فتحي باشاغا: هذا برنامجي للرئاسة الليبية وخطتي ضد التدخل الأجنبي

12

طباعة

مشاركة

تحدث وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية فتحي باشاغا، عن تقييمه للوضع السياسي في البلاد وذلك مع بداية "انتقال تاريخي هش" بعد محاورات صعبة برعاية الأمم المتحدة.

باشاغا هو وزير قوي نجا من هجوم استهدف موكبه عبر هجوم ناري في أواخر فبراير/شباط 2021 بالقرب من العاصمة طرابلس.

جرى تعيين فتحي باشاغا عام 2018 وزيرا للداخلية، وهو القادم من مصراتة، وهي ذاتها نفس المدينة الرئيسة والنقطة المحورية ومسرح الثورة الليبية.

باشاغا البالغ من العمر 58 عاما يقال إنه الرجل القوي في غرب ليبيا، والذي يبدو أنه احتفظ بشجاعته من تدريبه كطيار في القوات الجوية. 

أثناء الحوار بين الليبيين الذي عقد في فبراير/شباط تحت رعاية الأمم المتحدة في سويسرا، وقع تعيين عبد الحميد دبيبة (رئيس الحكومة الليبية الجديدة) من قبل 75 مسؤولا ليبيا لتنظيم الانتقال السياسي في البلاد بهدف إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021. 

وفي 5 فبراير/شباط انتخب ملتقى الحوار السياسي سلطة تنفيذية موحدة مهمتها الأساسية الإعداد لإجراء الانتخابات، في خطوة يأمل الليبيون أن تنهي سنوات من الصراع المسلح، إذ تنازع مليشيا اللواء الانقلابي خليفة حفتر الحكومة المعترف بها دوليا على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.

بالإضافة إلى رئيس الوزراء المؤقت، تم تعيين مجلس رئاسي انتقالي من ثلاثة أعضاء لضمان الانتقال ريثما يتم إجراء الانتخابات. وبدا أن قائمة دبيبة دخيلة مقارنة بقائمة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح حليف فتحي باشاغا.

الآن تبدأ تسعة أشهر من الفترة الانتقالية لانتخابات ديسمبر/كانون الأول، أو "الطريق الطويل" كما جاء في البيان المشترك لكل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الدول التي رحبت في وقت سابق بنتيجة اجتماع جنيف.

بحلول ديسمبر/كانون الأول، يجب أن تكون عملية المصالحة الوطنية قوية بما يكفي للسماح بإجراء هذه الانتخابات، وفق ما تقول صحيفة لوبوان الفرنسية التي ترى أن باشاغا ينوي أن يلعب دورا في هذه الانتخابات.

الاغتيال والأمن

وفي حوار مع الصحيفة، قال باشاغا عن محاولة اغتياله: "أنا بخير، ولا تزال نتائج التحقيق في حوزة المدعي العام، ومن المتوقع أن يصدر تقرير رسمي عن الحادث في الأيام المقبلة".

وعن إجراءاته تجاه المليشيات كوزير للداخلية، قال: "ما فعلناه حتى الآن هو عدم تفكيكها لأنها كانت ستطلب الكثير من الموارد من الدولة. ما أنجزناه حتى الآن هو جهود إعادة تأهيل، وتوجيه مصالحهم بطريقة ما".

في الواقع، يقول باشاغا: "نحاول تدريبهم ودمجهم تحت رعاية الدولة حتى نتمكن من تصميم برنامجنا الخاص لهم. أخرت الحرب الأخيرة (هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر) ضد طرابلس في 2018 هذه العملية ، لكننا تمكنا من تأمين العاصمة". 

وأكد أن الشرطة أكثر وجودا هناك، وهي لديها الآن مجال أكبر لإنجاز عملها، كما تمكنت الشرطة وقوات الأمن من العمل بشكل طبيعي ومع بعضهما البعض، مضيفا: "قمنا باعتقال العديد من المجرمين البارزين مثل تجار البشر والمخدرات والنفط، كما تم اعتقال أعضاء الجماعات المتطرفة في غرب البلاد".

  وتابع: "اعتقلنا المشتبه به الرئيسي في قتل المهاجرين (قبل نحو 4 شهور)"، في إشارة إلى عبد الرحمن ميلاد والمعروف بلقب "البيدجا" والمطلوب دوليا. وأردف الوزير: "هذا الشخص متهم بقتل 26 مهاجرا غير شرعي من بنغلاديش و4 مهاجرين أفارقة آخرين". 

