كمائن معقدة تقتل جنود الاحتلال بخانيونس.. وناشطون: أفسدت نشوة نتنياهو بـ"النصر المزعوم"

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لم يحظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه بنشوة النصر المفترضة، جراء تفحم 7 من جنوده وإصابة آخرين في قطاع غزة.

ففي كمين مركب ومعقد، سقط عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي بين قتيل وجريح في خانيونس جنوب القطاع في 24 يونيو/حزيران 2025، بعد تفجير ناقلة جند ثم استهداف القوة التي جاءت لإجلائهم.

وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي في صباح اليوم التالي بمقتل ضابط و6 جنود في معارك جنوبي قطاع غزة، معترفا بإصابة 16 آخرين من كتيبة الهندسة القتاليّة 605 في كمين المقاومة بخانيونس.

وأشار الجيش إلى أن الجنود السبعة احترقوا بالكامل بعد انفجار عبوة ناسفة بمدرعة هندسية من نوع "بوما" في خانيونس، فيما كانت عملية إجلائهم من المكان صعبة.

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل الضابط والجنود بخانيونس بأنه من أصعب الأحداث التي تعرض لها الجيش خلال الأشهر الأخيرة، وتحدثت عن جنود مفقودين في موقع الكمين.

وفي الأثناء، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس- أن مقاتليها نفذوا كمينا مركبا استهدف قوة إسرائيلية وأوقع أفرادها بين قتيل وجريح في خانيونس.

وقالت عبر تطبيق تلغرام: إن مقاتليها استهدفوا القوة الإسرائيلية تحصنت داخل أحد المنازل جنوب خانيونس بقذيفة "الياسين 105" وقذيفة "آر بي جي" وأوقعوا قتلى وجرحى من الجنود الإسرائيليين.

وأضافت أنه جرى استهداف المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة الترخيص القديم جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع، موضحة أنها استهدفت في المنطقة ذاتها دبابة إسرائيلية من نوع ميركفاة بعبوة شواظ وقذيفة "الياسين 105.

فيما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أن مقاتليها دمروا آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة شديدة الانفجار وسط مدينة خانيونس.

وكانت القسام قد بثت مشاهد لعدد من العمليات والكمائن ضد قوات الاحتلال، نفذتها خلال الأيام الماضية، وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الجنود شرق خانيونس.

وأظهرت اللقطات قنص أحد جنود الاحتلال من وحدة هندسية، وإصابته بصورة مباشرة وسقوطه على الفور، وأعلن الجيش مقتله قبل أيام إثر قنصه مباشرة.

كما أظهر مقطع فيديو وصول مقاتلي القسام، إلى إحدى الدبابات بصورة مباشرة، وزرع عبوة ناسفة أسفلها، وتفجيرها على الفور، ثم أعاد المقاتلون الاقتراب من دبابة أخرى، وتفجيرها بعبوة ثانية والانسحاب.

واشتركت كتائب القسام وسرايا القدس، في عمليات وكمائن ضد قوات الاحتلال خلال الساعات الماضية، وشملت إحداها، استهداف قوة تحصنت بأحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد وإصابة المنزل بصورة مباشرة.  

 وأشاد ناشطون بقدرات المقاومة على إعداد وتنفيذ كمائن نوعية وعقد قتالية دفعت الاحتلال للإقرار بهزائمه بالمخالفة لعقيدته في إدارة الحرب وتكتمه على خسائره منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما تحدثوا عن جدوى الكمائن ووقعها على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض إنهاء العدوان من أجل البقاء السياسي.

وأعربوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #خانيونس، #كمين_خانيونس #كتائب_القسام #غزة_تباد، وغيرها عن سعادتهم باستمرار عمليات المقاومة لردع الاحتلال، وعدوها دليلا على هزيمته وهشاشته. 

وسلط ناشطون الضوء على دلالات تنفيذ القسام كمائن جديدة في خانيونس، ورأوها عاكسة لعزيمة المقاومة وإصرارها على مواصلة الدفاع عن أرضها ومقاومة الاحتلال، وتثبت أن الميدان هو صاحب الكلمة الأقوى ومازالت تملك القدرة والمباغتة.

حفاوة وإشادة

وحفاوة بكمائن القسام، قال الإعلامي القطري جابر الحرمي: إن المقاومة في غزة لم تمهل المجرم نتنياهو لرسم " احتفالية نصر " في عدوانه على إيران، حتى أجهزت في كمين مركب على قوة صهيونية أسفر عن قتل أكثر من 3 جنود وأكثر من 17 إصابة بعضها إصابات خطيرة.

