"الأسد الصاعد" و"الوعد الصادق 3".. من انتصر في حرب إيران وإسرائيل؟

إسرائيل لا تملك القوة للدخول في أي حرب بدون دعم الدول الغربية
بعد 12 يوما من الحرب بين إيران وإسرائيل وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجاحه في التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بدأ كل طرف في الحديث عن انتصاره ما جعل الكثيرين يتساءلون عن الفائز الحقيقي في النهاية.
بدأت الحرب عندما شن الاحتلال الإسرائيلي هجوما على إيران في 13 يونيو/ حزيران 2025، وانتهت بعد 12 يوما من الهجمات المتبادلة، حيث أطلقت إسرائيل على عمليتها ضد إيران اسم "الأسد الصاعد"، بينما أطلقت طهران على هجماتها الانتقامية ضد تل أبيب اسم "الوعد الصادق 3".
وفي الليلة الأولى من الهجوم، تسببت الهجمات التي نفذتها إسرائيل في مقتل العديد من القادة العسكريين رفيعي المستوى، بما في ذلك رئيس الأركان الإيراني وقائد الحرس الثوري، إلى جانب عدد من العلماء النوويين البارزين.
كما استهدفت إسرائيل، على مدار أيام، عدة مواقع عسكرية بما في ذلك المقر الرئيس للحرس الثوري، واجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي، إضافة إلى عدد من المقرات العسكرية والقواعد الجوية والمنشآت العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي.
في اليوم الثاني للهجوم، شنت إسرائيل هجمات على مناطق اقتصادية مثل حقل بارس الجنوبي -أكبر حقل غاز طبيعي في إيران، وبعض مخازن النفط في طهران، بالإضافة إلى الهجوم على عدد من المستشفيات، ومباني التلفزيون الحكومي، وبعض المباني المدنية، مما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين.
وردا على الهجمات الإسرائيلية، بدأت إيران، في 14 يونيو/ حزيران 2025، بتنفيذ هجمات انتقامية، مستهدفة مواقع عسكرية في تل أبيب وحيفا.
حيث هاجمت إيران مبنى وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" في تل أبيب، بالإضافة إلى مبنى الموساد في هرتسيليا. كما كان ميناء حيفا، الذي يعد شريانا اقتصاديا وإستراتيجيا لإسرائيل، هدفا لصواريخ إيران.
في اليوم العاشر من الحرب، انضمت الولايات المتحدة إلى الهجمات إلى جانب إسرائيل، واستهدفت المنشآت النووية الإيرانية الكبرى مثل منشآت نطنز وأصفهان وفوردو. وكانت هذه المنشآت قد تعرضت للهجوم عدة مرات من قبل إسرائيل في الأيام السابقة.
وفي اليوم الثاني عشر من الحرب، توصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة من الرئيس الأميركي ترامب ودعم من قطر. وأعلن كل من المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار أنهم "حققوا النصر".

هل تحققت الأهداف الإسرائيلية؟
في اليوم الأول للحرب، حدد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، 3 أهداف للحرب، إنهاء البرنامج النووي الإيراني تماما، وتوجيه ضربة لبرنامج الصواريخ الإيراني، وتغيير النظام في إيران.
بذل الإسرائيليون جهودا كبيرة، عبر تصريحات المسؤولين ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والحسابات الرسمية الناطقة بالفارسية لجيش الاحتلال، لإخراج الشعب الإيراني إلى الشوارع وتحريضه على الثورة ضد النظام، بصفتها الطريقة الوحيدة لتغيير النظام في إيران.
كما شملت هذه الجهود مشاركة نجل الشاه المخلوع، رضا بهلوي، المقيم في الولايات المتحدة، وزعيمة منظمة مجاهدي خلق، مريم رجوي، إضافة إلى التنظيمين الإرهابيين المسلحين، بيجاك وباك.
وكل هذه التحركات بهدف تحريض الشعب الإيراني على الخروج في الشوارع والثورة للإطاحة بالنظام.
وفي مقابلة له مع صحيفة "الاستقلال"، أشار الدكتور بيلجهان آلاغوز، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مرمرة إلى أن "إستراتيجية إسرائيل في إيران كانت مركزة منذ سنوات على هدف تغيير النظام في إيران".
