بين القوة الصلبة والناعمة.. هذه سياسة طهران في التعامل مع دول الخليج

منذ ١٨ ساعة

12

طباعة

مشاركة

شهدت العلاقة بين إيران ودول الخليج تحوّلات واضحة، إذ كانت تتسم في عهد النظام الملكي السابق بالتوجس والريبة، ولم تتبدد المخاوف بل تحوّلت إلى قلق من نوع جديد رغم التعاون السياسي.

وتحت عنوان: "الخليج في ضوء التطورات الإقليمية والدولية"، عقد معهد “دراسات الخليج الفارسي” مؤتمرا لمناقشة تطور العلاقة التاريخية بين إيران والدول العربية، لا سيما إبان فترة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وصولا إلى الواقع الحالي وآفاقه المستقبلية.

وسلط المؤتمر، الذي شارك فيه رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية كمال خرازي، الضوء على "حاجة طهران لاستخدام الدبلوماسية الاستباقية والقوة الناعمة إلى جانب القوة الصلبة".

تخوفات مشتركة

وبحسب موقع "جوان أون لاين"، فقد استهل خرازي حديثه بالتأكيد على أن "دراسة الخليج الفارسي تُفهم من بُعدين، تاريخي ومعاصر". 

وأشار إلى أن "العلاقة بين إيران ودول الخليج كان يشوبها، في عهد النظام السابق، نوع من الخوف والريبة، لأن الشاه كان بمثابة (دَرَكي) الخليج الفارسي، ومع الثورة نشأ بين الطرفين نوع آخر من القلق، نابع من المخاوف بشأن انتشار الثورة".

وبحسب الموقع الفارسي، أضاف رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أن "هذه المخاوف أدت إلى تطورات مهمة، بما في ذلك حرب العراق ضد إيران". 

وأضاف “حيث بدأ صدام هذه الحرب رغم أنه كان قد تحمّل تعويضات بموجب اتفاقية عام 1975، وادعى أنه يمثل الدول العربية، مستغلا ذلك لابتزاز الدعم واستقطاب مساعدات عسكرية ومالية كبيرة”.

ورأى المحلل السياسي أنه "في أواخر عهد الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، اتُخذت خطوات فعالة لمعالجة العلاقات المتوترة التي نشأت بين إيران ودول الخليج العربي".

وبحسبه: "كانت نقطة البداية لهذه الجهود هي لقاء آية الله خامنئي مع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز في إسلام آباد، حيث وُضع الأساس لعقد قمة الزعماء الإسلاميين، وقد عقدت هذه القمة فيما بعد في عهد رئاسة محمد خاتمي".

وأردف خرازي: "في عهد خاتمي، اتخذت خطوات فعالة لإصلاح العلاقات وتطوير التعاون، بما في ذلك التعاون بين إيران والسعودية لزيادة أسعار النفط". 

وأشار الموقع إلى أن رفسنجاني "كان يعتقد أن استخراج النفط بسعر 8 دولارات غير مجد اقتصاديا، ولذلك فإن المفاوضات التي جرت في ذلك الوقت مع العاهل عبد الله أدت إلى التعاون على خفض إنتاج النفط وزيادة سعره".

ومن وجهة نظر خرازي: "لم يكن هذا التعاون في مصلحة إيران والسعودية فحسب، بل كان في مصلحة كل الدول المنتجة للنفط".

القوة الناعمة

ورأى خرازي أنه "يتعين على إيران في ظل هذا الاقتدار العسكري، أن تتوجه نحو استخدام القوة الناعمة من أجل إقامة علاقات سليمة بين إيران والدول الأخرى".

وأكد أن "التحولات الجيوسياسية والتغيرات الجيو-إستراتيجية في المنطقة وفرت ظروفا تمكن من توظيف القوة الناعمة للحوار مع دول الجوار، خاصة في مواجهة التحولات الجيوسياسية والجشع الإسرائيلي، الذي أصبح جليا بشكل خاص بعد عملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".