وأشار إلى أن المقاومة تمكنت من إيقاع فرق الإنقاذ في كمين آخر وحرق دبابة بمن فيها وجنود لم يُعثر عليهم، داعيا الله أن يشتت شمل الاحتلال ويفرّق جمعهم.

وأشار أدهم إبراهيم إلى أنه في كمين خانيونس غزة تُخمد نشوة الانتصار عند نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير، قائلا: إن "غزة من قبل ومن بعد.. من أساءت وجه الاحتلال".

وأثنى رفيق رفيق، على العمليات الأخيرة، قائلا: "بـ5 كمائن كاملة كلها ناجحة  محكمة عالية الاحترافية.. كتائب القسام المجاهدة المقاومة تضرب بقوة شرق خان يونس وبعمليات بطولية تكبد مرة أخرى جيش الكيان الصهيوني المجرم ما لا يطيق من خسائر فادحة مروعة في العدة والعتاد".

ورأى سوري عسيل، أن الكمين يظهر تصعيداً في تكتيكات المقاومة، مستغلةً العبوات الناسفة لإيقاع خسائر فادحة. 

وقال: إن الحادث يكشف استمرار التحديات الأمنية لإسرائيل في غزة، مما يزيد الضغط على نتنياهو بعد "انتصاره" المعلن ضد إيران، متوقعا أن التصعيد قد يعرقل مفاوضات التهدئة مع حماس، ويؤكد الحاجة إلى حل دبلوماسي لكسر دائرة العنف.

وقال جلال الضالعي: "غزة ما زالت صامدة وتقاوم والعدو الصهيوني يتلقى ضربات موجعة على يد إبطال المقاومة كمائن الموت تلتهم جنود الاحتلال الصهيوني".

وقال محمد محمد: " في هذه الأثناء لا تزال المقاومة الباسلة في غزة تبلي البلاء الحسن.. كمائن يومية وقتلى و جرحى في صفوف العدو رغم قلة الحيلة والعتاد والتجويع".

ووصف نبيل دياب كمائن المقاومة الشريفة الباسلة في غزة الصامدة بأنها "عظيمة وقاتلة لقتلة الأطفال والنساء، ينقصها تحشيد دعم دولي فعال لشرفاء العالم".

تحليلات وقراءات

وفي تحليل ميداني لكمائن المقاومة وتسليطا للضوء على أهميتها السياسية والعسكرية، قال فارس لبن، إن هذا حدث استثنائي على المستوي الإعلامي لكنه ليس الأول ميدانيا، لأن جيش العدو لديه عدد من المفقودين فعلا في قطاع غزة لكن في العادة كان يتم التكتم على الأمر.

ولفت إلى أن قوات العدو كانت تحاول الانتشار شمال خانيونس ووصلت توغلاتها بالفعل لمحيط مسجد الكتيبة حيث تم استهداف آلية هناك بعبوة برميلية، إلا أن الضربات التي وجهتها المقاومة أجبرت القوات على انسحابات متعددة.

وأشار لبن إلى أن العدو أحرز في الجنوب بعض التقدم في قيزان النجار ووصل من محور آخر لمنطقة الترخيص القديم جنوب خانيونس.

ولكن “المقاومة استهدفت الآليات والجنود وتمكنت من تدمير دبابة والقضاء على قوة تحصنت بمنزل كما تستمر الضربات شرق خانيونس”.

وأضاف أن المقاومة أخذت المبادرة من جديد وأصبحنا نقترب من مرحلة خيار مهم للعدو إما الانسحاب من خانيونس أو الدفع بقوات جديدة.

ورأى الباحث علي أبو رزق، أن أهمية الكمائن وارتفاع عدد القتلى وحديث الإعلام عن مفقودين، تكمن في شقّها السياسي أكثر منها في الشق العسكري، فهي أحد آخر الأوراق الضاغطة على نتنياهو لوقف الحرب، بعد تعالي الأصوات التي تصفها أنها عبثية وطويلة وتجاوزت أهدافها.

ورأى سوري عسيل، أن الكمين يظهر تصعيدا في تكتيكات المقاومة، مستغلةً العبوات الناسفة لإيقاع خسائر فادحة، ويكشف استمرار التحديات الأمنية لإسرائيل في غزة، مما يزيد الضغط على نتنياهو بعد "انتصاره" المعلن ضد إيران. 

وتوقع أن التصعيد قد يعرقل مفاوضات التهدئة مع حماس، ويؤكد الحاجة إلى حل دبلوماسي لكسر دائرة العنف.

وأوضحت الإعلامية مايا رحال، أن الكمائن المركبة المعقدة والعقد القتالية وحرب العصابات لكتائب القسام تبعث بعدة رسائل أن جيش الاحتلال الذي لا يقهر غير قادر وعاجز على أفشال قدرات المقاومة العسكرية والتنظيمية.

