هل يفعلها بوتين ويقلّم أظافر إيران في سوريا؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

تعقّد الوضع في سوريا للغاية وتنوعت المصالح هناك، فبالإضافة إلى المصالح الخاصة بنظام بشار الأسد، هناك المصلحة الإيرانية وكذلك الروسية وأيضا المصلحة الإسرائيلية والأمريكية. والتوفيق بين كل هذه المصالح أمر صعب إن لم يكن مستحيلا.

هذا ما خلصت إليه الباحثة التركية في مركز "صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة" للأبحاث، فيردا أوزير، في محاولة لشرح الوضع في سوريا، مشددة على أن المسؤولية الكبرى لتخطي كل هذه العقبات تقع على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين ومفتاح كل هذا هو إيقاف تعاظم قوة إيران في سوريا.

وبدأت أوزير مقالها على صحيفة "ميلييت" التركية، بالتذكير بأن بنيامين نتنياهو بات لخامس مرة رئيس وزراء إسرائيل، وأن الأنظار توجهت إلى فلسطين المحتلة مرة أخرى، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل الانتخابات مباشرة، اعترافه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في سوريا، تبعه وعد نتنياهو بضم الضفة الغربية إذا فاز بالرئاسة، وهو ما يعني نهاية الدولة الفلسطينية وخطة حل الدولتين، بحسب الكاتبة.

اتفاق روسيا وإسرائيل

ورأت كاتبة الرأي في الصحيفة التركية أن الأنظار في هذه الفترة لا يجب أن تتجه نحو فلسطين بل تجاه إيران، ففي نفس اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات أعلن ترامب أن الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية". ووصفت أوزير إعلان الرئيس الأمريكي بـ"القنبلة"، إذ أن الحرس هو الجزء الأقوى من الجيش الإيراني.

وتابعت قائلة: "إن قرار ترامب -الذي استهدف إيران أكثر من سابقيه منذ أن جلس على الكرسي- لم يكن مفاجئًا، لكنه في نفس الوقت نفسه قد يشعل النيران في منطقة مشتعلة بالأساس منذ سنين". وتساءلت الباحثة: "هل ستشن الولايات المتحدة وإسرائيل عملية عسكرية ضد طهران؟ وإلى أي مدى سيزداد التوتر بين إيران وإسرائيل؟ أم أن هناك سبيلا آخر لذلك كله".

وأوضح المقال أن سياسة ترامب في فلسطين ليست مستقلة عن إيران، إذ أن أحد الأهداف الرئيسية لخطة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية أو ما يعرف ب"صفقة القرن" -التي أعدها صهر ترامب ومستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر- هو إنهاء تأثير إيران على فلسطين، كذلك من ضمن الأهداف إقحام رجل مصر وإيران محمد دحلان من جديد ليكون ضمن القيادة الفلسطينية المقبلة وربما رئيسًا للسلطة الفلسطينية نفسها.

وعلى خطى "صفقة القرن" المزمع تنفيذها بين إسرائيل والفلسطينيين، بدأت التحضيرات الأمريكية لما يطلق عليه "ناتو عربي" وهو اتحاد عسكري عربي انسحبت مصر من مباحثاته مؤخرا، لكن دول الخليج ما زالت تبحث الانضواء تحته ليكون الحلف ضد إيران، بحسب المصدر ذاته.

وبالتالي، من الواضح أن ترامب سيزيد الضغط على إيران، لكنه لن يصل إلى عملية عسكرية، خاصة وأن علاقة طهران مع روسيا قوية للغاية وبالطبع فإن تدخل بوتين يصبح أمرًا بديهيا لمنع أي عملية عسكرية على الأراضي الإيرانية مباشرة.

واعتبرت الباحثة أن القلق الحقيقي بشأن إيران في الوقت الحالي هو تأثيرها في سوريا، مشددة: "سيأتي يوم وينسحب الجيش الروسي من سوريا، وبالتالي ستضطر إدارة الأسد الضعيفة أصلا للاعتماد على إيران وهو ما يبدو واضحًا هذه الأيام، إذ تستحوذ إيران على كمية ضخمة من مشاريع إعادة الإعمار إضافة إلى إنشاء قاعدة جديدة في سوريا".