وتابع خرازي: "إذا كانت إسرائيل تتصرف بهذه الطريقة في غزة اليوم، وتحاول فرض سيطرة كاملة عليها، فإن ذلك يُعد مؤشرا على السياسة القديمة للصهاينة التي تهدف إلى فرض الهيمنة من النيل إلى الفرات".

وأعرب عن قلقه إزاء "محاولات إسرائيل بسط هيمنتها على منطقة الخليج"، مؤكدا على "ضرورة إجراء حوارات جدية بين إيران والدول العربية في المنطقة".

وأضاف: "يبدو أنه في ظل العقلانية والنضج الذي بلغته دول المنطقة، فإن الحوارات الإقليمية بين إيران ومجموعة الدول العربية يجب أن تتحقق".

في ذات السياق، أشار الموقع الفارسي إلى "مبادرة هرمز" التي طُرحت خلال فترة تولي محمد جواد ظريف وزارة الخارجية عام 2019.

وأوضح أن "هذه المبادرة، بالإضافة إلى مبادرة (مودة) التي طُرحت أخيرا، يمكن أن تفتح بابا لهذه الحوارات".

ومبادرة "مودة" هي مقترح دبلوماسي طرحه محمد جواد ظريف، في ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وبحسب الموقع، "تهدف المبادرة إلى تعزيز الأمن والازدهار في منطقة غرب آسيا من خلال الحوار والتعاون بين الدول الإسلامية المؤثرة في المنطقة عبر إنشاء (رابطة الحوار بين الدول الإسلامية في غرب آسيا)".

ويعتقد أنه "بالنظر إلى الحاجة الملحة في المنطقة للعمل الجماعي وإجراء حوارات بناءة، فإنه ينبغي السعي بجدية لتحقيق هذا الهدف".

"فالتجمع الذي يضم إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي الست يمكنه، من دون أي تدخل خارجي، أن يخطو خطوات حقيقية في سبيل تطوير المنطقة أمنيا واقتصاديا وثقافيا"، كما ذكر الموقع.

لغة جديدة

وفي إشارة إلى ضرورة استخدام القوة الناعمة إلى جانب القوة الصلبة، قال رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية: "اليوم، وبعد أن حصلنا على هذه القوة، يتعين علينا أن نتعامل مع القوة الناعمة في إطار القوة الصلبة وأن نسعى إلى الدبلوماسية الاستباقية". 

وأكد أن طهران "في مرحلة نحتاج فيها إلى القيام باستثمارات جادة في الدبلوماسية غير الرسمية والعامة والتحدث بلغة جديدة".

وأكد على "أهمية دور مراكز البحث والفكر، فيجب على كل مؤسسة ومركز أن يسهم بنصيبه في تقديم تحليلات وحلول دقيقة مبنية على تلك التحليلات حتى نستطيع إحداث التحول".

وبخصوص الحوار بين إيران وجيرانها العرب، أشار خرازي إلى أن “اجتماع منتدى طهران سيعقد في القريب العاجل”.

وشدد على "أهمية هذا الاجتماع، حيث ستشارك فيه دول كثيرة"، معتبرا أن "هذا اللقاء فرصة عظيمة لتقديم صورة جديدة وإستراتيجية لإيران".

وأضاف: "كما سيعقد في الأيام القادمة قمة حوارية إيرانية عربية يشارك فيها مجموعة من الدول العربية إلى جانب باحثين ومثقفين إيرانيين، وفي هذه اللقاءات سيكون الحوار حول المجالات المشتركة بيننا وبين الدول العربية".

وأردف بأن "التعاون بين إيران ودول الخليج يتجاوز بكثير المسائل الاقتصادية، فهناك تعاون في مجالات الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والتراث المشترك لدول المنطقة، إلى جانب التعاون في المجالات السياسية والعسكرية".

واختتم رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية حديثه قائلا: "يعتمد مصير هذه المنطقة في المستقبل على تعاون دول المنطقة، وإيران مستعدة للتعاون على نطاق واسع".