وأردف: "ومن أجل هذا الهدف، اتخذت إسرائيل سلسلة من الإجراءات العسكرية والاستراتيجية التي تستهدف إضعاف الحرس الثوري الإيراني".
وأضاف: "في هذه العملية، استهدفت إسرائيل آلية اتخاذ القرار في الحرس الثوري، وقامت بضرب قواعد عسكرية ومراكز طاقة مهمة".
وتابع: "في هذا السياق، يمكننا القول: إن إسرائيل حققت خطوات مهمة في أهدافها العسكرية المحددة. ومع ذلك، يصعب القول إن إسرائيل قد حققت نجاحا كاملا في هدف تغيير النظام في إيران. يمكن اعتبار هذه العملية خطة غير مكتملة بالنسبة لإسرائيل".
وبالرغم من تقييم الدكتور آلاغوز بأن إسرائيل أحرزت تقدما في بعض الأهداف العسكرية والإستراتيجية، إلا أنه شدد على أنها "لم تحقق هدفها النهائي".
من جانب آخر، لفت أستاذ العلاقات الدولية في معهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا، الدكتور مصطفى جانر، إلى أن "الهدف الرئيس لإسرائيل هو دفع إيران نحو حالة من عدم الاستقرار، وتحويلها إلى هيكل دولة غير فعال، وإذا أمكن، تقسيمها وتفتيتها".
وفي تقييمه لإستراتيجية إسرائيل لتغيير النظام في إيران، قال الدكتور مصطفى جانر: "هدف تغيير النظام هو مجرد مرحلة انتقالية. إسرائيل، في إطار هذا الهدف، حاولت إشراك الولايات المتحدة في الحرب، لأنها تدرك أنه لا فرصة لها لتحقيق هذا الهدف بمفردها".
وتابع: "حاولت إسرائيل أيضا جذب الولايات المتحدة إلى الحرب من خلال جعل الأنشطة النووية الإيرانية مسألة مثيرة للجدل. ويمكننا القول إنها نجحت (جزئيا) في ذلك".
وفسر تقييمه بأن إسرائيل نجحت "جزئيا" إلى أن "الولايات المتحدة قدمت نفسها، في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، على أنها قد أكملت بنجاح دورها في الحرب. والآن، يبدو أنها تسحب نفسها من المسرح".
مشيرا إلى أن "إسرائيل كانت تأمل أن تذهب الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك".
وأكد الدكتور مصطفى جانر أن "هدف إسرائيل النهائي ليس تغيير النظام في إيران، بل تقسيم الدولة".
وعلى الرغم من أن إسرائيل قد ألحقت أضرارا كبيرة بالبنية التحتية العسكرية الإيرانية، ومنشآت الصواريخ والطاقة النووية من خلال الهجمات العسكرية، إلا أن الخبير السياسي يشدد على أنه "لا يمكن الحديث عن انتصار مطلق نظرا لعدم تمكن إسرائيل من تحقيق (تغيير النظام) الذي وضعته كهدف".
مضيفا أن "إسرائيل حققت نجاحات جزئية في الجانب العسكري".

الموقف الإيراني
كانت إيران هي الطرف الذي تعرض للهجوم ابتداء خلال حرب الـ 12 يوما، ولذا فإن التقدير يقول إنها كانت في موقف دفاعي، وبالتالي، من الممكن اعتبار أن إيران نجحت في منع "تغيير النظام"، الذي كان هو الهدف النهائي الذي أعلنته إسرائيل.
لكن من ناحية أخرى، لطالما صرح المسؤولون الإيرانيون، وعلى رأسهم المرشد الأعلى للثورة، بأنهم سيقومون بـ "محو إسرائيل من على الخريطة". فإذا كان الهدف النهائي لإيران هو محو إسرائيل، فمن الممكن التقييم بأن حرب الـ 12 يوما أظهرت أن إيران بعيدة للغاية عن تحقيق هذا الهدف.
وفي تعقيبه على هذا الهدف، قال الدكتور بيلجهان آلاغوز، في مقابلته مع "الاستقلال": "لقد تحولت إيران في السنوات الأخيرة إلى وضع دفاعي، مما أسفر عن تحول كبير في سياستها الخارجية. ومنذ عام 2020، تبنت إيران إستراتيجية دفاعية في سياستها الخارجية، وأصبحت أكثر تحفظا في مواقفها تجاه إسرائيل".