وتقول لوبوان: "ليبيا هي إحدى نقاط العبور الرئيسة للهجرة غير الشرعية، فهي تجذب العديد من الجنسيات: الأفارقة والآسيويين وبالطبع العرب أيضا، جميعهم يأتون إلى هنا بهدف عبور الحدود والهجرة إلى أوروبا".

كان بعض مواطني بنغلاديش يعيشون ويعملون بالفعل في ليبيا، وحاولوا الهجرة بطريقة غير شرعية. وقع حادث كبير في مزدة، واعتقل أحد الأشخاص المذكورين سابقا (البيدج)، وقد اتهم بقتل 26 منهم.

ويقول باشاغا: "تمكنا من اعتقال عدد من المجرمين الذين حاولوا الفرار من البلاد، لم يسبق أن قمنا بذلك من قبل".

الترشح والتدخل الأجنبي

وعن الدور الذي سيلعبه باشاغا في الفترة المقبلة، قال: "قبل كل شيء، أفضل أن تكون انتخابات رئاسية وتشريعية. سيتعين على حكومة الوفاق الوطني احترام الموعد النهائي والالتزام بالجدول الزمني المحدد في ديسمبر/كانون الأول 2021".

وأعلن عن رغبته بالترشح للرئاسة، قائلا: "يجب أن يكون التركيز الآن على إجراء الاقتراع". وعن التوجهات الرئيسة لبرنامجه، أوضح: "أول ما أريد أن أركز عليه هو وحدة الوطن والمصالحة الوطنية".

وتابع: "الأمن والمصالحة الوطنية ضروريان على حد سواء، تماما مثل استقرار اقتصاد البلد مرة أخرى، خاصة من خلال زيادة الاستثمار، وعودة جميع الشركات العالمية التي كانت تعمل سابقا، مما يتيح الفرصة للمستثمرين الجدد والشركات العالمية الجديدة للعمل في ليبيا، وخاصة في البنية التحتية للبلاد".

كل الاستثمارات ستكون ممكنة بفضل الاستقرار الأمني ​​والمصالحة الوطنية، وهما أمران أساسيان وأريد التركيز عليهما، يقول باشاغا.

ويرى أن "المواطنة ومكافحة الفساد، والتنوع من حيث الأصول والأعراق، فضلا عن تعزيز القطاع الخاص ليحل محل القطاع العام هي أيضا عناصر مهمة في هذا البرنامج".

وفي سؤال عن كيفية تعامله مع التدخل الأجنبي حال انتخابه، قال: "سنتعاون مع الجميع بما يعود بالنفع على ليبيا. وإذا وصلنا إلى السلطة وشكلنا حكومة، فإن ذلك سيعزز مؤسسات الدولة ويسمح بالدفاع عن البلاد".

وأردف: "نفهم أن هذه الدول لها مصالح في ليبيا وسنأخذ ذلك بعين الاعتبار، لكن التعاون سيكون أمرا جيدا لتجنب الحروب. فبلادنا لديها الكثير من الإمكانات من حيث الاستثمارات بمجرد ضمان الاستقرار. سوف نسمح لهذه الدول بالمجيء والاستثمار بشفافية كاملة". 

وتابع أن "التدخل الأجنبي في ليبيا هو في الواقع سلبي وإيجابي، لكن للأسف أعلم أنه سلبي بنسبة 80 بالمئة. الجانب الإيجابي هو أن بعض الدول تحاول أن تجعل من الممكن مساعدة البلد على تشكيل الحكومة".

لكن، تعمل بعض الدول في الاتجاه المعاكس من خلال الانخراط في المناقشات السياسية والدبلوماسية حتى تفشل ليبيا في ذلك. 

بالطبع، لا يمكننا أن نلوم هذه البلدان فقط. يجب علينا أيضا أن نلوم الليبيين على السماح لهم بالقيام بذلك من خلال منحهم الفرصة للتدخل في شؤون بلادهم، وفق قوله.

توحيد البلاد  

وأعرب الرجل عن ثقته من القدرة على توحيد هذه المصالح المتعارضة للغاية خلف اسمه. 

وقال: "عندما كنت وزيرا للداخلية، تمكنت من معرفة العديد من التجارب الناجحة مع الدول التي دعمت الجانب الآخر (الشرق)، اتصلت بهم وقمت بزيارتهم وأجرينا حوارات مثمرة. أوضحنا موقفنا منهم، لذلك سأسمي ذلك نجاحا".

وواصل: "فعلنا الشيء نفسه مع أولئك الذين ساندونا ومن كانوا ضدنا، من منحنا المصداقية وأظهر قدرتنا على الحكم".