ورصدت من بين الرسائل التي تبعثها الكمائن أن حرب المتطرف نتنياهو بغزة بعد 665 يوما فشلت في تحقيق أهدافها وهذا له وقع على الجبهة الداخلية.

وأشار الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، إلى أن ناقلة الجند المدرعة التي وقعت في الكمين هي من نوع "بوما" (Puma)، وهي إحدى أقدم وأثقل المركبات القتالية المدرعة المستخدمة ضمن وحدات سلاح الهندسة القتالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولفت إلى أن المركبة تحمل طاقمًا يصل إلى ثمانية جنود مجهزين تجهيزًا قتاليًا كاملًا، كما أنها مزوّدة بأنظمة هندسية متقدمة تُستخدم في تفكيك الألغام، ونسف العوائق، وتنفيذ أعمال الهدم الميداني.

وأوضح زياد، أن عدد القتلى المرتفع بهذا الشكل يعني أن انفجارات حدثت في الآلية بسبب تعرض حمولة الذخائر التي فيها للاستهداف.

عجز وفشل

وتحت عنوان "كمائن خان يونس تكشف عجز الاحتلال وتؤكد فاعلية المقاومة: معركة العقول والسلاح تتصاعد"، أكد كريمو صديقي، أن مقاتلي غزة قلبوا المعادلة الميدانية مجددا في تصعيد نوعي ومفاجئ.

وأوضح العمليات الكمائن المتتالية التي نصبتها "كتائب القسام" و"سرايا القدس" أظهرت تفوقًا واضحًا في التخطيط والتنفيذ، وأوقعت خسائر جسيمة في صفوف العدو.

وأكد صديقي أن ما جرى في خان يونس لا يُعدّ فقط "حدثًا أمنيًا صعبًا" كما وصفه العدو، بل انعكاس لانهيار واضح في الاستخبارات الصهيونية التي عجزت عن كشف تحركات المقاومة وخططها. 

وقال: إن من زاوية عسكرية، فإن استخدام المقاومة للكمائن المتعددة ضد وحدات الإنقاذ يعكس انتقالًا واضحًا إلى حرب استنزاف مركبة تُربك الجيش وتُفقده زمام المبادرة.

وأضاف صديقي، أن عودة التركيز العسكري الصهيوني على غزة، كما أعلن رئيس أركانه، يكشف التخبط في الأهداف بين الاستمرار في العمليات بالضفة والحدود الشمالية، وبين مواجهة الخسائر المتكررة في القطاع، وخسائره التى تسببت فيها الصوريخ الإيرانية.

ولفت إلى أن استدعاء المروحيات ونزولها ينبئ على أن هناك قتلى أو مصابين، تستدعي حالتهم الحرجة النقل السريع.

وأكد أن المقاومة باتت تفرض معادلة جديدة: غزة ليست ساحة مستباحة، بل أرض تُكلف العدو ثمنًا باهظًا، ليس فقط بشريًا، بل أيضًا على مستوى سمعته العسكرية، وثقة جمهوره بقيادته.

وأشار يحيى اليعقوب إلى أن جنود الاحتلال يقعون في نفس الأخطاء ويكررونها في كل مرة، لافتا إلى أن المقاومين يستدرجون قوة إسرائيلية فيتم استهدافها، ثم تقع فرق الإنقاذ بكمين آخر.

ورغم محاولة جيش الاحتلال في كل مرة إيهام المقاومين بسلوك مسارات عديدة لتشتيتهم فإن العبوات توضع بالمكان الذي توقع فيه المقاومون مرور الآليات.

وأكد أن هذا الإعجاز في التفكير المبني على تجربة ميدانية أسطورية للمقاومة، يحير قادة الاحتلال ويجعلهم يعجزون عن فهم كمائن المقاومة.

وقال الكاتب إياد القرا، إن عملية خان يونس كشفت مجددًا حجم الورطة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، فمقتل 7 من ضباط وجنود الاحتلال على يد مقاومين لا يملكون إلا أجسادهم وإرادتهم، أعاد رسم معادلة التفوق من جديد.

وأضاف أن العجز السياسي والعسكري بات واضحا، فجيش يمتلك أقوى التقنيات فشل في إنقاذ جنوده من نار رجال يحملون قذائف محلية الصنع ويقاتلون على أرضهم.

وأكد القرا، أن ما جرى سيعيد تسليط الضوء مجددًا على غزة، بعد أن حاول رئيس أركان الاحتلال تحويلها إلى ساحة استعراض، لكن اليوم في خان يونس، دُفنت أوهامه تحت الرمال، واحترقت عرباته في الوحل الذي لا خروج منه دون ثمن.