جدل واتهامات حول حرب أوكرانيا.. إلى أين تتجه المواجهة بين بولندا وألمانيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على الاتهامات المتبادلة بين ألمانيا وبولندا بشأن تقويض مساعي حلف شمال الأطلسي "ناتو" لدعم أوكرانيا، في ظل خلافات بينهما بشأن حجم مساعدات الصواريخ والدبابات وقطع الغيار الواجب توفيرها.

وأرجعت صحيفة "غازيتا"، عدم تفويت المسؤولين البولنديين أي فرصة لتوجيه الاتهامات إلى برلين، إلى اقتراب الانتخابات العامة في أكتوبر/ تشرين الثاني 2023، وسط مخاوف من أن تكلف حرب أوكرانيا "حزب القانون والعدالة" القومي الحاكم، الخسارة. 

توتر متصاعد

وقالت الصحيفة الروسية إنه في الآونة الأخيرة، تركزت الاتهامات على تقاعس الألمان في إرسال الدبابات الحربية إلى الأوكرانيين في الجبهة، ما دفع وارسو إلى التهديد بإرسال دبابات ألمانية الصنع، حتى من دون موافقة برلين.

وكان وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك، اتهم برلين بضخ مليارات الدولارات إلى موسكو بسبب سياستها للطاقة.

ليرد عليه السفير الألماني في وارسو توماس باجر، عبر تويتر، قائلا: "هل يعلم وزير الدفاع البولندي كم من مليار تحول بولندا إلى موسكو كل عام مقابل الطاقة الروسية؟".

وتوجه السلطات البولندية انتقادات إلى ألمانيا بسبب عدم تزويدها بقطع غيار الطراز القديم من دبابات ليوبارد.

ولا تفوت فرصة لانتقاد برلين على تأخرها في تسليم الدبابات والصواريخ للجيش الأوكراني، فضلا عن عدم وجود قطع غيار لدبابات  ليوبارد القديمة.

وفي هذا السياق، قال الرئيس البولندي أندريه دودا: "لطالما دعونا الجانب الألماني للانضمام إلى تحالف الدبابات لدعم أوكرانيا، فضلا عن تزويدها بقطع الغيار كذلك".

وأكد أن المسؤولية الرئيسة في مسألة تزويد أوكرانيا بالدبابات تقع على عاتق ألمانيا، لكونها المنتج الرئيس لها.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن وارسو تتهم ألمانيا بالتركيز على التنافس مع بولندا من أجل "المجد الدولي"، أكثر من التركيز على منح أوكرانيا الأسلحة اللازمة.

ومن ناحية أخرى، فإن التفاعل الاقتصادي مع روسيا أسهم كثيرا في إثارة الخلافات بين البلدين.

ولا سيما شراء ألمانيا الغاز من موسكو بمليارات الدولارات، ما تسبب في توجيه وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك انتقادا لاذعا إلى برلين.

مسرح سياسي

وبحسب الصحيفة الروسية، فقد وصف المسؤولون الألمان تفاقم وتصاعد الخطاب البولندي بأنه "مسرح سياسي" قبل الانتخابات. 

فالحكومة الألمانية، بقيادة  أولاف شولتز، ترى أن الخلافات والتوترات ستهدأ بعد انتهاء الحملة الانتخابية الحالية.

ومع ذلك، أقرت ألمانيا بوجود صعوبة في إرسال الدبابات إلى الجيش الأوكراني.

ففي اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إنه "على عكس الوعود، فإن تحالف الدول التي تزود أوكرانيا بالدبابات لن تتمكن من دعم كييف سوى بنصف كتيبة ليوبارد 2 الأكثر حداثة".

وأضاف أيضا أن "الوضع لا يبدو مشجعا، خاصة فيما يتعلق بحالة الدبابات وفعاليتها القتالية".

وأكد أنه "لا يفهم كثيرا" لماذا مارست وارسو ضغوطا شديدة على برلين بشأن توريد الدبابات، مع تخصيص بعض المركبات المدرعة لنفسها. 

وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع الألماني أوضح أن برلين لا تمتلك قطع غيار للإصدار القديم من ليوبارد.

كما لفتت إلى أنه على الرغم من الخلافات حول الدبابات والأسلحة، فإن التفاعل الثنائي يسير "بسلاسة أكبر" في مجالات أخرى. 

وفي هذا الصدد، أشار مسؤول ألماني كبير، متحدثا لوكالة بلومبيرغ الأميركية، إلى التعاون الوثيق بشأن نظام باتريوت المضاد للصواريخ، الذي تبرعت به ألمانيا لبولندا كدعم للدفاع الجوي.

وفي مقابلة مع الوكالة، صرح وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أنه "بسبب نقص قطع غيار الدبابات القديمة، يجب جمع الذخيرة في جميع أنحاء العالم، مع العمل على زيادة الطاقة الإنتاجية".

واستدرك: "لكن الأمر يستغرق أيضا وقتا طويلا، لذلك علينا أن نتعامل مع الموارد التي نملكها في الوقت الحالي".

وفي المقابل، أكد أولاف شولتز في وقت سابق على أن حلفاء أوكرانيا يعملون عن كثب لضمان إمدادات موثوقة من قطع الغيار. 

وقال المستشار: "ستظل هذه مهمة دائمة، لأننا قدمنا وعدنا بمواصلة دعم أوكرانيا، طالما كان ذلك ضروريا".

دولتان رائدتان

ومن بين الدول الأوروبية، تؤكد صحيفة "غازيتا" على كون ألمانيا وبولندا من الدول الرائدة في تقديم المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية لأوكرانيا.

وفي هذا السياق، في خريف 2022، أعلن رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي أن بلاده خصصت 1 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي لمساعدة أوكرانيا، وبحسب قوله فإن "بولندا هي ثاني أكبر مانح للجيش الأوكراني".

في الوقت نفسه، وفقا لإحصاءات "معهد كيل" للاقتصاد العالمي، بلغت المساعدة الإجمالية -العسكرية والإنسانية- للدولة البولندية لأوكرانيا، بحلول منتصف يناير/ كانون الثاني 2023، حوالي 3.559 مليارات يورو، أي ما يعادل 0.63 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لبولندا. 

ومن الجانب الألماني، خصصت البلاد مساعدة إجمالية لأوكرانيا بمبلغ 6.151 مليارات يورو، أي 0.17 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي.

فضلا عن استقبال هاتين الدولتين أيضا أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين، الذين أُجبروا على مغادرة منطقة الحرب في الاتحاد الأوروبي.

فبدءا من منتصف فبراير/ شباط 2023، أشارت الصحيفة الروسية إلى استقبال بولندا أكثر من 1.5 مليون لاجئ أوكراني، بينما يزيد الرقم على المليون قليلا في ألمانيا.

ومنذ بداية الحرب، وصل أكثر من 7 ملايين أوكراني إلى بولندا، والذين يمنحهم وضع اللاجئ الحق في تلقي المساعدة المادية، لكن بعد مرور وقت من الزمن، عاد أكثر من 5 ملايين أوكراني إلى وطنهم أو انتقلوا إلى بلدان أخرى. 

ومع ذلك، فإن استقبال اللاجئين على الأراضي البولندية والألمانية يعني عبئا إضافيا على الميزانية الفيدرالية واقتصاد البلدين بشكل عام.

وبحسب بيانات استشهدت بها وكالة "يونيان" الأوكرانية، فإن العدد الإجمالي للاجئين من أوكرانيا في ألمانيا يزداد يوميا بمعدل 170 شخصا.

وتتوقع سلطات البلديات في ألمانيا المزيد من المساعدة من السلطة الفيدرالي، بما في ذلك المساعدة المالية، في استقبال اللاجئين ودمجهم في المجتمع الألماني. 

وبشأن هذه المساعدات، تعتقد نائب رئيس المفوضية الأوروبية دوبرافكا شويكا أن على ألمانيا وبولندا التكيف مع حقيقة أن الأوكرانيين سيبقون في هذين البلدين لسنوات عديدة، حتى بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.