وأضاف باشاغا: "لقد كانت لدينا تجارب ناجحة في المناطق الغربية حيث أجرينا سلسلة من الحوارات والمناقشات التي أسفرت عن نجاح جيد. من المخطط أن نفعل الشيء نفسه في الشرق والجنوب".

وأكد أنه "من خلال هذه المناقشات التي أطلقناها ، نحن مصممون على حماية حقوق 7 ملايين مواطن ليبي ونأمل أن يتوج ذلك بالنجاح. نحن مصممون على الحفاظ على نفس الأخلاق والمهنية أثناء قيادة هذه المناقشات".

هل سيكون موضوع توزيع الثروة في البلد محور عملكم؟ تتساءل لوبوان، ليجيب باشاغا: "الفساد هو السبب الرئيس وراء مطالبة الليبيين بتوزيع عادل للثروة، لذلك يتعين علينا تطبيق اللامركزية على الأقل خلال هذه الفترة حتى نتمكن من إيجاد دولة وحكومة". 

ومن الأمثلة على مكافحة الفساد العمل عن كثب مع مكتب النائب العام لوقف الدفع بالدينار، الذي كان يعتبر دينا على وزارة الداخلية. وقال الوزير: "تمكنا من إيقاف هذه الممارسة لأنها كانت محاولة لأخذ أموال من وزارتنا".

وعن التقسيم قال: "كان لليبيا في الماضي سابقة في توحيد البلاد حيث تم تقسيمها إلى ثلاث مناطق رئيسة قبل أن ينجح الملك في توحيدها. بالتأكيد سوف نفكر في هذه التجربة".

ورأى أن العقبات الرئيسة تتمثل في تقسيم المؤسسات الحكومية الرئيسة. "ومع ذلك ، نحن نبذل جهودا في هذا الاتجاه، والأساس الدستوري هو أيضا مفتاح التغلب على الانقسام".

هناك عقبات أخرى، يقول باشاغا "مثل التدخل الأجنبي والمرتزقة والفساد، و تظل كل هذه العقبات الرئيسة قابعة أمام توحيد ليبيا". كما أن الليبين يريدون توحيد البلاد وتكرار التجربة السابقة بالاتفاق على دستور. 

الفيدرالية والثورة

وتتساءل لوبوان: هل ستكون جرعة من الفيدرالية حلا للتنوع في وحدة مؤسسية؟

ويقول باشاغا: "طالما أن هذا النظام يحمي الليبيين ويوحد البلاد، ليس لدي أي اعتراض حقيقي طالما أنه يمنح الليبيين حقوقهم الكاملة والفرصة لممارسة مواطنتهم الكاملة. لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إدخال الفيدرالية في الدستور".

وتطرق هناك إلى بعض الأمثلة الناجحة للغاية للفيدرالية في البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا.  

وبعد 10 سنوات على انطلاق الثورة الليبية، يرى باشاغا أن البلاد كانت ولا تزال تشهد صراعات وحروبا سياسية سببها التدخلات الدولية والإقليمية. 

لكن الليبيين توصلوا إلى تفاهم: يجب أن تنتهي هذه الصراعات والمنافسة المقبولة الوحيدة يجب أن تكون سياسية وديمقراطية ومن خلال انتخابات نزيهة. 

لا يزال توحيد مؤسسات الدولة عقبة، والسبب هو المرتزقة على الأرض، وفق قوله.

ويتابع: "لن نتغلب على هذه العقبة إلا إذا غادروا. لهذا السبب نطلب من العالم والأمم المتحدة دعم ليبيا على وجه التحديد في حربها ضد الفساد".

ويأمل أن يقر الكونغرس الأميركي قانون تحقيق الاستقرار في ليبيا، لأنه سيساعد البلاد والمنطقة على الاستقرار.

 وعن تعامل بلاده مع جائحة كورونا، قال باشاغا: "واجهنا الوباء بموارد بسيطة للغاية بسبب الفساد أساسا. كل الأموال المخصصة التي تجاوزت ملايين الدنانير أسيء استخدامها وسوء إنفاقها. هذا يعني، بشكل ملموس، أن دعم البنية التحتية الصحية بشكل عام في ليبيا ضعيف حقا".

وأكد أن وزارة الصحة عانت من الفساد، "لذلك سيتعين علينا إعادة هيكلة الوزارة وإنفاق الأموال المخصصة بالطريقة الصحيحة، كالاعتماد مثلا على التأمين الصحي، بدلا من إعطاء كل هذه الأموال للوزارة مباشرة". 

وقال: "طالبنا منظمة الصحة العالمية بتقديم المزيد من الدعم لليبيا من أجل تخصيص المزيد من الموارد لمساعدتها في مكافحة هذا الوباء".