ويذكر أن روسيا وإيران عملا على نحو وثيق طوال الأعوام الماضية للحفاظ على نظام بشار الأسد ومنع سقوطه في مواجهة الثورة السورية التي دخلت عامها التاسع في مارس/آذار المنقضي، إلا أن خلف هذا التعاون توجد عناوين خلاف عدة في الرؤى والمصالح والأهداف، تظهر شواهدها في أكثر من مكان في سوريا وفي أكثر من موقف عبّر عنه مسؤولو البلدين.

وتشهد العلاقة الإيرانية-الروسية في سوريا منذ فترة حالة من التوتر، تجلت في استهداف إسرائيل لمواقع المجموعات التابعة لإيران بعلم وتسهيل من روسيا، بينما وجهت اتهامات من جانب الموالين لإيران لأوساط في النظام السوري وروسيا بأنهم يقدمون إحداثيات دقيقة لإسرائيل، بهدف استهداف المواقع الإيرانية.

ورأت الكاتبة أن ما يزيد من هوة الخلافات موافقة الأسد على إنشاء إيران قاعدة عسكرية ستكون على شواطئ البحر المتوسط في ميناء اللاذقية، وستكون جاهزة تقريبا مع نهاية العام الجاري، وتحديدا في أكتوبر/ تشرين الأول. وبعبارة أخرى، فإن قاعدة عسكرية لإيران في المتوسط تجعل روسيا وإسرائيل قلقتان.

وهو ما تحدث عنه نتنياهو حين ذهب إلى موسكو قبل الانتخابات مباشرة، حين قال له بوتين، إنه لن يسمح بإقامة دائمة لإيران في سوريا بحسب ما نشرته وسائل الإعلام الروسية، هذا يعني أن إسرائيل وروسيا توافقان على إزالة إيران من سوريا، ويعني من باب أولى موافقة الولايات المتحدة على جهود إسرائيل مع روسيا لإخراج إيران وقواتها من دمشق.

المنافسة الروسية الإيرانية

روسيا تقف وراء هذه الخطوة -إخراج إيران من سوريا- أي تدعمها بحسب الكاتبة، مضيفة أن هناك منافسة روسية مع إيران في سوريا، وعلى الرغم من أن بوتين كان أكبر مؤيد للأسد، إلا أن إيران منافس إقليمي لروسيا في سوريا. وزادت قائلة: "نعم جاء بوتين من موسكو لحماية مصالح الأسد لكن عليه أن يحمي مصالحه، وفي بقاء إيران توتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يعني أن مصالحه ستكون هي الأخرى في خطر".

وتابعت أوزير، إن إسرائيل زادت مؤخرا من هجماتها على المواقع الإيرانية في سوريا، هذا الموقف يتسبب أيضًا في أضرار جسيمة للدفاع الجوي للأسد، الأمر الذي يزيد من قلق موسكو، التي تريد من الأسد أن يكون مهيمنًا ومسيطرًا على قواته وأنظمة دفاعه، مضيفة عندما تزيد العقوبات الأمريكية التي يشنها ترامب لسحق طهران، يجب أن يزيد الاعتماد الإيراني على روسيا، لذا فإن يد الزعيم الروسي أقوى من أي وقت مضى ضد إيران في سوريا.

وقد شهدت الأراضي السورية غير مرة صراعا عسكريا بين مسلحين سوريين بعضهم موال لإيران والآخر موال لروسيا؛ حيث نشبت صراعات بين رجل روسيا سهيل الحسن قائد ما يُسمّى بـ"قوات النمر"، وماهر الأسد قائد "الفرقة الرابعة"، شقيق رئيس النظام، بشار الأسد.

ورأى مراقبون أن السبب وراء الاشتباكات ربما يعود إلى رغبة روسيا الحيلولة دون هيمنة إيران على جيش النظام، وخاصة أنها تمتلك آلاف المقاتلين الأجانب على الأرض.

وختمت الباحثة في مركز الدراسات الأمريكي مقالها، قائلة: "إذا استخدم بوتين بطاقة حمراء لإيران ولم يصدر صوتًا جراء استهداف إسرائيل للقواعد الإيرانية في سوريا، سيؤدي ذلك إلى تهدئة الجبهة الأمريكية الإسرائيلية. لكن إذا حاولت أن تمسك روسيا بيد إسرائيل وإيران معًا وتسمح لإيران بإقامة قاعدة لها في سوريا، كما هو الحال في لبنان -وتقصد الكاتبة هنا "حزب الله" الخاضع تمامًا لإيران- فعندها يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة. وباختصار "إن هذه الأعمال منوطة ببوتين وإدارته".