مشيرا إلى أن "هذا التحول بدأ بعد اغتيال قاسم سليماني ومحسن فخري زاده في عام 2020، مما أسهم في تشكل الإستراتيجية الدفاعية لإيران بشكل أكثر وضوحا".
وتابع: "وبعد الهجوم الذي بدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، رأت إيران أن في ذلك فرصة وبدأت السعي في التحول إلى موقف أكثر هجومية تجاه إسرائيل. ولكن بات هذا التحرك الإستراتيجي بمثابة مقامرة لإيران".
وأضاف: "لكن تبين في النهاية، خلال حرب الـ 12 يوما، أن إيران لم تكن قوية كما ادعت ضد إسرائيل، وأنها كانت هشة من العديد من الجوانب. وهو ما يثبت أن خطاب (محو إسرائيل من الخريطة) لا يمكن أن يتحقق كهدف نهائي".
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية في معهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا، الدكتور مصطفى جانر، فإن "هدف إيران من خطاب (محو إسرائيل) هو الشعب الإيراني نفسه، حيث تستخدم الحكومة هذا الخطاب كحلقة وصل في العلاقة بين الدولة والمجتمع".
وقال الدكتور مصطفى جانر في حواره مع "الاستقلال" إن "الحرب الأخيرة كانت حربا دفاعية بالنسبة لإيران"، وأكد أن "إيران لن تدخل في صراع مباشر مع إسرائيل طالما أن الولايات المتحدة مستمرة في دعم إسرائيل".
لافتا إلى أن "إيران كانت تهدف إلى البقاء في الوضع الدفاعي".
وأضاف الدكتور جانر: "من الواضح أنه ما دامت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، فلن تكون إيران هي الطرف الذي يهاجم إسرائيل مباشرة. كما أن إيران لم تكن راغبة في تمديد الحرب".
مؤكدا أنها "شاركت في الحرب اضطرارا، للدفاع عن البلاد وحقها في السيادة".
وأشار إلى أنها استخدمت دائما الخطاب الذي يقول: "إذا توقف الهجوم الإسرائيلي علينا، فلن نهاجم أيضا".
وبالتالي، يرى الدكتور جانر أن "إيران شاركت في الحرب كضحية للعدوان الإسرائيلي، وتمكنت من الخروج منها في أسرع وقت ممكن".
وتابع أستاذ العلاقات الدولية: "تطبق إيران منذ سنوات إستراتيجية استنزاف غير مباشرة ضد إسرائيل، من خلال علاقاتها مع حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله".
واستدرك: "لكن، إذا كنا واقعيين، نرى أنه من غير الممكن لإيران القضاء على الكيان الصهيوني حاليا. فنحن، باختصار، نعلم أن إسرائيل تمتلك عشرات الأسلحة النووية".
وأردف: "ولذلك، قد تختار إيران استنزاف إسرائيل بشكل غير مباشر، وستحاول تجنب استهدافها بشكل مباشر". لافتا إلى أن "الخطاب المناقض موجه فقط للرأي العام المحلي".

إيران وإسرائيل: نقاط القوة والضعف
يجب عد الحرب التي استمرت 12 يوما تطورا مهما من حيث رؤية نقاط القوة والضعف لدى كل من إيران وإسرائيل.
فمن الواضح أن إسرائيل، بدون دعم الولايات المتحدة، لا يمكنها خوض حرب بمفردها ضد دولة مستقلة.
وبينما كانت إسرائيل تقاتل بدعم من الأسلحة والمعدات العسكرية الأميركية، ومن دول غربية أخرى، تبين أيضا أن إسرائيل، بدون دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لم تتمكن من تأمين دفاعاتها الوطنية.
فعلى الرغم من أن نظام دفاعها الجوي "القبة الحديدية" يُصور على أنه أكثر الأنظمة الدفاعية تقدما في العالم، إلا أنه لم يكن كافيا للدفاع عن الداخل الإسرائيلي. هذا فضلا عن أنظمة الدفاع الجوي الأخرى التي تمتلكها إسرائيل، مثل "مقلاع داوود".
وبالرغم من الدعم الدفاعي الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، تمكنت الصواريخ الإيرانية من ضرب الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية.
