بحضور بومبيو.. ماذا دار في لقاء نيوم السري بين نتنياهو وابن سلمان؟

حسن عبود | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السعودية، أثارت تكهنات عديدة، قبل أسابيع من مغادرة حليفهما الأبرز دونالد ترامب البيت الأبيض.

ورغم نفي الرياض، أكدت صحف ومواقع عبرية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إجراء نتنياهو قبل هذا التاريخ بيوم، زيارة للسعودية بشكل سري. 

ونفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لقاء ولي العهد محمد بن سلمان مسؤولين إسرائيليين، لكن مكتب نتنياهو لم ينف ذلك معقبا: "لا تعليق". وحتى اللحظة لم يصدر تعقيب من واشنطن حول هذه الأنباء.

وسائل إعلام إسرائيلية قالت: إن "لقاء ثلاثيا سريا عُقد في السعودية، بمشاركة نتنياهو ورئيس جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) يوسي كوهين، وابن سلمان، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو".

واستغرقت الزيارة السرية التي أجراها نتنياهو وكوهين اللذان غادرا في طائرة خاصة مطار بن غوريون قرب تل أبيب إلى منطقة نيوم في السعودية، مدة 5 ساعات، وفق الإعلام الإسرائيلي.

وبدورها أوضحت صحيفة هآرتس أن نتنياهو رفض تأكيد النبأ أو نفيه، وقال: "لم أتطرق في حياتي إلى مثل هذه المواضيع، أستطيع القول إنني خلال كل السنوات التي شغلت فيها منصبي هذا لم أدخر جهدا في سبيل تقوية دولة إسرائيل وتوسيع دائرة السلام"، وفق تعبيره. 

من جانبه أكد وزير التعليم الإسرائيلي يوآف غالانت عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، أن الأخير اجتمع مع ولي العهد السعودي. ووصف الاجتماع بأنه "إنجاز مذهل".

وقال غالانت في حديثه مع إذاعة الجيش الإسرائيلي: "لنقل إن مجرد وجود الاجتماع وحقيقة أنه طُرح علنا، حتى لو كان نصف رسمي فقط في الوقت الحالي، فإنها مسألة ذات أهمية كبيرة من كل جانب".

ملف التطبيع

وعن أهداف اللقاء، قالت صحيفة يسرائيل هيوم: إن السماح بالكشف عن زيارة نتنياهو للسعودية يدل على أن ابن سلمان متحمس لدفع مسار التطبيع مع إسرائيل. 

وأكدت ذلك صحيفة يديعوت أحرونوت بالقول: "السعودية تريد إرسال رسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بأنها تريد التقدم في مسار التطبيع مع إسرائيل".

وذكرت أن ولي العهد السعودي يدعم التطبيع مع إسرائيل، لكن والده الملك سلمان بن عبد العزيز هو من يعترض على ذلك، خاصة قبل حدوث تسوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. 

سبق أن صرح الوزير ابن فرحان لوكالة "رويترز"، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن "المملكة تؤيد التطبيع الكامل مع إسرائيل"، مستدركا بأن ذلك "يجب أن يسبقه اتفاق سلام دائم وشامل مع الفلسطينيين يضمن لهم إقامة دولتهم بكرامة".

بدورها، قالت صحيفة نيويورك تايمز: "في الأسابيع الأخيرة حصل مسؤولون أميركيون وإسرائيليون على انطباع بأن العرش السعودي بات أكثر استعدادا للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل".

ورأت أن غياب الاحتجاجات الكبيرة في الدول التي طبعت العلاقات سابقا وهي الإمارات والبحرين والسودان، يشجع المملكة على المضي في نفس الخطوة.

تهديدات إيران

وبجانب التطبيع، يرغب الطرفان في إرسال رسالة للشرق الأوسط بأنهما يقفان في نفس الجبهة فيما يتعلق بمواجهة "التهديدات الإيرانية"، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.

وعلق وزير الجيش الإسرائيلي السابق موشي يعلون على زيارة نتنياهو بالقول: "للسعودية مكانة مهمة بوصفها مركز المحور الذي يواجه إيران. أتمنى أن تسهم شبكة العلاقات السرية بيننا على مر السنين في إرساء قاعدة إستراتيجية راسخة يقوم عليها التطبيع معها".

ويتزامن اللقاء مع إعلان الجيش الأميركي إرسال طائرة من طراز B-52 (ستراتوفورتريس) في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، من قاعدة جوية في ولاية "نورث داكوتا"، إلى الشرق الأوسط.

وطائرات استراتوفورتريس، هي قاذفات أميركية إستراتيجية بعيدة المدى، دون سرعة الصوت، وتعمل بالطاقة النفاثة. 

ووصفت القيادة المركزية للجيش الأميركي، في بيان، مهمة الطائرة بـ"الطويلة"، مشيرة إلى أن هدفها "ردع العدوان، وطمأنة شركاء وحلفاء الولايات المتحدة"، دون الحديث عن مكان استقرارها بالشرق الأوسط.

