"عدن مدينة خليجية".. كيف تلاشت وعود المجلس الانتقالي؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وعود كثيرة أطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، بأن تصبح العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مدينة خليجية، لكنها للأسف غدت عاصمة منكوبة بعد أن أغرقتها السيول وتسببت بدمار، هو الأكبر في تاريخ المدينة منذ سيطرة القوات الإماراتية عليها.

قبل السيول شهدت عدن تظاهرة شارك فيها مئات المواطنين تنديدا بتردي الأوضاع العامة في المدينة منذ سنوات، غضب المواطنين ازداد بعد السيول، حيث وجه أهالي عدن انتقادات شديدة اللهجة للمجلس الانتقالي وحملوه مسؤولية سوء الأوضاع.

المزاج الشعبي العام لدى أبناء عدن تبدل تماما، بعد إدراكهم بأن وعود المجلس الانتقالي والإمارات لهم بتحويل العاصمة المؤقتة عدن إلى مدينة خليجية قد أصبحت سرابا بل تحولت إلى كابوس مخيف، كغيرها من الأحلام الوردية التي طالما أطلقها المجلس الانتقالي، وأصبحت عدن مدينة منكوبة، ومرشحة لتدهور الأوضاع أكثر إذا استمرت سيطرة الانتقالي على المدينة.

أضرار هائلة

في تغريدة له على تويتر، أعلن رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبدالملك عدن مدينة منكوبة، قائلا: "حجم الخراب والخسائر التي تطال مدينة عدن بفعل المنخفض الجوي هائلة، عدن مدينة منكوبة، ندعو الدول الشقيقة والصديقة ومنظمات الإغاثة إلى مد يد العون ومساعدة الحكومة في مواجهة هذه الكارثة واحتواء آثارها المدمرة على حياة وممتلكات المواطنين".

تسببت تلك السيول الجارفة بدمار هائل وخسائر في الأرواح والممتلكات والمنازل والبنى التحتية، كما تسببت بخروج التيار الكهربائي عن الخدمة بشكل كامل في جميع أنحاء المدينة،  فضلا عن تهدم نحو 80 منزلا بشكل كلي وجزئي، وجرف أكثر من 100 سيارة، ووفاة نحو 24 مواطنا حتى الآن، ونزوح أكثر من 2000 آخرين، بحسب إعلان الأمم المتحدة.

أحالت تلك السيول عددا من أحياء عدن إلى مستنقعات وبحيرات آسنة، وهيئتها لتكون بؤرة للأوبئة في المدينة التي تعاني أساسا من انتشار حمى الضنك والكوليرا وإنفلونزا الخنازير.

السيول الجارفة بقدر ما ألحقت أضرارا بالعاصمة المؤقتة، كشفت عن عدم جاهزية البنى التحتية ومجاري السيول لتصريف مياه الأمطار، وعجزها بشكل كامل عن التعامل مع الكوارث الطبيعية.

سيطرة إماراتية

منذ يوليو/تموز 2015 تحكم أبوظبي سيطرتها على عدن، وتتحكم بقرار السلطة المحلية هناك، من خلال أذرع سياسية وعسكرية قامت بإنشائها منذ تدخلت ضمن قوات التحالف بدعوى استعادة الشرعية.

ومنذ إنشائه في مايو/آيار 2017، ويتحكم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بمفاصل الدولة هناك، من خلال شراء الولاءات، وفرض قراره عبر الأذرع العسكرية والميلشيات المسلحة التابعة له المتمثلة بقوات الحزام الأمني التي جرى تدريبها في الإمارات، والنخب المسلحة الداعمة للأحزمة الأمنية.

ومنذ سيطرتها على عدن عملت الإمارات على تعطيل مؤسسات الدولة، وشل العمل بمرافق الحكومة، من خلال ميليشياتها المسلحة والكيانات السياسية التي عملت على إنشائها، ما تسبب بالكارثة التي تعيشها عدن اليوم.

ركزت أبوظبي على تشكيل ميليشيات مسلحة وسجون ومقابر سرية، ونفذت العديد من عمليات الاغتيال ضد أبناء عدن، وهو ما كشفت عنه وثائق مسربة للمصدر أونلاين، بوجود 28 سجنا سريا، بعضها يعود لتحالف (الرياض ـ أبوظبي) وبعضها يتبع الإماراتيين والأذرع الأمنية التابعة لها.

كما كشفت الوثائق عن وجود 6 مقابر سرية في عدن وحضرموت، تعود لجثث من تم تصفيتهم في السجون السرية التي تشرف عليها الإمارات في كل من عدن وحضرموت.

القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني سبق أن كشف للاستقلال، عن اسم  ضابط إماراتي يدعى سعيد محمد خميس النيادي، وكنيته "أبوخليفة"، يشرف على عمليات الاغتيالات والسجون السرية بعدن، ويعمل بمعية ضباط إماراتيين آخرين أبرزهم أبوماجد البلوشي وأبو عبدالله الطنيجي وناصر المشبب وأبوسلامة الإماراتي.

وأضاف الحسني: أن "مرتزقة كولومبيين يتولون حراسة السجون السرية التابعة للإمارات، ويعملون تحت إمرة وإشراف الضباط الإماراتيين".

عرقلة الحكومة

وعلاوة على تعطيل مؤسسات الدولة في عدن، قامت الإمارات والمجلس الانتقالي التابع لها بمنع عودة الحكومة الشرعية، منذ سيطرتها على المدينة، وعرقلتها عن أداء مهامها، ما أحدث شللا في مؤسسات الحكومة وأجهزة الدولة، فضلا عن تقييد حركة المسؤولين التابعين للشرعية في القصر الرئاسي بعدن، من قبل قوات الحزام الأمني.

رئيس الحكومة غرد على تويتر قائلا: "الشلل الذي طال مؤسسات وأجهزة الدولة منذ أحداث أغسطس/آب 2019، يضعف قدرتها ويفاقم العجز في فعالية مواجهة ظروف طارئة مثل هذه".

مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي حمل أيضا المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية ما يحدث في مدينة عدن كونه المسيطر على المدينة.

وغرد الرحبي على تويتر قائلا: "‏الانتقالي يقول ويتفاخر بكل بجاحة وقبح، نحن المسيطرون على الأرض في عدن ولن نسمح بعودة الحكومة الشرعية للقيام بعملها في تقديم الخدمات للناس، وعند أي كارثة  يخرج الإرهابي هاني بن بريك (الداعية السلفي نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي) ليقول أين هي الشرعية ولماذا لا تقف مع عدن؟. الانتقالي يتحمل ما يحدث لأنه المسيطر على عدن حاليا".

بن بريك سبق أن ألقى باللوم على الحكومة الشرعية وحملها مسؤولية الأضرار الناتجة عن السيول، وغرد على تويتر قائلا: "عدن تغرق وستقف الشرعية موقف المتفرج وبيدها كل شيء، بل ستوجه جراثيمها في مواقع التواصل لتحميل الانتقالي مسؤولية إنقاذ عدن وسيجد هذا التوجه أقلاما جنوبية متابعة ومتحمسة".

"شفط المجاري"

ورغم الكارثة التي تسبب بها الوكيل الإماراتي في عدن ممثلا بالمجلس الانتقالي، فإن قوات الحزام الأمني مستمرة في منع عودة الحكومة الشرعية إلى عدن.

فبعد إعلان الحكومة نيتها العودة الى العاصمة المؤقتة عدن، لإدارة مهامها من هناك، عقب كارثة السيول التي شهدتها المدينة، انتشرت قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا في محيط مطار عدن.

وغرد مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي على تويتر قائلا: "ميليشيا الانتقالي التي عجزت عن شفط المجاري من شوارع عدن ترفض عودة رئيس الوزراء والحكومة ولا تزال طائراتهم واقفة في مطار الرياض لا يريدون تنفيذ اتفاق الرياض ولا أي تقدم للسعودية في حلحلة الملف اليمني أو تقديم العون لأهالي عدن يعملون حسب رغبة الممول فقط".

كانت وزارة المالية التابعة للحكومة الشرعية قد أعلنت أنها عززت حساب محافظة عدن بمليار ريال (الدولار 580 ريالا يمنيا)، لمواجهة آثار المنخفض الجوي، الذي ضرب المدينة.

وحسب وكالة سبأ الحكومية، فإن التعزيز المالي جاء إضافة إلى مبلغ مليار ريال سابق تم إيداعه في حساب السلطة المحلية مطلع أبريل/نيسان 2020، لتمكينها من مواجهة تبعات كارثة السيول.

وفي هذا السياق، قال السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون: إن ما حدث من مآس نتيجة الفيضانات في عدن، يؤكد أهمية عودة الحكومة الشرعية إلى المدينة.

وأوضح آرون في تغريدة على تويتر، أن المآسي الناجمة عن هذه الفيضانات توضح أهمية تنفيذ اتفاق الرياض وإتاحة عودة رئيس الوزراء وحكومته إلى عدن، ما يسهم في استعادة الخدمات وتخفيف آثار الكارثة.