لكن من جهة أخرى، من الممكن اعتبار أن جهود الاستخبارات الإسرائيلية في الداخل الإيراني كانت ناجحة وفعالة؛ حيث لعبت الشبكة الاستخبارية، التي أنشأها الموساد على مدار سنوات واستثمر فيها ملايين الدولارات، دورا كبيرا في الضربة الافتتاحية للحرب. ولو لم تكن هذه الشبكة موجودة، لكانت الهجمات الإسرائيلية على إيران أقل تأثيرا.
وفي معرض حديثه عن نقاط القوة والضعف لدى إسرائيل، قال الدكتور مصطفى جانر: "أكدت الأحداث أن إسرائيل بمقدورها العمل بحرية في الأجواء الإيرانية".
مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "استخدم الأجواء التابعة لعدة دول ضعيفة، مثل سوريا والعراق، في الهجمات ضد إيران".
وأضاف: "كما أظهرت إسرائيل قوتها من خلال شبكة التجسس التي أنشأتها داخل إيران، والتي تمثل إحدى نقاط قوتها. وكالعادة، تمكنت إسرائيل من تأمين دعم الغرب بشكل عام خلفها، مما يعكس قوتها الدبلوماسية".
واستدرك: "ومع ذلك، أظهرت إسرائيل كذلك أنها لا تستطيع مجابهة إيران بمفردها، وأنها لا تملك أي قوة دون الدعم الأمريكي. كما تبين أن قدرة شعبها على التحمل النفسي في حالة الحرب محدودة".
كذلك تحدث الدكتور جانر عن نقاط القوة والضعف التي كشفتها الحرب لدى الجانب الإيراني.
مشيرا إلى أن "أكبر نقطة ضعف لدى إيران هي الاستخبارات".
وتابع موضحا: "فلم تتمكن أجهزة الأمن الإيرانية، بما في ذلك وزارة الاستخبارات والحرس الثوري الإيراني، من منع أو حتى اكتشاف الشبكة القوية التي أنشأها الموساد في إيران. في الواقع، يمكن القول إن الهيكل الاستخباراتي الإيراني قد انهار".
من جهة أخرى، لفت إلى أن "إيران أثبتت نجاح برنامجها الصاروخي".
وأردف: "حيث نجحت الصواريخ الباليستية والهايبرسونيك التي أُطلقت من مسافة تقارب 1200 كم في اختراق أنظمة الدفاع الجوي الأميركية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية، وتمكنت من ضرب أهدافها".
مؤكدا أن "نجاح صاروخ في تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بعدة دول تمتلك تقنيات متقدمة للغاية ليصيب هدفه، يعد بلا شك تطورا كبيرا ونجاحا لافتا".
أما أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، لفت الخبير السياسي إلى أنها "تعرضت منذ اليوم الأول لهجمات من العملاء التابعين للموساد في الداخل ومن صواريخ الطائرات الإسرائيلية، مما جعلها غير فعالة بشكل كبير".
مشيرا إلى أن "أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية لم تُفعل إلا بعد حوالي يوم من الهجوم الإسرائيلي". وأكد أن "هذه الثغرة أعطت إسرائيل الفرصة لاستخدام الأجواء الإيرانية بحرية كما تشاء".
بدوره، علق الدكتور بيلجهان آلاغوز على نقاط الضعف الإيرانية بالقول: "إن إقامة إسرائيل لشبكة استخبارات قوية داخل إيران تعد نقطة ضعف كبيرة في الأمن الإيراني، وهي مسألة ينبغي أن تنتبه لها إيران في المستقبل".
كما يرى أن "الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحرس الثوري الإيراني تشير إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات إيران الأمنية".

من انتصر ومن هُزم؟
عند تقييم الحرب التي دامت 12 يوما بين إيران وإسرائيل من منظور الأمن والاستخبارات، يمكننا أن نستنتج أنه لا يوجد فائز أو خاسر مطلق في هذه الحرب.
وفيما يتعلق بإعلان الجانبين انتصارهما عقب وقف إطلاق النار، يعلق الدكتور بيلجهان آلاغوز قائلا: "على الرغم من أن الجانبين حققا بعض المكاسب خلال الصراع، إلا أنه من الصعب الحديث عن انتصار مطلق".
