة الإرهاب"، التي استخدمها بن زايد في حربه في اليمن وسوريا. وأصر ولي عهد أبوظبي على أن يستخدم برنس جنودا سابقين غير مسلمين، وفقا لمستشارين كبار ساهموا في بناء الوحدة، وأخبره أنه لا يعتقد أن الجنود المسلمين يمكن الوثوق بهم لقتل مسلمين آخرين.
الإمارات أوته
بدأت شراكة برنس مع بن زايد، بشكل جيد في بداية عام 2010، عندما أمر مسؤولي الأمن الإماراتي اثنين من رجال برنس، وهما من قدامى المحاربين في القوات الخاصة الكندية، ووسيط لبناني باللقاء في أبوظبي. وهناك ساعد عدد من الموظفين الحكوميين رجال برنس في تحميل صندوق سيارة "شيفروليه إمبالا" بأكثر من ست حقائب سفر معبئة بالنقود، بحسب التقرير.
وواصل الصحفي سرد الأحداث قائلا؛ عاد الاثنان إلى فندقهما "ميريديان" حيث دخلا إلى غرفتهما وقاما بتفريغ الحقائب، واستدعيا المشرف المباشر عليهما، وهو قائد سابق في سلاح البحرية كان يعرف برنس في الجيش، ليخبرا الأميركيين أنهما يواجهان مشكلة. إذ كانت شركتهم الجديدة، "رفلكس ريسبونسس" التي غالباً ما تسمى "R2" باختصار، ليس لديها حساب مصرفي أو حتى مكتب يحتوي على خزانة آمنة، في حين كان المبلغ 13 مليون دولار، بحسب التقرير. وإلى حين فتح حساب بنكي لم يكن يسمح لموظفي الفندق بتنظيف الغرفة.
وأفاد التقرير بأن برنس وصل إلى الإمارات بعد ما أعلنت إدارة أوباما في شهورها الأولى أنها لن ترحب بعقود "بلاك ووتر" الجديدة، إذ أصبحت الشركة سيئة السمعة بعد قيام موظفيها بإطلاق النار وقتل 17 مدنياً عراقياً وجرح العشرات في ساحة النسور ببغداد في عام 2007.
ترامب يعوضه
وبحلول عام 2010، غير برنس اسم "بلاك ووتر" وباع الشركة، التي توقفت عن العمل مع الحكومة الأمريكية. وعندما تفاوض مع وزارة العدل حول تسوية بشأن سلسلة من انتهاكات الاتجار بالأسلحة في "بلاك ووتر"، اكتشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك، ليون بانيتا، برنامج اغتيال سري شارك فيه نشطاء "بلاك ووتر" وأخفاه نائب الرئيس السابق، ديك تشيني، عن الكونغرس.
وأفاد التقرير بأن برنس انزعج حينها، وألقى باللوم على إدارة أوباما في تسريب دوره في وكالة الاستخبارات الأمريكية. واعتبر أن التعاون لم ينته بشكل جيد، ولكنه، بعد انتخاب ترامب، علم أنه سيعوض ذلك. فلكونه أحد أكبر المؤيدين له وصديقًا حميمًا لستيف بانون، بالإضافة إلى تولي شقيقته الكبرى بيتسي ديفوس، منصب وزيرة التعليم، دُعي ليكون مستشارًا غير رسمي للإدارة الأمريكية.
ما الذي جمعهما؟
وتساءل الكاتب: ما الذي قد يربط بين كاثوليكي تربّى على أيدي الأصوليين المسيحيين وسليل عائلة أثرت من التجارة في قطع غيار السيارات في الغرب الأوسط الأمريكي، وبين ولي عهد مسلم مملكة عربية صغيرة غنية بالنفط؟ ثم استطرد قائلا؛ ولكن منذ لقائهما الأول في عام 2009، وجد إيريك برنس وبن زايد على الفور الرابط الذي يجمعهما، لقد كان واضحًا أن لديهم عدوا مشتركا واحدا: الإسلاميين المتشددين.
وكشف التقرير أنه تم تقديم برنس إلى بن زايد بعد عرض مخطط على الحكومة الإماراتية لطائرة هجوم خفيف وذخائر موجهة بالليزر، أثناء بيع "بلاك ووتر" لمجموعة أسهم خاصة، بحسب الموقع. وعندما علم السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، أن مشاكل برنس القانونية مع وزارة العدل ستمنعه من المشاركة في بناء أو بيع أو سمسرة الطائرة المسلحة، اتصلت الحكومة الإماراتية بصانع طائرات آخر للمساعدة في إنشاء جناح جوي كامل.
وقال التقرير، "وفي مقابل تخلي برنس عن الصفقة بهدوء، قدمه عتيبة إلى بن زايد بشكل صريح من أجل إيجاد دور آخر يمكنه من خلاله مساعدة حكومة الإمارات". لقد كان محمد بن زايد مصمما على تعزيز مجال نفوذ الإمارات في الشرق الأوسط، بحسب المصدر ذاته، وعلى الرغم من سمعة برنس المشينة، رأى فيه ولي عهد أبوظبي مشروعًا للمستقبل. وينسب بن زايد الفضل في خلو الإمارات من الإرهابيين، وحل مشكلة بلاده مع قراصنة الصومال لجهود برنس.
وبعد أن كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تورط برنس مع مجموعة الدعم الأمني في الإمارات ونشر قوة مكافحة القرصنة، قام بن زايد بإقالة برنس تدريجيا من مشاريع الحكومة المتعددة.