وقدرت أوساط عربية أن هذا التزامن يشير إلى عمل عسكري محتمل ضد إيران، خاصة وأن ترامب سأل كبار مستشاريه منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2020، في اجتماع بالمكتب البيضاوي، عما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء ضد المواقع النووية الإيرانية في الأسابيع المقبلة. 

وعبر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لصحيفة "نيويورك تايمز" عن مخاوفهم من أن تنفذ إدارة ترامب عمليات (علنية أو سرية) ضد إيران أو خصوم آخرين خلال الأسابيع الأخيرة المتبقية لها في البيت الأبيض، وذلك بعد إقالة وزير الدفاع مارك إسبر.

وقالت صحيفة بلومبيرغ الأميركية: إن اتفاقيات التطبيع الأخيرة بين إسرائيل ودولتين عربيتين خليجيتين أخريين - الإمارات والبحرين - شكلت جبهة مشتركة محتملة ضد إيران.

وقال مسؤولون إسرائيليون: إنهم يتوقعون أن تنضم المملكة العربية السعودية، القوة الإقليمية، إلى العملية أيضا في مرحلة ما، وفق بلومبيرغ. 

لكن صحيفة وول ستريت جورنال، استبعدت أن يكون ذلك ضمن أهداف اللقاء، مبينة أن ابن سلمان ونتنياهو لم يتفقا في لقائهما حول مواجهة إيران أو التطبيع.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية: إن نتنياهو وبومبيو كانا يأملان في تحقيق انفراجة بمحادثات التطبيع مع السعودية خلال اللقاء الأخير، لكن آمالهما كانت محبطة.

ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي كبير لم يذكر اسمه، قوله: إنه ليس من المتوقع حدوث اختراق في أي وقت قريب. وأردفت: "رغم جهود نتنياهو وبومبيو لإقناعهم، أوضح السعوديون أنهم في الوقت الحالي، ليسوا مستعدين لاتخاذ الخطوة الإضافية".

ملفات أخرى 

أما صحيفة غلوبس العبرية فقالت: إن هدف اللقاء هو التنسيق السياسي وبيع السعودية منظومات سلاح إسرائيلية. في وقت يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي: "واضح من النفي السعودي أن نتنياهو وظف محمد بن سلمان بشكل رخيص في المنازلة الداخلية الصهيونية". 

وتابع في تغريدة على تويتر: "الأرجح أن ابن سلمان لم يرغب بالكشف عن اللقاء مع نتنياهو في نيوم، لكن الأخير سرب الخبر لتقليص الاهتمام بقضايا الفساد الجديدة التي أثيرت ضده، ووزير الحرب (الجيش) بيني غانتس اتهم نتنياهو بذلك صراحة".

ومنذ شهور، يتظاهر آلاف الإسرائيليين، بشكل متقطع ضد نتنياهو، مطالبين باستقالته، بسبب توجيه اتهامات له في قضايا فساد، إضافة إلى "سوء إدارته لأزمة فيروس كورونا"، التي أدت لزيادة معدلات البطالة. 

بدورها، تقول مجلة فورين بوليسي الأميركية: "مع انتهاء حقبة ترامب، تشعر كل من إسرائيل ودول الخليج بالقلق بشأن ما يمكن توقعه من الإدارة الجديدة، وتهيئة نفسها للعودة إلى الخطوط العريضة للسياسة المألوفة، التي اتبعها باراك أوباما، بما في ذلك قضية فلسطين وإيران".

وقالت ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبو ظبي: إنه من الواضح أن "نتنياهو ومحمد بن سلمان يشتركان في بعض المخاوف العميقة قبل رحيل ترامب، فهم يريدون التأكد من أن ما سيفعله بايدن لن يؤثر على مصالحهما المشتركة"، وفق المجلة.

بدوره، يرى جوشوا تيتلبوم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، والذي يكتب كتابا عن تاريخ الجيش السعودي أن اجتماع نيوم كان يهدف إلى "حل شيء ما" قبل أن يترك ترامب منصبه. 

وأوضح أن الرسالة هي أن "هذين الحليفين الرئيسيين في المنطقة يجتمعان". ومع ذلك، يبدو أن الرسالة لم تكن موجهة للجمهور، بل إلى جو بايدن، خاصة بعد أن نفى وزير الخارجية السعودي الزيارة، حسب المجلة.

ومن المرجح أن يواجه السعوديون وقتا أكثر صعوبة مع الإدارة القادمة، حيث قال بايدن في أكثر من مناسبة: إنه يخطط لإعادة تقييم العلاقات الأميركية السعودية، التي كانت وثيقة للغاية في عهد ترامب. 

وسيترتب على ذلك تقييد مبيعات الأسلحة والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في الرياض، لا سيما بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل عامين في قنصلية بلاده بإسطنبول، وفق ما تقول صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.

وتتابع الصحيفة في تقرير نشرته في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020: "يمكن لمحمد بن سلمان أن يرى عرضا شبه علني للصداقة مع إسرائيل كوسيلة للانضمام إلى الجانب الجيد من بايدن وإظهار أن المملكة تسعى إلى السلام". 

ومع ذلك، ترى أنه من غير المرجح أن يقيم ولي العهد السعودي ووالده الملك سلمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل تنصيب بايدن.