وأردف: "يمكن القول إن إسرائيل حققت بعض الأهداف العسكرية والإستراتيجية من خلال الهجمات على البرنامج النووي الإيراني، لا سيما أن الهجمات على الحرس الثوري الإيراني واستهداف المنشآت النووية قد أظهرت أن إسرائيل حققت بعض أهدافها إلى حد ما".
وأضاف: "من ناحية أخرى، من المثير للانتباه استهداف إيران مدنا مثل تل أبيب وحيفا، التي تعد من المدن الأكثر ليبرالية في إسرائيل، وتعد كذلك من معاقل المعارضة المناهضة لنتنياهو".
ويرجح الدكتور آلاغوز أن "إيران سعت، من خلال استهداف المناطق المدنية في هذه المدن، إلى تحفيز المعارضة ضد رئيس الحكومة".
وتابع: "قد نرى في الأيام القادمة تصعيدا في أصوات المعارضة ضد نتنياهو، ومن الممكن أن تؤثر هذه التطورات بشكل كبير على الديناميكيات الإقليمية وحسابات الأطراف الاستراتيجية".
من جهته، أشار الدكتور مصطفى جانر إلى أن "كلا الجانبين كان بحاجة إلى تقديم قصة بطولية، سواء للمجتمع الدولي أو للجمهور المحلي".
وفي تعقيبه على هذا الأمر، قال جانر: "كان الطرفان بحاجة إلى سردية تُبرز فيها البطولة والنصر".
وأوضح: "ففي إسرائيل، أدى هذا الصراع إلى تعزيز الدعم لنتنياهو. أما في إيران، فقد نجحت الحكومة بشكل كبير في توحيد الشعب الإيراني خلفها".
وأردف: "وللحفاظ على هذه الصورة، كان على الحكومة -في الطرفين- أن تروي لشعبها قصة النصر والبطولة".
واختتم: "ومع ذلك، وكما ذكرت سابقا، لهذه الحرب خسائر ومكاسب. وهناك أطراف أخرى في هذه الحرب، مثل الولايات المتحدة. لذا، فإن الصورة أكثر تعقيدا بكثير من مجرد صورة نصر".
مشيرا إلى أن "المسؤولين في كلا الجانبين يحللون هذه الصورة المعقدة في الغرف المغلقة. لكن بالطبع، عند التحدث للجماهير، ينبغي ألا نثير ارتباكها، بل يجب أن نغني لهم أهازيج النصر حتى تطرب آذانهم".
وحسب خبراء، لم تحقق أي من إيران أو إسرائيل انتصارا مطلقا أو هزيمة مطلقة في هذه الحرب، حيث ظهرت نقاط القوة والضعف لدى كلا الطرفين. ودللت إسرائيل على قوتها في مجال الاستخبارات وفي الحصول على دعم الدول الغربية، بينما أظهرت ضعفا كبيرا في الدفاع عن نفسها دون دعم هذه الدول الغربية.
وعند المقارنة بين الشعبين الإيراني والإسرائيلي، تبين أن الشعب الإسرائيلي كان أكثر ضعفا بالمقارنة مع الشعب الإيراني. ففي أثناء الحرب، ترك الإسرائيليون بلادهم عندما سنحت لهم الفرصة، بينما فضل الإيرانيون الذين كانوا خارج بلادهم العودة إلى وطنهم بدلا من الهروب. كما تمكنت إيران من توحيد جميع شرائح الشعب الإيراني ضد إسرائيل، رغم الخلافات والصراعات الداخلية.
وبينما تبين أن إيران بعيدة للغاية عن هدف "محو إسرائيل"، أصبح واضحا كذلك أن إسرائيل لا تملك القوة للدخول في أي حرب بدون دعم الدول الغربية.
وبينما يمكن الحديث عن نجاح كبير للموساد، ففي المقابل تحتاج وحدة استخبارات الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات إلى مراجعة جادة.
ووفق مراقبين، فإن وقف إطلاق النار يعني فقط توقف إطلاق الصواريخ المتبادلة، ولكنه لا يعني نهاية الحرب بين إيران وإسرائيل. فالحرب بينها ستستمر بشكل مختلف. وستكشف الأيام ما إن كانت هذه الحرب ستتحول إلى نقطة صراع مشتعلة مرة أخرى.